بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس السّادس
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهمَّ اغفر لشيخنا والحاضرين والمستمعين.
– الشيخ: آمين، جزاك الله خيراً، اللهم اغفر لنا ولوالدينا والمسلمين.
– القارئ: قال الشيخ ابن سعدي رحمهُ الله تعالى وأسكنهُ الله فسيحَ جناتهِ في كتابهِ "أصول وقواعد في تفسير القرآن":
القاعدة الخامسة: المفردُ المضاف يُفيدُ العموم، كما يفيدُ ذلكَ اسمُ الجمعِ، فكما أنَّ قوله تعالى.
– الشيخ: هذه قاعدةٌ يعني أصولية لغوية مُستفادَةٌ مِنَ اللغة، المفرد المضاف يشمل، يعُمُّ كل ما يدخل في هذا الاسم، والشاهدُ لهذه القاعدة مِنْ شواهدها {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ}[النحل:18] نعمة الله، النعمة اسم جنس فتعم نعمة الله، تعدوا نعمة الله، المعنى تعدوا نعم الله لا تحصوها، يمكن يُقالُ في تطبيق هذه القاعدة يعني: أكْرِمْ غلامَ زيدٍ، تتناول كلَّ غلامٍ لهُ، كل غلام له، إلّا إذا كان معروفاً عند المُخاطَب، يعني مُعيَّناً أمّا الإطلاق فيشمل كلَّ غلامٍ لزيدٍ.
– القارئ: أحسن الله إليك، المُفْردُ المُضافُ يُفيدُ العموم، كما يفيدُ ذلك اسم الجمع فكما أنَّ قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء:23] إلى آخرها يَشْمَلُ كلَّ أمٍّ انتسبتَ إليها، وإنْ عَلَتْ.
– الشيخ: هذا يُثبت، هذا مفرد ولا اسم جمع، هذا أمهات جمع يَشمل كلَّ مَنْ ثبت فيها هذا، أُمَّهاتٌ، الأم الدُنيا والأم العُليا والجَدَّاتُ.
– القارئ: فكما أنَّ قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء:23] إلى آخرها يشمل كل أم انتسبت إليها، وإن عَلَتْ، وكل بنتٍ انتسبت إليك وإن علت.
– الشيخ: وإنْ؟
– القارئ: وإن نَزَلَت
– الشيخ: نعم
– القارئ: إلى آخر المذكورات ـ فكذلك قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}[الضحى:11] فإنّها تَشملُ النِّعم الدّينية والدنيوية، وقوله: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162] فإنّها تَعمُّ الصلوات كلُّها، والأنساك كلُّها
– الشيخ: …
– القارئ: وجميعُ ما العبدُ فيهِ وعليهِ في حياتهِ ومماتهِ، الجميعُ قد أوقَعَتْهُ وأخْلَصَتْهُ للهِ وحدهُ، لا شريكَ له.
– الشيخ: لالا، أوقَعْتُهُ وأخْلَصْتُهُ
– القارئ: أوقَعْتُهُ وأخْلَصْتُهُ لله وحده، لا شريكَ له.
وقوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125]، على أحد القولين: أنَّه يشملُ جميعَ مقاماتهِ في مشاعر الحَج: اتَّخَذُوهُ معبداً. وأصْرَح مِنْ هذا قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل:123]، وهذا شاملٌ لكلِّ ما هو عليهِ مِنَ التوحيد والإخلاص لله تعالى، والقيام بحق العبودية.
وأعمُّ مِنْ ذلك وأشمل: قولهُ تعالى لما ذكرَ الأنبياء: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:90] فأمرهُ الله أنْ يقتدي بجميعِ ما عليهِ المرسلونَ مِنَ الهُدى، الذي هو العلومُ النافعة والأخلاق الزَّاكيةُ، والأعمال الصّالحة، والهدى المستقيم. وهذه الآيةُ أحدُ الأدلّة على الأصل المعروف: [أنَّ شرعَ مَنْ قبلنا شرعٌ لنا ما لم يَردْ شرعُنا بخلافهِ].
وشرع الأنبياء السابقين؛ هو هُداهم في أصول الدين وفروعه، وكذلكَ قولهُ تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام:153]، وهذا يَعمُّ جميعَ ما شرعهُ لعبادهِ، فِعلاً وترْكاً، اعتقاداً وانقياداً، وأضافهُ إلى نفسهِ في هذه الآية لكونهِ الذي نَصبهُ لعبادهِ، كما أضافهُ إلى الذين أنعمَ عليهم في قوله {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[الفاتحة:7] لكونهم هم السالكونَ لهُ. فصراطُ الذين أنعمَ الله عليهم مِنَ النبيِّينَ والصدّيقين والشهداءِ والصّالحين ما اتَّصَفوا بهِ مِنَ العلوم والأخلاق والأوصاف والأعمال.
وكذلكَ قولهُ {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110] يدخلُ في ذلكَ جميعُ العباداتِ الظاهرة والباطنة، العبادات الاعتقادية والعملية، كما أنَّ وصْفَ الله لرسولهِ صلى الله عليه وسلّم بالعبودية المُضافة إلى الله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}[الإسراء:1]، {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}[البقرة:23] {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}[الفرقان:1]، يدلُّ على أنهُ وفَّى جميعَ مقاماتِ العبودية، حيثُ نالَ أشرفَ المقاماتِ بتوفيتهِ لجميعِ مقاماتِ العبوديات، وقوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}[الزمر:36] فكلّما كان العبدُ أقومُ بحقوقِ العبودية كانت كفايةُ الله لهُ أكملُ وأتم، وما نقصَ مِنها نقصَ مِن الكفاية بحسبه.
وقوله: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[القمر:50] وقوله: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[النحل:40] يشملُ جميعَ أوامرهِ القدَريَّةِ الكونِيَّةِ. وهذا في القرآنِ شيءٌ كثير.
– الشيخ: إش تعليق الشيخ محمد على هذا، في تعليق عليه؟
– القارئ: نعم من الأول ولَّا من من الأخير هذا
– الشيخ: نعم من الأول نشوف
– القارئ: نعم وفيها، قال التعليق {حُرِّمتْ عليْكُمْ أُمَّهَاتُكُم}[النساء:23]
وفيها أيضاً فائدة ثانية أنَّ الأم تشملُ كلَّ من انتسبْتَ إليها، والبنتُ تشملُ كلَّ مَن انتسبَتْ إليك، سواءً مِنْ قِبلِ الأب أو الأم، كذلكَ خالةُ الإنسانِ خالةٌ لهُ ولذريتهِ مِنْ بعدهِ إلى يومِ القيامة.
– الشيخ: إيش كذلك؟
– القارئ: كذلكَ خالة الإنسانِ خالةٌ لهُ
– الشيخ: إي، وعمَّتُهُ عمَّتُهُ
– القارئ: نعم، وعمّةُ الإنسانِ عمّةٌ لهُ ولذريتهِ إلى يومِ القيامة، ولو كانَ مِنْ رضاعتهِ، ولو كان مِنْ رضاعة فعمَّتُكَ عمةٌ لكَ ولأولادكَ، وبناتكَ وبناتِ بناتك إلى آخرهِ، وكذلكَ خالتُك. ثمَّ قال أحسنَ الله إليكَ في التعليق: المفردُ المضاف يُفيدُ العموم، والجمعُ المضافُ أيضاً يُفيدُ العموم.
– الشيخ: الجمعُ المضاف
– القارئ: نعم، المُفردُ المضاف يفيدُ العموم، والجمعُ المضاف أيضاً يفيدُ العموم، أمّا الجمعُ فهو يُفيدُ العمومَ بصيغتهِ وإضافته، والمفردُ يُفيدُ العمومَ بالإضافة فقطْ، فلو نظرنا إليهِ لكونهِ مُفرداً ما دلَّ على العموم، لكنْ بالإضافة يدلُّ عليهِ، ولهذا قال العلماءُ: لو قال امرأتي طالقْ طَلُقَتْ جميعُ نسائهِ ما لمْ يَرِدْ واحدةً مُعينة.
– الشيخ: ما لم يُرِدْ
– القارئ: ما لم يُرِدْ واحدةً معيَّنةً، ولو قال داري وقْفٌ، ولهُ
– الشيخ: إيش يقول؟
– القارئ: ولو قال داري وقفٌ
– الشيخ: إيش؟ ..
– القارئ: ولو قال داري
– الشيخ: داري
– القارئ: نعم بيتي، ولو قال داري وقفٌ ولهُ ثلاثةُ دور
– الشيخ: ثلاثةُ كِذا عندك؟، ثلاثُ دور اللفظ الصحيح ثلاثُ دور
– القارئ: نعم وله ثلاث دور
– الشيخ: ثالث ولا ثلاثة
– القارئ: نعم بالتاء المربوطة أحسن الله إليك
– الشيخ: ثلاثُ دور نعم؛ لأنَّ الدار مؤنّثة، والقاعدة تذكير العدد بالثلاث، ثلاث دُورٍ.
– القارئ: ولو قال داري وقفٌ ولهُ ثلاثُ دورٍ صارتْ جميعُ الدورِ وقفاً؛ لأنَّ المُفردَ المُضافَ يعمُّ، ولو قال:
غُلامي حُر، عَتُقَ جميعُ غِلْمانهِ ما لم ينو.
– الشيخ: ما لم؟
– القارئ: ما لم ينو
– الشيخ: يعني ينوي واحداً معيَّناً.
– القارئ: نعم أحسن الله إليك
طالب: …
– الشيخ: أي شيء؟
طالب: …
– الشيخ: أشارَ الشيخُ إلى شيء، أشارَ إلى أنّها أفادتْ العمومَ بصيغتها وبالإضافة، يعني أمهاتْ، يعني فلو جاءتْ، يعني تكون شاهد، يعني أمُّكَ عليكَ حرام، أمُّك، أُمّك هي تشملُ جميع الأمهات، ولهذا الشيخ كأنّه تنبّهَ لها أنّها مُفيدةٌ للعموم بصيغتها يعني الجمع، يعني وإذا قلت: الأم، تُفيدُ العمومَ مِنْ حيثُ يعني، لدخول "ال" عليها، الأم، فتجدُ اللفظَ يُفيدُ العمومَ مِنْ عدة طُرق.
– القارئ: القاعدة السادسة: في طريقةِ القرآن في تقريرِ التوحيد ونفي ضدّه. يكادُ القرآن..
– الشيخ: شوي شوي، طريقة القرآن
– القارئ: في طريقة القرآن في تقريرِ التوحيدِ ونفي ضدّه
– الشيخ: لا إله إلا الله، يعني طريقةُ القرآن يعني هذه اللفظة تَشْمل كلَّ الأساليب التي في القرآن، والعبارات والتراكيب التي يعني، تأتي لتقريرِ التوحيدِ، يعني فنستطيعْ نقول تقريرُ التوحيدِ تارةً يكونُ بالخبر {وإِلهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[البقرة:163]، {فاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}[محمد:19]، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ}[الإسراء:23] تجد هذا في تقرير بِطَرِيقِ الإِخبار، وإذا أخبرَ اللهُ بأمرٍ وجبَ الإيمانُ والتصديقُ بخبرهِ، ووجبَ اعتقادُ مضمونِ هذا الخبر، ومِنْ طُرق تقرير التّوحيد ذِكْرُ أدلتهِ، كلمةُ التّوحيد فيها، التوحيد يعني إثباتُ الإلهيَّةِ لله ونفي إلهيَّةِ مَنْ سِواهُ، مِنْ طُرق التّوحيد ذكرُ يعني الأمرُ بهِ والنهي عَنْ ضدّه، مع ذكرِ الدليل على ذلك، وهذا بيِّنٌ في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}[البقرة:21] إلى قولهِ {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً}[البقرة:22]، فأمرَ بالتوحيدِ أولاً، وذكَرَ الأدلة المُقتضية المُوجبة له، ثمَّ نهى عن ضدِّهِ، المناقضِ لهُ، والمناقض أيضاً للدليلِ العقلي على التّوحيد، فالتوحيدُ هو موجَبُ العقلِ والشرع، {الَّذِي خَلَقَكَ}[الانفطار:7]، قال ابن ُكثير: الخالقُ لهذه الأشياءِ هو المُستحِقُّ للعبادة، وهذا كثير، ذِكْرُ المعاني الربوبيّة ثمَّ الاستدلالُ عليها ثمَّ الاستدلالُ بِها على توحيدِ العبادة {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف:87] إلى قوله {أفلا تَذَكَّرُون} (لعل الشيخ أخطأ بالآية).
{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}[المؤمنون]، بعدها {أَفَلَا تَتَّقُونَ}[المؤمنون:87]، بعدها {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}[المؤمنون:89]، وفي تقريرِ التوحيد ذِكْرُ الموازنة، فيهِ موازنة بينَ التوحيد والشرك، أَيُّهُمْ، {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}[يوسف:39]. بَدَهِيٌّ أنَّ الإلهَ الواحد خيرٌ مِنْ آلهةٍ مُتعدِّدةٍ {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}[الزمر:29].
– القارئ: أحسنَ الله إليك، يكادُ القرآنُ أنْ يكونَ كلّه لتقريرِ التوحيد ونفي ضدّه، وأكثرُ الآيات يُقرِّرُ الله فيها توحيدَ الألوهية، وإخلاصُ العبادةِ لله وحدهُ، لا شريكَ، ويُخبِرُ أنَّ جميعَ الرسل تدعوا قومها إلى أنْ يعبدوا الله ولا يُشركوا بهِ شيئا، وأنَّ الله تعالى إنّما خلقَ الجنَّ والإنس ليعبدوهُ، وأنَّ الكتبَ والرسلَ اتفقتْ على هذا الأصل، الذي هو أصلُ الأصولِ كُلّها، وأنَّ مَنْ لم يَدِنْ بهذا الدين الذي هو إخلاصُ العملِ لله فعملهُ باطل {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر:65] {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:88]، ويدعوا العبادَ إلى ما تقرَّرَ في فِطَرِهمْ وعقولهم مِنْ أنَّ المُتفرِّدَ بالخلق والتدبير والمتفرِّدِ بالنِّعَمِ الظاهرة والباطنة: هو الذي لا يستحقُّ العبادة إلّا هو، وأنَّ سائرَ الخلقِ ليسَ عندهم خلقٌ، ولا نفعٌ، ولا دفع ٌ، ولنْ يُغنُوا عَنْ أحدٍ مِنَ الله شيئاً.
ويدعوهم أيضاً إلى هذا الأصل بما يَمتَدِحُ بهِ، ويُثني على نفسهِ الكريمة.
– الشيخ: بما..
– القارئ: بما يَمتَدِحُ به، ويُثني على نفسه الكريمة.
– الشيخ: يَمتَدِحُ
– القارئ: نعم
طالب: …
– الشيخ: ها؟
طالب: كأنها يُمْتَدحُ
– الشيخ: …
– القارئ: ويدعوهم أيضاً إلى هذا الأصل
– الشيخ: يعني كتاب ما عندك، إي
– القارئ: بما يَمتَدِحُ بهِ، ويُثني على نفسهِ الكريمة.
– الشيخ: يُثني، يُثني يناسبها يَمتَدِحُ، والعبارة التي أوضح في هذا "يَتَمَدَّحُ به".
– القارئ: نعم أحسن الله إليك.
طالب: في النسخة عندي "يَتَمَدَّحُ" يا شيخ
– الشيخ: عندك، إي
طالب: بما يَتَمَدَّحُ به، ويُثني
– الشيخ: هذا هو المعتاد في مثل هذا السياق يَتَمَدَّحُ يعني يَمْدحُ نفسهُ.
– القارئ: نعم، أحسنَ الله إليك، ويدعوهم أيضاً إلى هذا الأصل بما يَتَمَدَّحُ بهِ، ويُثني على نفسهِ الكريمة مِنْ تفرّدهِ بصفاتِ العَظَمةِ والمجد، والجّلالِ والكمال، وأنَّ مَنْ لهُ هذا الكمال المُطلق الذي لا يُشاركهُ فيهِ مُشارك: أحقُّ مَنْ أَخْلَصتْ لهُ الأعمال.
– الشيخ: أُخْلِصَتْ
– القارئ: أحق مَنْ أُخْلِصَتْ لهُ الأعمالُ الظاهرة والباطنة، ويُقرِّرُ هذا التوحيد بأنّهُ هو الحاكمُ وحدهُ، فلا يَحْكمُ غيرهُ شرعاً ولا جزاءً {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[يوسف:40].
وتارةً يُقرّرُ هذا بذكرِ محاسنِ التوحيد، وأنّهُ الدينُ الوحيدُ الواجبُ شرعاً ونقلاً وفِطْرةً، على جميعِ العبيد.
– الشيخ: وأنه الواجب إيش؟
– القارئ: وأنَّه الدينُ الوحيدُ الواجبُ شرعاً ونقلاً وفِطرةً.
– الشيخ: ونقلاً
– القارئ: ونقلاً وفطرة
طالب: وعقلاً
– الشيخ: وعقلاً صح. وعقلاً وعقلاً
– القارئ: نعم، وأنَّه الدينُ الوحيدُ الواجبُ شرعاً وعقلاً وفطرة، على جميعِ العبيد ويذكرُ مساوئ.
– الشيخ: شو السر في أنَّ الكلمة كان فيها خطأ، ونقلاً؛ لأن نقلاً تُغني عنها شرعاً
– القارئ: أحسن الله إليكم.
– الشيخ: فوجبَ أنْ تكونَ كلمة أخرى، نعم زين
– القارئ: وأنَّهُ الدينُ الوحيد الواجبُ شرعاً وعقلاً وفطرةً.
– الشيخ: حسنٌ، حسن
– القارئ: على جميعِ العبيدِ، ويذكرُ مساوئَ الشركِ وقُبْحهِ، واختلالِ عقولِ أصحابهِ، بعدَ اختلالِ
أديانهم، وتقليبِ أفئدتهمْ.
– الشيخ: لأ، ها ها؟
– القارئ: وتقليب أفئدتهم وكونهم في شكٍّ وأمرٍ مَريج.
– الشيخ: لا تقليد، تقليد أفئدتهم
– القارئ: نعم، أحسن الله إليكم
طالب: بالباء تقليب.
– الشيخ: تقليب إي، أسمعها تقليد
– القارئ: لا بالباء، أحسن الله إليك
– الشيخ: تقليب؟
– القارئ: نعم، وتَقْليبِ أفئدتهم، وكونِهم في شكٍّ وأمرٍ مَريج، وتارةً يدعو إليهِ بذكرِ ما رتَّبَ عليهِ مِنَ الجزاءِ الحَسنْ في الدنيا والآخرة، والحياة الطيبة في الدُّورِ الثلاث، وما رَتِّبَ على ضِدّهِ من العقوباتِ العاجلة والآجلة، وكيفَ كانت عواقبُهم أسوأُ العواقبِ وشرِّها.
وبالجملة: فكلُّ خيرٍ عاجلٍ وآجل، فإنّه مِنْ ثمراتِ التوحيد، وكلُّ شرٍّ عاجلٍ وآجل، فإنّه مِنْ ثمراتِ ضِدّهِ، والله أعلم.
– الشيخ: رحمهُ الله، رحمهُ الله، يعني هذه وجوه في أمرِ العبادِ بالتوحيد، وتحذيرهم مِنَ الشركِ، تارةً بالأمرِ بهِ وتارةً بذكرِ أدلتهِ المُقتَضِيةِ لهُ، وتارةً بذكرِ كذا، يعني أنّها دعوة الرسلِ، وتارةً بذكرِ عواقبهِ إلى آخرهِ. الشيخ له تعليق.
– القارئ: نعم أحسن الله إليك
– الشيخ: منها، منه، يعني الكلام طويل
– القارئ: هذا البحث من أهم البحوث
– الشيخ: حقاً..
– القارئ: لأنّه يجبُ أنْ يكونَ الإنسانُ مُوحِّدَاً في القصدِ والعمل، في القصدِ لا يُريدُ بذلكَ إلّا وجه الله، في العمل لا يَتَّبِعُ إلّا رسولَ الله، فلا بدَّ مِنْ هذين التوحيدين. توحيدُ القصدِ: وهو الإخلاصُ، وتوحيدُ الاتّباع أو العمل: وهو الاتّباعُ للرسول صلّى الله عليه وسلّم، فإذا تحقَّقَ التوحيدان صحَّتِ الأعمالُ، و إذا اختلَّ أحدُهما فإنّه يختلُّ مِنْ عملهِ بقدرِ ما اختلَّ مِنْ توحيدهِ، ثمَّ ذكرَ رحمهُ الله لماذا لمْ يقرّر لماذا لم يكنْ تقريرُ الأنبياءِ ودعوتهم إلى توحيدِ الربوبيّة.
– الشيخ: التوحيد كما يعني دَلَّتِ النصوص على أنَّ التوحيد، يعني أنواع توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماءِ والصفات، وتوحيدِ العبادة، وإنْ كانَ توحيدُ العبادة هو المقصودُ الأول مِنْ دعوة الرسل، وإلّا فكُلّها، الرسل دعوا إلى التّوحيدِ كُلّه لكنْ المقصود الأعظم توحيدُ العبادة؛ لأنّه هو الذي وقعَ فيهِ الانحرافُ مِنْ أكثرِ البشر، وإلّا فتوحيدُ الربوبية يُقِرُّ بهِ كثيرون، وهذا الذي سيُنبِّهُ عليه الشيخ في الكلمات التي بعد.
طالب: أحسن الله إليكم الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- يقول: توحيدُ الربوبية هو الأصل.
– الشيخ: هو الأصلُ مِنْ وجه، لكن ما تقول؟ هل هو الأصلُ في دعوة الرسل؟
لأ، دعوة الرسل مقصودها الأول {اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:59]، لكنْ مِنْ حيث يعني نظر العقل، اعتقاد الربوبية ولهذا يقولون الإقرارُ بتوحيدِ الربوبية يَسْتلزمُ الإقرارَ بتوحيدِ الألوهية، فمنْ أقرَّ بأنّه تعالى ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ، وأنّه خالقُ السمواتِ والأرض فإنّه يلزم، فإنَّ ذلكَ يستلزم عقلاً أنْ يتَّخذَهُ إلهاً، ولهذا كانَ المشركون متناقضين إذ يُقرُّونَ لهُ بالربوبية ثم يعبدونَ غيرهُ، هذا تناقض {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}[النحل:17].
طالب: ابنُ القيّم أحسنَ الله إليكم يقول "أعظمُ دليلٍ على توحيدِ العبادة هو توحيدُ الربوبية".
– الشيخ: هذا هو، قلنا لكم في الاستدلال، هو في جانب الاستدلال، نعم.
– القارئ: أحسن الله إليك
– الشيخ: إلى هنا يا شيخ
– القارئ: أحسن الله إليك
– الشيخ: حسبك، قاعدة اللي بعدها
– القارئ: نعم القاعدة السابعة
– الشيخ: بعده يا محم
طالب: …
– الشيخ: نعم يا شيخ عبد الرحمن
طالب: أحسن الله إليكم الشيخ أورد {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:90]، {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النحل:123] ابن عطية في تفسيرهِ وغيرهِ مِنَ المفسرين يُقرّرون أنَّ هذا الاتّباع في العقيدة، ما وردَ يعني مِنَ هذه الآيات وما شابهها أنّهُ في العقيدة، أمّا الشريعة {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة:48].
– الشيخ: لذلكَ الشيخ قال إنَّ مِنْ أدلّة أنَّ شرعَ مَنْ قبلنا شرعٌ لنا إذا لم يأتِ شرعنا بخلافهِ، ما في مُنافاة، أمّا في أصولِ الاعتقاد فهذا على إطلاقهِ، وأمّا في الشرائع فمُقيَّد، بس، وإلا هو كما قال الشيخ لا بُد، {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:90] هذا مِنْ سُنَنِ الرسل، يعني مثلًا مِنْ سُنَّة ابراهيم الخِتانُ.
طالب: النووي والشيخ ناصر الألباني يرون أنَّ شرعَ مَنْ قبلنا ليسَ شرعاً لنا.
– الشيخ: لا، إلا، الصوابُ أنّهُ شرعٌ لنا إذا ثبتَ بشرعنا بقيدٍ، بشرطين إذا ثبتَ بشرعنا أنّه شرعٌ لِمن قبلنا هذا هو الصحيح، هذه المسألة أصولية خلافية، إذا ثبتَ بشرعنا أنّه شرعٌ لنا (شرعُ مَنْ قبلنا) ولم يأتِ شرعنا بخلافهِ، فهذا هو، فإن أتى شرعُنا بخلافهِ فهو منسوخ خلاص، وإذا لم يثبتْ بشرعنا أنّه شرعٌ لِمن قبلنا فلا نُعوِّلُ، فهو مِنْ أخبارِ بني إسرائيل، فإذا ثبتَ بشرعنا أنّهُ شرعٌ لِمن قبلنا، ولمْ يأتِ شرعُنا بخلافهِ فإنَّ هذا يدخلُ في عُمومِ، في عمومِ قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:90].