الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(7) القاعدة السّابعة: قوله “في طريقة القرآن في تقرير نبوة محمد ﷺ”

(7) القاعدة السّابعة: قوله “في طريقة القرآن في تقرير نبوة محمد ﷺ”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس السّابع

***     ***     ***     ***
 
القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، صلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهمَّ اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قال المؤلف -رحمه الله تعالى- ابن سعدي:
القاعدة السابعة: في طريقة القرآن في تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
الشيخ:
نعم، تقدّم ذِكرُ طريقةِ القرآن في تقريرِ التوحيد، ثمَّ في هذه القاعدة يُريدُ أنْ يَذْكرَ طريقة القرآن في تقريرِ نُبوَّةِ محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-، وهذا الترتيب لا يَخْفى مناسبتهُ فهاتانِ القاعدتان تتعلّقانِ بالشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أنَّ محمداً رسول الله، ننظر لآياتٍ في سورة البقرة نجد: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ[البقرة:21] إلى قولهِ آيتين: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}[البقرة:22]؛ تضمَّنتِ الآيتان تقريرَ التوحيدِ، بالأمرِ بهِ وذِكْرِ دلائلهِ الكونية، ثمَّ على إِثْرِهَا، على إثرِ الآيتين جاءَ ذِكرُ تقريرِ النبوّة.
إيش اللي بعدها، {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة:23-24]، فجعلَ الحُجَّةَ على صدقِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وإبطال الرَّيبِ، الشَّكِّ الذي يكونُ في قلوبِ الكافرين، جعلَ الحُجَّةَ عليهم بِما أنزلهُ على نبيهِ مِنَ القرآن الذي لا يستطيع، لا يستطيعون أنْ يأتوا بسورةٍ مِنْ مِثلهِ.
{إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ} يعني في شكٍّ، {إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا -محمد- فَأْتُواْ بِسُورَةٍ}، هذا اسمه التحدي، ففيهِ الاحتجاجُ بهذا القرآنُ على نبوَّتهِ، {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ}[الإسراء:88]، المقصود أنّهُ الآيات الثلاث، الآيتان الأُولِيانِ في تقريرِ التوحيد والثالثة، أو الثالثة والرابعة في تقريرِ نبوّة محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم.
 
القارئ: هذا الأصلُ الكبير: قرّرهُ الله في كتابهِ بالطرق المتنوعة، التي يُعرفُ بِها كمالُ صدقهِ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فأخبرَ أنّهُ صدّقَ المرسلين، ودعا إلى ما دعوا إليهِ، وأنَّ جميعَ المحاسن التي في الأنبياءِ، فهي في محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وما نُزِّهوا عَنْهُ مِنَ النقائصِ والعيوب.
الشيخ: إيش يقول؟، وما؟
القارئ: ودعا إلى ما دعوا إليهِ، وأنَّ جميعَ المحاسنِ التي في الأنبياءِ، فهي في محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ:
ها؟!
طالب: هي في محمد
الشيخ: هي في محمد جيد، ومن الفَصْلِ يعني أوضح في الدلالة.
طالب: في التقديم والتأخير
القارئ: هي في محمد صلّى الله عليه وسلّم، وما نُزِّهوا عنهُ منَ النواقصِ والعيوب.
الشيخ:
وما نُزِّهُوا
القارئ: نعم، أحسن الله إليك
الشيخ:
وما نُزِّهوا عنه يعني الأنبياء، نعم وما نُزِّهوا
القارئ: وما نُزِّهوا عنهُ مِنَ النواقصِ والعيوب
الشيخ: من، من إيش؟
القارئ: من النواقصِ والعيوب
الشيخ: عندك إيش يا محمد؟
طالب: النواقص
الشيخ: النواقص، إي، بالعادة يُعبَّر عنها بالنقائص جمعُ نقيصة، هذا هو المناسب؛ لأنَّ نواقص: جَمْعُ ناقِص، يعني المعنى مفهوم، لكن المألوف بالتعبير عن هذا المعنى بالنقائص، ما نُزِّهوا عنهُ مِنَ النقائِص.

القارئ: فمحمّد أولاهم وأحقّهم بهذا التّنزيه، وأنَّ شريعتهُ مُهيمِنَةً على جميعِ الشرائع، وكتابُهُ
الشيخ: لا قُلْ إيش؟
القارئ: وأنَّ شريعتَهُ مُهيمِنَةً على
الشيخ: مُهيمِنَةٌ
القارئ: وأنَّ شريعتهُ مُهيمِنَةٌ على جميعِ الشرائعِ، وكتابُهُ مهيمنٌ
الشيخ:
وكتابَهُ
القارئ: وكتابَهُ مُهيمنٌ على كلِّ الكُتبِ
الشيخ: نعم
القارئ: فجميعُ محاسنِ الأديان، والكتب قدْ جمعها هذا الكتابُ وهذا الدين..
الشيخ
: الله أكبر الله اكبر، لا إله إلا الله، شو يقول؟
القارئ: فجميعُ محاسنِ الأديانِ والكتبِ قدْ جمعها هذا الكتابُ وهذا الدين..
الشيخ: الأديان؟
القارئ: نعم

الشيخ: يعني والله أعلم لو قال: "محاسنُ الشرائع" كانَ أولى؛ فإنَّ شرائعَ الأنبياءِ كُلّها دينٌ واحد، دينُ الأنبياءِ واحد، لكنْ يعني المقصود باعتبارِ تنوُّعُ الشَّرائعِ، وإلّا فالدينُ واحد؛ إنّا مَعْشرَ الأنبياءِ دينُنا واحِدْ، {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}[الأنباء:92]، هو دين الله {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ}[آل عمران:19]، وهذا الدين هو واحد، هو ما جاءتْ بهِ الرُّسلُ مِنْ أوّلهم إلى آخرهم، فعندَ إرادة التّنبيه يعني على شرائعِ الأنبياء، التعبير بالشرائع أفضلْ مِنَ التعبيرِ بالأديان، أديانِ الأنبياء، ما نقول أديان الأنبياء، نقول شرائعُ الأنبياءِ؛ لأنَّ التفاوت بينهم في الشرائعِ، أمّا الدّينُ فواحد.
 
القارئ: فجميعُ محاسنِ الشرائعِ والكتب قدْ جمعها هذا الكتابُ وهذا الدين، وفاقَ عليها بمحاسنَ وأوصافٍ لم توجد في غيرهِ، وقرّرَ نبوتهُ بأنّهُ أميٌّ لا يكتبُ ولا يقرأْ،
الشيخ: هذا طريق آخر.
القارئ: ولا جالسَ أحداً مِنْ أهلِ العلمِ بالكتبِ السابقة، بلْ لم يُفاجِئْ النّاس حتى جاءهم بهذا الكتاب..
الشيخ: إيش؟ بل؟
القارئ: بل لم يُفاجَأْ النّاسُ حتى جاءَهم بهذا الكتاب، الذي لو اجتمعتْ الإنسُ والجن على أنْ يأتوا بِمثلهِ ما أَتوا ولا قَدِروا، ولا هو في استطاعتِهم، ولو كانَ بعضُهم لبعضٍ ظِهْرِيَّاً.
الشيخ: ظهيراً
القارئ: ولو كانَ بعضهم لبعضٍ ظهيراً، وأنّهُ مُحالٌ مع هذا أنْ يكونَ مِنْ تِلقاءِ نفسهِ، أو مُتَقَوِّلٌ، أو مُتوهِّمٌ فيما جاءَ بهِ، وأعادَ في القرآنِ وأبدى في هذا النوعِ، وقرّرَ ذلكَ بأنّهُ يُخبرُ بقصصِ الأنبياءِ السابقينَ مُطوَّلةً على الوجهَ الواقع، الذي لا يستريبُ فيهِ أحدٌ، ثمَّ يُخبر تعالى: أنّهُ ليسَ لهُ طريقٌ ولا وصول إلى هذا إلّا بِما آتاهُ الله مِنَ الوحي.
الشيخ: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ}[آل عمران:44]، جاء هذا المعنى في قِصّة يوسف، وفي قِصّة مريم {ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء}، وفي قِصّة نوحٍ معناها {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ}[هود:49]

القارئ: أحسن الله إليك، كمثل قوله تعالى لما ذكر قصة موسى مُطوَّلةً {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ}[القصص:46] {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ}[القصص:44]، وكما في قوله: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}[آل عمران:44]، ولمّا ذكرَ قِصّة يوسف وإخوته مُطوَّلةً قال: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ}[يوسف:102]
فهذه الأمورُ والإخباراتُ المُفصَّلَةُ التي يُفصِّلُهَا تفصيلاً لمْ يتمكّن أهلُ الكتابِ الذين في وقتهِ ولا مَنْ بعدهم على تكذيبهِ فيها ولا معارضتهِ، مِنْ أكبرِ الأدلة على أنّهُ رسول الله حقاً.
وتارةً يقرّرُ نبوتهُ بكمالِ حِكْمة الله، وقُدْرتهِ، وأنَّ تأييدهُ لرسولهِ ونصرِهِ على أعدائهِ، وتَمْكينهِ في الأرض موافقٌ غاية الموافقة لحكمةِ الله، وأنَّ مَنْ قدحَ في رسالتهِ فقدْ قدحَ في حِكمة الله وفي قُدْرتهِ.
وكذلك نَصْرهِ وتأييدهِ الباهر على الأمم الذين هم أقوى أهلُ الأرضِ، مِنْ آياتِ رسالتهِ، وأدلَّةِ توحيدهِ، كما هو ظاهرٌ للمتأملين.

وتارةً يقرّرُ نبوّتهُ ورسالتهُ بِما حازهُ مِنْ أوصافِ الكمال، وما هو عليهِ مِنَ الأخلاقِ الجميلة، وأنَّ كلَّ خُلُقٍ عالٍ سامٍ فَلِرسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم منهُ أعلاهُ وأكملُه.

الشيخ: كما في سورة القلم {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:1-4]
فمن هذه حالهُ لا يكذِبُ على الله، لا يكذبُ على النّاسِ فضلاً أنْ يكذبَ على الله، فأكْذَبَ الله قوْلَ المشركين "إنّهُ لمجنون"، في أوّلِ السورة وفي آخرها: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ}[القلم:2-3]، {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}[القلم:51-52]

القارئ: فمنْ عَظُمتْ صِفاتهُ، وفاقتْ نُعوتُهُ جميعَ الخلق التي أعلاها الصّدق، أليسَ هذا أكبرُ الأدلّة على أنّهُ رسولُ ربِّ العالمين، والمصطفى المختارُ مِنَ الخلقِ أجمعين؟ وتارةً يُقرِّرُها بِما هو موجودٌ في كُتبِ الأوَّلينَ.
الشيخ: إلى هنا
القارئ: أحسن الله إليك
الشيخ:
رحمهم الله، يعني هذه كُلّها يعني طرائِف، تارةً، يعني حين كذا وحين كذا، لا إله إلا الله.

 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه