الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(10) القاعدة التّاسعة: قوله “في طريقة القرآن في أمر المؤمنين وخطابهم بالأحكام الشرعية”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(10) القاعدة التّاسعة: قوله “في طريقة القرآن في أمر المؤمنين وخطابهم بالأحكام الشرعية”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس العاشر

***     ***     ***     ***
 
– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والمستمعين، قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله تعالى- في كتابهِ "أصول وقواعد في تفسير القرآن الكريم":
القاعدة التاسعة: في طريقة القرآن في أمر المؤمنين وخطابهم بالأحكام الشرعية.

– الشيخ: لا إله إلا الله، خطابهم بصيغةِ النداء يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ[المائدة:1] وبالمناسبة هذه السورة سورة المائدة استُهلَّتْ بـ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ وجاءَ فيها هذا الخطاب ستة عشر مرة، مِنْ أوّلها إلى قُبيل آخرها يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ، هذه الآية الأولى والثانية كلاهما ابتدئت بـ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
وجاءَ عن ابن مسعود أنّهُ قال: "إذا سمعتَ الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ فأَرْعِهَا سَمْعك"، ألست مؤمناً هذا معنى الكلام، أنتَ مُخاطَبٌ ما دُمْتَ مؤمناً ولله الحمد فأنتَ مُخاطب داخل في هذا النداء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ، وتارةً يأمرُ الله نبيّهُ أنْ يقول للمؤمنين افعلوا كذا وافعلوا كذا؛ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ[النور:30]، يعني قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ، يعني قل لهم غضوا من أبصاركم يغضوا، وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ[النور:31]، يعني قل لهنَّ يغضضن من أبصارهنَّ يغضضن.
 
– القارئ: قدْ أمرَ الله تعالى بالدعاءِ إلى سبيلهِ بالتي هي أحسن، أي بأقربِ طريقٍ موصلٍ للمقصود، مُحصّل للمطلوب، ولا شكَّ أنَّ الطرق التي سلكها الله في خطابِ عبادهِ المؤمنينَ بالأحكامِ الشرعية هي أحسنُها وأقربُها.
فأكثرُ ما يدعوهم إلى الخيرِ وينهاهم عن الشرِّ بالوصفِ الذي منَّ عليهم بهِ وهو الإيمان، فيقول: يا أيها الذين آمنوا افعلوا كذا واتركوا كذا؛ لأن في ذلك دعوة لهم من وجهين:
أحدهما مِنْ جهةِ البحثِ على القيامِ بلوازمِ الإيمانِ، وشروطهِ ومُكمّلاتهِ، فكأنّهُ يقول: يا أيّها الذين آمنوا قوموا بما يقتضيهِ إيمانكم مِن امتثالِ الأوامرِ، واجتنابِ النواهي، والتّخلق بكلِّ خُلقٍ حميد، والتجنّب لكلِّ خُلقٍ رذيل.
فإنَّ الإيمانَ الحقيقي هكذا يقتضي، ولهذا أجمعَ السّلف أنَّ الإيمانَ يزيدُ وينقُص، وأنَّ شرائعَ الدينِ الظاهرة والباطنة مِنَ الإيمانِ ولوازمهِ، كما دلّت على هذا الأصل الأدلّة الكثيرة، مِنَ الكتابِ والسنة وهذا أحدها..
– الشيخ:
لا إله إلا الله، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ، يقول بعض أهل العلم: هذا الخطاب فيه يعني معنيان؛ الأول: خطابُ المؤمنينَ بهذا الوصف فيهِ تكريمٌ لهم؛ لأنَّ الإيمانَ شرفٌ وفضل وفضيلة، فخاطبَ الله عبادهُ بهذا الوصفِ الكريم، وفي هذا تكريمٌ لهم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ، فيهِ تكريم، وفيهِ خصوص، يعني فرق بينَ الخطاب العام يَا أَيُّهَا النَّاسُ يدخلون، المهم أنّه يدخلون في هذا الخطاب، لكنّهُ تعالى يَخصُّهم بهذا الوصف يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ وهذا معروف في الخطاب أنَّ التخصيص يعني لهُ دلالة، فيهِ تكريمٌ للمُخاطَبِ، وبهذا الوصفِ الكريم الفاضلِ الشّريف.
والجانب الثاني أو المعنى الثاني هو ذكرُ الوصف المُقتَضِي للمطلوب وهو الإيمان، فإنَّ الإيمان يقتضي امتثالَ الأمرِ واجتناب المَنهيِّ، يقتضي فعلَ المأمورِ واجتنابِ المحظور، وهذا ما أشارَ إليهِ الشيخ رحمهُ الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ، فهو يذكرُ لهم ما يُوجِبُ أنْ يُبادِرُوا إلى فعلِ ما أُمِروا بهِ وإلى تركِ ما نُهُوا عنه.
 
– القارئ: حيثُ يُصدّرُ الله أمرَ المؤمنينَ بقولهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أو يُعلّقُ فعلَ ذلكَ على الإيمانِ وأنّهُ لا يتمُّ الإيمانُ إلّا بذلكَ المذكورة.
والوجه الثاني أنّهُ يدعوهم بقولهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا افعلوا كذا، أو اتركوا كذا، أو يُعلّق ذلكَ بالإيمان، يدعوهم بمنّتهِ عليهم بهذه المِنّة، التي هي أجلُّ المِنن، أيْ: يا مَنْ مَنَّ الله عليهم بالإيمان قوموا بشكرِ هذه النعمة بفعلِ كذا وتركِ كذا.
فالوجهُ الأول: دعوةٌ لهمْ أنْ يُتمّموا إيمانهم، ويُكمّلوهُ بالشرائعِ الظاهرةِ والباطنة، والوجه الثاني: دعوةٌ لهمْ إلى شُكرِ نعمةِ الإيمان، ببيانِ تفصيلِ هذا الشكر وهو الانقيادُ التّام لأمرهِ ونهيهِ، وتارةً يدعوا المؤمنين إلى الخير، وينهاهم عن الشرِّ، بذكرِ آثارِ الخير، وعواقبهِ الحميدة العاجلةِ والآجلة، وبذكرِ آثارِ الشرِّ، وعواقبهِ الوخيمة في الدنيا والآخرة.

– الشيخ: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[آل عمران:200]، فذكرَ بعدَ هذه الأوامر ما يدلُّ على أنّها يعني سببٌ للفلاح والفوز والظفر بالمطلوب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم[الصف:10] إلى قوله: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[الصف:11-12] إلى آخرِ الآيات، أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا[النساء:29-30] وهكذا.
 
– القارئ: وتارةً يدعوهم إلى ذلكَ بذكرِ نعمهِ المتنوعة، وآلائهِ الجزيلة، وإنَّ النعمَ تقتضي منهم القيامَ بِشكرِها، وشُكْرها هو القيامُ بحقوقِ الإيمان.
وتارةً يدعوهم إلى ذلكَ بالترغيبِ والترهيب، وبذكرِ ما أعدَّ الله للمؤمنينَ الطائعين مِنَ الثوابِ وما لغيرهم مِنَ العقاب، وتارةً يدعوهم إلى ذلكَ بذكرِ ما لهُ منَ الأسماءِ الحسنى، وما لهُ منَ الحق العظيمِ على عبادهِ، وأنَّ حقّهُ عليهم أنْ يقوموا بعبوديتهِ ظاهراً وباطناً، ويتعبدوا له، ويدعوهُ بأسمائهِ الحُسنى وصفاتهِ المقدّسة. فالعباداتُ كُلّها تعظيمٌ وتكبيرٌ لله، وإجلالٌ وإكرامٌ، وتوددٌ إليهِ، وتقربٌ منهُ.
وتارةً يدعوهم إلى ذلكَ؛ لأجلِ أنْ يتخذوهُ وليّاً وملجأ، وملاذًا ومَعاذًا، ومَفْزَعا إليهِ في الأمور كُلِّها، وإنابةً إليهِ في كلِّ حال، ويخبرهم أنَّ هذا هو أصلُ سعادة العبدِ وصلاحهِ وفلاحهِ، وأنّهُ إنْ لمْ يدخل في ولاية الله وتولّيهِ الخاص تولّاهُ عدوّهُ الذي يُريدُ لهُ الشرَّ والشقاء، ويُمنّيهِ ويَغرّه، حتى يفوِّته.

– الشيخ: و.. وإيش؟
– القارئ: أحسن الله إليك، وأنّهُ إنْ لمْ يدخل في ولاية الله وتولّيهِ الخاص تولّاهُ عدوّهُ الذي يُريدُ لهُ الشرَّ والشقاء، ويُمنّيهِ.
– الشيخ: الولاية مِنَ الله عامّة وخاصّة، والمولى كذلك، فالله ولي جميعِ النّاس بمعنى الملك والقدرة، وهو ولي المؤمنين يعني بالحب والنصر، الله وَلِيُّ المؤمنين، والمؤمنون أولياؤه، يُحبّهم ويحبّونه وهم يُطيعونَهُ وهو ينصرهم ويرحمهم، وأمّا الولاية العامة فمضمونها الملك، والمُقتضِيَةُ لعبودية العباد، كما أنَّ العبودية عامة وخاصة، نعم.

– القارئ: – القارئ: أحسن الله إليك، تولّاهُ عدوّه الذي يريدُ لهُ الشرَّ والشّقاء، ويُمنِّيهِ ويغرُّهُ حتى يُفوِّتُهُ المنافع والمصالح
– الشيخ: نسأل الله العافية أعوذ بالله.
– القارئ: ويوقعهُ في المهالكِ، وهذا كُلّهُ مبسوطٌ في القرآن بعباراتٍ متنوعة.
وتارةً يَحثّهم على ذلك ويُحذِّرهُمْ مِنَ التشبّه بأهلِ الغفلةِ والإعراض، والأديان المُبَدَّلة، لئلّا يَلْحقهم مِنَ اللومِ ما لحقَ أولئكَ الأقوام. كقولهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ[يونس:95] فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ[الأنعام:52]، وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ[الأعراف:205]

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ[الحديد:16]، إلى غير ذلك من الآيات.
– الشيخ:
انتهت؟
– القارئ: انتهت، أحسن الله إليك.
– الشيخ: للشيخ عليها تعليقات، للشيخ محمد.
– القارئ: نعم.
– الشيخ: اقرأ أشياء منها من الأول.
– القارئ: يقول رحمهُ الله:
التعليق: أحدُهما مِنْ جهةِ الحث على القيامِ بلوازمِ الإيمانِ وشروطهِ. والثاني أنْ يدعوهم بقولهِ يا أيّها الذين آمنوا افعلوا كذا واتركوا كذا.
– الشيخ: هذا تعليق الشيخ؟.
– القارئ: نعم أحسن الله إليك.
أو يُعلّق ذلكَ بالإيمان، يدعوهم بِمنّتهِ عليهم بهذه المِنّة التي هي أجلُّ المِنن ومناداتهم ب "يا أيها الذين آمنوا" لأجلِ إغرائِهم وحثّهم على أنْ يفعلوا، وأنَّ ذلك مِنْ مُقتضى الإيمان.
الثاني: "يا أيها الذين آمنوا" إشعارٌ لهم بِمنّة الله عليهم بالإيمان، يعني هذه النعمة.

– الشيخ: بعده، بعده شيء ثاني.
– القارئ: ما في شي يا شيخ.
– الشيخ: إيش؟
– القارئ: يعني لا يوجد تعليق
– الشيخ: يعني بس في البداية؟
– القارئ: بس نعم، لا في الوسط الوجه الثاني، عند قوله والوجه الثاني يدعوهم بقوله.
– الشيخ: لا لا بس هذه الفقرات التي … فيها الشيخ، أنواع الخطابات، المهم ما في تعليق؟
– القارئ: لا، لا يوجد تعليق
– الشيخ: طيب بعده.
– القارئ: أحسن الله إليك.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه