الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(32) تتمة القاعدة السادسة والعشرين: قوله “ومنها قوله تعالى {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة}”

(32) تتمة القاعدة السادسة والعشرين: قوله “ومنها قوله تعالى {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة}”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس الثّاني والثّلاثون

***     ***     ***     ***

 
– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قالَ الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي رحمهُ الله تعالى وأسكنهُ الله فسيحَ جِنانه.
– الشيخ: آمين، رحمهُ الله
– القارئ: قال في رسالتهِ "أصولٌ وقواعدُ في التفسير":
القاعدةُ السادسة والعشرون: الأصل: أنَّ الآيات التي فيها قيودٌ لا تَثْبتُ أحكامها إلّا بوجودِ تلكِ القيود، إلّا في آياتٍ يَسيرة.
– الشيخ:
هذه نفسها، القاعدة التي قرأنا بعضها؟
– القارئ: نعم، ومِنْها قولهُ تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ [البقرة: 283] مع أنَّ الرهن يَصحُّ حَضراً وسفراً.
ففائدةُ هذا القيدِ: أنَّ الله ذكرَ أعلى الحالات، وأشدَّ الحاجاتِ للرهن، وهي هذه الحالةُ في السفرِ، والكاتبُ مَفْقود، والرَّهنُ مَقْبوض.
– الشيخ: والرهنُ؟
– القارئ: والرَّهْنُ مَقْبوض، فأحوجُ ما يَحتاجُ الإنسان للرَّهنِ في هذه الحالة التي تعذَّرَتْ فيها التوثيقات.
– الشيخ:
 وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ 
[البقرة:283هذا يَعني ليسَ لهُ مفهوم أنَّ الرَّهنَ خاصٌ بالسفر، لكنْ السفر هو مظنَّة الحاجة إلى الرَّهن لعدمِ الغالب قديماً، لعدمِ وجودِ الكاتب، جاءتْ هذه الآية بعدَ قولهِ: إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282] إلى قولهِ: إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا [البقرة:282]، ثمَّ قال: وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ [البقرة:283]
وكل هذا المقصود مِنْهُ تَوثيقُ الحقوق، حتى لا، قَطْعاً للنزاعِ، توثيقُ الحقوقِ بالإِشهاد، بالكتابة، بالرَّهن.

– القارئ: أحسن الله إليك، فأحوجُ ما يَحتاجُ الإنسانُ للرَّهنِ في هذه الحالة التي تعذَّرَتْ فيها التوثُّقَاتُ، إلّا بالرهنِ المقبوض..
– الشيخ: تعذّرت فيها إيش؟
– القارئ: أحسن الله إليك، فأحوجُ ما يَحتاجُ الإنسانُ للرَّهنِ في هذه الحالة التي تعذَّرَتْ فيها التوثُّقَاتُ، إلّا بالرّهن المقبوض، وكما قالهُ الناسُ في قيدهِ السفر فكذلكَ على الصحيحِ في قَيدِهِ بالقبض.
– الشيخ:
يعني فَكَما أنَّ السفر ليسَ شرطاً في جوازِ الرّهن، فكذلكَ القبض ليسَ شرطاً في صحّة الرّهن.

القارئ: أحسن الله إليك، وكما قالهُ الناس في قيدهِ السفر، فكذلكَ على الصحيحِ في قَيدِهِ بالقبض، وأنَّ قبْضَهُ ليسَ شرطاً لصحتهِ، وإنّما ذلكَ للاحتياط وزيادةِ الاستيثاق، وكذلكَ فَقْد الكاتب.
ومِنْها قولهُ تعالى.

– الشيخ: المهم أنَّ الرَّهنَ جائزٌ في الحضرِ والسفرِ، وُجِدَ كاتبٌ أو لمْ يوجد، كل هذه القيود ليسَ لها مَفْهوم، لكن هذه الحال هي أحوجُ ما تكون الحاجةُ إلى الرَّهنِ، ولذا الرسولُ ماتَ ودرعهُ مَرْهون، هذا رهنٌ في الحضرِ، وليسَ لعدمِ الكاتب.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، ومنها قولهُ تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ [البقرة:282]
– الشيخ: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، هذه الآية أٌخِذَ مِنهْا أنَّ شهادةَ المرأة على النصف مِن شهادة الرجل، ولهذا قالَ النبي للنساء: (مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْكُن، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا؟ قَالَ: أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ المرأة لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا، وشَهَادَةُ إحداهنَّ نِصْفُ شَهَادَةِ الرَّجُلِ وهذا مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا).
وهذا ما يَكْفرُ بهِ المَخْدوعونَ بأفكارِ الكفرة، بأفكارِ الغرب، هؤلاءِ يكفرونَ بهذه الأحكام، ويَرونَ ربّما يَقولونَ أنَّ المرأة أكملُ عقلاً مِنَ الرجلِ، وهذا باطل، والكلام على الجنس، جنسُ الرجلِ وجنس المرأة، وإلّا ليسَ المراد كل امرأة وكل كذا، لكنَّ الأحكام تَرِدُ باعتبارِ الغالب، واعتبار الأكثر، وإلّا مِنَ النساء مَن تكونُ أنبه وأذكى مِن بعضِ الرجال، لكنْ الأصل هو الأوّل، الأصل هو تَميّز الرجل بمِيزَاتٍ كثيرة.

– القارئ: أحسن الله إليك، معَ أنَّ ذِكْرَ الحق يَثْبُت بالرجلِ والمرأتين..
– الشيخ: إيش؟
– القارئ: مع أنَّ الحقَّ يَثْبت بالرجلِ والمرأتين، ولو معَ وجودِ الرّجلين.
– الشيخ: إمم، يعني فقولهُ: فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ [البقرة:282] يرى الشيخ أنَّ هذا لا مَفهومَ له، بلْ يَصح إثباتُ الحقِّ برَجل وامرأتان وإنْ وجِدَ رَجُلان، ولكنْ ظاهرُ القرآنِ التقييد فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لكنَّ أهلَ العلمِ أخذوهُ مِن أدلة أخرى.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، ولو معَ وجودِ الرَّجُلين، لكنْ ذكَرَ الله أكملَ حالةٍ يَحصلُ بِها الحفظُ للحقوقِ، بدليلِ أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قَضى بالشَّاهدِ الواحد معَ اليمين.
– الشيخ:
قضى بالشاهد واليمين، فإذا كانَ الحقُ يَثْبتُ بشاهدٍ واحد معَ يمين المُدَّعي فلأنْ يَثبتَ بِشهادةِ رجلٍ وامرأتينِ مِن بابِ أولى، وهذا وإنْ لمْ يَكن إجماع في الحقيقة، فظاهر القرآن مع وجود، قدْ يكون قَضى بالشاهد واليمين؛ لأنَّ صاحبَ الحق ما عِنْده، ما عِنْده غير شاهد، لكنْ عند إثباتِ الحق إذا كانا رَجُلين فلا نَعْدِلُ عَن رجلينِ إلى رجلٍ وامرأتين.
– القارئ: أحسن الله إليك، والآيةُ ليسَ فيها ذلكَ لهذه الحكمة، وهو أنَّ الآية أرشدَ الله فيها عِبادهُ إلى أعلى حالةٍ يَحْفظونَ بِها حُقوقَهُم.
– الشيخ:
أعلى حالة، يعني أقوى الأسباب لحفظِ الحقوق كتابة ٌمِن كاتب عدلٍ، وإشهادُ رجلين أو رجلٍ وامرأتين، أو الرهن.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، إلى أعلى حالةٍ يَحْفظونَ بِها حقوقَهم، لتمامِ راحتهم وحَسْمِ اختلافهم ونِزاعِهم.
وأمّا قولهُ تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى، فإنّها مِن أصلِ القاعدة، ويَظنُّ بعضُ الناس أنّها مِن هذا النوع، وأنّهُ يَجبُ التذكيُر، نفعَتْ أم لمْ تَنْفَع.

– الشيخ: يجب التذكير، نفعَتْ
– القارئ: أم لم تنفع، أو لم تنفعْ؟
– الشيخ: فلا مفهوم للقيد
– القارئ: أحسن الله إليك، فإنّها مِن أصلِ القاعدة، ويظنُّ بعضُ الناس أنّها مِن هذا النوع، وأنّهُ يجبُ التذكيرُ، نَفعَتْ أو لمْ تنفعْ، لكنَّ هذا غلطٌ، فَنفعُ الذِّكرى إذا كانَ يَحصل بها الخيرُ أو بعضهُ.
– الشيخ:
إيش؟ إذا كان؟
– القارئ: إذا كان يحصل بها الخير كله أو بعضه..
– الشيخ: لكن إيش؟
– القارئ: أحسن الله إليك، لكن هذا غلط، فنفعُ الذِّكرى..
– الشيخ: فنفْعُ الذِّكرى
– القارئ: إذا كان يحصل بها الخير أو بعضه.
– طالب: عندي، إذا كان يحصل بها الخير كُلّه أو بعضهُ.
– الشيخ: زين، كلُّهُ للتوضيح، يعني المقصود مِن نَفع الذكرى حصولُ المنفعةِ والخير، فإذا حصل بالذِّكْرَى ولو بعضُ المنفعة، لكنْ إذا لمْ تَنْفع الذكرى فلا تجب، هذا لأنَّ … كلام كثير، مَنْ ذُكِّر وبُيِّنَ لهُ وأُقيمت عليه الحُجّة ثمَّ أصرَّ وعاند، خلص، لا نقول، هذا خلص التزكية لا فائدة منها، قد حصل المأمور.

– القارئ: أحسن الله إليك، أو يزولُ بها الشرُّ كُلّه أو بعضهُ. فأمّا إذا كان ضررُ التذكيرِ أعظمَ مِن نَفعهِ فإنّهُ مَنهيٌّ عنهُ في هذه الحال.
– الشيخ:
هذه نُقطة مُهِمَّة، إذا صارَ التذكيرُ والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عَن المنكر يُؤدّي إلى فسادٍ أكثر، لا، خلص، هذه قاعدةٌ في الأمرِ بالمعروفِ والنهي عَن المنكر والدعوة؛ لأنَّ المقصود هو تحصيلُ الخيرِ وتكثيرهُ وزوال الشرِّ وتَقْليله، فإذا كان يَترتّب على التذكيرِ والأمرِ والنهي خِلافُ ذلك فلا مَعنى للتذكير، بلْ لا يجوز، وشواهدُ هذا كثيرة، وهو قاعدة عَقلية صحيحة، قاعدةُ ارتكاب أدنى المفسدتين لدفعِ أعلاهما وتَفْويتُ أدنى المصلحتين.
فلا تُرتكبُ مَفسدةٌ كبيرة لتحصيلِ مَصلحةٍ يسيرة، ومِن أمثلتهِ قِصةُ الأعرابي الذي بالَ في المسجد، فزجرهُ الناس وثاروا عليه، فالرسول نهاهُم، البولُ في المسجدِ مُنكرٌ، ولكنَّ نَهيهُ وإزعاجهُ يؤدي إلى زيادة المُنكر، يقوم فيتلطَّخُ بالنجاسة ويُلوِّثُ مواضع متعددة في المسجد، ومِن هذا القبيل مسألةٌ كبيرة وهي الخروجُ على الولاةِ باسمِ الأمرِ بالمعروف والنهي عَن المنكر، فإنَّ هذا ثَبتَ بالتجربة، وما جرى بهِ الواقع أنّهُ يُؤدِّي إلى فسادٍ عريض، ولا تَتحققُ بهِ المصلحة المَظنونةُ.

– القارئ: أحسن الله إليك، أمّا إذا كانَ ضررُ التذكيرِ أعظمَ مِن نفعهِ فإنّهُ منهيٌّ عنهُ في هذه الحال، كما نهى الله عَن سبِّ آلهة المشركين إذا كانَ وسيلةً لسَبِّ الله.
وكما يُنهى عَن الأمرِ بالمعروف إذا كانَ يترتَّبُ على ذلكَ شرٌّ أكبر، أو فواتُ خيرٍ أكثر مِنَ الخيرِ الذي يُؤمرُ بهِ، وكذلكَ النهيُ عَن المنكر إذا ترتَّب عليه ما هو أعظمُ منهُ مِن شرٍّ وضرر.
فالتذكيرُ في هذه الحال غيرُ مأمورٍ بهِ بلْ منهيٌّ عنهُ، وكلُّ هذا مِن تَفصيلِ قولهِ تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ [النحل:125]، فَعُلمَ أنَّ هذا قَيدُ مُراد..
– الشيخ: قيدٌ مُراد
– القارئ: فَعُلمَ أنَّ هذا قيدٌ مُرادُ ثُبوتُ الحكمِ بثبوتهِ وانتفاءُ الحكمِ لانتفائهِ والله أعلم.
– الشيخ:
أحسنت
– القارئ: الشيخ محمد علَّقَ تعليقاً بسيطاً.
– الشيخ: نعم زين
– القارئ: قال: هذه المسألةُ فيها خلافٌ بينَ العلماء، هلْ أنَّ قولهُ: إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى [الأعلى:9]
– الشيخ:
يعني تفسير هذه الآية
– القارئ: إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى قيد؟ والمعنى: أنّهُ لا يجبُ التذكير إلّا إذا نَفعت الذكرى، فإنْ لمْ تَنْفع فلا تُذكِّرْ؛ لأنّهُ لا فائدةَ منهُ لكونهِ مَضيعةً للوقتِ.
أو أنَّ هذا القيد للنداءِ عليهم بأنَّ هؤلاءِ ما يَنْفعُ فيهم الخير، لكنْ يُشرع أنْ تُذكّرَ على كلِّ حال، كقولكَ مثلاً: علِّمْهُ إنْ كانَ العلمُ يَنْفعهُ، هل مَعناهُ أنّك لا تُعلِّمُهُ إلّا إذا كانَ سينفعهُ، أو المعنى عَلِّمهُ بكلِّ حال.
الثاني: إذا رأى بعضُ العلماءِ أنّها مِن هذا الباب، وعلى القولِ الأول الذي رجَّحَهُ الشيخ رحمهُ الله يكونُ قيداً مرادا، ًوأنّهُ إذا لمْ تَنْفع الذكرى لمْ تجب، وفي هذا المقام.

– الشيخ: ولا شكَّ أنّها إذا لمْ تَنْفع لا تجب، ولكنْ قدْ يُستحَبُّ
– القارئ: وفي هذا المقام لا تخلو الحالُ مِن ثلاثةِ أمورٍ: إمّا أنْ تَنْفعَ أو تضرُّ، أو لا تَنْفعُ ولا تَضرُّ.
إنْ نَفعتْ وجبَ التذكير.

– الشيخ:
وجِبَ أو استحبَّ
– القارئ: إنْ نفعتْ وجبَ التذكيرُ، وإنْ ضرّت فلا تَذْكير.
– الشيخ: إيش؟ وإن ضرَّت
– القارئ: وإنْ ضرَّت فلا تذكير..
– الشيخ: فلا تَذْكير، يعني لا يجوزُ التذكير إذا كانتْ تَضرُّ، بعده
– القارئ: أحسن الله إليك، وإنْ لمْ تَضر ولمْ تَنْفع فإنّها لا تجبُ ولا يُنهى عَنها.
لكنْ هل الأولى أنْ يُذكّرَ إظهارًا للحقِّ وبياناً لهُ، ولعلَّهم يَرْجِعونَ إلى الحقِّ فيما بعد، هذا هو الظاهر.

– الشيخ:
بلْ إنَّ ظهورَ الحقِّ وبيان الحق هو مِنَ النفع، إذا كانَ في التذكيرِ ولو لمْ يَنْتفع المُخاطَبُ، لكنْ يَحصلُ بهِ إظهارُ الحق فهذا مَنْفعة، يعني فقولهُ: إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى أعمُّ مِن انتفاع المُذكَّر، انتفاعُ المُخاطَب، فإذا كانَ يَحصلُ بِها نفعٌ خاصٌّ أو عام فهي مَشْروعة.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، إذا لمْ يكنْ مضرَّة فإنّهُ يَنْبغي أنْ يُذكِّر، أمّا إذا نَفعتْ فإنّهُ يجبُ أنْ يُذكِّر، ولمْ يَتَرجَّح عندي أحدُ هذينِ القولين، لأننا إذا نَظرنا إلى وجوبِ التذكيرِ وإعلانُ الشَّرعِ وبيانه قُلنا: إنَّ الآيةَ تَدلُّ على أنَّ ذَكِّرْ إنْ كانَ هؤلاءِ يَنْفعُ فيهم الذكرى، ويكونُ المقصودُ بهِ النداءُ على عِنادهم واستكبارِهم وعَدمِ رُجوعهم للحقِّ، وعلى كلِّ حال هذا موضِعُ خلافٍ بينَ العلماء، وشيخنا رحمهُ الله يُرجِّحُ أنّهُ قيد، وأنَّ الذكرى لا تجبُ إلّا إذا نَفعتْ.
– الشيخ: إذا نفعت، نحنُ نقول نَفعتْ نفعاً عاماً أو نفعاً خاصاً، لا إله إلّا الله، والتعريفُ بالحقِّ مِنَ النفعِ العظيم، بيانُ الحق.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، ثمَّ قالَ الشيخ السّعدي رحمهُ الله: ومِنْها قولهُ تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ [البقرة:61]
– الشيخ: إلى هنا
– القارئ: أحسن الله إليك
– الشيخ: نعم يا محمد
– طالب: الأحكام؟
– الشيخ: يمكن هذا قصير اللي عندك.
– القارئ: أطالَ الشيخ عبد الرّحمن بن سعدي
– الشيخ: عليها؟
– القارئ: على الأمثلة نعم
– الشيخ: لا، أعني المثال هذا "قتلُ النبيين"
– القارئ: نعم، ومِنْها قولهُ تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ [البقرة:61]، معَ أنّهُ لا يَقعُ قَتْلُهم إلّا بغيرِ حق.
فهذا نَظيرُ ما ذَكَرهُ في الشرك، وأنَّ هذا تَشْنيعٌ لهذه الحالة التي لا شُبْهةَ لِصاحِبها، بلْ صاحِبها أعظمُ الناسِ جُرْماً، وأشدُّهم إساءةً.
وأمّا قولهُ تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الأنعام:151]، فليستْ مِن هذا النوع وإنّما هي مِنَ النوعِ الأول الذي هو الأصل، [والحق] الذي قيّدها الله بهِ جاءَ مُفسَّراً في قولهِ -صلّى الله عليه وسلّم-:
(النفسُ بالنفس، والزاني المُحْصَن، والتاركُ لدينهِ المُفارِقُ للجماعة).
ومِنْها قولهُ تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى [النساء:43]

– الشيخ: إلى آخره..
– القارئ: أحسن الله إليك.
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه