بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس الرّابع والثّلاثون
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين وللمستمعين، قال الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي -رحمهُ الله تعالى- وأسكنهُ فَسيحَ جِنانهِ:
القاعدة الثامنة والعشرون: في ذكرِ الأوصافِ الجامعةِ التي وَصفَ الله بِها المؤمن، لمّا كانَ الإيمانُ أصلُ الخيرِ كُلِّه والفلاح، وبِفَقدهِ يُفقَدُ كلُّ خيرٍ ديني ودنيوي وأخروي، أكثرَ الله مِن ذكرهِ في القرآنِ جداً..
– الشيخ: ايش؟
– القارئ: أحسن الله إليك، لمّا كانَ الإيمانُ أصلُ الخيرِ كُلِّه والفلاح، وبِفَقدهِ يُفْقَد كلُّ خيرٍ ديني ودنيوي وأخروي، أكثرَ الله مِن ذكرهِ في القرآنِ جداً: آمراً بهِ، وناهياً عَن ضِدّهِ، وتَرْغيباً فيهِ، وبيانَ أوصافِ أهلهِ، وما لَهم مِنَ الجزاءِ الدنيوي والأخرَوي.
فأمّا إذا كانَ المَقامُ مَقامَ خِطابٍ للمؤمنينَ بالأمرِ والنهي، أو مَقامَ إثباتِ الأحكامِ الدنيويّة بِوصفِ الإيمان، فإنّها تَتَناولُ كلَّ مؤمنٍ، سواءً كانَ مُتمِّماً لواجباتِ الإيمانِ وأحكامهِ، أو ناقِصاً في شيءٍ مِنْها.
وأمّا إذا كانَ المَقامُ مَقامَ مَدْحٍ وثَناءٍ وبيانِ الجزاءَ الكاملِ للمؤمن: فإنّما المرادُ بذلكَ المؤمنُ حَقاً، الجامعُ لمعاني الإيمان، وهذا هو المرادُ بيانهُ هنا، فنقول..
– الشيخ: نعم يقول الشيخ
– القارئ: فنقول..
– الشيخ: وَصْفُ الإيمان، لا شكَّ أنّهُ أصلُ كلِّ خير، وضِدّه أصلٌ لكلِّ شَر، والإيمانُ مَعروف، أنَّ المرادَ بهِ الإيمانُ بالله واليومِ الآخر، وما يَتْبعُ ذلك مِنَ الإيمانِ بالملائكةِ والكتبِ والرّسل، وهذا القدْرُ يَشْتَركُ فيهِ كلُّ، هذا القدْر، الإيمانُ بالله، بِربوبيّتهِ وإلهيّته، والإيمانُ بالملائكةِ والرّسل، والإيمانُ باليومِ الآخر، هذا يَشْتَركُ فيهِ كُلُّ الداخلينَ في الاسلام.
ولا يَخْلو مِن ذلكَ إلّا المنافقون، وقَدْ يَدْخلُ المنافقونَ في المؤمنينَ بِاعتبارِ ما يُظهرونَهُ، باعتبارِ أنّهم يُظهرونَ الإيمانْ، وليسوا بمؤمنين، وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة:8]
لكنْ المقصود المؤمنونَ الذينَ، المؤمنونَ الصّادِقون في إيمانهم، فهؤلاءِ مِنْهُم ومِنْهُم، مِنْهُم المؤمنونَ الكُمَّل، الذينَ تَحقَّقُوا بالإيمان، بأداءِ الفرائضِ واجتنابِ المحارم، والمُسارعةُ بالخيرات، وهذا يَتّصلُ بِما ذُكرَ قريباً، المؤمنونْ مِنْهم الظالمُ لنفسهِ، والمُقْتَصِد، والسابقُ بالخيرات.
فالشيخ هنا يقول: إنَّ الخِطاب، خِطابَ المؤمنين بالأحكام، أوامِر ونواهي، ووَعدْ ووعيد، هذا يَشْمل الجميع، الكُمَّل والمُقصِّرينَ، أمّا إذا ذُكرَ وصفُ الإيمانِ في مَقامِ الوعدِ وذِكرِ الثواب ومَقام الثناء، فهذا يَخْتصُّ بالكُمَّل الذينَ هم أولياءُ الله، أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الأعراف:42]
هذا وعدٌ للكُمَّل مِنَ المؤمنين، ولا يُمنعُ أنْ يكونَ لغيرهم، يعني نَصيب فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة:7]
لكنْ الثناءُ وذكرُ الثوابِ العظيم للمؤمنون الخُلًّص، هذا ما تَضمّنهُ تَقريرُ الشيخ، فإذا جاءَ مثل قولهُ تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا [الأحزاب:70] هذا عام، للمؤمنين على اختلافِ مَرَاتبهم ودرجاتِ إيمانهم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء:59] عام، خِطاب لجميعِ المؤمنين، لكن؛ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2]، إلى قوله أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:3-4]، نعم يا محمد
– القارئ: أحسن الله إليك
– الشيخ: … نعم
– القارئ: نعم، أحسن الله إليك، فنقول: وصفَ الله المؤمنَ في كِتابهِ باعترافهِ وتَصْديقهِ بِجميعِ عَقائدِ الدّين وبإرادةِ ما يُحبّهُ الله ويَرْضاه، وبالعملِ بِما يُحِبّهُ الله ويَرْضاه، وبِتركِ جَميعِ المعاصي، وبالمُبادرةِ بالتوبةِ مِمّا صَدَرَ منهُ مِنْها، وبأنَّ إيمانَهم أثَّرَ في أخلاقِهم وأقوالِهم وأفعالِهم الآثارَ الطيّبة.
فوصفَ المؤمنينَ بالإيمانِ بالأصولِ الجامعة: وهو الإيمانُ بالله، ومَلائِكتهِ، وكُتبهِ ورُسلهِ واليومِ الآخرِ والقدرِ خَيرهِ وشرِّهِ، وأنّهم يُؤمنونَ بِكلِّ ما أُتيَهُ الرُّسل كُلّهم ويؤمنونَ بالغيب، ووصَفَهُمْ بالسمعِ والطاعةِ، والانقيادِ ظاهراً وباطناً، ووَصَفَهم بأنّهم: إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4]
ووَصَفهم بأنَّ جُلودَهم تقْشَعِرُّ، وعُيونُهم تَفِيضُ مِنَ الدمعِ، وقُلوبُهم تَلِينُ وتَطْمَئنُّ لآياتِ الله وذِكْرهِ، وبأنّهم يَخْشَونَ رَبّهم بالغيبِ والشّهادة، وأنّهم يُؤتونَ ما آتوا وقُلوبُهم وَجْلةٌ أنّهم إلى رَبِّهم راجِعونْ.
ووَصَفهمْ بالخشوعِ في أحوالِهم عُموماً، وفي الصّلاة خُصوصاً، وأنّهم عَن اللغو مُعْرِضونْ.
– الشيخ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ [المؤمنون:1-3] إلى آخرِ الآياتْ، فَكُلّها فيها ذِكْرُ أوصافِ المؤمنين.
– القارئ: وأنّهم عَن اللغو مُعْرِضونْ، وللزّكاةِ فاعِلونْ، ولِفُروجِهم حافِظونْ إلّا على أزواجِهم أو ما مَلَكتْ أيمانُهم. وأنّهم بِشَهاداتِهمْ قائِمونْ، ولأماناتِهم وعَهْدِهم مُراعونْ.
ووَصفهم باليقينِ الكاملِ الذي لا رَيبَ فيهِ، وبالجهادِ بأموالِهم وأنفُسِهم في سبيلِ الله.
ووَصفهم بالإخلاصِ لربِّهم في كلِّ ما يَأتونَ ويذَرُونَ.
ووَصفهُم بِمحبّة المؤمنينَ والدُّعاءِ لإخوانِهم مِنَ المؤمنينَ السّابقينَ واللاحِقين، وأنّهم مُجْتَهدونَ في إزالةِ الغِلِّ مِن قُلوبِهم على المؤمنين، وبأنّهم يَتولّونَ الله ورَسوله وعبادهِ المؤمنين، ويَتَبرّؤونَ مِن موالاةِ جميعِ أعداءِ الدّين، وبأنّهم يَأْمرونَ بالمعروفِ ويَنْهَونَ عَن المُنكرِ، ويُطيعونَ الله ورسولهُ في كُلِّ أحوالِهم.
فجمعَ الله لَهم بينَ العقائِد الحقَّة واليقينِ الكامِل، والإنابةُ التامّةُ التي آثارُها الانقيادُ لفعلِ المأموراتِ وتَركِ المنهيّات، والوقوفِ على الحدودِ الشَّرعيات.
فهذه الأوصافُ الجليلةُ وهي وصفُ المؤمنِ المُطلق الذي سَلِمَ مِنَ العقابِ، واسْتحقَّ الثواب، ونالَ كُلَّ خيرٍ رُتِّبَ على الإيمان.
فإنَّ الله رتَّبَ على الإيمانِ في كتابهِ مِنَ الفوائِد والثمراتِ ما لا يَقلُّ عَن مائة فائِدة، كلُّ واحدةٍ مِنها.
– الشيخ: ما لا، ما لا؟
– القارئ: نعم، أحسن الله إليك، فإنَّ الله رَتّبَ على الإيمانِ في كتابهِ مِنَ الفوائدِ والثمرات ما لا يَقلُّ عَن مائة فائدة..
– الشيخ: امم، نعم
– القارئ: كلُّ واحدةٍ مِنْها خَيرٌ مِنَ الدنيا وما فيها، رتّبَ الإيمانَ نيلَ رِضاه..
– الشيخ: رتّبَ
– القارئ: رتّبَ الإيمانَ نَيلَ رِضاه..
– الشيخ: امم، على..
– القارئ: أحسن الله إليك، رَتَّبَ على الإيمانِ نَيلَ رِضاه الذي هو أكبرُ مِن كُلِّ شيء، ورتّبَ عليهِ دُخولَ الجنّة.
– الشيخ: كُل ما ذكرَ الله المؤمنين، الذينَ آمنوا وصدّقوا يَقول: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ في مواضع من سورة البيِّنة وسورة براءة، وسورة المائدة، رضي الله عنهم ورضوا عنه، ولما ذكرَ ما أعدَّ للمؤمنينَ والمؤمنات، قالَ بعدَ، مِن الجنّة وما فيها، قال: وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التوبة:72]
– القارئ: أحسن الله إليك، ورتّبَ عليهِ دُخولَ الجنّة، والنّجاةِ مِنَ النّار، والسّلامةِ مِن عذابِ القبر، ومِن صُعوباتِ القيامة وتَعسُّرِ أحوالِها، والبُشرَى الكاملةِ في الحياة الدنيا وفي الآخرة، والثباتِ في الدنيا على الإيمانِ والطاعاتِ وعِندَ الموتِ وفي القبرِ على الإيمانِ والتوحيد، والجوابِ النافِع السَّديد، ورتَّبَ عليهِ الحياةَ الطيّبة في الدنيا والرِّزقَ والحسنة، وتَيْسيرِ العبدِ لليُسرى وتَجْنيبهِ للعُسرى، وطَمأنينةِ القلوبِ وراحةِ النفوسِ والقناعةِ التامّة، وصَلاحِ الأحوالِ، وصلاح الذريّة، وجَعَلَهُم قُرّة عينٍ للمؤمن، والصبرِ عِندَ المِحَنِ والمصائِب.
وحمل عَنْهم الأثقالَ..
– الشيخ: ايش؟
– القارئ: وحمَّل اللهُ عنهم الأثقالَ..
– الشيخ: حمَل عنهم الأثقالَ
– القارئ: وحمَل الله عنهم الأثقالَ..
– الشيخ: ايش؟
طالب: وحمْل الله عنهم.
– القارئ: وحمْل الله عليهم الأثقالَ..
– الشيخ: عنهم
طالب: عنهم، نعم
– القارئ: نعم، ومُدَافَعةُ الله عَنْهم جميعَ الشّرور، والنصرِ على الأعداء.
– الشيخ: أمّا لفظُ "الحمل"، حَملَ الله عنهم، ما لها شاهد، ما لها شاهد، ما لها شاهد، أمّا الدفاع إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [الحج:38]، وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ [البقرة:251]
لكنْ بَدل "حَمْلُ الله" "تَخفِيفُ الله عنهم"، تَخْفيف، يُريدُ الله أنْ يُخفّفَ عَنْكُمْ، هذا موجود، يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [النساء:28]
– القارئ: أحسن الله إليك، والنصرِ على الأعداءِ، ورَفعِ المؤاخذةِ على النّاسيِ والجاهِل.
– الشيخ: يمكن، يمكن تجي هذه ضِمن الدعاء: رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ [البقرة:286] الآية.
وفي الحديث أنَّ الله قالَ: "قد فَعَلْتُ"، لعلَّ هذا هو الشاهِد، قولُ – الشيخ: وحمْلُ، وحمْل، ُوحمْلُ الأثقالِ عنهم.
– طالب: وحمْلُ الله عنهم الأثقالَ..
– الشيخ: وحمْلُ الله عنهم الأثقالَ، نعم شاهدهُ {رَبَّنَا}
– طالب: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف:157] أحسن الله إليك
– الشيخ: نعم
– طالب: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف:157]
– الشيخ: لا لا، هذا في شأنِ الرسول، وهذا صحيح، بس لكنْ عِبارة "حمْلُ الله عنهم"، حمْلُ الله عنهم، كأنّها حتى ما فيها، بس رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ [البقرة:286]، حتى ما فيها إن الله، يعني ما فيها إضافة الحمل. لا.
– طالب: رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا [البقرة:286]
– الشيخ: نعم؟
– طالب: رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا
– الشيخ: إي، هي هذه جبناها، لكنْ ما في إضافة الحَمْل إلى الله، يعني أنَّ اللهَ حَمَلَ عَنْهم ما في..
– القارئ: أحسن الله إليك، وأنَّ الله لمْ يَضَعْ عَليهم الآصَارَ بلْ أزالَها ولمْ يُحمِّلهمْ ما لا طاقةَ لهمْ فيهِ.
– الشيخ: هذا صح، نعم واضح
– القارئ: ومَغْفِرةُ الذنوبِ بإيمانِهم والتوفيقِ للتوبة، فالإيمانُ أكبرُ وَسيلةٍ للقربِ مِنَ الله والقربِ مِن رَحمتهِ، ونَيلِ ثوابهِ، وأكبرُ وسيلةٍ لمِغفرةِ الذنوبِ، وإزالةِ الشدائِد أو تَخْفيفِها.
وثمراتُ الإيمانِ على وجهِ التفصيلِ كثيرةٌ، وبالجملةِ خَيراتُ الدنيا والآخرة مُرتَّبةٌ على الإيمانِ، كما أنَّ الشرورَ مُرتَّبةٌ على فَقْدهِ، والله أعلم.
– الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، نعم يا محمد
– طالب: أحسن الله إليكم، الشيخ ذكرَ أنَّ أركانَ الإيمانِ سِتّة ،كما هو معروف ابن القيم يَذْكر أركانَ الإيمانِ خَمسة، ولا يَذْكر الإيمانَ بالقدر، وكذلكَ الشيخ استدلَّ بالآية.
– الشيخ: وكذلك من؟
– طالب: شيخُ الاسلام، قدْ يقول أحياناً أركانُ الإيمانِ سِتّة ولا يَذْكرونَ القدر، ويُستدَلُّ بقولهِ تعالى: وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:136]
– الشيخ: ايش في، ايش في؟
– طالب: توجيه هذا مثل القدر
– الشيخ: عدمُ ذِكْرِ القدرِ لِعدمِ ذِكرهِ في الآيات التي فيها ذِكْرُ أصولِ الإيمان، والحقيقة إنَّ الإيمانَ بالقدرِ داخلٌ في الإيمانِ بالله، داخلٌ في الإيمانِ بالله، ولهذا الرسول لمّا ذَكرها سبحان الله عفواً، ميَّزَهُ وأفردَهُ عَن الخمسة في قوله: (تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) "وَتُؤْمِنَ" يعني جَعلهُ كأنّهُ مِن بابِ إبرازِها، وإنْ كانَ داخِلاً في بابِ الإيمان بالله، أليسَ الإيمانُ بالقدرِ يَتَضمّن الأصول الأربعة؟ مِنَ الإيمانِ بعلمِ الله وكتابتهِ للمقادير، وعُمومِ مَشيئتهِ وعُمومِ خَلْقهِ.
وكلُّ هذا داخلٌ في الإيمانِ بالله، هو مِن صِفاتهِ وأفعالهِ، فلا عليكَ إذا قُلتَ: يعني أصولُ الإيمانِ الخمسة؛ لأنَّ الله ذَكرها هكذا في آيتين، الأصول الخمسة، في آية البقرة: وَلَكِنَّ الْبِرَّ [البقرة:177]، وفي سورة النّساء: وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ [النساء:136]
– طالب: آخر البقرة كذلك
– الشيخ: لا أربع، هناك بعد
– طالب: وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة:245] فيها الإيمان كذلك باليومِ الآخر
– الشيخ: أه
– طالب: أقول فيها الخامسة
– الشيخ: ها، زين لا بأس، طيب، إذاً هذه يعني مِن جِنسِ الآيتين: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285] أنت تريد هذا؟
– طالب: نعم، وإليك المصير
– الشيخ: يَتَضمّن الإيمان باليومِ الآخِر، جميل، ما في مانع
– طالب: حديثُ جِبريل مِن رواية أبي هُريرة رضي الله عنهُ، لمْ يَذْكرِ الإيمانَ بالقدر، ذَكرَ الخمسة، أحسنَ الله إليكم، كما في الصحيح.
– الشيخ: هذا شاهِد، المقصودُ أنَّ أصولَ الإيمانِ، وأحياناً يَأْتي الاقتصارُ على الإيمانِ بالله واليومِ الآخِر، هذا كثيرٌ في وَصفِ المؤمنين، وذمِّ المُنافِقينْ، لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ [التوبة:29]
والإيمانُ باليومِ الآخرِ، هو في الحقيقةِ يَتَضمَّنُ الإيمانَ بالكتبِ والرُّسل؛ لأنَّ اليومَ الآخِر طريقُ العلمِ بهِ وتَفَاصيلِ أحوالهِ هو الوَحيُ الذي جاءتْ بهِ الرُّسل، ونَزَلَتْ بهِ الكُتب.