الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(36) تتمة القاعدة التّاسعة والعشرين: قوله “ومن علوم القرآن علم الجزاء في الدنيا والبرزخ والآخرة”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(36) تتمة القاعدة التّاسعة والعشرين: قوله “ومن علوم القرآن علم الجزاء في الدنيا والبرزخ والآخرة”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس السّادس والثّلاثون

***     ***     ***     ***

– القارئ: بسم الله الرّحمن الرّحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
قال الشيخُ عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي -رحمهُ الله تعالى-: ومِن عُلومِ القرآنِ: عِلمُ الجزاءِ في الدنيا والبَرْزخِ والآخرةِ على أعمالِ الخيرِ..
– الشيخ:
ومِن، ومِن عُلومِ القرآن، نعم..

– القارئ: ومن علوم القرآن: عِلمِ الجزاءِ في الدنيا والبَرْزخِ والآخِرةِ على أعمالِ الخيرِ وأعمالِ الشر.
وفي ذلكَ مَقاصدُ جَليلة: الإيمانُ بكمالِ عَدلِ الله وسَعةِ فَضْلهِ والإيمانِ باليومِ الآخر، فإنَّ تمامَ الإيمانِ بذلكَ يَتَوقّفُ على مَعْرفةِ ما يَكونُ فيهِ، والرغبةُ في الأعمالِ التي رتَّبَ الله عليها الجزاءَ الجزيل، والرهبةُ مِن ضِدّها.
ومِن عُلومِ القرآنِ: الأمرُ والنهيُ.

– الشيخ:
هذا مندرج في قاعدة سابقة؟
– طالب: مندرج نعم
– الشيخ: من من، وإش هي القاعدة؟
– القارئ: قال: في الفوائدِ التي يَجْتَنيها العبدُ في مَعْرفتهِ وفَهْمهِ لأجناسِ علومِ القرآن..
– الشيخ: إمم، نعم ومن علوم، نعم

– القارئ: ومِن عُلومِ القرآنِ: الأمرِ والنَهي، وفي ذلكَ مَقاصِدُ جَليلة: مَعْرفةُ حُدودِ ما أنزلَ الله على رسولهِ؛ فإنَّ العبادَ مُحْتاجونَ إلى مَعْرفةِ ما أُمروا بهِ وما نُهوا عَنهُ، والعملِ بذلكَ والعِلمُ سابقٌ للعملِ، وطريقُ ذلكَ: إذا مرَّ على القارئِ نَصُّ فيهِ أمرٌ بشيءٍ عَرفهُ.
– الشيخ:
القارئ يقول: إي وذلك

– القارئ: وطريقُ ذلكَ: إذا مرَّ على القارئِ نَصٌّ فيهِ أمرٌ بشيءٍ عَرفَهُ، وفَهِم ما يَدْخلُ فيهِ وما لا يَدْخلُ فيهِ، وحاسبَ نفسَهُ: هل هو قائمٌ بذلكَ كلِّهِ أو بَعْضهِ أو تارِكُه؟ فإنْ كانَ قائماً بهِ فَلْيَحمدِ الله، ويَسْألهُ الثباتَ والزّيادةَ مِنَ الخيرِ.
وإنْ كانَ مُقصِّراً فيهِ فليعلمْ أنَّهُ مُطالبٌ بهِ ومُلزمٌ به، فَليَستَعِنْ بالله على فِعْلهِ، ولْيُجاهدْ نَفْسهُ على ذلك.
وكذلكَ في النهي ليَعرفَ ما يُرادُ مِنهُ، وما يَدْخلُ في ذلكَ الذي نَهى الله عَنهُ، ثمَّ ليَنْظرَ إلى نَفْسهِ فإنْ كانَ قدْ تركَ ذلكَ فَلْيَحمدِ الله على تَوْفيقهِ، ويَسألهُ أنْ يُثبِّتهُ على تَركِ المناهي كما يَسألهُ الثباتَ على فِعلِ الطاعات؛ ولْيَجعلَ الدّاعيَ لهُ على التركِ امْتِثالُ طاعةِ الله، ليكونَ تركُهُ عبادةً، كما كانَ فِعلهُ للطاعةِ عِبادة.

وإن ْكانَ غَيرَ تاركٍ لهْ فليُبادِرْ بالتوبةِ إلى الله توبةً نصوحاً جازِمة، ولا تَمْنعهُ الشّهواتُ الدنيَّة التي تَدْعوهُ إليها النّفسُ الأمَّارةُ بالسُّوء.
فمنْ كانَ عندُ هذه المطالِب وغَيرها عامِلاً على هذه الطريقة فإنّهُ ثابتٌ على الصّراطِ المُستقيم، والطريقةِ المُثلَى فيما عليهِ مِنَ الاسْترشادِ بكتابِ الله، وحَصلَ لهُ بذلكَ عِلمٌ غزيرٌ وخيرٌ كَثيرٌ.
القاعدة الثلاثون.

– الشيخ: لا شكَّ أنَّ القرآنَ مُشْتملٌ على علوم؛ لأنّهُ يَنْقسمُ إلى قِسْمين، وهو انْقِسامُ الكلامِ، الكلامُ يَنْقَسِمُ إلى: خَبَرٍ وطَلَبْ.
كلُّ الكلامِ هكذا إمّا خَبَر أو طَلب، فالأخبارُ تَتَضمَّنُ أموراً يجبُ الإيمانُ بِها واعْتِقادُها.
وهذه في القرآنِ أنواع، أعْلاها إخبارهُ تَعالى عَن نَفْسه بِما هو مِن شأنهِ، ومِن، يعني إخبارهُ بِما لهُ مِنَ الأسماءِ والصّفات، مِمّا يَحْصلُ بهِ للعبدِ مَعْرفةُ العبدِ بِربّهِ، يَعْرفهُ بأسمائهِ وصِفاتهِ، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] هذه صِفةُ الرَّبِّ، وهي خبرٌ تَقْتَضي الإيمان، وتَقْتَضي وتوجِبُ الاعتقاد، ما تَضَمَّنتهُ هذه السورة مِن صِفةِ الرَّبِّ تعالى هذا خَبر، وهكذا نَظائِرُ هذه السّورة كثيرٌ في القرآن، آيةُ الكرسي، الآيات في آخرِ سورة الحَشر، أوائل سور التّسابيح، سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *  لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلى قوله: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ [الحديد:1-3]، وهكذا هذه كلُّها أخبارٌ يَجبُ على العبدِ التّصديقُ بِها، ثمَّ هذا التصديق تَحْصلُ لهُ الثمرة، الثمرةُ هي مَعْرفةُ العبدِ بربِّهِ، فَيعرفُ رَبّهُ بِما لهُ مِنَ الأسماءِ والصّفات، يَعْرفُ أنّهُ تَعالى حيٌّ قيُّومٌ سميعٌ بصيرٌ، وأنّهُ يَتكلّمْ، وأنّهُ يَخلقُ ويَرْزقْ، وأنّهُ الخلَّاق وأنّهُ يُحيِي ويُميت، كُلُّ هذا ثَمرةٌ لإيمانهِ بهذه الأخبار، فإذا مرَّ بهذه الآياتِ في القرآنِ، يعني حَصلتْ لهُ هذه العلوم وإنْ كانَ يَعْرِفُها مِن قَبل.
فالحمد لله يحصل له تذكير، يتذكر ويتدبر وكلما مر بآية وتدبَّرَ فيها ازداد علماً فيتدبر قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، في مَواضع مِن القرآن، سَمِيعٌ بَصير، فَيَسْتَشعِر أنَّ الله سامعٌ لجميعِ الأصواتِ، وأنّهُ سامعٌ لِكُلِّ ما يَتَكلّمُ بهِ هو، فيُوجِبُ لهُ ذلكَ المراقبة، مُراقبةُ الله فيما يَتَكلَّمُ بهِ؛ لأنّهُ يَسْتَحْضرُ أنَّ الله يَسْمعهُ، لو استحضرَ العبدُ مَعاني هذه الأسماء "السميع البصير والعليم" ثلاثةُ أسماء، أوجبَ لهُ ذلكَ يعني الوقوفَ عندَ حدودِ الله، والقيام بأوامرِ الله، والانتهاء عمّا نهى الله عَنه، ثلاثةُ أسماء "السميع والبصير والعليم"، فهذا والمقصودُ أنَّ القرآنَ مُشتمِلٌ على علوم، ومِنها ما يَرجعُ إلى الأخبارِ، ومِنها ما يَرجعُ إلى الأوامر والنواهي.
والوعدُ والوعيد الذي في القرآن، هو الأصلُ أنّهُ أخبارٌ، ولَكنّهُ مُتضمِّنٌ لِطَلب، مُتضمِّنٌ لطلبٍ، إمّا أمرٌ أو نهيٌ، فالوعدُ يَقْتَضي أعمالاً مَطْلوبة، والوعيدُ يَقْتَضي أعمالاً يَجبُ تَرْكُها، والله أعلم.

– القارئ: أحسن الله إليك، قال: القاعدة الثلاثون: أركانُ الإيمانِ بالأسماءِ الحُسنى ثَلاثة..
– الشيخ: أركان
– القارئ: أركانُ الإيمانِ بالأسماءِ الحُسنى ثلاثة: إيمانُنا بالاسمِ، وبِما دلَّ عليهِ مِنَ المعنى، وبِما تَعلَّقَ بهِ مِنَ الآثارِ.
– الشيخ: نؤمنُ بأنَّ الله، بأنَّ مِن أسماءِ الله "السميع"، خَلص هذه عَقيدة، ونُؤمِنُ بأنَّ الله ذو سَمعٍ وهذا مَعْنى قولهُ "أنَّ كُلَّ اسمٍ مُتضمِّن لِصفة" ثمَّ نُؤمنُ ثالثاً بأنَّ الله يَسمعُ أصواتَ العباد، فهذا مُقتضَى إثبات أنّهُ سَميع، وأنّهُ ذو سمعٍ، فَنُثْبتُ التعلُّقَ، والله يَذكرُ كثيراً الركنَ الأول، والركن الثالث، ويَذكرُ أحيانًا الثلاثة: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1] فَتَضمَّنتْ الآية ذِكرُ الاسم، وذكرُ المُتعلَّق بالاسم، وهذا يَسْتَلزمُ إثباتَ الصّفة إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ فَتَضمَّنتْ الآية إثْباتْ يعني، الدّلالة على الأركانِ الثلاثة، ونظائرُ هذا كثير.

– القارئ: أحسن الله إليك، قال: وهذه القاعدةُ العظيمة: خاصَّةٌ بأسماءِ الربِّ سُبْحانهُ وتعالى.
وفي القرآنِ مِنَ الأسماءِ الحُسنى ما يَنِيفُ عَن ثَمانينَ اسماً كُرّرتْ في آياتٍ مُتَعدّدة، بِحسبِ ما يُناسبُ المقام، كما تَقدّمَ بَعضُ الإشارةِ إليها.
وهذه القاعدةُ تَنْفَعكَ في كُلِّ اسمٍ مِن أسمائهِ الحُسنى المُتعلِّقةِ بالخلقِ والأمرِ، والثوابِ والعقاب.
فَعليكَ أنْ تؤمِنَ بأنّهُ عليمٌ، وذو عِلمٍ عَظيم، مُحيطٌ بِكلِّ شيء، قَديرٌ، وذو قُدْرة وقوّة عَظيمة، ويَقْدرُ على كُلِّ شيء، ورحيمٌ، وذو رَحمةٍ عَظيمة ورَحمتهُ وَسِعتْ كُلَّ شيءٍ والثلاثةُ مُتلازِمةٌ.
فالاسمُ دالٌّ على الوصفِ، وذلكَ دالٌّ على المُتعلَّق، فَمَن نَفى واحداً مِن هذه الأمورِ الثلاثة فإنّهُ لنْ تَتِمَّ مَعْرفتهُ بالله ولنْ يَتِمَّ إيمانهُ بأسماءِ الربِّ وصِفاتهِ، الذي هو أصلُ التوحيد.

ولِنَكتفِ بهذا الأُنموذَج لِيُعرَفَ أنَّ الأسماءَ كُلّها على هذا النمط.

– الشيخ: ما في نموذج؟ ما في مثال؟
– القارئ: تقدَّمت، أحسن الله إليك، ثلاثة أمثلة: عليم ذو علم..
– الشيخ: أأه، ظننت أنّهُ سيُطبِّقها في بعض الآيات، هو الآن ذَكرَ هذا إجمالاً، طيب أحسنت
– القارئ: أحسن الله إليك.
– الشيخ: إلى هنا يا شيخ.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه