الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(40) القاعدة السّادسة والثّلاثون: قوله “طريقة القرآن إباحة الاقتصاص من المعتدي”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(40) القاعدة السّادسة والثّلاثون: قوله “طريقة القرآن إباحة الاقتصاص من المعتدي”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس الأربعون

***     ***     ***     ***

 

– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قال الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي غفر الله لهُ وأسكنهُ فسيحَ جنانهِ، في رسالتهِ أصولٌ وقواعدُ في التفسير:
القاعدة السادسة والثلاثون: طريقةُ القرآنِ؛ إباحةُ الاقْتِصاصِ مِن المُعْتَدي..
– الشيخ:
إباحة
– القارئ: إباحةُ الاقْتِصاصِ مِنَ المُعْتَدي..
– الشيخ: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40] هذه الآية نعم
– القارئ: ومُقابَلتهُ بِمثلِ عُدْوانهِ، والنّهي عَن ظُلمهِ، والنّدبُ إلى العفوِ والإحسان..
– الشيخ: نعم، هذه ثلاثةُ أمور، المجازاةُ بالمثلِ وهذا عَدْل، والمجازاة مُجازاةُ الإساءةِ بأكْثَر فهذا ظُلم، والعَفو هذا فضل، فهذه ثَلاثُ مَقامات، مَن اُعْتُديَ عَليهِ فلهُ ثلاثُ مَقامات:
إمّا العَدلْ: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا [الشورى:40]، أو الفضل: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]، أو الظلم: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40]

– القارئ: أحسن الله إليك، وهذا في آيات كثيرة، كقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل:126]
– الشيخ:
وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا هذا هو العدل، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ هذا هو مَقامُ الفضلِ، يَظْهر كذا.
– القارئ: وكقوله: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40]
– الشيخ: إنّهُ..
– القارئ: نعم، أحسن الله إليك، فذكرَ المراتِبَ الثلاث.
ولمَّا كانَ القتالُ في المسجدِ الحرامِ مُحرَّماً، قالَ تَعالى: فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ  إلى قولهِ: فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ 
[البقرة:191-194]
وهذا كلُّ ما حرَّمهُ الله وأمرَ باحْتِرامهِ، فَمَنْ انْتَهكهُ فقدْ أباحَ الله الاقتصاصَ منهُ، بقدْرِ ما اعْتُدىَ بهِ لا أكثر.
وقولهُ: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ 
[البقرة:194]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ [البقرة:178]
– الشيخ: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ هذا مَقامُ العَدلِ.
وَاتَّقُوا اللَّهَ هذا فيهِ إجْمال، التوجيهُ إلى الفَضلِ والتحذيرُ مِنَ الظلمِ، واتقوا الله؛ لأنَّ تَقوى الله تَشْملُ فِعلَ المُسْتحبّات وتَركُ المَنْهيّات.

– القارئ: أحسن الله إليك، وقالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى [البقرة:178]
وقالَ تَعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45]
وقالَ تَعالى: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً [الإسراء:33]
وقال تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً [النساء:148] والآياتُ في هذا المعنى كَثيرةٌ، والله أعلم.
– الشيخ: نعم، بعدها

– القارئ: القاعدة السابعة والثلاثون:
اعْتَبرَ الله القصْدَ والإرادةَ في تَرتُّبِ الأحكامِ على أعْمالِ العبادِ، وهذا الأصلُ..

– الشيخ:
وهذا مَعْناهُ النيّة، النيّةُ هي مَبْنى الأعمال؛ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، فَمَن عَمِلَ مِن الصّالحات عَملاً فإنّهُ يُعتبرُ فيهِ نيَّتهُ أي نيَّةُ العملِ، ونيّةُ المَعمُولِ له، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ [النساء:114]، وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5]
النيّةُ هي يَنْبَني عَليها صلاحُ العملِ وفَسادهُ، العملُ الصالح يَفْسدُ بِفسادِ القَصْد، والعمل العادي العادي يَصيرُ عَملاً بِحُسْنِ النيّة، بِصلاحِ النيّة.

– القارئ: أحسن الله إليك، وهذا الأصلُ العظيم: صَرَّحَ بهِ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في قَولهِ: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ).
والمقصودُ هنا: أنّهُ وردَ آياتٌ كثيرةٌ جداً في هذا الأصلِ، فَمِنْها وهو أعْظَمُها أنّهُ رتَّبَ حُصولَ الأجرِ العظيم على الأعمالِ بإرادة وَجْههِ، لما ذكرَ الصَّدَقة والمعروفَ، والإصلاحَ بينَ النّاس، قالَ تَعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً
[النساء:114]، وقالَ تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ [البقرة:265]، وفي مُقَابِله قالَ: رِئَاءَ النَّاسِ [البقرة:264]
ووصفَ الله نَبيّهُ وخيارِ خَلْقهِ مِنَ الصّحابةِ رضي الله عَنْهم بأنّهم.
– الشيخ: الإنفاق مَن يُنْفِقُ رياءً فَعملهُ حابِط لِفسادِ النيّة، ومَن يُنْفِقُ ابْتِغاءَ مَرضاةِ الله وتَثْبيتاً مِن أنْفُسِهم فإنّهُ يَنالُ الأجرَ مُضاعفاً أضْعافاً كَثيرة، مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ [البقرة:261] الآية.

– القارئ: أحسن الله إليك، ووصفَ الله نَبيّهُ صلّى الله عليه وسلّم وخِيارَ خَلْقهِ مِنَ الصّحابة رضي الله عَنهم بأنّهم يَبْتَغونَ فَضْلاً مِنَ الله ورِضْواناً.
وقالَ تَعالى في الرَّجعة: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً 
[البقرة:228]، وقال تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ
– الشيخ:
هذا شرطٌ في جوازِ مُراجعةِ المُطلَّقةِ، الرجلُ إذا راجعَ زَوْجَتهُ يُريدُ الإضرارَ بِها فإنَّ رَجْعتهُ باطِلة، إذا عُلِمَ ذلك، فَرَجْعَتهُ باطِلة، بلْ يكونُ المُرادُ مِنَ الرّجعة هو الإصلاحُ، وتَرْكُ أسبابِ الشِّقاقِ.

– القارئ: أحسن الله إليك، وقوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]
وقالَ تَعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارّْ [النساء:12]
وقالَ تَعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4]
وقالَ تعالى: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]
وقالَ تعالى: وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ [البقرة:220]
وقال تعالى في دُعاءِ المؤمنين: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، فقال الله [قَدْ فَعَلتْ] وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]
وذَكرَ الله قتلَ الخطأ ورتَّبَ عليهِ الدِّيَةَ والكفّارة، ثمَّ قال: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ [النساء:93]
– الشيخ: اخْتَلفت الأحكام، أحْكامُ القتلِ بالقَصْد، فَمَن قتلَ مؤمناً خَطأً فَليسَ عليهِ قِصاصْ، عليهِ الديّة والكفّارة، ومَن قَتَلهُ مُتَعمّداً فَعليهِ ما توعَّدَهُ الله بهِ، أعوذ بالله.

– القارئ: أحسن الله إليك، وذَكرَ الله قتلَ الخطأ ورتَّبَ عليه الدِّيَةَ والكفّارة، ثم قال: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93]
– الشيخ: أعوذ بالله
– القارئ: وقالَ تَعالى في الصيدِ: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95]
وقالَ تَعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ [البقرة:235]، إلى غيرِ ذلكَ مِن الآياتِ الدالّة على أنَّ أعمالَ الأبدانِ وأقوالَ اللسانِ، صِحَّتُها وفَسادُها، وترتَّبَ أجرُها أو وِزْرُها: بِحسَبِ ما قامَ بالقلبِ.
القاعدةُ الثامنةُ والثّلاثون.
.

– الشيخ: حسبك يا شيخ نعم
– مداخلة:
– الشيخ: إيش تقول؟
– طالب: قال: بِحسبِ ما قَامَ بالقلبِ مِنَ القَصدِ والنيّة …
– الشيخ: جيد، عندك إيش انت؟
– القارئ: أحسن الله إليك، بِحَسبِ ما قامَ بالقلبِ
– الشيخ: مِنَ القَصدِ والنيّة، نعم.

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه