الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(41) القاعدة الثّامنة والثلاثون: قوله “قد دلت آيات كثيرة على جبر المنكسر قلبه”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(41) القاعدة الثّامنة والثلاثون: قوله “قد دلت آيات كثيرة على جبر المنكسر قلبه”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس الحادي والأربعون

***     ***     ***     ***

 
– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قال الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي غفرَ الله لهُ وأسكنهُ فَسيحَ جِنانهِ، في كتابهِ أصولٌ وقواعدُ في تَفْسيرِ القرآن:
القاعدة الثامنة والثلاثون:
قدْ دلَّتْ آياتٌ كثيرةٌ على جَبْرِ خاطرِ المُنكسِرِ قَلبهُ..
– الشيخ:
على؟
– القارئ: على جَبْرِ خاطرِ المُنكسِرِ قلبهُ..
– طالب:
على جَبْرِ خاطرِ
– الشيخ: على جَبْرِ خاطرِ..
– القارئ: نعم
– الشيخ: أه، جبر الخاطر، كلمة دارجة، يجبر خاطره
– القارئ: نعم أحسن الله إليك
– الشيخ: لا إله إلا الله، ويَسْتَدِلُّونَ لهذا المعنى باسمه الجبَّار، قالوا أنّهُ يَجبُرُ المُنكسِرَةِ قُلوبهم، يُجْبِرهم، يُصبِّرُهُمْ ويُعْطِيهم مِن فَضْلهِ ما يُسلِّيهم، ويُعوّضهم عمّا فاتّهم، ويَدْخلُ في ذلكَ ما يَفْعلهُ سُبْحانهُ وتَعالى بأعدائِهم، بأعداءِ الرُّسل وأتْبَاعِهم، فإنَّ انْتِقَامه مِن أعدائِهم يَشْفِ صُدورَهم، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ [التوبة:14]، بنصْرهِم على أعْدَائِهم، يقول – الشيخ: جاءتْ آياتٌ تَدلُّ على هذا المعنى.

– القارئ: أحسن الله إليك، قَدْ دلَّتْ آياتٌ كثيرةٌ على جَبْرِ خَاطرِ المُنكسِرِ قَلْبهُ، ومَن تشوَّفَتْ نَفْسهُ لأمرٍ مِنَ الأمورِ إيجاباً أو اسْتِحْبَاباً.
وهذه قاعدةٌ لَطيفة، اعْتَبَرها الباري وأرشدَ عِبادهُ إليها في عِدّة آيات.
مِنْها: المُطلَّقة..

– الشيخ:
ها، يعني كأن هذا، يعني الشيخ توجَّهَ إلى قضيَّة ما اشْتَمَلتْ عليهِ الأحكامُ الشّرعية، مِن مُراعاةِ جَبْرِ خاطرِ المُنكسِرِ قَلْبهُ في التّشريع، وهذا جارٍ، يعني جَبْرُ قُلوبِ المُنْكَسِرة قُلوبُهم جارٍ شَرعاً وقَدَراً، ومِن ذلكَ في التشريعِ ما جاءَ في شأنِ المُطلَّقةِ.
– القارئ: أحسن الله إليك، مِنها: المُطلَّقة، فإنّهُ لمّا كانتْ في الغالبِ مُنكسِرَة القلبِ حَزينةً على فِراقِ بَعْلِها، أمرَ الله بِتَمَتُّعِها على الموسِعِ قَدَرُه..
– الشيخ:
أمرَ الله بِتَمْتِيعِها
– القارئ: بتمتُّعها؟
– الشيخ:
إيش؟
– القارئ: بِمُتْعَتِها
– الشيخ: بمُتعتها
– القارئ: نعم، أمرَ الله بِمُتْعَتِها على المُوسِعِ قدَرُهُ وعلى المُقْتِرِ قَدَرُهُ..
– الشيخ:
قدْرُهُ
– القارئ: قدْرُهُ مَتَاعاً بالمعروفِ
– الشيخ:
قَدَرُهُ
– القارئ: نعم، وعلى المُقْتِرِ قَدَرُهُ، مَتاعاً بالمعروفِ..
– الشيخ:
لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله، الطلاق صَحيح، فيهِ كَسرٌ لقلبِ المُطلَّقةِ، ولهذا جاءَ في الحديثِ «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» فلا يَنْبَغي للرجلِ أنْ يَلْجأ للطلاقِ إلّا عِندَ أشدِّ الأحوال، أمّا التسرُّعُ في الطّلاقِ كما يَفْعلهُ كثيرٌ مِنَ النّاس، يَتَّخذُ الطّلاق كأنّهُ عَصا في يَدهِ يَضربُ بهِ المرأة، إذا خالفتهُ في أيّ شيءٍ بادرَ إلى الطَّلاق، فَيضرُّ نَفْسهُ ويَضرُّ زَوجتهُ ويَضرُّ أسْرَته وأولاده، الطّلاق مَفاسِدهُ كثيرة إلّا عندَ تَعذّر البقاء، والاستمرار على الحياة الزّوجية، فَيَنْبَغي التحذير مِنَ التسرُّع والمُسارعة إلى الطّلاق، بلْ يَنْبَغي لِمنْ فكَّرَ بالطّلاقِ أنْ يَتأنَّى ويتثبَّتَ ويُشاوِرَ ويُفكِّرَ ولا يُقدِمَ على الطّلاق دونَ تَفْكير، يُطلِّقُ وهو غَضْبانْ ويُطلِّقُ لأتفهِ الأسباب، هذا حُمْق، حُمْقٌ وجَهل، ولهذا يعني وقعَ في هذا الأمرِ كثيرٌ مِنَ الرجالِ والنساء، وآذَوْا المُفتِين، آذوا العُلماء بِمَشاكِلهم.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، وكذلكَ مَنْ ماتَ زَوْجُها عَنْها، فإنَّ مِن تَمامِ جَبْرِ خاطِرها: أنْ تَمكُثَ عِندَ أهلهِ سَنةً كامِلة، وصيَّةً ومُتعةً مُرغَّبٌ فيها.
– الشيخ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ [البقرة:240]
– القارئ: وكذلكَ أوجبَ الله للزّوجةِ على الزّوجِ النّفقة والكُسْوة في مُدّة العِدَّة، إنْ كانتْ رَجعيَّة، أو كانتْ حامِلاً مُطلَقة، وقالَ تعالى..
– الشيخ:
الله أكبر، الله أكبر، شو يقول؟
– طالب: إذا كانتْ حاملة مُطلَّقة..
– الشيخ: هو يتكلّم عن، ها، مِنَ الجيد مُطلَّقة كأنّهُ..
– القارئ: أو كانت حاملاً مُطلَقة..
– الشيخ:
مُطلَقة
– القارئ: أي
– الشيخ:
لا مُطلَقة مناسبة لأن يريد رجعيَّة كانت
– القارئ: نعم، أو كانت حاملاً مُطلَقة.
– الشيخ: مُطلَقة، يعني رجعيَّةً أو غير رجعيَّة.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، وقال تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً [النساء:8]، ويَدْخلُ الواجبُ والمُسْتحب في مِثل قَولهِ: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]، وكذلكَ إخْبَارهُ.
– الشيخ: يعني جبر خاطر المساكين المُتعرِّضينَ للإحسان، فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً [النساء:8] كلامٌ طيّب، قدْ لا يَتيسّر إلّا القليل، كذلكَ عندَ الحَصاد و … الثمار، أوصى الله بالإحسانِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة:3] كثيراً ما تأتي في الآية في القرآن وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ يَدْخلُ فيهِ الزّكاة وجَميع الصَّدقاتْ والنّفقاتْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ في ثَنائهِ على المُتْقَين.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، وكذلكَ إِخبارُهُ عَن عُقوبةِ أصحابِ الجنّة الذينَ أقْسَموا لَيَصرِمُنَّها مُصبِحين، وتواصَوا أنْ لا يَدْخُلنَّها اليومَ عَليكم مِسْكين. وقال تعالى..
– الشيخ:
أعوذ بالله، يعني ذمَّهمُ الله على هذا التوجُّه، وهو حِرمانُ المَساكين الذينَ يَنْتَظِرونَ الصّدقة عِندَ صَرْمِ الثمر، صَرْمِ النخل، ذَمَّهم الله، إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ [القلم:17-18] يريدون أن … في الصباح الباكر، يَتَواصَون، ولا يَسْتَثنون، ولا يقولون إنْ شاءَ الله فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ [القلم:19-20-21] نعم، إلى آخرها.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، وقال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:23-24]، إلى قولهِ: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ [الإسراء:26]
– الشيخ:
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله، كل هذه شَواهِد لهذه القاعدة، وهي ما شَرعَ الله مِن جَبْرِ خَواطِر المُنْكَسِرة قُلوبُهم، الله أكبر الله أكبر، الوالِدانْ في حالِ الكِبَر في حاجةٍ إلى مَزيدٍ مِنَ اللطفِ والرِّفقِ والإحسانِ في القولِ والفعل؛ وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا [الإسراء:23] هذه الآية عظيمة مُّصوِّرة لحقِّ الوالِدَين لا سيما في الكبر؛ لأنّهُ في حالةِ الكِبَر مَظِنَّةُ التّقصيرِ، مَظِنَّةُ التقصيرِ مِنَ الولد، ما دامَ الأبُ قَويّاً وما دامَ مُتصرِّفاً، خلص الولد لا بدَّ يَبَرّه؛ لأنّهُ يَرْجوهُ ويَخافُه، لكنْ إذا بَلغَ مِنَ السِّنِّ ما يَضْعفُ به إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ [الإسراء:23]
يَنْبَغي للمسلمِ أنْ يَتَدبّر هذه الآية ويَقْرأها، فَفيها معاني جَليلة في رِعايةِ حقِّ الوالِدين، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا [الإسراء:23-24] أنواع، وحَذّرهُ مِن إيذائِهما بأقلِّ قَليلٍ مِنَ الأذى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا [الإسراء:23] ياا، ما أكثر هذا النَّهْرَ، النَّهْرُ هو الهُوْش، يسمونه الناس الهوش، يَهُوشُ عليه، يرفع الصوت عليه. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ [الضحى:10]، لا تَنْهَره وتَزْجرهُ، قلْ لهُ بِلطفِ، الله يرزقك الله يعطيك، كلمة طيّبة.

– القارئ: أحسن الله إليك، وقدْ ذكرَ الله جَبْرَهُ لقلوبِ أنْبيائِه وأصْفيائهِ أوقاتَ الشِّدَّات (الشّدائِد).
– الشيخ:
عادَ الشيخُ إلى مَسألةِ الجبر مِنَ الله بأقْدَارهِ، يَعْني فهذا المعنى تَضَمّنهُ، يَعْني الله تعالى راعى جَبْرَ قلوبِ المُنكسِرةِ قُلوبهم في الشَّرعِ والقَدر جميعاً.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، وقدْ ذكرَ الله جَبْرَهُ لقلوبِ أنْبيائهِ وأصفيائهِ أوقاتَ الشَّدَّات (الشّدائِد)، وإجَابَتهِ لأدْعيَتِهمْ أوقاتَ الحاجاتِ والضّروراتْ، وأمرَ عبادهُ بانتظارِ الفرجِ عِندَ الأزَمات.
فهذا أصلٌ قدْ اعتبرهُ الله، وأرشدَ إليهِ فَيَنْبَغي للعبدِ أنْ يَكونَ هذا على بالهِ في وَقتِ المناسبات ويَعْتبرُهُ عِندَ وجودِ سَببهِ.

القاعدة التاسعة والثلاثون
– الشيخ:
الله المستعان، إلى هنا يا اخي
– القارئ: أحسن الله إليك
– الشيخ: رحمه الله وجزاه الله خيراً.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه