الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(45) القاعدة الأربعون: قوله “في دلالة القرآن على أصول الطب”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(45) القاعدة الأربعون: قوله “في دلالة القرآن على أصول الطب”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس الخامس والأربعون

***     ***     ***     ***

– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قال الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي غفرَ الله لهُ، وأسكنهُ فسيحَ جنانهِ، قال في رسالتهِ: أصول وقواعد في تَفسير القرآن الكريم:
القاعدة الأربعون: في دَلالةِ القرآنِ على أصولِ الطِّبِّ
أصولُ الطِّبِ ثَلاثة..
– الشيخ:
لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله، فالقرآنُ فيهِ علوم هي المَقْصودة، هي المَقْصودة، وهي الغاية مِن إنزالِ القرآنِ، وهي العُلوم، العلومُ والشّرائِع، وأصولِ العلومِ المَقْصودة هي ثلاثة:
العِلمُ باللهِ وأسمائهِ وصِفاتهِ، والعلمُ بِشَرائِعهِ مِنَ الأوامرِ والنّواهي، والعِلمُ باليومِ الآخِر وما فيهِ.
هذه هي مِحْور القرآن، هذه هي العلومُ الاساسيّة فيهِ، في علوم أخرى يَعْني تَأْتي تَبَعاً وتُسْتَنْبَطُ مِنَ القرآنِ، لكنْ ليستْ مِنَ العلومِ التي هي الغايةُ مِن إنزالهِ، مِن ذلكَ ما يَذْكرهُ الشيخُ هُنا.
يَعْني مِن أصولِ الطّبِّ هذه مُسْتَنْبَطَةٌ مِن بَعضِ الآياتْ، يَقولونْ: إنَّ أصولَ الطّبِّ ثَلاثة:
الحُمية وهي اتِّقاءُ المضارِّ، وحِفْظُ القوّة، فَحِفظُ القوّة يَكونُ بالأغذيةِ المُباحة الطيّبة، والحُمية باجْتِنابِ ما يَضرُّ، كمَّاً أو كيفاً أو قدْراً.
يقولون: والثالثُ هو الاسْتِفْراغ، وهو إزالةُ ما وُجِدَ مِنَ الأذى، يقولون: إنَّ الطّبَّ هذه أصولهُ ومَدارهُ، وسَيَذْكُرها الشيخ.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، أصولُ الطِّبِّ ثلاثة: حِفْظُ الصِّحةِ باسْتِعْمَالِ الأمورِ النّافِعة
– الشيخ:
الأغذية هنا، الطيّبة نعم
– القارئ: والحِمْيةِ عَنِ الأمورِ الضارَّة..
– الشيخ: في الآن الأدوية، في أدوية وِقائيّة هذه اللي فيها حُمْية، أدوية فيها حُمية وقائية، وأدوية عِلاجيّة لإزالةِ العِلَّة والمَرض، وفي أدوية ومواد يَعْني لِحفظِ القوّة، وهي مِثل اللي تُسَمّونها "الفيتامينات" هذه هي "الفيتامينات"، الظاهِر ما هي بِدواءْ، ما هي بِدواء لِعلل، لكنْ تَعْويضٌ لشيءٍ قدْ فُقِدْ، فالفيتامينات تَرْجع إلى المقصود مِنَ الأغذية، فَقدْ يَسْتَغْني الإنسانُ عَن هذه الحبوب بِمأكولاتِه.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، والحِميةُ مِنَ الأمورِ الضّارّة، ودَفعِ ما عُرِضَ للبدنِ مِنَ المُؤذيات، ومَسائِلُ الطبِّ كُلُّها تَدورُ على هذه القواعِد.
وقدْ نبَّهَ القرآنُ عَليها..
– الشيخ:
على هذه القواعد، ولكنْ عِلمُ الطبِّ كُلُّه قَائمٌ على التجرِبة، هو مِنَ العلومِ التّجريبيّة.

– القارئ: وقد نبَّهَ القرآنُ عليها في قَولهِ تَعالى في حِفْظِ الصِّحة ودَفْعِ المؤذي: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا [الأعراف:31]، فالأمرُ بالأكلِ والشّربِ الذَي لا تَسْتَقيمُ الأبدانُ إلّا بِهما، وأُطلقَ ذلكَ ليدلَّ على أنَّ المأكولَ والمشروب بِحَسبِ ما يُلائمُ الإنسانَ ويَنْفَعهُ في كُلِّ وقتٍ وحال.
ونَهى عَن الإسرافِ في ذلك، إمّا زيادةً في كَثرةِ المأكولاتِ والمشروباتِ، وإمّا بالتّخليط، وهذا حِميةٌ عَن كُلِّ ما يؤذي الإنسان.

فإذا كانَ القُوتُ الضروريُّ مِن الطعامِ والشّراب إذا صارَ بِحالةٍ يتأذَّى مِنهُ البَدن ويَتَضرَّرُ مُنِعَ مِنهُ، فَكيفَ بِغيره؟

وكذلكَ أباحَ الله للمريضِ التيمُّمَ إذا كانَ اسْتِعْمالُ الماءِ يَضرُّهُ، حِمْيَةً لهُ عَن المُضرَّاتِ كُلِّها.
وأباحَ للمُحرِم الذي بهِ أذىً مِن رأسهِ أنْ يَحْلِقهُ ويَفْدي، وهذا مِن بابِ الاسْتِفْراغ وإزالةُ ما يُؤذي البدن.

– الشيخ:
الاسْتِفْراغ يَدْخلُ فيهِ أشياء كثيرة في الطبِّ، مِثل "الحِجامة" فيها استفراغ، تَفْريغ وسَحب الدم، وفي أيضاً شَقُّ الجروحِ لإخراجِ ما تَحْتها وما فيها مِن الدم المُسْتَحيل الصَّديدِ، في كُلِّ هذا مِن نوعِ الاسْتِفْراغ، وتَعاطي المُسهِلْ فيهِ اسْتِفْراغ، هذا كُلُّه يَدْخلُ في قِسمِ الاسْتِفْراغ.

– القارئ: أحسن الله إليك، وهذا مِن بابِ الاسْتِفْراغِ وإزالةِ ما يُؤذي البَدن، فَكيفَ بِما ضَررهُ أكثرُ مِن هذا؟
ونَهى عَن الإلقاءِ باليدِ إلى التَّهلُكة..
– الشيخ:
هذا كُلُّهُ في الطبِّ، طِبُّ الأبدانِ، ونَفسْ هذه الأصول تُعتبَرُ في طِبِّ القلوب، في أغذية لِحفظِ قوّة الإيمانِ في القلبِ مِن العِلم، وهناكَ يَعْني واجبُ الحِمية في اجْتِنابِ الاعتقاداتِ الباطِلة والأعمالِ المُحرَّمة، كُلُّها حِمْية، هذه فيها حِمْية، فيهِ الاسْتِفْراغ، وذلكَ يَكونُ بالتوبةِ والإنابةِ والرّجوع.
فَنفسُ هذه الأصول في طِبِّ الأبدانِ هي مُعْتَبرَةٌ في طِبِّ القلوب.

– القارئ: أحسن الله إليك، فَيَدْخلُ في ذلكَ اسْتِعْمالِ كُلُّ ما يَتَضرَّرُ بهِ الإنسانُ مِنَ الأغذيةِ والأدوية.
– الشيخ:
إيش إيش تقول؟
– القارئ: نعم، أحسن الله إليك، ونَهى عَن الإلقاءِ باليدِ إلى التَّهلُكة، فَيَدْخلُ في ذلكَ اسْتِعْمالُ كلُّ ما يَتَضرَّرُ بهِ الإنسانُ مِنَ الأغذيةِ والأدوية.
– الشيخ:
ها
– القارئ: ودفعِ ما يَضرُّ بِمدافعةِ الذي لمْ يَقَعْ، والتّحرُّزِ عَنهُ وبِمعالجةِ الحادِث بالطريقة الطبيّة النّافعة، وكذلكَ ما ذَكرهُ الله في كِتابهِ مِنَ الأعمالِ كُلِّها كالجهادِ والصّلاة والصّومِ والحّج وبَقيةِ الأعمالِ والإحسانِ إلى الخَلق، فإنّها وإنْ كانَ المقصودُ الأعظمُ مِنْها نَيلُ رِضا الله وقُرْبهِ وثوابهِ، والإحسانِ إلى عَبيدهِ، فإنَّ فيها صِحَّةٌ للأبدانِ وتَمْريناً لها، ورياضةً وراحةً للنفس.
– الشيخ:
على كل حال هذه، هذه مِنَ الثّمراتِ التّابعة، ولكنْ المُشكِل أنَّ بَعضَ النّاس يُركّز على الجوانِب هذه مثلاً يقول: الصّيامُ فيهِ كذا وفيهِ كذا وفيهِ صِحّة، والصّلاةُ رياضة، إيش هالكلام هذا؟!
لا، الصّيامُ عبوديّة، وما يَحْصلُ مِن مَنافِع جَسديّة هذا حاصِلٌ، وهو مِن عاجلِ الثّواب، لكنّهُ ليسَ، يَعْني لمْ يُشْرع الصّيام مِن أجلِ والله مِن أجلِ صِحّة البدن، الإنسانُ الصّحيحُ الطيّب اللي ما فيهِ عِلَّة يَجِبُ عليهِ أنْ يَصومْ، ولَا الصّلاةُ رياضة!، الصّلاةُ عُبوديّة، ركوع وسُجود وخُضوع، وقيام بينَ يَدي الله.
ذِكْرُ مِثل هذه الأمورِ الثانويّة والجانبيّة يَعْني تُفْسِدُ النيّة.

– القارئ: أحسن الله إليك، فإنَّ فيها صِحَّةٌ للأبدانِ وتَمْريناً لها، ورياضةً وراحةً للنفسِ، وفَرحاً للقلبِ وأسراراً خاصّة تَحْفَظُ الصِّحّة وتُنَمِّيها وتُزيلُ عَنْها المُؤذِياتِ.
وبالجملةِ فإنَّ جَميعَ الشّرائِع تَرجِعُ إلى صلاحِ القلوبِ والأرواحِ والأخلاقِ والأبْدانِ والأموالِ والدنيا والآخِرة، والله أعلم.
– الشيخ:
والله أعلم، أحسنت، الله المستعان، سبحان الله وبحمده.
القاعدة اللي بعدها؟
– القارئ: القاعدة الحادية والأربعون:
يُرْشِدُ الله عِبادهُ في كتابهِ مِن جِهةِ العملِ إلى قَصْرِ نَظَرِهم إلى الحالةِ الحاضِرة التي هُمْ فيها، ومِن جِهةِ التّرغيبِ فيها والتّرهيبِ مِن ضِدِّهِ، إلى ما يترتَّبُ عَليها مِنَ المصالِح، ومِن جِهةِ النِّعَمِ إلى النظرِ إلى ضِدِّها.
– الشيخ:
إي بعده أقول: يكفي، نعم يا محمد
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه