بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
شرح كتاب (خَلْق أفعالِ العبادِ) للإمام البخاري
الدّرس الثّامن
*** *** *** ***
– القارئ: أحسن الله إليك، الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الصَّبَّاحُ الْعَبْدِيُّ، قال: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ كِتَابِ الْمُصْحَفِ، فَقَالَ: "وما بَأْسٌ، قَدْ كَانَ فَتَى ابْنُ عَبَّاسٍ يَكْتُبُهَا بِالْمَائةِ"
– الشيخ: إيش يكتبها؟
– القارئ: بِالْمَائةِ..
– الشيخ: ما يوجد بالحاشية، وإيش قال؟
– القارئ: ما تكلم عن الْمَائةِ، قال: لم أجدْهُ وسندُه صحيح، وأخرجَ عبد الرزاق في "المصنّف" عن سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ بإسناد صحيح أنه قال: "ابْتَعُه ولا تَبِعْهُ واكتَتِبْهُ ولا تَكتُبْهُ بأجرٍ"
– الشيخ: ابتعه: اشترِه يعني
– القارئ: نعم، ولا تَبِعْهُ
– الشيخ: اشتره ولا تبِعْهُ
– القارئ: واكتَتِبهُ ولا تَكتُبْهُ بأجر..
– الشيخ: نعم، وما بَأْسٌ هنا، كَانَ فَتَى ابْنِ عَبَّاسٍ إيش؟
– القارئ: فقال: وما بَأْسٌ، قَدْ كَانَ فَتَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَكْتُبُهَا بِالْمَائةِ..
– الشيخ: ممكن يقول يعني أجر، يأخذُ الأجرَ على الكتابةِ، الصحيحُ أنه لا بأسَ، لا بأسَ ببيعِ المصحف، لكن المسلم ما يبيعُه زهدًا فيه، يبيعُ المصحف لأنَّه جائزٌ أنَّ عندَه مصاحف، يكتب مصاحف، يكتب المُصحَف ويبيعه، هذا فيه إعانةٌ، تيسير للقرآن على الراغبين، مثل الكلامِ في تعليمِ القرآن، يعني يشبه الكلامَ، والذين نهوا عن بيعه، كأنه نوع كراهة، أنه يبيعُ المصحف، كلمة "يبيعُ المصحفَ"، الأصل أنَّ البائع راغبٌ عن السلعة مؤثرٌ للثمن، هو ما يبيع القرآن، هذا الذي يبيع المصحف، القرآن في صدره حافظٌ له.
– القارئ: أحسن الله إليك، قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قال: أَنْبَأَنَا هِشَامُ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنه-مَا، قَالَ: "ابْتِيَاعُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِيعَهَا".
وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمَا- فِي بَيْعِ الْمَصَاحِفِ: "إِنَّمَا هُمْ مُصَوِّرُونَ يَبيعُونَ عَمَلَ أَيْدِيهِمْ".
– الشيخ: يعني بالكتابةِ، يكتب صورةَ كتابة اللي بالمصحف، نعم. يَبيعُونَ عَمَلَ أَيْدِيهِم، نعم
– القارئ: نعم، أحسن الله إليك، وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقَى مِنَ الإِسْلاَمِ إِلاَّ اسْمُهُ، وَلاَ مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ رَسْمُهُ"..
– طالب: …
– الشيخ: المصحف؟
– طالب: إي نعم وقال أحمد: "الشراءُ أهون، وما أعلمُ في البيع رخصةً"
– الشيخ: اللهُ المستعان، شو الدليل على التحريم؟ يعني ما يعلم، هذا قول ابن عباس ومن هذا الأثر ابن عباس: "إنما يبيعون عمل أيديهم"
– القارئ: ذكرَ عن جماعةٍ من أهل العلم النووي وابن المنذرِ الخلافَ، وفي آخرِ الكلامِ قال: "والشاهدُ من هذه المسالةِ وهذه الآثارِ أنَّ كتابةَ العبدِ لكلامِ الله عملٌ له، وفعلُ العبد وعملُه مخلوقٌ لله تعالى..
– الشيخ: هذا مقصودُ البخاري
– القارئ: فكذلك سائرُ أعمالِ العبدِ كالقراءةِ والتلاوةِ ونحو ذلك..
– الشيخ: نعم، بعد
– القارئ: أحسن الله إليك، وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ، قال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَن الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ)
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ إِذْنَهُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى".
– الشيخ: أذَنَهُ، أَذَن، َالأَذَنُ: الاستماع
– القارئ: ضَبَطَهُ بهذه "إِذْنَهُ"
– الشيخ: لا لا، الأَذَنَ ماهو من الإِذْن، ما هو بإِذْن
– القارئ: لكن الضبط عندي هو نفس الضبط هذا
– الشيخ: نعم، بعده.
– القارئ: أحسن الله إليك، "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ أَذَنَهُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَسَمِعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قِرَاءةَ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: (أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ: (يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ)
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَنَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّهْمِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَسَمِعَ أَبَا مُوسَى يَقْرَأُ فَقَالَ: (كَأَنَّ هَذَا مِنْ أَصْوَاتِ آلِ دَاوُدَ)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، عَنْ مِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ شُرَيْحٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي هَانِي بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: (عَلَيْكَ بِحُسْنِ الْكَلاَمِ، وَبَذْلِ الطَّعَامِ)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ، أراه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرو بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ)
وَقَالَ مَيْسَرَةُ، مَوْلَى فَضَالَةَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا إِلَى رَجُلٍ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ..
– الشيخ: إلى آخره، نعم، بعد..
– القارئ: أحسن الله إليك، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قال: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي لأَعْرِفُ رِفْقَةَ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ: وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذَا ألَقِى الْخَيْلَ، أَوْ قَالَ الْعَدُوُّ، قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تُنْظِرُوهُمْ)
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، سَمِعَ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (زَيِّنُوا ِأَصْوَاتِكُمْ بالْقُرْآنَ، زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بأَصْوَاتِكُمْ)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ بِهَذَا. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ مِثْلَهُ. حدثنا عثمان، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش بهذا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: سَمِعْتُ طَلْحَةَ الْيَامِيَّ، سَمِعْتُ ابْنَ عَوْسَجَةَ يقول سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ وَكُنْتُ أُنْسِيتُ: (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ) حَتَّى أَذْكَرَنِيهِ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ، قال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ) قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِثْلَهُ.
وَيُرْوَى عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ طَلْحَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ).
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَعَامَّةُ هَذِهِ الأَخْبَارِ مُسْتَفِيضَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَلاَ رَيْبَ فِي تَخْلِيقِ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ..
– الشيخ: تَخْلِيقِها يعني في خلقها، أنها مخلوقةٌ مَزَامِيرُ آلِ دَاوُدَ، وأصواتُ الأشعريِّين مخلوقةٌ.
– القارئ: أحسن الله إليك، وَلاَ رَيْبَ فِي تَخْلِيقِ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ، وَنِدَائِهِمْ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ [الأنعام:101] وَقَالَ: فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:22] حَدَّثَنَا خَلاَّدُ..
– الشيخ: إلى هنا، نعم.