الرئيسية/شروحات الكتب/سلم الوصول إلى علم الأصول/(2) قوله “اعلم بأن الله جل وعلا … لم يترك الخلق سدى وهملا”

(2) قوله “اعلم بأن الله جل وعلا … لم يترك الخلق سدى وهملا”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح (سلّم الوصول إلى علم الأصول في علم التّوحيد) للشّيخ الحكمي
الدرس الثّاني

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله، وعلى آلهِ وصحبه ومن والاهُ. قال الشيخ حافظ حَكَمي في منظومته سُلَّمُ الوصولِ:
اعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا      لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدًى وَهَمَلَا
بَلْ خَلَقَ الْخَلْقَ
– الشيخ:
في عنوان عنده
– القارئ: مكتوبٌ، مُقدِّمة تُعرِّفُ العبدَ بما خُلِقَ له، وبأوَّلِ ما فرضَ الله تعالى عليه، وبما أخذَ الله عليه بهِ المِيثاقُ في ظهرِ أبيهِ آدم، وبما هوَ صائرٌ إليهِ.
– الشيخ:
نعم جميل، أحْسنْتَ، قراءةُ العنوان، هذا تلخيصٌ لمضمونِ النَّظْمِ.
– القارئ:
اعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا             لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدًى وَهَمَلَا
بَلْ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ            وَبِالْإِلَهِيَّةِ يُفْرِدُوهُ
أَخْرَجَ فِيمَا قَدْ مَضَى مِنْ ظَهْرِ    آدَمَ ذُرِّيَّتَهُ كَالذَّرِّ
وَأَخَذَ الْعَهْدَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ             لَا رَبَّ مَعْبُودٌ بِحَقٍّ غَيْرَهُ
وَبَعْدَ هَذَا رُسْلَهُ قَدْ أَرْسَلَا          لَهُمْ وَبِالْحَقِّ الْكِتَابَ أَنْزَلَا
لِكَيْ بِذَا الْعَهْدِ يُذَكِّرُوهُمْ            وَيُنْذِرُوهُمْ وَيُبَشِّرُوهُمْ
كَيْ لَا يَكُونَ حُجَّةٌ لِلنَّاسِ بَلْ      لِلَّهِ أَعْلَى حُجَّةٍ عَزَّ وَجَلّْ
فَمَنْ يُصَدِّقْهُمْ بِلَا شِقَاقِ           فَقَدْ وَفَى بِذَلِكَ الْمِيثَاقِ
وَذَاكَ نَاجٍ مِنْ عَذَابِ النَّارِ         وَذلِكَ الْوَارِثُ عُقْبَى الدَّارِ
وَمَنْ بِهِمْ وَبِالْكِتَابِ كَذَّبَا           وَلَازَمَ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَالْإِبَا
فَذَاكَ نَاقِضٌ كِلَا الْعَهْدَيْنِ          مُسْتَوْجِبٌ لِلْخِزْيِ فِي الدَّارَيْنِ
– الشيخ: انتهى؟
 
– القارئ: إي انتهى، بدأَ بفصلٍ ثانٍ
– الشيخ:
الله المستعان.
نبَّهَ رحمهُ الله في هذا النَّظْمِ، على حكمةِ الله في خلق الثَّقَلينِ، الجِنِّ والإِنسِ، هذا ظاهرُ {ومَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:56]
نبَّهَ -سبحانه وتعالى- أنهُ قدْ أخذَ الميثاق على آدمَ وذُرِّيتهِ، بأنْ يُوحِّدُوه ولا يُشركوا به شيئاً، ويُشير في هذا الى ما جاءَ في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف:172-173]
وكثيرٌ من المُفسِّرينَ حملُوها على ذلك، على الميثاقِ الأولِ الذي أخذَهُ الله ُعلى آدمَ وذُريتهِ، عندما أخرجهمْ من ظهرهِ وجعلهمْ فريقينِ، واستَنْطَقَهُمْ ألسْتُ بربِّكمْ؟، قالوا: بلى شَهِدْنَا.
وجاءَ في هذا أحاديث، بعضُ المُفسِّرين يرى أنَّ الآية ليستْ في المِيثاقِ الأوَّل، بل هي في مِيثَاقِ الفِطْرَة، والذي يُؤيِّدُها ما نصبَهُ سبحانه وتعالى من الآياتِ الكونيَّةِ في السماءِ والأرضِ، وهذا ذكرَهُ ابنُ القيم في كتابِ الروح ورجَّحَهُ من وجوهٍ عديدةٍ، من ذلكَ أنهُ يقولُ قولهُ تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} ولمْ يقُلْ: من آدم، {من ظُهُورِهم} ولم يقُلْ: من ظهْرِهِ، ومِن {ذُرِّيَتهم}، ولم يَقُلْ من ذُرِّيتهِ، إلى آخره.
وكما نبَّهَ الشيخُ في هذا النَّظْمِ أنَّ الله تعالى قد أقامَ الحُجَّةَ على العِبادِ، بإرسالِ الرُّسُل، وإنزالِ الكتبِ، فأرسلَ رُسُلَهُ مُبشِّرينَ ومُنذِرينَ، ليُخرِجُوا من شاءَ الله تعالى من الظُلماتِ إلى النُّورِ؛ فمنْ أجابَ دعوةَ الرُّسلِ واتَّبعهمْ، وأخلصَ الدِّينَ لله وأطاعَ الله ورُسُلَهُ، كان من المُفلِحين، ومن السُّعَدَاء في الدنيا والآخرة.
ومنْ أعرضَ عن هُدى الله واتَّبعَ هواهُ وآثرَ الدنيا على الآخرة، كان من الهالكين، وهذه حالُ أكثرِ الخلقِ، سبحانَ الله!، نسألُ الله السَّلامةَ والعافية، ونسألُ الله أن يُتِمَّ علينا وعليكمْ هذهِ النِّعمةَ، نِعمةَ الإسلامِ. نسألُ اللهَ أن يُثبِّتَنا وإيَّاكمْ عليها.
نعم يا عمر، إش عندك؟ نعم، قُل
 
– القارئ: شيخ في حديث، أورَدَهُ الشيخُ في الشَّرحِ يقول: قوله صلى الله عليه وسلم وفي رواية: (-على هذهِ المِلَّةِ- فأبَواهُ يُهوِّدانِهِ أو يُنصِّرانهِ ويُمجِّسَانه، وكما تُولَدُ البهيمةُ بهيمةً جمعاءَ، هل تُحِسُّون فيها من جَدْعَاء).
– الشيخ:
هذا الحديثُ، البهيمةُ إذا وُلِدَتْ، يصيرُ أُذُنُها مقطوعة؟
– القارئ: لا
– الشيخ:
إذاً، القطعُ من أين يأتيها؟ قطعُ الأذنِ وخرقُ الأذُنِ، ها؟
– القارئ: من الإنسانِ
– الشيخ:
يعني بني آدم هم الذين يُغيِّرُونها، حتى أنتم تَجدعُونَها، البهيمةُ تُولَدُ سبحانَ اللهِ مُتكامِلةَ الخلْقِ في أذانِهَا وسائرِ خَلْقِهَا.
 
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة