الرئيسية/شروحات الكتب/سلم الوصول إلى علم الأصول/(3) قوله “أول واجب على العبيد … معرفة الرحمن بالتوحيد”

(3) قوله “أول واجب على العبيد … معرفة الرحمن بالتوحيد”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح (سلّم الوصول إلى علم الأصول في علم التّوحيد) للشّيخ الحكمي
الدرس الثّالث

***    ***    ***    ***

– القارئ: بسمِ الله والحمدُ لله، والصَّلاةُ والسلامُ على رسول الله. قال الشيخ حافظ حَكَمي في متنِ سُلَّمِ الوصُولِ إلى علمِ التوحيد:
فصلٌ: في كونِ التوحيدِ ينقسمُ إلى نوعين، وبيان النوع الأول، وهو توحيدُ المعرفةِ والإثبات:
وأوَّلُ واجبٍ على العبيدِ      معرفةُ الرحمنِ بالتوحيدِ
إذْ هوَ مِنْ كلِّ الأوامرِ أعظمُ
– الشيخ:
إذْ هوَ من كل الأوامرِ
 
– القارئ:
إذْ هوَ مِنْ كلِّ الأوامرِ أعظمُ     وهوَ نوعانِ أيَّاً من يفهمُ
إِثْبَاتُ ذَاتِ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا       أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى صِفَاتِهِ الْعُلَى
وَأَنَّهُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ الْأَكْبَرُ         الْخَالِقُ الْبَارِئُ وَالْمُصَوِّرُ
بَارِي الْبَرَايَا مُنْشِئُ الْخَلَائِقِ      مُبْدِعُهُمْ بِلَا امتثَالٍ سَابِقِ
الْأَوَّلُ الْمُبْدِي بِلَا ابْتِدَاءِ           وَالْآخِرُ الْبَاقِي بِلَا انْتِهَاءِ
الْأَحَدُ الْفَرْدُ الْقَدِيرُ الَأَزَلِي         الصَّمَدُ الْبَرُّ الْمُهَيْمِنُ الْعَلِي
عُلُوَّ قَهْرٍ وَعُلُوَّ الشَّانِ             جَلَّ عَنِ الْأَضْدَادِ وَالْأَعْوَانِ
كَذَا لَهُ الْعُلُوُّ وَالْفَوْقِيَّهْ             عَلَى عِبَادِهِ بِلَا كَيْفِيَّهْ
وَمَعَ ذَا مُطَّلِعٌ إلَيْهِمْ               بِعِلْمِهِ مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِمْ
وَذِكْرُهُ لِلْقُرْبِ وَالْمَعِيَّةِ            لَمْ يَنْفِ لِلْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ
فَإِنَّهُ الْعَلِيُّ فِي دُنُوِّهِ              وَهْوَ الْقَريِبُ جَلَّ فِي عُلُوِّهِ
حَيٌّ وَقَيُّومٌ فَلَا يَنَامُ              وَجَلَّ أَنْ يُشْبِّهَ الْأَنَامُ
– الشيخ:
أنْ يُشبِهَهُ الأنامُ
 
– القارئ:
وَجَلَّ أَنْ ي يُشبِهَهُ الْأَنَامُ
لَا تَبْلُغُ الْأَوْهَامُ كُنْهَ ذَاتِهِ         وَلَا يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِهِ
بَاقٍ فَلَا يَفْنَى وَلَا يَبِيدُ            وَلَا يَكُونُ غَيْرُ مَا يُرِيدُ
مُنْفَرِدٌ بِالْخَلْقِ وَالْإِرَادَهْ           وَحَاكِمٌ -جَلَّ- بِمَا أَرَادَهْ
فَمَنْ يَشَأْ وَفَّقَهُ بِفَضْلِهِ           وَمَنْ يَشَأْ أَضَلَّهُ بِعَدْلِهِ
فَمِنْهُمُ الشَّقِيُّ وَالسَّعِيدُ          وَذَا مُقَرَّبٌ وَذَا طَرِيدُ
لحكمةٍ بالغةٍ قضَاها             يستجوبُ الحمدَ على اقتِضَاهَا
وَهْوَ الَّذِي يَرَى دَبِيبَ الذَّرِّ       فِي الظُّلُمَاتِ فَوْقَ صُمِّ الصَّخْرِ
وَسَامِعٌ لِلْجَهْرِ وَالْإِخْفَاتِ         بِسَمْعِهِ الْوَاسِعِ لِلْأَصْوَاتِ
وعلمُهُ بِمَا بَدَا وَمَا خَفِي         أَحَاطَ عِلْمًا بِالْجَلِيِّ وَالْخَفِي
وَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ
– الشيخ:
وَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ
 
– القارئ:
وَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ        جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالَى شَانه
– الشيخ:
شأنُهُ
 
– القارئ:
جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالَى شأنُهُ
وَكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَلَيْهِ           وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ
كَلَّمَ مُوسَى عَبْدَهُ تَكْلِيمًا         وَلَمْ يَزَلْ بِخَلْقِهِ عَلِيمًا
كَلَامُهُ جَلَّ عَنِ الْإِحْصَاءِ         وَالْحَصْرِ وَالنَّفَادِ وَالْفَنَاءِ
لَوْ صَارَ أَقْلَامًا جَمِيعُ الشَّجَرِ     وَالْبَحْرُ تَلْقَى فيهِ
– الشيخ:
تُلقَى
 – القارئ:
وَالْبَحْرُ تَلْقَى فيهِ سَبْعَةُ أَبْحُرِ
وَالْخَلْقُ تَكْتُبُهُ بِكُلِّ آنِ             فَنَتْ وَلَيْسَ الْقَوْلُ مِنْهُ فَانِ
وَالْقَوْلُ فِي كِتَابِهِ الْمُفَصَّلْ         بِأَنَّهُ كَلَامُهُ الْمُنَزَّلْ
– الشيخ:
قِفْ على هذا … أقولُ: باقي جُملة
– القارئ: إي باقي
– الشيخ:
على كل حالٍ، أشارَ في بداية الفصلِ، أنهُ يقصدُ تقريرَ التوحيد، والتوحيدُ نوعان: توحيدُ المعرفةِ والإثبات، ويدخل في هذا التوحيدِ توحيدُ الرُّبوبيَّةِ وتوحيدُ الأسماءِ والصِّفاتِ، وهذه الأبياتُ التي قرأتَها تضمَّنتْ الإشارةُ إلى النوعين، أعني توحيدَ الرُّبوبيةِ وتوحيدَ الأسماءِ والصِّفاتِ.
 وتضمَّنَتْ ذِكْرَ أنَّهُ سبحانهُ وتعالى المُتفرِّدُ بالخلْقِ والإيجادِ، فهو الخالقُ البارئُ المُصوِّرُ سبحانه وتعالى، وهوَ الرازقُ لعبادهِ سبحانهُ، وهوَ الخالقُ الرازقُ المُدبِّرُ المُحيِي المُمِيتُ، وحدَهُ لا شريكَ له في ربوبيتهِ، وكذلكَ تضمَّنَتْ هذه الأبياتُ ذِكرَ جملةٍ من أسمائهِ تعالى وصفاتهِ، وهذه الأبياتُ تضمَّنتْ تقريرَ توحيدِ الرُّبوبيَّةِ، وتوحيدَ الأسماءِ والصِّفاتِ، وكِلاهُما يندرجُ في توحيدِ المعرفةِ والإثباتِ، لأنَّ كلَّ قضايا هذا التوحيدِ كلُّها أمورٌ معرفيَّةٌ علميةٌ، ليستْ عمليَّةٌ، ففرْقٌ بين مدلول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ}؛ فهذا إنَّما تقتضي العلمَ، علمٌ، وقول: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}.
ولهذا نقولُ إنَّ سورةَ الإخلاصِ تضمَّنتْ التوحيدَ العلميَّ وهوَ توحيدُ المعرفةِ والإثباتِ، سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تضمَّنَتْ التوحيدَ العمليَّ، وهو توحيدُ العبادةِ.

 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة