الرئيسية/شروحات الكتب/سلم الوصول إلى علم الأصول/(4) قوله “والقول في كتابه المفصل … بأنه كلامه المنزل”

(4) قوله “والقول في كتابه المفصل … بأنه كلامه المنزل”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح (سلّم الوصول إلى علم الأصول في علم التّوحيد) للشّيخ الحكمي
الدرس الرابع

***    ***    ***    ***

– القارئ: الحمدُ للهِ والصَّلاةُ على رسولِ الله، وعلى آلهِ وصحبهِ ومن والاه. قال الشيخ حافظ حَكَمي في منظومتهِ سُلَّمُ الوصولِ إلى علمِ الأصولِ في علمِ التوحيد:
وَالْقَوْلُ فِي كِتَابِهِ الْمُفَصَّلْ              بِأَنَّهُ كَلَامُهُ الْمُنَزَّلْ
عَلَى الرَّسُولِ الْمُصْطَفَى خَيْرِ الْوَرَى   لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلَا بِمُفْتَرَى
يُحْفَظُ بِالْقَلْبِ وَبِاللِّسَانِ                  يُتْلَى كَمَا يُسْمَعُ بِالْآذَانِ
كذَا بِالَابْصَارِ إِلَيْهِ يُنْظَرُ                 وَبِالْأَيَادِي خَطُّهُ يُسَطَّرُ
 وَكُلُّ ذِي مَخْلُوقَةٌ حَقِيقَهْ               دُونَ كَلَامِ بَارِئِ الْخَلِيقَهْ
جَلَّتْ صِفَاتُ رَبِّنَا الرَّحْمَنِ              عَنْ وَصْفِهَا بِالْخَلْقِ وَالْحَدَثَانِ
– الشيخ:
والحَدْثَانِ
– القارئ:
يُحْفَظُ بِالْقَلْبِ وَبِاللِّسَانِ               يُتْلَى كَمَا يُسْمَعُ بِالْآذَانِ
فَالصَّوْتُ وَالْأَلْحَانُ صَوْتُ الْقَارِي    لَكِنَّمَا الْمَتْلُوُّ قَوْلُ الْبَارِي
مَا قَالَهُ لاَ يَقْبَلُ التَّبْدِيلَا                كَلَّا وَلَا أَصْدَقُ مِنْهُ قِيلَا
وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ عَنْ خَيْرِ الْمَلَا      بِأنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَا
فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ يَنْزِلُ            يَقُولُ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَيُقْبَلُ؟
هَلْ مِنْ مُسِيءٍ طالِبٍ لِلْمَغْفِرَهْ      يَجِدْ كَرِيمًا قَابِلًا لِلْمَعْذِرَهْ
يَمُنُّ بِالْخَيْرَاتِ وَالْفَضَائِلْ           وَيَسْتُرُ الْعَيْبَ وَيُعْطِي السَّائِل
وَأنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْفَصْلِ            كَمَا يَشَاءُ لِلْقَضَاءِ الْعَدْلِ
وَأنَّهُ يُرَى بِلَا إِنْكَارِ                   فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ بِالْأَبْصَارِ
كُلٌّ يَرَاهُ رُؤيَةَ الْعِيَانِ                كَمَا أَتَى فِي مُحْكَمِ الْقُرْآنِ
وَفِي حَدِيثِ سَيِّدِ الْأَنَامِ              مِنْ غَيْرِ مَا شَكٍّ وَلَا إِبْهَامِ
رُؤْيَةَ حَقٍّ لَيْسَ يَمْتَرُونَهَا            كَالشَّمْسِ صَحْوًا لَا سَحَابَ دُونَهَا
وَخُصَّ بِالرُّؤْيَةِ أَوْلِيَاؤُهُ              فَضِيلَةً وَحُجِبُوا أَعْدَاؤُهُ
وَكُلُّ مَا لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ             أَثْبَتَهَا في مُحْكَمِ الْآيَاتِ
أَوْ صَحَّ فِيمَا قَالَهُ الرَّسُولُ           فَحَقُّهُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبُولُ
نُمِرُّهَا صَرِيحَةً كَمَا أَتَتْ               مَعَ اعْتِقَادِنَا لِمَا لَهُ اقْتَضَتْ
مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلِ           وَغَيْرِ تكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلِ
بَلْ قَوْلُنَا قَوْلُ أَئِمَّةِ الْهُدَى             طُوبَى لِمَنْ بِهَدْيِهِمْ قَدِ اهْتَدَى
وَسَمِّ ذَا النَّوْعَ مِنَ التَّوْحِيدِ            تَوْحِيدَ إِثْبَاتٍ بِلَا تَرْدِيدِ
قَدْ أَفْصَحَ الْوَحيُ الْمُبِينُ عَنْهُ           فَالْتَمِسِ الْهُدَى الْمُنِيرَ مِنْهُ
لاَ تَتَّبِعْ أَقْوَالَ كُلِّ مَارِدِ                 غَاوٍ مُضِلٍّ مَارِقٍ مُعَانِدِ
فَلَيْسَ بَعْدَ رَدِّ ذَا التِّبْيَانِ                مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ

– الشيخ: على كلِّ حالٍ، تضمَّنتْ هذه الأبياتُ ذِكرَ مذهبِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ في كلامِ الله، وأنَّهُ مُنزَّهٌ غير مخلوقٍ، وأنهُ هو كلامُ اللهِ محفوظاً ومقروءاً ومكتوباً ومسموعاً، وكلُّ هذه الأدواتِ التي يعني تتعلَّقُ أو يجري عليها القرآنُ، كلُّها مخلوقةٌ، الصدورُ واللسانُ والبيانُ والماءُ والسطورُ والرَّقُّ والمِدادُ والصَّوتُ، على حدِّ قول أهلِ العلم، "الصوتُ صوتُ القاري والكلامُ كلامُ الباري".
وذكرَ أيضاً يعني من عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة، الإيمان بأنَّهُ تعالى ينزلُ كلَّ ليلةٍ كما تواترتْ بهِ السُّنَّةُ، وأنَّهُ يجيءُ يومَ القيامةِ للفصلِ بين عبادِهِ كما جاءَ في القرآن، وكلُّ هذا ممَّا يُؤمنُ به أهل السُّنة ويُجرُونَ هذه النُّصوصَ على ظاهرها دونَ تعطيلٍ ولا تكييفٍ ولا تمثيلٍ.
وهكذا أيضاً يُثبتُ أهلُ السُّنة الرؤية، رؤيةُ المؤمنينَ لربِّهم يوم القيامة في الجنة، وأنَّهم يرونهُ عياناً بأبصارهم، رؤيا جليَّة كما يرى الناسُ الشمسَ والقمرَ، ليسَ دونها سحابٌ، وأمَّا المُعطِّلةُ من الجهميَّةِ والمُعتزلة، فإنهم لا يُثبِتونَ شيئاً من هذه الصِّفات، فلا يُثبتونَ حقيقةَ النُّزولَ ولا المجيءَ، ولا يُثبِتُونَ الرؤيةَ على الوجهِ، يعني الذي دلَّتْ عليه النُّصوصُ، فمنهم من ينفي الرؤيةَ صراحةً، ومنهم من يُثبتُها لكنْ بشرطٍ، يعني يسلُبُهَا حقيقتها، كقولِ الأشاعرةِ أنهُ تعالى يُرَى لا في جهةٍ.
ثم ختمَ المُؤلِّفُ يعني مذهب أهلِ السُّنة، وأنَّ ما قرَّرهُ هو ما مضى عليهِ السَّلفُ الصَّالحُ من الصحابةِ والتابعين، وأنَّ الواجبَ هو اقتفاءُ آثارهم، فهذا سبيلُ الهُدى، وهو الصِّراطُ المُستقيم، والله أعلم.
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة