الرئيسية/شروحات الكتب/العقيدة الصحيحة وما يضادها لابن باز/(1) أولا الإيمان بالله “قوله الإيمان بأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل ما سواه”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(1) أولا الإيمان بالله “قوله الإيمان بأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل ما سواه”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح (العقيدة الصَّحيحة وما يُضادّها) لابن باز
الدّرس الأول

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبينا محمد، وعلى آلهِ وأصحابهِ أجمعين. قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في العقيدة الصحيحة:
أولاً: الإيمان بالله.
من الإيمان بالله سبحانه: الإيمانُ بأنَّهُ الإلهُ الحقُّ المُستحِقُّ للعبادة دون كل ما سواه، لكونه خالقُ العباد والمحُسِنُ إليهم والقائم بأرزاقهم، والعالِمُ بسرّهم وعلانيتهم، والقادر على إثابة مُطيعهم وعقاب عاصِيهم، ولهذه العبادة خلقَ الله الثَّقلين، وأمرَهُمْ بها كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56 – 58]
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:21 – 22]
وقد أرسلَ اللهُ الرُسُلَ وأنزلَ الكتبَ لبيانِ هذا الحقِّ والدَّعوةِ إليه، والتحذيرِ ممَّا يُضادَّهُ، كما قال سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36]، وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25] وقال عزَّ وجلَّ: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ [هود: 1 – 2]
وحقيقةُ هذه العبادة هي إفرادُ الله سبحانه بجميع ما تعبَّدَ العِبادُ به من دعاءٍ وخوفٍ ورجاءٍ، وصلاةٍ وصومٍ وذبحٍ ونذْرٍ، وغير ذلكَ من أنواع العبادةِ على وجهِ الخضوعِ له والرَّغبةِ والرَّهبةِ، مع كمالِ الحبِّ له سبحانه والذلِّ لعظمتِهِ، وغالبُ القرآن نزلَ في هذا الأصلِ العظيم كقوله سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2 – 3]
وقولُهُ سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23]، وقولُهُ عز وجل: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر: 14]
وفي الصَّحيحينِ عن مُعاذٍ رضي الله عنه أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(حقُّ الله على العباد، أن يعبدُوهُ ولا يُشرِكُوا به شيئاً)
 ومن الإيمانِ بالله أيضاً، الإيمانُ بجميع ما أوجبهُ على عباده، وفَرَضَهُ عليهم من أركانِ الإسلامِ الخمسةِ الظَّاهرةِ، وهي شهادةُ أن لا إلهَ إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله، وإقامُ الصلاة، وإيتاءُ الزكاة، وصومُ رمضان، وحَجِّ بيتِ الله الحرام لِمَنْ استطاعَ إليه سبيلاً، وغيرِ ذلكَ من الفرائضِ التي جاءَ بها الشَّرعُ المُطهَّر.
وأهمُّ هذه الأركانِ وأعظمها، شهادةُ أن لا إلهَ الا الله، وأنَّ محمداً رسول الله، فشهادةُ أن لا إله إلا الله تقتضي إخلاصَ العبادة لله وحدهُ، ونفيِها عمَّا سواه، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، فإنَّ معناها لا معبودَ بحقٍّ إلا الله، فكلُّ ما عُبِدَ من دون اللهِ من بشرٍ أو ملكٍ أو جِنِّيٍّ أو غير ذلك فكلهُ معبودٌ بالباطلِ، والمعبودُ بالحقِّ هو اللهُ وحده كما قال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج: 62]
وقد سبقَ بيانُ أنَّ الله سبحانه خَلَقَ الثقلين لهذا الأصْلَ الأصيل، وأمرهُمْ به وأرسلَ به رُسُلَهُ وأنزل به كتبه، فتأمَّلْ ذلك جيداً وتدبَّرهُ كثيراً، ليتَّضحَ لكَ ما وقع فيه أكثرُ المسلمين من الجهلِ العظيم بهذا الأصْلِ الأصيل، حتى عَبَدُوا مع الله غيرَهُ، وصرَفُوا خالصَ حقَّهُ لسواه، فاللهُ المستعان.
ومن الإيمانِ بالله سبحانه، الإيمان بأنهُ خالقُ العالم ومُدبِّرُ شؤونهم، والمُتصرِّف فيهم بعلمهِ وقُدرتهِ كما يشاءُ سبحانه..
– الشيخ:

الشيخ لما ذكرَ أصولَ الإيمانِ على وجه الإجمالِ، وأشار الى الدليلِ الدَّالِّ عليه من الكتاب والسُّنَّة، شَرَعَ يُفصِّلُ؛ فالإيمانُ بالله هو أصلُ أصول الايمان ويدخل فيه أشياء، الإيمانُ بالله ما هو كلمة فقط، يعني الإيمانُ بالله تصديقٌ بالله وبس؟ لا، هو مضمونٌ واسعٌ، فمنَ الإيمان بالله، الايمان بإلهَّيتهِ وحده، الإيمانُ بأنهُ الإلهُ الحق الذي لا يستحقُّ العبادة سواه، هذا من صميمِ الإيمان بالله، ومن أعظمِ ما يدخل بالإيمان بالله، الإيمانُ بأنه الإلهُ الحقُّ.
والايمان بأنهُ الإلهُ الحقُّ يقتضي إفرادَهُ بالعبادة، فالإيمانُ بأنهُ الإلهُ الحقُّ هذا عقيدة وهذه العقيدةُ لها ثمرةٌ، تقتضي عبادتهُ تعالى وحدهُ لا شريكَ له، تقتضي عبادته، أما الإقرارُ بأنه الإلهُ الحقُّ من غير عبادة، أصبحَ هذا الاعتقاد ما لهُ معنىً ولا له ثمرةٌ.
 ثمرة الايمان بإلهيته وتفرُّده بالإلهية ثمرتهُ تخصيصُهُ بالعبادة، والكفرُ بما يُعبَدُ من دونه، باعتقادِ أنَّ كلَّ معبودٍ سواهُ باطلٌ، وأنَّهُ الإلهُ الحقُّ، فهذا يُوجِبُ صرفَ جميعِ أنواعِ العبادةِ لله تعالى، ولهذا تنوَّعت الآيات في تقرير هذا التوحيد، فمنها ما فيها الإخبارُ عن ذلك، لا إلهَ الا الله: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [البقرة 163]، شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ [آل عمران 18]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25]، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه: 14]
 كما أنَّ في القرآن الأمر بعبادتهِ والنهيِ عن الشِّركِ به، الأمرُ بإخلاصِ العبادةِ لهُ سبحانه؛ فاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ [مريم: 65] {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:66] وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5] لا إلهَ الا الله.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة