بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب "روضة النّاظر وجنّة المناظر" لابن قدامة
الدّرس: السّابع والثّلاثون
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمد وعلى آلِه وصحبِه أجمين، قالَ شيخُ الإسلامِ مُوفَّقُ الدينِ بنُ قُدامةَ -رحمَهُ اللهُ- في روضةِ الناظرِ في تتمَّةِ بابِ النسخِ:
فصلٌ
وقدْ أنكرَ قومٌ النسخَ وهوَ فاسدٌ؛ لأنَّ النسخَ جائزٌ عقلاً، وقد قامَ دليلُهُ شرعًا، أمّا العقلُ فلا يمنَعُ أنْ يكونَ الشيءُ مصلحةً في زمانٍ دونَ زمانٍ.
– الشيخ: فلا يمتنعُ، نعم فلا يمتنعُ، نعم.
– القارئ: فلا يمتنعُ أنْ يكونَ الشيءُ مصلحةً في زمانٍ دونَ زمانٍ، ولا بُعدَ في أنّ اللهَ يعلمُ مصلحةَ عبادِهِ في أنَّ.
– الشيخ: يقول أيش ولا؟
– القارئ: ولا بُعدَ.
– الشيخ: أيش هالكلمة ولا بُعد، ومعلومٌ قطعاً ومعلومٌ بالضرورة أن أيش؟
– القارئ: أنَّ اللهَ يعلمُ.
– الشيخ: أنّ الله يعلم أيش؟
– القارئ: مصلحةُ عبادِه.
– الشيخ: ولا بُعد، عجيبة العبارة ذي (هذه)!
– القارئ: ولا بُعدَ في أنَّ اللهَ يعلمُ مصلحةَ عبادِه.
– الشيخ: يعني ما هو بعيد؟ هذي العبارة من الـــ يعني، ولا يبعُد أنّه كذا للشيء اللي مُحتمَل، لكنّه ما هو بعيد.
– أحد الحضور: يقول ولا بُعد.
– الشيخ: أيش؟
– القائل: ولا بُعد.
– الشيخ: [….] ولا بُعد مثل ولا يبعُد.
– القائل: نفس الشي.
– الشيخ: أي، نعم.
– القارئ: ولا بُعدَ في أنَّ اللهَ يعلمُ مصلحةَ عبادِهِ، في أنْ يأمرَهم بأمرٍ مُطلَقٍ حتَّى يستعدُّوا له، فيُثابوا ويمتنعوا بسببِ العزمِ عليهِ مِن معاصٍ وشهواتٍ، ثمَّ يخفَّفُه عنهم.
– الشيخ: أش يقول؟
– القارئ: ولا بُعدَ في أنَّ اللهَ يعلمُ مصلحةَ عبادِهِ، في أنْ يأمرَهم بأمرٍ مُطلَقٍ حتَّى يستعدُّوا له.
– الشيخ: ولا بُعد أنْ يعلم الله.
– القارئ: مصلحةَ عبادِهِ، في أنْ يأمرَهم بأمرٍ مُطلَقٍ حتَّى يستعدُّوا له، فيُثابوا.
– الشيخ: توجّهت العبارة كأنّه صار ما هو ما يقصد أنّ الله لا يبعد أن يعلم مصلحة عباده، جاء بتقييد، يقول ما يبعد أن تكون مصلحة العباد في أن يأمرهم الله بأمر يعني يبتليهم به، ليتبيّن يعني تتبيّن طاعتهم وامتثالهم وتركهم ما نهاهم عنه، ثم ينسخ ذلك، أكمل ولا بُعد.
– القارئ: ولا بُعدَ في أنَّ اللهَ يعلمُ مصلحةَ عبادِهِ.
– الشيخ: شوي شوي لا تستعجل، نعم في أن يعلم الله.
– القارئ: ولا بُعدَ في أنَّ اللهَ يعلمُ مصلحةَ عبادِهِ، في أنْ يأمرَهم بأمرٍ مُطلَقٍ حتَّى يستعدُّوا له، فيُثابوا ويمتنعوا بسببِ العزمِ عليهِ مِن معاصٍ وشهواتٍ، ثمَّ يخفَّفُه عنهم.
– الشيخ: نعم.
– القارئ: فأمّا دليلُهُ شرعاً فقالَ اللهُ تعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة:106]
وإذا بدّلْنا آيةً مكانَ آيةٍ، وقدْ أجمعتِ الأمّةُ على أنَّ شريعةَ محمّدٍ -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قد نسختْ ما خالفَها مِن شرائعِ الأنبياء قبلَهُ، وقد كانَ يعقوبٌ -عليه السلامُ- جمعَ بينَ الأُختين وآدمُ عليهِ السلامُ.
– الشيخ: جمع؟
– القارئ: بينَ الأختين وآدمُ -عليهِ السلامُ، كانَ يزوِّجُ بناتِهِ مِن بنيهِ وهوَ مُحرَّمٌ في شرائعِ مَن بعدَهم مِن الأنبياءِ عليهم السلامُ.
فصلٌ: يجوزُ نسخُ تلاوةِ الآيةِ دونَ حكمِها.
– الشيخ: فصلٌ في.
– القارئ: فصلٌ: يجوزُ نسخُ تلاوةِ الآيةِ دونَ حكمِها، ونسخُ حكمِها دونَ تلاوتِها، ونسخُهما معاً، وأحالَ قومٌ نسخَ اللفظِ.
– الشيخ: وأحال قومٌ نسخ اللفظ، يعني في آية الرجم التي يمثّلون بها نسخها الله وبقي حكمها، من شواهد الثاني: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا [البقرة:234]
يرى بعض العلم أنّها منسوخةٌ منسوخٌ حكمُها مع بقاء لفظها، نعم.
– القارئ: وأحالَ قومٌ نسخَ اللفظِ، فإنَّ اللفظَ إنَّما نُزِّلَ ليُتلَى ويُثابُ عليهِ فكيفَ يُرفَعُ؟ ومنعَ آخرون نسخَ الحكمِ دونَ التلاوةِ؛ لأنَّها دليلٌ عليهِ فكيفَ يُرفَعُ المدلولُ معَ بقاءِ الدليلِ؟
قلْنا هوَ مُتصوَّرٌ عقلاً وواقعٌ، أمَّا التصوُّرُ فإنَّ التلاوةَ وكتابتَها في القرآنِ وانعقادِ الصلاةِ بها مِن أحكامِها، وكلُّ حكمٍ فهوَ قابلٌ للنسخِ، وأمَّا تعلُّقُها بالمُكلَّفِ في الإيجابِ وغيرِه فهوَ حكمٌ أيضاً فيقبلُ النسخَ، وأمَّا الدليلُ على وقوعِه فقدْ نُسِخَ حكمَ قولِه تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] وبقيت تلاوتُها، والوصيةُ للوالدينِ والأقربين.
– الشيخ: وعلى الذين يطيقونه.
– القارئ: فديةٌ طعامُ مسكينٍ.
– الشيخ: نعم.
– القارئ: والوصيةُ للوالدين والأقربين، وقد تظاهرتِ الأخبارُ بنسخِ آيةِ الرجمِ وحكمِها.
– الشيخ: هذا مثال لما نُسِخَ حكمُه.
– القارئ: وبقيَ لفظُه.
– الشيخ: وبقيَ لفظُه، نعم.
– القارئ: وقد تظاهرتِ الأخبارُ بنسخِ آيةِ الرّجمِ وحكمُها باقٍ، وقولُهم كيفَ تُرفَعُ التلاوةُ قلْنا لا يمتنعُ أنْ يكونَ المقصودُ الحكمُ دونَ التلاوةِ لكنْ أُنزِلَ بلفظٍ مُعيّنٍ، وقولُهم كيفَ يُرفَعُ المدلولُ معَ بقاءِ الدليلِ قلْنا إنَّما يكونُ دليلاً عندَ انفكاكِهِ عمَّا يُرفَعُ حكمُهُ، والناسخُ مُزيلٌ لحكمِهِ، فلا يبقى دليلاً واللهُ أعلمُ.
فصلٌ.
– الشيخ: أحسنت، أش بعده؟
– القارئ: فصلٌ يجوزُ نسخُ الأمرِ، ويستمرُّ الكلامُ طويلٌ في النسخِ.
– الشيخ: ما شاء الله، نعم يا محمد.