الرئيسية/شروحات الكتب/إبطال التأويلات لأخبار الصفات لأبي يعلى/(87) إثبات صفة البغض والرضا لربنا جل شأنه قوله “ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه”

(87) إثبات صفة البغض والرضا لربنا جل شأنه قوله “ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (إبطال التَّأويلات لأخبار الصّفات) للقاضي لأبي يعلى
الدّرس السّابع والثّمانون

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ وسلّمَ وباركَ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين، أمّا بعدُ فقدْ قالَ القاضي ابو يعلى -رحمه الله تعالى- في كتابه (إبطالُ التأويلاتِ لأخبارِ الصفاتِ) قالَ رحمَه اللهُ تعالى:
حديثٌ آخرَ أخرجَهُ أبو بكرٍ بإسنادِهِ عن أبي هريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ- أنّ رسولَ اللهِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- رأى نُخامةً في قِبلةِ المسجدِ، فأقبلَ على الناسِ فقالَ:
(ما بالُ أحدُكم يقومُ مُستقبِلَ ربَّهُ فيُتنخَّعَ أمامَهُ، أيحبُّ أحدُكم أنْ يُستقبَلَ فيُتنخَّعَ في وجهِهِ؟ إذا تنخَّعَ أحدُكم فليتنخَّعْ عن يسارهِ تحتَ قدمِهِ فإنْ لمْ يجدْ فليقلْ هكذا في ثوبِهِ)
وروى أبو بكرٍ الصبغيُّ عن أحمدَ عن حُميدٍ الطويلِ، عن أنسٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- أنَّ النبيَّ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ- رأى نُخامةً في قِبلةِ المسجدِ، فشقَّ عليهِ حتّى عرفْنا ذلكَ في وجهِهِ، فحكَّهُ وقالَ: (إنّ أحدِكم إذا قامَ إلى الصلاةِ فإنَّهُ يُناجي ربَّهُ).
وروى عن أبي هريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: صلّى بنا رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ- فلمّا سلَّمَ فإذا رجلٌ في آخرِ الصفوفِ، قالَ:
(يا فلانُ، ألا تتّقي اللهَ؟ ألا تنظرُ كيفَ تُصلي؟ فإنّ أحدَكم إذا قامَ يُصلّي يقومُ يناجي ربَّهُ، فلينظرْ كيفَ يناجيهِ).
ورُويَ عن صفوانَ بنِ مُحرزٍ قالَ بينما أنا أسيرُ معَ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ وآخذُ بيدِهِ إذْ عرضَ لهُ رجلٌ فقالَ: كيفَ سمعتَ رسولَ اللهِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ- يقولُ في النجوى يومَ القيامةِ؟ قالَ سمعتُ رسولَ اللهِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ- في النجوى يقولُ:
(يُدني المُؤمِنُ فيقولُ: أتعرفُ ذنبَ كذا، أتعرفُ ذنبَ كذا).
اعلمْ أنّه غيرُ مُمتنِعٍ حملُ الخبرِ على ظاهرِهِ، في إثباتِ وصفِه تعالى بالمناجاةِ، كما جازَ إطلاقُ وصفهِ بالكلامِ، وقدْ قيلَ: إنّ المناجاةَ.
– الشيخ:
والمناجاة والمناجاة كلام، المناجاة كلام، الله كلَّم موسى نداءً ونجاءً، وَكلّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ.. وَقرَّبْنَاهُ نَجِيّا

– القارئ: وقد قيلَ إنَّ المُناجاةَ هي مخاطبةُ المُخاطَبِ على الوجهِ الّذي يختصُّ به الإنسانُ في سماعِ الخطاب، فإذا وُصِفَ اللهُ بهِ فالمُرادُ به إسماعُ اللهِ -عزَّ وجلَّ- مَن أرادَ مِن خلقِهِ، من غيرِ أنْ يتشاركوا في استماعِ ما يستمعون، وهكذا معنى النّجوى يومَ القيامةِ؛ لأنّه يُسمِعُ مَن يشاءُ مِن خلقِهِ خِطابَهُ على التخصيصِ بالخطابِ، مِن غيرِ أنْ يَشرَكُهُ في سماعِ ذلكَ غيرُهُ.
– الشيخ:
لا إله إلا الله، أما أما حديث يناجي ربه فهذا ليس فيه نسبة المناجاة إلى الله، ما في هل من صلّى ودعا وصلّى نقول إنّ الله يناجي عبده؟ هل يجوز أن نقول إنّ الله يكلِّم مع هذا المصلّي؟ نعم المصلّي يكلّم ربّه، المصلّي يكلّم ربّه الداعي يكلّم ربه، لكن ما يلزم من أن كون العبد يكلّم ربّه أو يناجي ربّه أو ينادي ربّه ينادي ربّه ما يلزم من ذلك أن نضيف هذه الأفعال إلى الله، الرسول لم يقل إذا قام أحدكم في الصلاة فإن الله يناجيه، قال فإنّه يُناجي ربه.
 
– القارئ: وهكذا معنى النجوى يومَ القيامةِ؛ لأنَّه يُسمعُ مَن شاءَ مَن يشاءُ مِن خلقِه خِطابه على التخصيصِ بالخطابِ، مِن غيرِ أن يَشرِكَهُ في سماعِ ذلكَ غيرُهُ، وهو نحوُ ما رُويَ عن النبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قالَ: (ما منكم مِن أحدٍ إلّا وسيخلو اللهُ بِه يومَ القيامةِ، ليسَ بينَه وبينَه تُرجمان). والمُرادُ بهِ هوَ أخفى الخطابُ مِن غيرِ أنْ يُسمَع مَن غيرهِ
– الشيخ: أن أيش؟
– القارئ: والمُرادُ بهِ هوَ أخفى الخطاب
– الشيخ: أي. أخفى يخف، إخفاء الخطاب، نعم
– القارئ: من غير أن يُسمَعَ مَن غيرِهِ
– الشيخ:
[….] الإسماع هنا لإنو فسّر فسّر المناجة بأنّ الله يخاطب من شاء، فيُسمِعه كلامه من غير أن يسمعه غيره من من الناس، والله على كل شيء قدير، لكن، نعم ماشي.

– القارئ: حديثٌ آخرُ أخرجَهُ أبو القاسمِ وابو بكرٍ الصِبغيِّ عن أنسٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- عن النبيِّ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ-: (يجتمعُ الناسُ فيأتون آدمَ فيقولون: يا آدمُ أنتَ الّذي خلقَكَ اللهُ بيدِهِ ونفخَ فيكَ مِن روحِهِ).
وروى أبو هريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ- أنّ النبيَّ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ- قالَ:
(لقيَ آدمُ موسى فقالَ موسى: أنتَ الذي خلقَكَ اللهُ بيدِهِ وأسكنَكَ جنّتَهُ وأسجدَ لكَ ملائكتَهُ ونفخَ فيكَ مِن روحِهِ، لِما فعلتَ ما فعلتَ؟ وذكرَ الخبرَ).
اعلمْ أنَّ ما وصفَ اللهُ تعالى بهِ نفسَهُ مِن نفخِ الروحِ في آدمَ في كتابِه بقولِه:
(وإذا سوَّيتُه ونفختُ فيهِ من روحي)، ووصفَهُ به أنبياؤُهُ -صلّى اللهُ عليهم- فالمُرادُ به الخلقُ وأضافَ ذلكَ إليهِ، وخصَّهُ بهِ على طريقِ التشريفِ، كما قيلَ بيتُ اللهِ وناقةُ اللهِ
– الشيخ: هو يبيت كذا معنى الروح، ونفخت فيه من روحي، وقوله المراد بالخلق يعني لعلّه يريد المُراد به المخلوق، يريد به المخلوق، روحٌ مخلوقةٌ، روحٌ مخلوقةٌ وأضاف إليه إضافة تشريف، كما إنّ كما أضاف إلى نفسه جبريل: وأرسلنا إليها روحنا، نعم، والمسيح يُقال له روح الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، لا لا يعني هذا أنّه صار في آدم جزء من ذات الله.
 
– القارئ: وأضافَ ذلكَ إليهِ وخصَّهُ به على طريقِ التشريفِ كما قيلَ بيتُ اللهِ وناقةُ اللهِ، خُصَّ بذلكَ مِن جُملةِ المُسمّياتِ لفضلِهِ على ما سواهُ، وعلى هذا أضافَ عيسى عليهِ السلامُ فقالَ: روحُ اللهِ، وأفعالُهُ تعالى غيرُ واقعةٍ على طريقِ المُباشرةِ والتولُّدِ
– الشيخ: الكلام هذا يحتاج إلى تفسير على طريقة المُباشرة، تولُّد.
– القارئ: بلْ كلُّها ابتداءُ اختراعٍ مِن قِبلِ اللهِ، لا يقتضي حدوثَ شيءٍ منها، لاستحالةُ أنْ يكونَ جسماً أو جوهراً فيتغيّرُ ما يُحدِثُ فيهِ، ما يَحدُثُ فيه أو يجاورُهُ مجاورةَ الأجسامِ
– الشيخ: سبحان الله العظيم، أقول: نحن في غنىً عن هذا، تحليلات كلام واضح بيِّن، ولا نحتاج إلى ليس وليس وليس، كيف يفعل هذا ممنوع، الله يتكلَّم ولا أقول كيف يتكلّم، ينزل ولا أقول كيف ينزل، ويستوي على العرش ولا أقول كيف، كلُّها أفعال واقعة، واقعة بمشيئته سبحانه وتعالى، على الوجه اللائق به وبالكيفيّة اللائقة به، ونحن لا نعلمها.
 
– القارئ: لاستحالةِ أن يكونَ جسماً أو جوهراً فيتغيّرُ، بما يحدثُ فيه أو يجاورُه مجاورةَ الأجسامِ، وقد نصَّ أحمدُ -رحمةُ اللهِ عليهِ- على معنى هذا فيما خرَّجَه في الردِّ على الزنادقةِ والجهميِّة فقالَ: وأمَّا قولُه جلَّ ثناؤُه وروحٌ منهُ يقولُ مِن أمرِه، كما قالَ (وسخَّرَ لكم ما في السماواتِ وما في الأرضِ جميعاً منه)، أي من أمرهِ قالَ: وتفسيرُ روحِ اللهِ.
– الشيخ: يعني "منه" ليست للتبعيض، ليست للتبعيض بل للابتداء، ابتدائيّة لا تبعيضيّة، نعم.
– القارئ: قالَ: وتفسيرُ روحِ اللهِ إنَّما معناها أنَّها روحٌ خلقَها اللهُ، كما يُقالُ عبدُ اللهِ وسماءُ اللهِ وأرضُ اللهِ، فقدْ صرَّحَ أحمدُ بمعنى ما ذكرْناه وقدْ تقدّمَ الكلامُ في ذلكَ على قولِه لمّا خلقَ آدم عَطِسَ، انتهى.
حديثٌ آخرُ ذكرَهُ البخاريُّ
– الشيخ: حسبُك يا أخي

– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكَ
– طالب: أحسن الله إليك، يدخل في هذا قوله سبحانه وتعالى: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا [التحريم:12]
– الشيخ: أي.
– طالب:
نفس المعنى، الله يحفظك.
– الشيخ: من روحنا من جبريل.
– طالب: جزاك الله خير.
– الشيخ: أرسلنا إليها روحنا، نعم.
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة