الرئيسية/شروحات الكتب/إبطال التأويلات لأخبار الصفات لأبي يعلى/(88) إثبات صفة البغض والرضا لربنا جل شأنه قوله “من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب”

(88) إثبات صفة البغض والرضا لربنا جل شأنه قوله “من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (إبطال التَّأويلات لأخبار الصّفات) للقاضي لأبي يعلى
الدّرس الثّامن والثّمانون

***    ***    ***    ***

– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، أمَّا بعدُ فقد قالَ القاضي أبو يعلى -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ (إبطالُ التأويلاتِ لأخبارِ الصِّفاتِ) قالَ رحمَهُ اللهُ تعالى:
حديثٌ آخرٌ ذكرَهُ البخاريُّ بإسنادِهِ عن أبي هريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قالَ: مَن عادى لي وليَّاً فقد آذنْتُهُ بالحربِ، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتَّى أحبَّهُ، فإذا أحببْتُهُ كنْتُ سمعَهُ الَّذي يسمعُ بهِ، وبصرَهُ الَّذي يبصرُ بهِ، ويدَهُ الّتي يبطشُ بها، ورجلَهُ الَّتي يمشي بها، وما تردَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعلُهُ تردُّدي عن نفسِ المُؤمنِ، يكرهُ الموتَ وأنا أكرهُ إساءتَهُ)
وحدَّثَناهُ أبو القاسمِ بإسنادِهِ عن أنسٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- عن جبريلَ عن اللهِ تعالى قالَ: (مَن أهانَ لي وليَّاً فقد بارزَني بالمحاربةِ، وما تردَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعلُهُ ما تردَّدْتُ عن قبضِ نفسِ المؤمنِ الَّذي يكرهُ الموتَ وأكرهُ مساءتَهُ، ولابدَّ لهُ منهُ، وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بمِثلِ أداءِ ما افترضْتُ عليهِ، ولا يزالُ عبدي يتنفَّلُ لي حتَّى أحبَّهُ، ومَن أحببْتُهُ كنْتُ لهُ سمعاً وبصراً ولساناً ويداً) وذكرَ الخبرَ.
أمَّا قولُهُ: كنْتُ سمعَهُ وبصرَهُ ويدَهُ ورجلَهُ معناهُ: كنْتُ لهُ في العونِ والنُّصرةِ، كبصرِهِ ويدِهِ ورجلِهِ الَّتي هيَ عونٌ لهُ على البطشِ. كما قالَ تعالى: (إنَّ اللهَ معَنا) بالنُّصرةِ والعونِ، والَّذي يدلُّ عليهِ ما تقدَّمَ في أوَّلِ الخبرِ مِن قولِهِ: مَن عادى لي وليَّاً فقد آذنْتُهُ بالحربِ، فاقتضى ذلكَ أنَّ مَن أطاعَهُ بكثرةِ النوافلِ كنْتُ لهُ عوناً وناصراً، وأمَّا قولُهُ ما تردَّدْتُ في شيءٍ ما تردَّدْتُ عن شيءٍ تردُّدي عن نفسِ المُؤمِنِ، لا يمتنعُ.
– الشيخ:
أحسن من قوله هذا كنتُ سمعَه الَّذي يسمعُ به وبصرَه، يعني كناية عن استعمال جوارحِه في مراضي اللهِ وفي محابِّه، فلا فلا يسمعُ إلَّا ما أذِنَ اللهُ له بسماعِه وأحبَّه وأراد منه الاستماعُ له، وهكذا في البصر واليد والبطش والمشي، فتكون أعمالُه كلُّها محكومةً بشرع الله، كنت سمعه الّذي يسمع به، وبصره الّذي، وليس المراد أنَّ ذلك يفعله بمشيئة اللهِ وإرادة الله فإنَّ هذا شامل كلّ كلّ واحد، إنّما يسمع بالله، ويمشي بالله، يعني بمشيئته، فإن لا قدرة للعبد ولا مشيئة إلا إذا شاءه سبحانه، (وما تشاؤن إلّا أنْ يشاءَ اللهُ) فما لم يكن بالله لا يكون.
 
– القارئ: وأمَّا قولُهُ: ما تردَّدْتُ عن شيءٍ تردُّدي عن نفسِ المُؤمِنِ لا يمتنعُ حملُهُ على ظاهرِهِ وأنَّهُ صفةٌ لهُ، لا على معنى التردُّدِ الَّذي هو الفكرُ والتأمُّلُ، بل نطلقُ القولَ فيهِ كما أطلقْنا القولَ في الغضبِ، لا على معنى نفورِ الطبعِ والرِّضى، لا على معنى ميلِ الطبعِ، بل أطلقْنا صفتَهُ بذلكَ كذلكَ ها هُنا
– الشيخ: يعني هذا مآلُه التفويض كما تقدَّم، مآلُه التفويض نثبته ولا نفسّره، ولا نفسّره، ولكن في الحقيقة إن ال، إنَّ التردُّد مُفسَّرٌ في الحديث نفسه، عبّر عنه شيخ الإسلام بأنّ التردُّد في الحديث هو تعارُضُ إرادتتين، تعارُض إرادتين، مع العلمِ بما ينتهي إليه الأمر، ومع العلم بمقتضى الحكمة، فهنا تعارُض بين إرادتين، إرادة قبض نفس المؤمن، وإرادة ترك ما يسوءه، فهنا يقول تردُّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكرهُ الموتَ وأكرهُ مساءتَه، ولابدَّ له منه، أمَّا تردُّد المخلوق فمنشؤه الجهل بخير الأمرين، مع الجهل بما ينتهي إليه أمره، فهو جهلٌ في المبدأِ في النهايةِ، تردُّد فمنشأُ تردُّد الإنسان هو الجهل بما تقتضيه الحكمة والمصلحة، ثمَّ إنَّه لا يدري مالا ينتهي إليه الأمر، فالحديث نفسه في تفسير ذلك التردُّد والله أعلم.
 
– القارئ: أحسن الله إليكم، حديثٌ آخرٌ
قرأَهُ عليَّ أبو بكرٍ محمّدٌ بنُ عبيدِ اللهِ بنُ عبيدِ بياضٍ قالَ: قُرِئَ على أبي عبدِ اللهِ الحسينِ بنِ أحمدَ البغداديِّ الزاهدِ وأنا أسمعُ: قيلَ لهُ قرأْتَ، قيلَ لهُ قرأْتَ على أبي الحسينِ محمدٍ بنِ عبيدِ اللهِ بنِ جعفرٍ بنِ أحمدَ بنِ حمدانَ، قالَ: حدَّثَنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ سلمانَ بنُ الحسنِ النجَّادِ قالَ: حدَّثَنا إبراهيمُ بنُ عبدِ اللهِ قالَ: حدَّثَنا محمَّدٌ بنُ بشير قالَ: حدَّثَنا ابنُ المباركِ قالَ: حدَّثَنا أبو عبيدةَ عنِ الحسنِ قالَ: قالَ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ -رضيَ اللهُ عنهُ-:
(يا رسولَ اللهِ مَن أوَّلُ مَن يُحاسَبُ يومَ القيامةِ؟ قالَ: أبو بكرٍ الصدِّيقُ، قالَ: ثمَّ مَن؟ قالَ: ثمَّ عمرُ، قالَ: ثمَّ مَن؟ قالَ: أنتَ يا عليٌّ، قلْتُ يا رسولَ اللهِ أينَ عثمانُ بنُ عفَّانَ؟ قالَ: إنِّي سألْتُ عثمانَ حاجةً سرَّاً فقضاها سرَّاً، فسألْتُ اللهَ ألّا يحاسبَ عثمانَ، ثمَّ ينادي المنادي: أينَ السابقونَ الأولونَ، أينَ ابو بكرٍ الصدِّيقُ، فيتجلَّى اللهُ تعالى لأبي بكرٍ خاصَّةً وللناسِ عامَّةً، ثمَّ يقولُ: قد غفرْتُ لكَ يا أبا بكرٍ، فيقولُ: ولمُحبِّيني، فيقولُ: إنَّهم قد اخترعُوا ذنوباً، فيقولُ: هبْهم لي؟ فيقولُ: قد أمرْتُ بهم إلى النارِ
– الشيخ: لا حول ولا قوَّةَ إلّا بالله.
– القارئ:  …يروعون فيها روعاً، أُكفِّرُ بها عنهم سيِّئاتِهم، ثمَّ آمرُ الملائكةَ أنْ يدفعوهم إليكَ فيأخذونهم، ولم يدخلْ في آنافِهم حرُّ النارِ، ولا نالَ أجسادَهم ولا وجوهَهم مِن حرِّها، فيأخذونهم وقد بيَّضَ اللهُ وجوهَهم، فيسلِّمونهم إلى أبي بكرٍ..
– الشيخ: هذا محبُّ أبي بكرٍ؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: إذاً الرافضة كلُّهم، قبَّحَهم الله، نعم
– القارئ: ثمَّ يخلصُ لي الشفاعةُ، فأدخلُ على ربِّي عزَّ وجلَّ فأسجدُ لهُ، فيقولُ ارفع رأسَكَ يا محمَّدُ، قلْ يُسمَعْ، واشفعْ تُشفَّعْ، فأقولُ أُمَّتي أُمَّتي، فيحدُّ لي حدَّاً فأخرجُهم، وذكرَ الحديثَ بطولِهِ فأقولُ يا ربِّي ..
– الشيخ: […..]
– القارئ: الحديث؟
– الشيخ: أي.
– القارئ: يقولُ لم أجدْ مَن أخرجَهُ.
– الشيخ:
عفا الله عنه، حديث لا أصلَ له، […..] معروف في الصحيح، حديث الشفاعة، أعوذ بالله، التفصيلات.
 
– القارئ: فأقولُ يا ربِّي شفِّعْني في مَن قالَ: (لا إلهَ إلَّا اللهَ) قالَ: يا محمَّدُ هذا إليَّ خاصةً، فيأخذُ الجبَّارُ ماءً بيدِهِ فينضحُهُ فيقعُ كلُّ نقطٍ على مَن قالَ لا إلهَ إلَّا اللهَ، فيلتقطُهم الملائكةُ مِن النارِ فتخرجُهم مِن النارِ ويبقى المخلّدونَ) وذكرَ باقيَهُ.
اعلم أنَّ هذا الخبرَ قد دلَّ على فوائدَ: منها فضيلةٌ لأبي بكرٍ وأنَّهُ أوَّلُ مَن يُحاسَبُ، وأنَّهُ يُشفَّعُ وهذهِ طبقةُ الأنبياءِ.

– الشيخ: رحمَ اللهُ القاضيَ، يعني ما عنده الله يغفر له، كأنّه يبني عليه.
– القارئ: أي نعم يذكرُ أحسنَ اللهُ إليك.
– الشيخ
: يعني يفترض أنَّه صحَّحه، عفا اللهُ عنَّا وعنه، لا إله إلَّا الله لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله، والمحقِّق يقول ما وجدته؟
– القارئ: يقولُ لمْ أجدْ مَن أخرجَهُ، وإسنادُهُ ضعيفٌ مُرسَلٌ وفيهِ نكارة، الحسنُ لم يسمعْ مِن عليٍّ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَهُ الترمذيُّ.
– الشيخ:
هذا كلام ملفّق، تجاوزه، أتركه بس
– القارئ: أحسن الله إليك، قالَ إثباتُ الحثياتِ للهِ تعالى بيديهِ
– الشيخ:
أي هذا فيه من غير حديث، نعم
– القارئ: رواهُ الحسنُ والدارقطنيُّ في أخبارِ الصفات بإسنادِهِ عن أبي أمامةَ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: سمعْتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقولُ: (وعدَني ربَّي أنْ يُدخِلَ الجنةَ مِن أُمَّتي سبعينَ ألفاً بغيرِ حسابٍ ولا عذابٍ، معَ كلِّ ألفٍ سبعينَ ألفاً، وثلاثُ حثياتٍ مِن حثياتِ ربِّي عزَّ وجلَّ) اعلمْ أنَّهُ غيرُ مُمتنعٍ حملُ هذهِ الصِّفةِ على ظاهرِها، كما حملْنا القبضَ بقولِهِ: (والسماواتُ مطوياتٌ بيمينِهِ) وعجنُ طينةِ آدمَ وغيرُ ذلكَ، وفي معناهُ.
– الشيخ:
أيش آدم؟ وعجن؟
– القارئ: وعجنُ طينةِ آدمَ، وغيرُ ذلكَ وفي معناهُ ذكرَ ابنُ منيعٍ في كتابِ (المُعجم) بإسنادِهِ عن أبي سعيدٍ الأنماريِّ أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قالَ: (وعدَني ربَّي أنْ يُدخِلَ مِن أُمَّتي سبعينَ ألفاً بغيرِ حسابٍ، ويشفعُ كلُّ ألفٍ بسبعينَ ألفاً، ثمَّ يحثي لي ثلاثَ حثياتٍ بكفِهِ) انتهى -أحسنَ اللهُ إليكَ.
– الشيخ: انتهى؟ جزاك الله خيرا.
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة