بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الجواب الصَّحيح لِمَن بدّل دين المسيح) لابن تيمية
الدّرس الثّالث بعد المئة
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ نبيّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمَّا بعد: فيقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ -رحمهُ اللهُ تعالى- في كتابِه "الجوابُ الصحيحُ لمن بدَّلَ دينَ المسيحِ"، يقولُ رحمهُ اللهُ تعالى:
فصلٌ:
قَالُوا: نَذْكُرُ خَامِسًا، وَفِي السِّفْرِ الثَّانِي مِنَ التَّوْرَاةِ: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى مِنَ الْعُلّيْقَةِ قَائِلًا: (أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ)، وَلَمْ يَقُلْ أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، بَلْ كَرَّرَ اسْمَ الْإِلَهِ ثَلَاثَ دُفُوعٍ قَائِلًا: أَنَا إِلَه وَإِلَه؛ لِتَحَقُّقِ مَسْأَلَةِ الثَّلَاثِ أَقَانِيمَ.
– الشيخ: لا، أعد.
– القارئ: بَلْ كَرَّرَ اسْمَ الْإِلَهِ ثَلَاثَ دُفُوعٍ قَائِلًا: أَنَا إِلَه وَإِلَه.
– الشيخ: وإله، ثلاث.
– القارئ: ما في ثالثة.
– الشيخ: لا فيه، لابدَّ فيه.
– القارئ: عندنا ما في، عندي أنا.
– طالب: إله وإله وإله.
– الشيخ: صح، هذا ما يقتضيهِ الكلامُ.
– القارئ: بَلْ كَرَّرَ اسْمَ الْإِلَهِ ثَلَاثَ دُفُوعٍ قَائِلًا: أَنَا إِلَه وإلَه وَإِلَه؛ لِتَحَقُّقِ مَسْأَلَةِ الثَّلَاثِ أَقَانِيمَ فِي لَاهُوتِهِ. وَالْجَوَابُ…
– الشيخ: اللهمَّ لك الحمدُ، يمكن يصير أربعة، إلهُ إبراهيمَ وإلهَ إسماعيلَ وإلهُ إسحاقَ وإله، قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا [البقرة:133]
– القارئ: وَالْجَوَابُ: أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِهَذَا عَلَى الْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ مِنْ أَفْسَدِ الْأَشْيَاءِ، وَذَلِكَ يَظْهَرُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِلَفْظِ الْإِلَهِ أُقْنُومُ الْوُجُودِ، وَبِلَفْظِ الْإِلَهِ مَرَّةً ثَانِيَةً أُقْنُومُ الْكَلِمَةِ، وَبِالثَّالِثِ أُقْنُومُ الْحَيَاةِ؛ لَكَانَ الْأُقْنُومُ الْوَاحِدُ إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ، وَالْأُقْنُومُ الثَّانِي إِلَهَ إِسْحَاقَ، وَالْأُقْنُومُ الثَّالِثُ إِلَهَ يَعْقُوبَ؛ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنَ الْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ إِلَهَ أَحَدِ الْأَنْبِيَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَالْأُقْنُومَيْنِ لَيْسَا بِإِلَهَيْنِ لَهُ؛ وَهَذَا كُفْرٌ عِنْدَهُم وَعِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمِلَلِ. وَأَيْضًا فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْآلِهَةُ ثَلَاثَةً، وَهُمْ يَقُولُونَ: إِلَهٌ وَاحِدٌ. ثُمَّ هُمْ إِذَا قَالُوا: كُلٌّ مِنَ الْأَقَانِيمِ إِلَهٌ وَاحِدٌ، فَيَجْعَلُونَ الْجَمِيعَ إِلَهَ كُلِّ نَبِيٍّ، فَإِذَا احْتَجُّوا بِهَذَا النَّصِّ عَلَى قَوْلِهِمْ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ إِلَهُ كُلِّ نَبِيٍّ لَيْسَ هُوَ إِلَهَ النَّبِيِّ الْآخَرِ، مَعَ كَوْنِ الْآلِهَةِ ثَلَاثَةً.
– الشيخ: لا إله إلا الله، الحمدُ للهِ، أعوذُ باللهِ.
– القارئ: الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ رَبُّ الْعَالَمِينَ…
– الشيخ: يظهرُ أنَّها ربَّ، خلنا نشوف، إنَّ اللهَ، قل نشوف.
– القارئ: وَرَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، أَفَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ لَيْسَ هُوَ رَبّ …
– الشيخ: أيش؟ إنَّ الله.
– القارئ: الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَرَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، أَفَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ لَيْسَ هُوَ رَبَّ الْأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ.
– طالب: في بعضِ النسخِ: "فيلزمُ" وليس فيها ألفٌ.
– الشيخ: إي "فيلزم"، هذا الصح، ما شاءَ اللهُ النسخة اللي عندك ذي؟
– طالب: إي "فيلزم"
– الشيخ: "فيلزمُ" تمام، أعد.
– القارئ: الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَرَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ.
– الشيخ: فيلزمُ.
– القارئ: فيلزمُ أَنْ يَكُونَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ لَيْسَ هُوَ رَبَّ الْأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ.
– طالب: أحسنَ اللهُ إليك، فيلزمُ أن يكونَ ربَّ كلِّ شيءٍ.
– الشيخ: لا لا.
– طالب: هكذا عندنا.
– الشيخ: لا لا، فيلزمُ.
– القارئ: فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ لَيْسَ هُوَ رَبَّ الْأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ.
– الشيخ: عندكم شيء ثاني وربَّ كلِّ شيءٍ؟
– طالب: فيلزمُ أن يكونَ ربَّ كلِّ شيءٍ.
– القارئ: فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ لَيْسَ هُوَ رَبَّ الْأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ.
– الشيخ: ما في عندك شيء "وربَّ"؟
– طالب: لا ما عندي.
– الشيخ: عندك أيش يا أبو؟
– طالب: فيلزمُ أن يكونَ ربَّ كلِّ شيءٍ.
– الشيخ: فيلزمُ.
– طالب: أيوا، ويُقَالُ: إِلَهُ مُوسَى وَإِلَهُ مُحَمَّدٍ.
– القارئ: لا، قبلها قبلها.
– الشيخ: بعده..
– القارئ: هذه بعد.
وَكَذَلِكَ يُقَالُ: إِلَهُ مُوسَى وَإِلَهُ مُحَمَّدٍ، مَعَ قَوْلِنَا: إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، أَفَتَكُونُ الْآلِهَةُ خَمْسَةً، وَقَدْ قَالَ يَعْقُوبُ لِبَنِيهِ: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، أَفَتَرَاهُ أَثْبَتَ إِلَهَيْنِ: أَحَدُهُمَا إِلَهُهُ، وَالْآخَرُ إِلَهُ…
– الشيخ: قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ
– القارئ: وَالْآخَرُ إِلَهُ الثَّلَاثَةِ؟!
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْعَطْفَ يَكُونُ تَارَةً لِتَغَايُرِ الذَّوَاتِ، وَتَارَةً لِتَغَايُرِ الصِّفَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى [الأعلى:1-5]، وَالَّذِي خَلَقَ هُوَ الَّذِي قَدَّرَ وَأَخْرَجَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ [البقرة:133]، وَهُوَ هُوَ سُبْحَانَهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ -صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ- لِقَوْمِهِ: قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء:75-82] وَالَّذِي خَلَقَهُ هُوَ الَّذِي يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ، وَهُوَ الَّذِي يُمِيتُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ.
فَقَوْلُهُ فِي التَّوْرَاةِ: إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِثَلَاثَةٍ؛ بَلْ يُقَالُ فِي الِاثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ بِحَسَبِ مَا يَقْصِدُ الْمُتَكَلِّمُ ذِكْرَهُ مِنَ الصِّفَاتِ، وَفِي هَذَا مِنَ الْفَائِدَةِ مَا لَيْسَ فِي قَوْلِهِ: إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ؛ فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ ذَلِكَ لَمْ يُفِدْ إِلَّا أَنَّهُ مَعْبُودُ الثَّلَاثَةِ، لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ عَبَدُوهُ مُسْتَقِلِّينَ، كُلٌّ مِنْهُمْ عَبَدَهُ عِبَادَةً اخْتَصَّ بِهَا لَمْ تَكُنْ هِيَ نَفْسَ عِبَادَةِ الْأَوَّلِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا قِيلَ: إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ؛ دَلَّ عَلَى عِبَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِاللُّزُومِ، وَإِذَا قَالَ: وَإِلَه؛ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَعْبُودُ كُلٍّ مِنَ الثَّلَاثَةِ.
– الشيخ: أي: يعني إذا قال: إلهُ إبراهيمَ وإله وإله، كأنَّه يعني اختصار، نعم كما تقدَّمَ.
– القارئ: دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَعْبُودُ كُلٍّ مِنَ الثَّلَاثَةِ، فَأَعَادَهُ بِاسْمِ الْإِلَهِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْعِبَادَةِ دَلَالَةً بِاللَّفْظِ الْمُتَضَمِّنِ لَهَا، وَفِي ذَلِكَ مِنْ ظُهُورِ الْمَعْنَى لِلسَّامِعِ وَتَفَرُّعِهِ بِصُورَةٍ لَهُ مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ مَا لَيْسَ فِي دَلَالَةِ الْمَلْزُومِ.
– الشيخ: لا، "ما ليس في دلالةِ اللزومِ".
– القارئ: قال رحمهُ اللهُ تعالى: فصلٌ.
– الشيخ: ما عندك "اللزوم"؟
– طالب: عندي "اللزوم"
– الشيخ: عندك "اللزوم"؟
– طالب: نعم
– الشيخ: طيب، عندكَ "اللزوم" ولّا "الملزوم"؟ أنت يا سامي؟
– القارئ: أنا عندي "الملزوم"
– الشيخ: إي لا، الصوابُ عند أبو عبد الوهاب، هو الظاهرُ.
– القارئ: قال رحمهُ اللهُ تعالى: فصلٌ:
قَالُوا: وَكَذَلِكَ شَهِدَ (أَشْعِيَا) بِتَحَقُّقِ الثَّالُوثِ بِوَحْدَانِيَّةِ جَوْهَرِهِ، وَذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (رَبُّ الْقُوَّاتِ)، وَبُقُولِهِ: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ). وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْمَزَامِيرِ شَيْءٌ كَثِيرٌ؛ حَتَّى الْيَهُودُ يُقِرُّونَ هَذِهِ النُّبُوَّاتِ وَلَا يَعْرِفُونَ لَهَا تَأْوِيلًا، وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُونَ مِنْهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً؛ وَإِنَّمَا قُلُوبُهُمْ مَغْلُوقَةٌ عَنْ فَهْمِهِ لِقَسَاوَتِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُمْ إِذَا اجْتَمَعُوا فِي كَنِيسَتِهِمْ كُلَّ سَبْتٍ يَقِفُ الْحَرَّانُ أَمَامَهُم، وَيَقُولُ كَلَامًا عِبْرَانِيًّا هَذَا تَفْسِيرُهُ، وَلَا يَجْحَدُونَهُ، (نُقَدِّسُكَ، وَنُعَظِّمُكَ، وَنُثَلِّثُ لَكَ تَقْدِيسًا مُثَلَّثًا كَالْمَكْتُوبِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ). فَيَصْرُخُ الْجَمِيعُ مُجَاوِبِينَ: (قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْقُوَّاتِ وَرَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ). فَمَا أَوْضَحَ إِقْرَارَهُمْ بِالثَّالُوثِ، وَأَشَدَّ كُفْرَهُمْ بِمَعْنَاهُ، فَنَحْنُ لِأَجْلِ هَذَا الْبَيَانِ الْوَاضِحِ الَّذِي قَالَهُ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ، وَفِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ فَجَعَلُوهُ ثَلَاثَةَ أَقَانِيمَ جَوْهَرًا وَاحِدًا.
– الشيخ: لا، فجعلوه ولا فجعلناه؟
– القارئ: عندي "فجعلوه".
– الشيخ: لا إله إلا الله.
– طالب: في نسخ ثانية "فاجعله".
– الشيخ: فاجعله؟
– طالب: فاجعله.
– الشيخ: طيب "فاجعله" بدل أيش؟
– طالب: بدل "فجعلوه"
– الشيخ: ها، فاجعله، فجعلناه، اقرأ العبارةَ، أيش يقول، والله ما أدري.
– القارئ: فَمَا أَوْضَحَ إِقْرَارَهُمْ بِالثَّالُوثِ، وَأَشَدَّ كُفْرَهُمْ بِمَعْنَاهُ، فَنَحْنُ لِأَجْلِ هَذَا الْبَيَانِ الْوَاضِحِ الَّذِي قَالَهُ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ، وَفِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ فَجَعَلُوهُ ثَلَاثَةَ أَقَانِيمَ جَوْهَرًا وَاحِدًا، طَبِيعَةً وَاحِدَةً، إِلَهًا وَاحِدًا، رَبًّا وَاحِدًا، خَالِقًا وَاحِدًا، وَهُوَ الَّذِي نَقُولُهُ: أَبٌ وَابْنٌ وَرُوحُ قُدُسٍ.
وَالْجَوَابُ: أَمَّا مَا فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصلاة السَّلَامُ مِنْ تَثْنِيَةِ اسْمِ الرَّبِّ عِنْدَ إِضَافَتِهِ إِلَى مَخْلُوقٍ آخَرَ فَهُوَ مِنْ نَمَطِ تَثْنِيَةِ اسْمِ الْإِلَهِ.
– طالب: تسمية
– الشيخ: عندك "تثنية" ولّا "تسمية"؟
– طالب: تسمية
– الشيخ: عندك يا..
– القارئ: عندي "من تثنيةِ اسمِ الربِّ".
– الشيخ: إي "تثنية"، هي "تثنية"، يعني مثل رب رب السماواتِ، إله وإله، هذه التثنيةُ، وعندك تسمية؟
– طالب: تسمية، نسختين: نسخةٌ تسمية، ونسخةٌ تسميته.
– الشيخ: لا، كأنّها "تثنية"، كأنَّها "تثنية"، تثنية جاريةٌ على ما تقدَّمَ من ذكرِ الربِّ مرتين ثلاث، والإله مرتين وثلاث، تثنية، نعم قل قل.
– القارئ: وَالْجَوَابُ: أَمَّا مَا فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ تَثْنِيَةِ اسْمِ الرَّبِّ عِنْدَ إِضَافَتِهِ إِلَى مَخْلُوقٍ آخَرَ فَهُوَ مِنْ نَمَطِ تَثْنِيَةِ…
– الشيخ: شوف واضح، عند إضافتِه إلى مخلوقٍ آخرَ، ربّ السمواتِ وربّ الأرضِ وربّ العالمينَ ورب.
– القارئ: فَهُوَ مِنْ نَمَطِ تَثْنِيَةِ اسْمِ الْإِلَهِ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْأَرْبَابِ وَالْآلِهَةِ، وَلِهَذَا لَا يَقْتَضِي جَعْلَهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةً إِذَا ذُكِرَ اللَّفْظُ مَرَّتَيْنِ وَأَرْبَعَةً، وكَذَلِكَ إِذَا ذُكِرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَرْبَابَ ثَلَاثَةٌ. وَهُمْ أَيْضًا لَا يَقُولُونَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَابٍ وَثَلَاثَةِ آلِهَةٍ، فَلَوْ كَانَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَابٍ وَثَلَاثَةِ آلِهَةٍ لَدَلَّ عَلَى نَقِيضِ قَوْلِهِم؛ بَلْ هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُثْبِتُونَ إِلَهًا وَاحِدًا؛ وَلَكِنَّهُمْ يُنَاقِضُونَ فَيُصَرِّحُونَ بِثَلَاثَةِ آلِهَةٍ، وَيَقُولُونَ: هُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ. وَالْكُتُبُ لَا تَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِمُ الْمُتَنَاقِضِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ اعْتِرَافِ الْيَهُودِ بِأَلْفَاظِ هَذِهِ النُّبُوَّاتِ…
– الشيخ: قفْ على هذا يا أخي.
– القارئ: بقيَ نصفُ صفحةٍ للفصلِ، نصفُ صفحةٍ للفصلِ، أحسنَ اللهُ إليك.
– الشيخ: طيّبْ كمِّلْ.
– القارئ: وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ اعْتِرَافِ الْيَهُودِ بِأَلْفَاظِ هَذِهِ النُّبُوَّاتِ، وَدَعْوَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ لَهَا تَأْوِيلًا؛ فَإِنْ أَرَادُوا بِالتَّأْوِيلِ تَفْسِيرَهَا وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُهَا؛ فَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى عَلَى الصِّبْيَانِ مِنَ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِم، وَلَكِنَّ النَّصَارَى ادَّعَوْا مَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ. وَإِنْ أَرَادُوا بِالتَّأْوِيلِ مَعْنًى يُخَالِفُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ؛ فَهَذَا إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ ظَاهِرُهُ مَعْنًى بَاطِلًا لَا يَجُوزُ إِرَادَتُهُ، وَلَيْسَ مَا ذَكَرُوا هُنَا مِنْ هَذَا الْبَابِ، بَلِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ يَكْثُرُ فِيهَا مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَفْهَمُ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَابٍ أَوْ ثَلَاثَةَ آلِهَةٍ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ، وَقَالَ قَوْلًا مُخْتَلِفًا يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ. وَمِثْلُ هَذَا مَوْجُودٌ فِي سَائِرِ الْكَلَامِ يُقَالُ: هَذَا أَمِيرُ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ، وَأَمِيرُ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ، وَأَمِيرُ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ، وَهُوَ أَمِيرٌ وَاحِدٌ. وَيُقَالُ: هَذَا رَسُولٌ إِلَى الْأُمِّيِّينَ، وَرَسُولٌ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَرَسُولٌ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَهُوَ رَسُولٌ وَاحِدٌ.
– الشيخ: اللهمّ صلِّ وسلِّمْ على نبينا..