الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب بلوغ المرام/كتاب الطلاق من بلوغ المرام/(20) باب النفقات – حق الزوجة في الطعام والكسوة – وجوب النفقة على الأنسان لمن يفوته – نفقة المتوفى عنها زوجها – نفقة من بلغ من الأولاد

(20) باب النفقات – حق الزوجة في الطعام والكسوة – وجوب النفقة على الأنسان لمن يفوته – نفقة المتوفى عنها زوجها – نفقة من بلغ من الأولاد

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح "بلوغ المرام مِن أدلّة الأحكام" (كتاب الطّلاق)
الدّرس العشرون

***    ***    ***    *** 

– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ -رحمَه الله تعالى- في "بلوغ المرام" في تتمَّةِ بابِ النفقات:
وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ اَلْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ? قَالَ: (أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اِكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبِ اَلْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّح..). اَلْحَدِيثُ. وتَقَدَّمَ فِي عِشْرَةِ اَلنِّسَاءِ
 وَعَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ -رضي الله عنهما- عَنْ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -فِي حَدِيثِ اَلْحَجِّ بِطُولِهِ- قَالَ فِي ذِكْرِ اَلنِّسَاءِ:
(وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
– الشيخ: هذان الحديثانِ فيهما الدَّلالةُ على وجوب نفقةِ المرأة على زوجِها، وهذا قد جاءتِ الإشارةُ له في القرآن كما تقدم: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] وجاء في خطبةِ النبي بعَرَفَة كما في حديث جابر: (وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فهذا مطابقٌ للقرآنِ.
وحديثُ معاوية كذلك: ما حقُّ امرأةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: (أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اِكْتَسَيْتَ) وكذلك قوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ إلى قوله: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:6-7] فنفقةُ المرأة على زوجِها بالاتفاقِ، وهي بالمعروفِ: بحسَبِ العادةِ وبحسَبِ العُرفِ الجاري.
 وقالَ في الحديث: (وَلَا تَضْرِبِ اَلْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ) هذا مما نُهِيَ عنه الرجلُ أنْ يفعلَه مع امرأتِه، فإذا كانَ منها شيءٌ مِن النُّشوزِ فيَفعلُ ما أمرَ اللهُ به من الوعظِ والهَجْرِ والضَّربِ لكن ضَرباً غير مُبَرِّحٍ وعلى غيرِ الوجهِ، فضربُ الوجهِ حرامٌ، لا يجوزُ لا في تأديبِ المرأةِ ولا في تأديبِ الصبيِّ ولا في تأديبِ التلميذِ (وَلَا تَضْرِبِ اَلْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ) وكذلكَ التقبيحُ كأنْ يقولَ: قبَّحَكِ اللهُ، حرام، ومثله أو أقبحُ منه اللّعْن (وَلَا تَضْرِبِ اَلْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ) فأمرَه بما يجبُ مِن الإنفاق، ونهاهُ عما يحرمُ من سوء المعاملة القوليةِ والفعليةِ.
 
– القارئ: وعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ). رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: (أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ)
– الشيخ: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا): يعني: كفاهُ إثمُ تضييعِهِ مَن يقوتُ، (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا): يعني: كفاهُ إثمًا، يعني: كفاهُ الإثمُ، أو كفاهُ مِن الإثمِ، هذا فيه دلالةٌ على أنه عظيمٌ (أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ) أو (أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ): دلَّ ذلكَ على وجوبِ النفقةِ لِمَنْ هو مالكٌ لأمرِه، فيُستدلُّ بهذا على وجوبِ النفقة على المماليكِ وعلى الدوابِّ والبهائمِ. مَن له عبيدٌ فيجبُ عليه أن ينفقَ عليهم، ويَحرُمُ عليه أن يمنعَهم قوتَهم، وكذلك من يملك دوابّ يجبُ عليه مِن العَلَفِ ما يَكْفِيهَا (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ) مَن يقوتُهُ يعني: مَن يَمُونُه وينفقُ عليه، فعلى مَن وجبتْ عليه نفقةُ زوجةٍ أو مملوكٍ أو بهيمةٍ يجب عليه أنْ يبذلَ ما أوجبَ الله عليهِ، وإذا منعَ ذلكَ كان آثمًا وعاصيًا. الله أكبر.
 
– القارئ: وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا -يَرْفَعُهُ فِي اَلْحَامِلِ اَلْمُتَوَفَّى عَنْهَا- قَالَ: (لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَخْرَجَهُ اَلْبَيْهَقِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ قَالَ: اَلْمَحْفُوظُ وَقْفُهُ. وَثَبَتَ نَفْيُ اَلنَّفَقَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
– الشيخ: لا إله إلا الله، الحاملُ الـمُتَوفَّى عنها، هذا الحديث أو الأثرُ يدلُّ على أن الحامل الـمُتَوفَّى عنها لا نفقةَ لها، يعني لا نفقةَ لها على وَرَثَةِ زَوجِهَا، أو مَن تركةُ زوجِها، لكن يُنفَقُ عليها مِنْ نصيبِ الحَمْلِ، فإذا كان الحَمْلُ مثلاً، من نصيبِ الحَمْلِ على تقديرِ إِرْثِهِ يعني، وقد يُنتظرُ في هذا ثبوتُ إرثِهِ؛ لأن الحَمْلَ لا يثبتُ الإرثُ إلا إذا وُلِدَ حيًّا، إذا وُلد حيًّا فإنه يَرِثُ حينئذٍ.
 
– القارئ: وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اَلْيَدِ اَلْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ اَلْيَدِ اَلسُّفْلَى، وَيَبْدَأُ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ. تَقُولُ اَلْمَرْأَةُ: أَطْعِمْنِي، أَوْ طَلِّقْنِي) رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ اَلْمُسَيَّبِ -فِي اَلرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ- قَالَ: "يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا". أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي اَلزِّنَادِ، عَنْهُ. قَالَ: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ: سُنَّةٌ? فَقَالَ: سُنَّةٌ. وَهَذَا مُرْسَلٌ قَوِيَ.

– الشيخ: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (اَلْيَدِ اَلْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ اَلْيَدِ اَلسُّفْلَى): وجاء في الحديث الآخرِ: (إنَّ يدَ الـمُعطي هِيَ العُلْيَا) يدُ الـمُعطي هِيَ العُلْيَا حِسَّاً ومعنىً، الـمـُعطي هو الـمُتفضِّل والـمـُحسِن وهو الذي بجانبِه الغِنى، ويدُ الآخذِ السُّفلى، فهو دونَه، وهو محتاجٌ إلى مَن يُنفِقُ عليه أو يتصدَّقُ عليه.
وفي الحديث: (واِبْدَأ بِمَنْ تَعُولُ) اِبْدَأ بِمَنْ تجبُ عليك، اِبْدَأ، قبلَ أنْ تتصدَّقَ على البعيدين والأجانبِ (اِبْدَأ بِمَنْ تَعُولُ) مَن أنتَ مسؤولٌ عنه مِن زوجةٍ أو ولدٍ أو قريبٍ (اِبْدَأ بِمَنْ تَعُولُ): وهذا مُوجَبُ الحكمة، وَضْعُ الأشياء في موضعِها، وتقديم الـمـُقدَّم وتأخيرُ الـمُؤخَّرِ (واِبْدَأ بِمَنْ تَعُولُ)
وهنا مسألةٌ إذا أعْسَرَ الرجلُ في نفقةِ امرأتِه أعسرَ ما عندَه شيءٌ يعطيهَا، قال في الحديثِ: (تَقُولُ اَلْمَرْأَةُ: أَطْعِمْنِي، أَوْ طَلِّقْنِي)، فإذا كانَ واجِدًا وجبَ عليه أن يُطْعِمَهَا (تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اِكْتَسَيْتَ): لكن الشأنُ فيما إذا عَجِزَ، اختلفَ العلماءُ:
فمنهم من يقول: إذا طلبتِ الفسخَ فإنها تُفسَخ، ويُفَرَّقُ بينهمَا، فإنَّها كيفَ تبقى معَه وهي محتاجةٌ إلى النفقة؟
والقولُ الآخرُ: أنه لا يُفَرَّقُ بينهما لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا [الطلاق:7] لكن إذا عَجِزَ عَن النفقة يتركُها، يتركُها ولو تُحصل النفقة بالسؤالِ، إذا لم يستطعِ الإنفاق فلا يَحجُرْ عليها يتركُها تَطلبُ الرزقَ بأيِّ طريقٍ مشروعٍ مباحٍ.. انتهى الباب؟
– القارئ: لا، بقي أحاديث.
– الشيخ: قف عليه، واقرأ لنا موضوع المسألةِ الأخيرةِ، هذه مهمة، ومسألةُ الحامل أيش قال عليها البسام؟ الـمُتوفَّى عنها، حديثُ جابرٍ.
 
– القارئ: قالَ -رحمه الله-: ما يُؤخذُ مِن الحديثِ –عَن الحاملِ المتوفي عنها زوجُها قالَ لا نفقةَ لها-
قال: أولًا: الزوجةُ إذا تُوفِّيَ عنها زوجُها فلا نفقةَ ولا سُكْنَى لها مِن تركةِ زوجِها، وإنْ كانَتْ حاملًا، قالَ في الروضِ الـمُربِعِ: لأنَّ المالَ انتقلَ عَن الزوجِ إلى الوَرَثةِ، ولا حقَّ لها على الورثةِ، فإنْ كانتْ حاملًا فالنفقةُ لها مِن حِصَّةِ الحملِ مِن التركةِ، إنْ كانَتْ لَه تركةٌ، وإنْ لمْ تكنْ لَه تركةٌ فنفقتُها على وارثِ الجنينِ الـمُوسِرِ، وإلى هذا ذهبَتِ الشافعيةُ والحنابلةُ وغيرُهم، وقالوا: لأنَّ الأصلَ براءةُ الذِّمَّةِ مِن النفقةِ، وأمَّا وجوبُ التربُّصِ أربعةَ اشهرٍ وعشراً
– الشيخ: لأنَّه بوفاتِه انقطعَت العلاقةُ الزوجيةُ، خلاص، انقطعَت العلاقةُ الزوجيةُ في الجملةِ.
– القارئ: وقالوا: لأنَّ الأصلَ براءةُ الذِّمَّةِ مِن النفقةِ، وأمَّا وجوبُ التربُّصِ أربعةَ اشهرٍ وعشراً فلا يُوجِبُ النفقةَ.
ثانيًا: هذا الحكمُ يكونُ عندَ الـمُشاحَّةِ، وإلا فالمصاهرةُ والقرابةُ تدعو المؤمنينَ إلى التسامحِ في مثلِ هذهِ الأمورِ، واللهُ تباركَ وتعالى يقولُ: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237] وقالَ تعالى: في الوصيةِ بزوجةِ المتوفَّى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240]

– الشيخ: هذه الآيةِ مُختلَفٌ في حُكمِها، قيلَ: إنَّها منسوخةٌ بالآيةِ التي قبلَها، وقيلَ: بل هي مُحكمَةٌ، فالأُولى: في التربُّصِ مدةَ العِدَّةِ أربعةَ أشهرٍ وعشراً، والثانيةُ: وصيةٌ زائدةٌ، {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} وصيةً بمتاعِ الـمُتَوفَّى عَنْها سَنَة {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} فمنهمْ مَن يقولُ بوجوبِها، ومنهم مَن يقولُ باستحبابِها، والجمهورُ على الأولِ على أنَّه لا نفقةَ لها مِن تَرِكَةِ الـمُتَوفَّى.
 
– القارئ: قالَ على حديثِ (أَطْعِمْنِي، أَوْ طَلِّقْنِي):
قالَ: خلافُ العلماءِ: اختلفَ العلماءُ هلْ للمراةِ فَسْخُ نكاحِها إذا أعسرَ زوجُها بالنفقةِ أمْ لا؟ ذهبَ الأئمةُ الثلاثةُ مالكٌ والشافعيٌّ وأحمدُ إلى أنه يُفرَّقُ بينهُمَا بطلبِها، ويُروى عَن عمرَ وعليٍّ وأبي هريرة وسعيدِ بن المسيَّبِ والحسنِ وعمرِ بنِ عبدِ العزيزِ وربيعةَ الرأي وحمادٍ وعبدِ الرحمنِ بنِ مَهْديّ وإسحاقٍ وأبي عبيدٍ، والدليلُ على ذلكَ قولُه تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]
– الشيخ: […..] هو أمسك.
– القارئ: وليسَ الإمساكُ معَ عدمِ النفقةِ إمساكًا بمعروفٍ
– الشيخ: ما منعَ النفقةَ، ما لَهُ ذنبٌ، لو أمسكَها وهو واجِدٌ: نعم، لها حقٌّ في طلبِ الفسخِ ولا إشكالَ. لكن إذا كان ما لَه ذنبٌ، هو نفسُه ما، ولعلَّ حديث معاوية (أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ) يعني: إذا قدرتَ وصار عندكَ ما تُطعِمُ، أطعمْها إذا طعمْتَ واكْسُهَا إذا اكْتَسَيْتَ. أكمل، أكمل.
 
– القارئ: وليسَ الإمساكُ معَ عدمِ النفقةِ إمساكًا بمعروفٍ قالَ
– الشيخ:
لا ممنوع دعوى أنَّه خلافُ الآيةِ، ليسَ إمساكًا بمعروفٍ، أمسكَها وهو عاجزٌ.
– القارئ: قالَ ابنُ المنذرِ: ثبتَ أنَّ عمرَ كتبَ إلى أمراءِ الأجنادِ أنْ يُنفقوا أو يُطلِّقُوا. فمتى ثبتَ إعسارُهُ بالنفقةِ فللمرأةِ الفسخُ مِن غيرِ إنظارٍ. وذهبَ الإمامُ أبو حنيفةَ إلى أنَّه لا يثبتُ لها فَسْخُ النكاحِ معَ الإعسارِ بالنفقةِ، وإنَّما يُؤْمَرُ بالاستدانةِ
– الشيخ: بالاستدانة؟
– القارئ: نعم.
– الشيخ: لكن لو ما وجدَ مَن يُدينه، ما عنده.
– القارئ: وتُؤمَرُ المرأةُ بالصبرِ، والنفقةُ تبقى في ذِمَّةِ الزوجِ ولا فسخَ، وذهبَ إلى هذا القولِ عطاءٌ والزهريُّ وابنُ شُبْرُمَةَ وصاحبا أبي حنيفةَ وهو روايةٌ عَن الإمامِ أحمد، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعديّ: الصحيحُ الروايةُ الأخرى عَن أحمدَ: أنَّ المرأةَ لا تملكُ الفسخَ
– الشيخ: هو اختيارُ شيخِ الإسلامِ.
– القارئ: لِعُسْرَةِ زوجِها؛ لقولِه تعالى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ الآية، فلمْ يجعلْ لزوجةِ الـمُعْسِرِ الفسخَ وأيضاً لمْ يثبتْ عَن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- جوازُ الفسخِ لإعسارِهِ، واللهُ أعلمُ.
– الشيخ: لعلَّ هذا هو الصوابُ إن شاء الله.
– القارئ: قولُ الجمهورِ والأحاديثُ: (لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَارَ) -أحسن الله إليك- يقعُ عليها الضررُ.
– الشيخ: أنا أقولُ: ما يمنعُها، تروح تشحَذ، تعمَل.
– القارئ: ابنُ حزمٍ -ذكرَ الصنعانيُّ- قالَ: أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً وَزَوْجُهَا مُعْسِرٌ كُلِّفَتْ بالْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجِهَا
– الشيخ: [يضحك الشيخ] أيش دليلُه؟
– القارئ: وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة:233]
– الشيخ: عجايب! رحمه الله.
– القارئ: الله يجزاه خير، أبو محمد.
– الشيخ: والله، وهذا مُقتضى كرمِ الخلقِ وحسنِ المُعاملَةِ وحُسنِ العشرةِ. يعني المرأة ما شاء الله عندها خيرٌ ومُدرِّسَة ثم تقول: وهو مسكين ما عندَه ما ينفقُ على نفسِه، هذا يكونُ مع المودَّةِ والمحبَّةِ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21] أينَ الرحمةُ؟ وأين المودَّةُ؟
إلى هنا يا محمد.
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه