الرئيسية/شروحات الكتب/مقدمة في أصول التفسير/(7) فصل الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال

(7) فصل الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
شرح رسالة "مُقدِّمة التَّفسير" لشيخ الإسلام ابن تيميّة
الدَّرس: السَّابع

***    ***    ***    
 
– الشيخ: يذكرُ الشيخ هنا أنَّ الناسَ في أمرِ المروياتِ في التفسيرِ وغير التفسيرِ أنهم طرفَان يعني طرفَان ووسطٌ، بس هو الآن يذكرُ حالَ الطرفين الذين يُعبَّر عنهم بالتطرفِ، مُتطرِّفٌ يعني أنه آخذٌ بجانبٍ –بطرفٍ- بالنسبة للمروياتِ: فريقٌ -ويقولُ: يخصُّ بهم كثيرًا من أهلِ الكلامِ- لا بصيرةَ لهم في الحديثِ ولا يُميزون بين صحيحٍ وضعيفٍ فإذا ذكروا يذكرون الصحيحَ والحسنَ والضعيفَ والموضوعَ لا فرقَ عندَهم هذا جانب، يعني مع أنهم يُشار إليهم، يُشارُ إليهم بالعلمِ والذكاءِ "لكن فاقدُ الشيء لا يُعطيه" لم تكنْ لهم عنايةٌ بمعرفةِ الحديثِ وتمييزِ صحيحِه من ضعيفِه، ومقبولِه ومردودِه، سبحانَ الله! هذا فريقٌ.
وفريقٌ آخرُ بالمقابلِ من المعنيِّين بالحديثِ، قومٌ يعتنون بالرواياتِ والأحاديثِ ومعرفةٍ بالأسانيد ولكنهم ليسوا أهلَ فقهٍ في هذا الشأنِ، فهم يأخذون القواعدَ مثلَ قواعدِ السندِ الصحيح، كلُّ ما توافرَت فيه هذه الشروطُ: "شروطُ القبولِ شروطُ الصحةِ مثلًا" … فيرِدُ من هذا القبيلِ أحاديثٌ ظاهرُها الصحةُ وإسنادُها صحيحٌ، فأهلُ الفقهِ في هذا الشأنِ يُدركون الغلطَ فيها، يعني ظاهرُها الصحةُ والقبولُ وإسنادُها صحيحٌ، لكنه يُعلَمُ بطرقٍ يعرفُ أهلُ الشأنِ بطرقٍ أنَّها غلطٌ يعني وهمٌ من الراوي حتى وإن كان صحابيًّا، غلطٌ، لأنه مُعارَضٌ بما هو أقوى منه ولعله سيأتي لهذا بعضُ الأمثلةِ: فهؤلاء إذا وجدُوا أحاديثَ ظاهرُها الصحةُ في نظرِهم عارضُوا بينها وبين الأحاديثِ الصحيحةِ، فراحُوا يتكلَّفون لها وعنها جوابًا مع أنَّ أهلَ الشأنِ من أئمةِ الحديث يُدركون أنها غلطٌ، خلاص غلط، ما تحتاجُ إلى أن يُتكلَّفَ في تأويلِها أو الجمعِ بينها وبين ما عارضَها، لا، هذا غلطٌ، والثقات … يغلطُ وهو ثقةٌ يغلطُ، والحكمُ على الراوي بحسبِ الغالبِ عليه فالغلطُ النادر هذا –كما يُقال- لا حُكمَ له ولا يقدحُ في منزلتِه، فهؤلاء في جانب وهؤلاءِ في جانب. وفي هذه المُناسبة يذكرُ: أنَّ هناك أحاديثَ موضوعة كثيرة تُمثَّلُ بكثيرٍ أو أكثر الأحاديثَ المرويةَ في فضائلِ السورِ، وتجدُها مكتوبةً في "الكشافِ" وعند "الواحدي" وعندَ "الثعالبي" أحاديثٌ موضوعةٌ ومعروفٌ أنها موضوعةٌ، فهؤلاء الذين لا عنايةَ لهم بالحديثِ يقبلونَه ويُثبتونه من أجلِ التدليلِ على فضل هذه السورِ، وبهذه المناسبةِ يُوازن الشيخ بين تفسيرِ "الثعالبي" وَ"الواحدي" يكون صاحبه، الثعالبي يكون شيخًا للواحدي والبغوي. يقولُ: إنَّ الثعالبي ذكر في تفسيره أحاديثَ من غير تمييزٍ حتى قالَ: أنه حاطبُ ليلٍ، هذا مثلٌ يُقالُ: "إنَّ فلانًا حاطبُ ليلٍ ما يُميز" حاطب الليل … ويمكن زين وشين، حاطبُ ليلٍ، الذي يحطبُ في النهارِ يُميزُ ويختارُ ويشوف الشيءَ المناسب، أما حاطبُ الليلِ فمِمَّا يليه يجمعُ فيُعبَّرُ بهذا عن الذي يجمعُ من غير تمييزٍ ويقولُ عن الواحدي: أنَّه أبصرُ من شيخه في العربيةِ، أبصرُ منه بالعربيةِ، والبغوي لا، كأنه اختصارٌ للثعالبي لكنه نقَّاه من الأحاديثِ الموضوعةِ والضعيفة. وبهذا يُعلمُ أنَّ تفسيرَ البغويِّ أفضلُ الثلاثة، هذا معنىً مهم، معرفةُ أحوالِ الناس وأحوالِ الطوائفِ في هذا البابِ في علمِ المنقولاتِ والمروياتِ، فللمروياتِ رجالٌ وأئمةٌ فيقولون: أئمةُ الحديثِ كالصيارفةِ مثلُ الصيارفةِ الذين يتعاملون بالنقودِ في العملاتِ -ما هي العملاتُ اللي هي الورقيةُ لا- ذهبٌ وفضةٌ يُميِّزُ بين الصحيحِ الخالصِ وبين المغشوشِ في نظره، يكون عند أحدِهم من نوعِ حديدةٍ أو حجرٍ يضرِبُ عليه الدينارَ أو الدرهمَ ويعرفُ أنَّه مغشوشٌ ولَّا [أو] صافٍ بطنينِه وَرنينِه. فعلماءُ الحديثِ وأئمةُ الحديث مثلُ الصيارفةِ في نقدِهم. يقولُ العراقيِّ في شطرِ بيتٍ:
فقيَّضَ اللهُ لها نُقَّادها ….. فبيَّنُوا بنقدِهم فسادها
فميَّزوا بين الموضوعِ والضعيفِ والغلطِ، وهذا النوعُ أعني الآن: هذا موجودٌ وهذا موجودٌ، الطرفان الذان ذكرَهما الشيخ موجودان الآن، في [يوجد] ناسٌ ما عندَهم بصيرةٌ في الحديثِ ويأخذون منها كلَّ ما اتفقَ لهم، يستدلون بأحاديثَ ما لها أصلٌ موضوعة أو أنها ضعيفةٌ ضعفًا شديدًا.
وهناك ناسٌ لهم عنايةٌ بالحديث تجدُهم يُصحِّحون الآن في كثيرٍ من الشباب يقرأُ بحسب القواعدِ اللي هو درسها ويحكمُ على الحديثِ: خلاص هذا صحيحٌ، ارجع للأئمةِ ماذا فعلوا؟ لا تأتينا بتصحيحِك أنت، واللهِ أنا قرأْتُ الحديث ودرستُه: الحديثُ صحيحٌ.
هذا الحافظُ ابن حجر: اقرأ "بلوغَ المرامِ" ما أذكر صحيح أنه ضعَّف كثيرًا يقول: بإسناد ضعيف. لكن تصحيحًا: ما أذكر إلا حديثًا أو حديثين حكمَ هو قالَ: إسناده صحيح. ولَّا [أما] الباقي يُحيل على غيره: صحَّحَه ابنُ حبان، الحاكم، ابن خزيمة، فلان كذا، اقرؤوا تأمَّلوا فيه! لا يكادُ يحكمُ على حديثٍ بالصحةِ بل ينقلُ التصحيحَ، أما التضعيفُ فنعم. والناسُ في التصحيحِ والتضعيف كذلك: طرفَان ووسطٌ: فيهم المُتساهلُ، وفيهم المُتشدِّدُ، وفيهم أصحابُ النظرِ الثاقبِ والتوسطِ. هذا كلُّه مُتصلٌ بموضوع التفسيرِ بالمنقولِ هذا كلُّه استطرادٌ وامتدادٌ للكلامِ في التفسيرِ بالمنقول.
 

– القارئ: قالَ رحمه الله: فَصْلٌ: وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ مُسْتَنَدَيْ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ مَا يُعْلَمُ بِالِاسْتِدْلَالِ لَا بِالنَّقْلِ فَهَذَا أَكْثَرُ
– الشيخ: من مُستندَي..، هذا العبارة ما هي …؟
– القارئ: عندي كدا يا شيخ، قالَ: وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ مُسْتَنَدَيْ الِاخْتِلَافِ
– الشيخ: أيش عندكم؟ من أيش؟
– طالب: سببَي

– الشيخ: إي، النوع الثاني أيش؟ من سببَي؟
– طالب: نعم، أحسن الله إليك

– القارئ: وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ سببَيْ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ مَا يُعْلَمُ بِالِاسْتِدْلَالِ لَا بِالنَّقْلِ فَهَذَا أَكْثَرُ مَا فِيهِ الْخَطَأُ مِنْ جِهَتَيْنِ، حَدَثَتَا بَعْدَ تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ؛ فَإِنَّ التَّفَاسِيرَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَلَامُ هَؤُلَاءِ صرفًا
– الشيخ: نعم، تقدَّمَ أنَّ التفسيرَ نوعان: تفسيرٌ بالمنقولِ، وتفسيرٌ بالاستدلالِ، فهذا يريد أن يذكرَ التفسيرَ بالاستدلالَ الذي يكون مبنيًّا على النظرِ في الأدلةِ، في اللغةِ، كما يقولُ الشوكاني: "فتحُ القديرِ الجامعُ بين علمَي الدرايةِ والروايةِ من علمِ التفسيرِ" تفسيرٌ بالرواية وهو المنقولُ، وتفسيرٌ بالدرايةِ يعني بالاستنباطِ ووجوه الاستدلالِ.
 

– القارئ: فَإِنَّ التَّفَاسِيرَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَلَامُ هَؤُلَاءِ صِرْفًا لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ.
– الشيخ: أعِدْ أعِدْ.
– القارئ: فَهَذَا أَكْثَرُ مَا فِيهِ الْخَطَأُ مِنْ جِهَتَيْنِ، حَدَثَتَا بَعْدَ تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ؛ فَإِنَّ التَّفَاسِيرَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَلَامُ هَؤُلَاءِ صرفًا لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ. مِثْلَ تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَوَكِيعٍ وَعَبْدِ بْنِ حميد وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إبْرَاهِيمَ دُحيم.
– الشيخ: دُحيم: هذا لقب له، شيخُ البخاري اسمه: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ولقبه: دُحيم.
– القارئ: وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إبْرَاهِيمَ دُحيم. وَمِثْلَ تَفْسِيرِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وبقي بْنِ مخلد وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة وَسَنِيدٍ وَابْنِ جَرِيرٍ وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاجَه. وَابْنِ مردويه.
إحْدَاهُمَا: قَوْمٌ اعْتَقَدُوا مَعَانِيَ ثُمَّ أَرَادُوا حَمْلَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا. والثَّانِيَةُ: قَوْمٌ فَسَّرُوا الْقُرْآنَ بِمُجَرَّدِ مَا يسَوغُ أَنْ يُرِيدَهُ بِكَلَامِهِ مَنْ كَانَ مِنْ النَّاطِقِينَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُتَكَلِّمِ بِالْقُرْآنِ وَالْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ وَالْمُخَاطَبِ بِهِ.
فـَالْأَوَّلُونَ: رَاعَوْا الْمَعْنَى الَّذِي رَأَوْهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ مِنْ الدَّلَالَةِ وَالْبَيَانِ.
والْآخَرُونَ: رَاعَوْا مُجَرَّدَ اللَّفْظِ وَمَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعَرَبِيُّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَا يَصْلُحُ لِلْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَلِسِيَاقِ الْكَلَامِ.
ثُمَّ هَؤُلَاءِ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُونَ فِي احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى فِي اللُّغَةِ كَمَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ كَمَا أَنَّ الْأَوَّلِينَ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُونَ فِي صِحَّةِ الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرُوا بِهِ الْقُرْآنَ كَمَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ الآخرون وَإِنْ كَانَ نَظَرُ الْأَوَّلِينَ إلَى الْمَعْنَى أَسْبَقَ وَنَظَرُ الآخرين إلَى اللَّفْظِ أَسْبَقُ.
وَالْأَوَّلُونَ: صِنْفَانِ: تَارَةً يَسْلُبُونَ لَفْظَ الْقُرْآنِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَأُرِيدَ بِهِ وَتَارَةً يَحْمِلُونَهُ عَلَى مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَدْ بِهِ. وَفِي كَلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ يَكُونُ مَا قَصَدُوا نَفْيَهُ أَوْ إثْبَاتَهُ مِنْ الْمَعْنَى بَاطِلًا فَيَكُونُ خَطَؤُهُمْ فِي الدَّلِيلِ وَالْمَدْلُولِ وَقَدْ يَكُونُ حَقًّا فَيَكُونُ خَطَؤُهُمْ فِي الدَّلِيلِ لَا فِي الْمَدْلُولِ. وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ وَقَعَ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ.
فَاَلَّذِينَ أَخْطَئُوا فِي الدَّلِيلِ وَالْمَدْلُولِ -مِثْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ- اعْتَقَدُوا مَذْهَبًا يُخَالِفُ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْوَسَطُ الَّذِينَ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ كَسَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَعَمَدُوا إلَى الْقُرْآنِ فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى آرَائِهِمْ. تَارَةً يَسْتَدِلُّونَ بِآيَاتِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَلَا دَلَالَةَ فِيهَا، وَتَارَةً يَتَأَوَّلُونَ مَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُمْ بِمَا يُحَرِّفُونَ بِهِ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ فِرَقُ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَهَذَا كَالْمُعْتَزِلَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُمْ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كَلَامًا وَجِدَالًا

– الشيخ: قِفْ على هذا. لا إلهَ إلا الله. سبحان الله! …
– القارئ: وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ سببَيْ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ مَا يُعْلَمُ بِالِاسْتِدْلَالِ لَا بِالنَّقْلِ فَهَذَا أَكْثَرُ مَا فِيهِ الْخَطَأُ مِنْ جِهَتَيْنِ، حَدَثَتَا بَعْدَ تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ؛ فَإِنَّ التَّفَاسِيرَ
– الشيخ: اترك
– القارئ: إحْدَاهُمَا: قَوْمٌ اعْتَقَدُوا مَعَانِيَ ثُمَّ أَرَادُوا حَمْلَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا.
– الشيخ: والثانية
– القارئ: والثَّانِيَةُ: قَوْمٌ فَسَّرُوا الْقُرْآنَ بِمُجَرَّدِ مَا يسَوغُ أَنْ يُرِيدَهُ بِكَلَامِهِ مَنْ كَانَ مِنْ النَّاطِقِينَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ
– الشيخ: لا إله إلا الله. هذا التفسيرُ بالمنقول تقدَّم وذكرَ الشيخ في هذه المناسبةِ جملةً من كتب التفسيرِ بالمأثور: فلانٌ وفلان وعبدُ الرزاق وابن جرير وعبدُ بن حُميد وجماعةٌ كما ذكرَ.
والنوع الثاني: التفسيرُ بطريقِ الاستدلال يقول: هؤلاء صنفان يأتيهم الغلطُ من جهتين. يقول: فريقٌ اعتقدوا معاني، اعتقدوها بأيِّ طريقٍ، اعتقدوها بطريقِ النظرِ والاستدلالِ مثلَ ما يدَّعون من دلالةِ العقل، إذًا: ترسخَ عندهم معاني استدلُّوا عليها بالعقلِ، فراحوا يحملون النصوصَ على تلك المعاني، يعني المعاني استقرَّتْ عندَهم من قبلُ فجاءَت النصوصُ تابعةً لما اعتقدُوه من المعاني، وفسَّرُوا النصوصَ بما اعتقدُوه من المعاني، فغلطوا لما اعتقدُوا من تلك المعاني التي ليس لها مُستندٌ صحيحٌ، وغلطُوا بحملِ كلامِ الله وكلامِ رسوله على تلك المعاني. ويُقابلهم الذين فسَّرُوا القرآن من جهةِ دلالةِ اللفظ من حيث هو، يعني فسَّرُوه باعتبار ما يحتملُه اللفظُ مُعرضِين عن المُتكلِّم به والمُخاطَبِ به، ولا ريب أنَّ معنى الكلام يختلفُ باختلاف المُتكلِّم وباختلاف المُخاطَب، فهؤلاء أعرضُوا عن هذا ونظرُوا إلى ما يحتملُه اللفظُ بس [فقط].
ولهذا يقولُ الشيخُ: إنَّ الأولين نظروا إلى المعنى أولًا والمعنى عندهم سابقٌ لتفسير اللفظِ ومعنى اللفظِ، وهؤلاء نظرُهم في اللفظِ سابقٌ للمعنى، وكلٌّ من المنهجين غلطٌ. إذًا ما هو الواجبُ؟ الواجبُ تفسيرُ الكلام بما يدلُّ عليه اللسانُ مع مُراعاةِ المُتكلِّمِ به والمخاطَبِ به، فإنَّ هذا يُقيدُ اللفظَ وبمعرفة المُتكلِّمِ يُعرفُ من عادتِه ومن سنتِه ومن مقاصدِه يُعرفُ ما أرادَ بهذا الكلامِ، أما من قطعَ الكلامَ عن المُتكلِّمِ به والمُخاطَبِ به واقتصرَ على دلالةِ اللفظِ فإنه يغلطُ كثيرًا ويُفسرُ الكلامَ بما لم يقصدْه المتكلمُ، فلا بدَّ من فهمِ المعنى من معرفةِ المتكلمِ -بمعرفةِ مُرادِه- ومعرفة المُخاطَبِ به وما يُناسب المخاطَبَ به. فريقان كلٌّ منهما قد وقعَ في غلطٍ في التفسيرِ، يعني هؤلاء فسَّرُوا القران بما لم يدلَّ عليه لأنَّهم اعتقدوا معاني ثم فسَّرُوا القرآنَ بما اعتقدوا من تلك المعاني، فالنصوصُ لا تدلُّ على تلك المعاني، يقولُ – الشيخ: فغلطُوا في الدليلِ والمدلولِ. المدلول: هو المعنى الذي اعتقدُوه وهو غلطٌ، والدليلُ حيث حملُوا النصَّ على ذلك المعنى، فغلطُوا في الدليلِ والمدلولِ. أما الذين نظرُوا إلى اللفظِ وما يدلُّ عليه فغلطُهم في المدلولِ -فيما يظهرُ لي- في المدلولِ لا في الدليلِ. نعم، اقرأ.
 

– القارئ: فـالْأَوَّلُونَ: رَاعَوْا الْمَعْنَى الَّذِي رَأَوْه
– الشيخ: هؤلاء الذين اعتقدُوا معاني ثم فسَّرُوا القرآن، يعني ممكن نُشبِّهُهم بالطوائفِ المُبتدعةِ لكن أيضًا يمكن نُشبِّهُهم بأصحابِ المذاهب، صاحبُ المذهبِ مثلًا: حنبليٌّ أو شافعيٌّ، تأصَّلَ عندَه أنَّ الحكمَ الفلانيَّ كذا، فيذهبُ يُفسِّرُ الدليلَ أو الحديثَ على ما يُوافقُ المذهبَ، فالمذهبُ سابقٌ يعني اعتقدَ أولًا ثم استدلَّ والواجبُ هو الاستدلالُ أولًا ثم اعتقادُ ما دلَّ عليه الدليل، أما أن يعتقدَ ثم يستدلَّ معناه أنَّ اعتقادَه لم يكن مبنيًّا على الدليلِ الصحيحِ، فيذهبُ يعتقدُ ثم يستدلُّ وإذا استدلَّ لابدَّ أن يُخضعَ هذا الدليل ليتفقَ مع اعتقادِه، وهذا ما يصنعُه أصحابُ التعصبِ من هذه المذاهبِ، يكونُ هذا المذهبُ هو المُستقرُّ عندَه فيذهب يستدلُّ له بما لم يدلَّ عليه.
 

– القارئ: فـَالْأَوَّلُونَ: رَاعَوْا الْمَعْنَى الَّذِي رَأَوْهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ مِنْ الدَّلَالَةِ وَالْبَيَانِ.
والْآخَرُونَ: رَاعَوْا مُجَرَّدَ اللَّفْظِ وَمَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ

– الشيخ: تمام، رَاعَوْا مُجَرَّدَ اللَّفْظِ وَمَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أن يدلَّ عليه اللفظ وما يحتمله في اللغة العربية.
– القارئ: وَمَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعَرَبِيُّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَا يَصْلُحُ لِلْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَلِسِيَاقِ الْكَلَامِ.
– الشيخ: جميل
– القارئ: ثُمَّ هَؤُلَاءِ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُونَ فِي احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى فِي اللُّغَةِ كَمَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ كَمَا أَنَّ الْأَوَّلِينَ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُونَ فِي صِحَّةِ الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرُوا بِهِ الْقُرْآنَ كَمَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ الآخرون وَإِنْ كَانَ نَظَرُ الْأَوَّلِينَ إلَى الْمَعْنَى أَسْبَقَ وَنَظَرُ الآخرين إلَى اللَّفْظِ أَسْبَقُ.
وَالْأَوَّلُونَ: صِنْفَانِ: تَارَةً يَسْلُبُونَ لَفْظَ الْقُرْآنِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَأُرِيدَ بِهِ وَتَارَةً يَحْمِلُونَهُ عَلَى مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَدْ بِهِ

– الشيخ: نعم، تارةً، مرةً ثانية
– القارئ: وَالْأَوَّلُونَ: صِنْفَانِ
– الشيخ: الأولون هم الذين اعتقدُوا معاني ثم ذهبُوا يُفسِّرُون القرآن بما اعتقدُوه من المعاني. فهؤلاء صنفان
– القارئ: تَارَةً يَسْلُبُونَ لَفْظَ الْقُرْآنِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَأُرِيدَ بِهِ وَتَارَةً يَحْمِلُونَهُ عَلَى مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَدْ بِهِ
– الشيخ: طيب، اصبر، تَارَةً يَسْلُبُونَ الْقُرْآنِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ، وَتَارَةً يَحْمِلُونَهُ عَلَى مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ.
وكلٌّ من الأمرين غلطٌ، يسلبون القرآنَ ما دلَّ عليه، يعني نقول مثلًا: آياتُ الصفاتِ يقولون: إنَّ هذه الآياتِ لا تدلُّ على إثباتِ الصفات فيُعطِّلونها عمَّا دلَّتْ عليه، يُخلُونها، وقد يكتفون بذلك خلاص، أنَّها لا تدلُّ على هذه المعاني ثم هم يُفوِّضُون فيها، فهؤلاء سلبُوا النصوصَ ما دلَّتْ عليه، وآخرون يجمعون إلى ذلك من سلبِ النصوصِ ما دلَّت عليه -يجمعونَ إلى ذلك- حملَها على ما لم تدلَّ عليه.
فالأولونَ يقولون: إنَّ قولًه تعالى مثلًا: مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75] يقولُ: هذا لا يدلُّ على إثباتِ اليدين. والآخرون يقولون: مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ المُرادُ باليدين: القدرةُ أو النعمة. فيحملونه على ما لم يدلَّ عليه ومن لازمِ ذلك أن يسلبُوه ما دلَّ عليه، فهؤلاء أشدُّ جمعُوا ما بين التعطيلِ والتحريفِ -تعطيلٌ وتحريفٌ- لكن مثل المُفوضةِ عطَّلُوا ولم يُحرِّفُوا، يعني النصوصُ ذي قالُوا: أنه يُفوَّضُ عِلمُها إلى الله، فهم عطَّلُوا النصوصَ عمَّا دلَّتْ عليه، ولم يُحرِّفُوها بحملِها على معانٍ لا تحتملُها إلا بتكلُّفٍ أو ببعدٍ.
 

– القارئ: وَفِي كَلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ يَكُونُ مَا قَصَدُوا نَفْيَهُ أَوْ إثْبَاتَهُ مِنْ الْمَعْنَى بَاطِلًا فَيَكُونُ خَطَؤُهُمْ فِي الدَّلِيلِ وَالْمَدْلُولِ.
– الشيخ: في الدليلِ والمدلولِ، في الدليِل حيث حملُوا النصوصَ على ما لم تدلَّ عليه، وفي المدلولِ حيث اعتقدُوا الباطلَ.
– القارئ: وَقَدْ يَكُونُ حَقًّا فَيَكُونُ خَطَؤُهُمْ فِي الدَّلِيلِ لَا فِي الْمَدْلُولِ.
– الشيخ: قد يكون ما اعتقدُوه حقًّا ولكنهم استدلُّوا عليه بما لم يدلَّ عليه، فنقولُ للمُخالف: قولُك هذا صحيحٌ، اعتقادُك هذا صحيحٌ، لكن الدليلَ الذي ذكرت لا يدلُّ على هذا. فيكون غلطُه في الاستدلالِ، غلطُه في الدليلِ لا في المدلولِ، الاعتقادُ أو المقولةُ حقٌّ في نفسها، لكن الاستدلالُ عليها بهذا الحديثِ هذا غير صحيحٍ.
 

– القارئ: وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ وَقَعَ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ فَاَلَّذِينَ أَخْطَئُوا فِي الدَّلِيلِ وَالْمَدْلُولِ -مِثْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ- اعْتَقَدُوا مَذْهَبًا يُخَالِفُ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْوَسَطُ الَّذِينَ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ كَسَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَعَمَدُوا إلَى الْقُرْآنِ فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى آرَائِهِمْ.
تَارَةً يَسْتَدِلُّونَ بِآيَاتِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَلَا دَلَالَةَ فِيهَا، وَتَارَةً يَتَأَوَّلُونَ مَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُمْ بِمَا يُحَرِّفُونَ بِهِ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ فِرَقُ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ.

– الشيخ: هؤلاء هم أشهرُ طوائفِ المبتدعة: الخوارجُ والمُعتزلةُ والجهميةُ وكذا والمُرجئةُ والقدرية هؤلاء اعتقدُوا عقائدًا ثم ذهبُوا يحملون النصوصَ على تلك المعاني وهي لا تدلُّ على ما قصدُوا إليه، ولهذا يجمعون بين الغلطِ في الدليلِ والمدلولِ، يعني غلطُهم من وجهَين: من جهةِ ما اعتقدُوه هو غلطٌ، ومن جهةِ الاستدلالِ والدليل غلطٌ حيث لا يدلُّ على ما استدلُّوا بها. النصوصُ لا تدلُّ على مذهبِ المُعتزلةِ ولا على القدريةِ ولا على المُرجئةِ، ولكنهم مع ذلك يستدلُّون على مذهبِهم بأدلةٍ من القرآن، فيجمعون بين التحريفِ واعتقادِ الباطلِ.
 

– القارئ: وَهَذَا كَالْمُعْتَزِلَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُمْ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كَلَامًا وَجَدَلًا وَقَدْ صَنَّفُوا تَفَاسِيرَ عَلَى أُصُولِ مَذْهَبِهِمْ؛ مِثْلِ تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كيسان الْأَصَمِّ شَيْخِ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عِلِّيَّة الَّذِي كَانَ يُنَاظِرُ الشَّافِعِيَّ
– الشيخ: هل عندكم عِلِّيَّة
– الطلاب: عُلَيَّة

– الشيخ: اسماعيل؟ ها؟
– الطلاب: إي نعم

– الشيخ: نعم، ابراهيمُ بن اسماعيل بن عُليَّة، تمام، أبوه معروفٌ إمام … اسماعيلُ بن عُليةَ لكن هذا الولدُ ابراهيمُ.
 

– القارئ: شَيْخِ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ الَّذِي كَانَ يُنَاظِرُ الشَّافِعِيَّ وَمِثْلِ كِتَابِ أَبِي عَلِيٍّ الجبائي وَالتَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَد الهمذاني وَلِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى الرُّمَّانِيِّ
– الشيخ: الهمذاني نسبةً إلى همذان بلدٌ بالمشرقِ، وأما إذا صارَت بـِ "الدال" فبتسكينِ "الميمِ": همْدَانيٌّ نسبةً إلى قبيلةِ "همْدَان" القبيلةُ اليمنيةُ المشهور إلى الآن اسمها موجودٌ.
 

– القارئ: وَالْكَشَّافِ لِأَبِي الْقَاسِمِ الزمخشري فَهَؤُلَاءِ وَأَمْثَالُهُمْ اعْتَقَدُوا مَذَاهِبَ الْمُعْتَزِلَةِ. وَأُصُولُ الْمُعْتَزِلَةِ "خَمْسَةٌ" يُسَمُّونَهَا هُمْ: التَّوْحِيدُ وَالْعَدْلُ وَالْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَإِنْفَاذُ الْوَعِيدِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ.
– الشيخ: بالمناسبة، يذكرُ الشيخُ أصولَ المُعتزلة الخمسة، ويُسمُّونها التوحيد لكنهم يدخلون فيها الصفاتَ فما هو بتوحيدٍ، يُدخلون فيها نفيَ الصفاتِ فهل يكون توحيدًا؟ لا. لكنهم يُسمُّون نفيَ الصفات توحيدًا، وإثباتَها يجعلونه تشبيهًا أو شِركًا. الثاني: العدل: ويدخلون فيه نفيَ القدرِ والمنزلةَ بين المنزلتين في شأنِ -في حكمِ- العاصي في الدنيا أنَّه في منزلةٍ بين منزلتين. وإنفاذِ الوعيدِ، وهو قولٌ بتخليدِ أهل الكبائرِ في النار. والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المُنكرِ وأدخلُوا فيه الخروجَ على ولاةِ الأمور.
 

– القارئ: و"تَوْحِيدُهُمْ": هُوَ تَوْحِيدُ الْجَهْمِيَّة الَّذِي مَضْمُونُهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ قَالُوا: إنَّ اللَّهَ لَا يُرَى وَإِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَإِنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْعَالَمِ وَإِنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا حَيَاةٌ وَلَا سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ وَلَا كَلَامٌ وَلَا مَشِيئَةٌ وَلَا صِفَةٌ مِنْ الصِّفَاتِ. وَأَمَّا "عَدْلُهُمْ" فَمِنْ مَضْمُونِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشَأْ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ وَلَا خَلَقَهَا كُلَّهَا وَلَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا كُلِّهَا؛ بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ لَا خَيْرَهَا وَلَا شَرَّهَا وَلَمْ يُرِدْ إلَّا مَا أَمَرَ بِهِ شَرْعًا وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِغَيْرِ مَشِيئَتِهِ وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ
– الشيخ: أعد
– القارئ: قال رحمه الله: وَأَمَّا "عَدْلُهُمْ" فَمِنْ مَضْمُونِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشَأْ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ
– الشيخ: لم يشأ جميع الكائنات بل خرج عن مشيئته أفعال العباد.
– القارئ: وَلَا خَلَقَهَا كُلَّهَا وَلَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا كُلِّهَا؛
– الشيخ: هذه كلُّها أفعالُ العبادِ
– القارئ: بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ لَا خَيْرَهَا وَلَا شَرَّهَا
– الشيخ: تعالى الله عن ذلك
– القارئ: وَلَمْ يُرِدْ إلَّا مَا أَمَرَ بِهِ شَرْعًا وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِغَيْرِ مَشِيئَتِهِ وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مُتَأَخِّرُو الشِّيعَةِ كَالْمُفِيدِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الطوسي وَأَمْثَالِهِمَا وَلِأَبِي جَعْفَرٍ هَذَا تَفْسِيرٌ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛
– الشيخ: قف على هذا …
– القارئ: ... يا شيخ.
قالَ رحمه الله: وَأَمَّا "عَدْلُهُمْ" فَمِنْ مَضْمُونِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشَأْ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ

– الشيخ: هذا واضحٌ معروفٌ من القدريةِ، يُخرجون أفعالَ العبادِ عن مشيئةِ الله وقدرتِه وخلقه، فليست مخلوقةً لله ولا واقعةً بقدرته ولا مشيئتِه. نعم شوي شوي.
– القارئ: وَلَا خَلَقَهَا كُلَّهَا وَلَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا كُلِّهَا؛
– الشيخ: وش يعني كلَّها؟ يعني المخلوقات
– القارئ: بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ لَا خَيْرَهَا وَلَا شَرَّهَا
 – الشيخ: عندهم أنَّ العدلَ لا يتحقَّقُ إلا بذلك.
– القارئ: وَلَمْ يُرِدْ إلَّا مَا أَمَرَ بِهِ شَرْعًا وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِغَيْرِ مَشِيئَتِهِ
– الشيخ: تعالى الله.
– القارئ: وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مُتَأَخِّرُو الشِّيعَةِ كَالْمُفِيدِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الطوسي وَأَمْثَالِهِمَا وَلِأَبِي جَعْفَرٍ هَذَا تَفْسِيرٌ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ لَكِنْ يُضَمُّ إلَى ذَلِكَ قَوْلَ الْإِمَامِيَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةَ؛
الشيخ: أيش؟
القارئ: وَلِأَبِي جَعْفَرٍ هَذَا تَفْسِيرٌ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ
– الشيخ: لا، قبل شوي.
– القارئ: وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مُتَأَخِّرُو الشِّيعَةِ
– الشيخ: هذا فيه تنبيهٌ على أنَّ مذهبَ المُعتزلةِ في التوحيدِ -هذه الأصولَ-، والعدلَ الذي يُضمِّنُونه نفيَ القدرِ وأنَّ العبادَ خالقون لأفعالِهم. هذا المذهبُ دخلَ على الشيعة، ولهذا ابنُ المُطهِّرِ الذي ردَّ عليه شيخُ الإسلام يُقرِّرُ مذهبَ المعتزلةِ في "باب الصفاتِ وفي أهل الكبائر" يعني دخلَ عليهم مذهبُ المعتزلة، ودخلَ على الزيديةِ، يعني الشيعةُ صاروا مُعتزلةً، صاروا شيعةً ومُعتزلةً مُختلطةً. أعد.
– القارئ: وَقَدْ واَفَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مُتَأَخِّرُو الشِّيعَةِ
– الشيخ: على أيش؟ على نفيِ القدرِ ونفيِ عمومِ خلقِ اللهِ وعمومِ مشيئتِه وعمومِ قدرته.
– القارئ: كَالْمُفِيدِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الطوسي وَأَمْثَالِهِمَا وَلِأَبِي جَعْفَرٍ هَذَا تَفْسِيرٌ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛
– الشيخ: نسألُ اللهَ العافيةَ، على طريقةِ نفيِ القدرِ.
– القارئ: لَكِنْ يُضَمُّ إلَى ذَلِكَ قَوْلَ الْإِمَامِيَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةَ؛ فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ
– الشيخ: أيش؟ يُضمُّ؟ يُضمُّ إلى ذلك؟
– القارئ: يُضَمُّ إلَى ذَلِكَ قَوْلَ الْإِمَامِيَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةَ؛ فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ وَلَا مَنْ يُنْكِرُ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.
– الشيخ: يعني مُتأخرو الشيعة صاروا معتزلةً مع ضلالاتهم الأخرى، فالمُعتزلة خيرٌ منهم إذن، لأن الرافضة-متأخروا الرافضة- معتزلةٌ ورافضةٌ جميعًا، فضمُّوا إلى ما دخلَ إليهم من أصولِ المُعتزلة أصولَ الرافضةِ مثل: جَحْدِ خلافة أبي بكرٍ وعمرَ وسبِّهما وكذلك عثمان، والغلوّ في عليٍّ وأهلِ البيتِ.
 

– القارئ: وَمِنْ أُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ مَعَ الْخَوَارِجِ "إنْفَاذُ الْوَعِيدِ فِي الْآخِرَةِ" وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ شَفَاعَةً وَلَا يُخْرِجُ مِنْهُمْ أَحَدًا مِنْ النَّارِ.
– الشيخ: نسألُ اللهَ العافيةَ، أعوذُ باللهِ
– القارئ: وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ قَدْ رَدَّ عَلَيْهِمْ طَوَائِفُ مِنْ الْمُرْجِئَةِ والكَرَّامِيَة والْكُلَّابِيَة وَأَتْبَاعِهِمْ؛ فَأَحْسَنُوا تَارَةً وَأَسَاءُوا أُخْرَى حَتَّى صَارُوا فِي طَرَفَيْ نَقِيضٍ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ اعْتَقَدُوا رَأْيًا ثُمَّ حَمَلُوا أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ
– الشيخ: الله المستعان، تفضَّل.
 


 
الأســـــــــئلة:
س1: أحسنَ الله إليك، هذا أخونا عبدُ اللهِ بن نصر يقولُ: السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته: فضيلةَ الشيخِ، إنِّي أُحبُّك في الله
– الشيخ: أحبَّكَ الله الذي أحببتني فيه
– القارئ: نرى في بعضِ المواقعِ على الإنترنت من يجعلُ صفحةً أو موضوعًا مُثبَّتًا، ويكون عنوانُه سجِّلْ هنا صلاتَك وسلامك على الرسولِ يوميًّا بأنْ يكتبَ كلُّ عضوٍ أو مُشاركٍ ذلك بشكلٍ مُستمرٍّ رغبةً في الأجرِ، هل هذه الطريقةُ مشروعةٌ أم لا؟
ج: الصلاةُ والسلامُ على الرسولِ من أفضلِ الأعمالِ، في الحديثِ: (من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرة) واللهُ أمرَ عبادَه بالصلاةِ والسلام على النبيِّ، لكن العبادات كلَّها يجب التقيدُ بها بما دلَّ عليه الشرعُ والتزام مثلًا: لو قالَ كلَّ ما تصبح قُلْ اللهم صلِّ على محمدٍ نقول: "هذه بدعةٌ" أنا أقولُ: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ في صلاتي والحمد لله –في صلاةِ الفجرِ- لكن هذا يريد يسوي له قانونًا، أو يقول:إذا جلستَ في المجلسِ وصلَّيتَ ركعتين مثلًا صلِّ على الرسولِ خمسَ مراتٍ، نقولُ: هذه بدعةٌ. الصلاةُ على الرسولِ عملٌ فاضل لكن تقييدُه وتقنينه بعددٍ أو بوقتٍ أو بحالةٍ هذه كلُّها مُحدثةٌ، فالذي يظهرُ لي أنَّ هذه الطريقةَ ما هي جيدةٌ، قُلْ: "بسمِ الله" إذا أردْتَ أن تبدأَ بالكتابةِ أو […..] أو بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم أو الحمدُ لله إلى آخره.
_________________________
س2: أحسنَ الله إليك، هذا يسألُ: هل قولُ: "والذي نفسِي بيده" أو قولُ: "والذي غلَّاك في قلبي" هل هذا يمينٌ؟
ج: إي، والذي نفسي بيدِه يمين، والذي نفسي بيدِه إنَّ هذا لأمرٌ جللٌ، والذي نفسي بيدِه إنِّي لأحبُّك، والذي نفسي بيدِه لا أُكلِّمُ فلانًا. والثاني
– القارئ: والذي غلَّاك في قلبي
ج: هذا يمينٌ، والثانية كلمةٌ عاميةٌ وهي معناها القسمُ "غلَّاك" يعني: والذي جعلَك غاليًا في قلبي، والذي جعلك محبوبًا في قلبي، من الذي يجعلُ ذلك؟ هو اللهُ.
_________________________
س3: وهذا يقولُ: شيخَنا الكريم، أحسنَ الله إليك، إن أحبك في الله: إذا نسيَ الإمامُ قراءةَ الفاتحةِ في إحدى الركعاتِ، ثم تذكَّرَ في أثناءِ الصلاةِ أو بعدَها فماذا يفعلُ؟
ج: لا إله إلا الله، لا شكَّ أنَّ الإمامَ إذا نسيَ قراءةَ الفاتحة وأتمَّ الركعةَ، ولم يذكرْ إلا بعدَ أن أتمَّ الركعةَ فهذه الركعة باطلةٌ –بطلَت- (فلا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحةِ الكتاب) عليه أنْ يأتيَ بركعةٍ، فيؤولُ الأمر إلى أن تصيرَ هذه الركعةُ خامسةً مثلًا في صلاة الظهرِ أو العصر فيبقى المأمومُون، من يرى من أهلِ العلمِ أنَّ صلاةَ المأمومِ تبطُلْ بصلاةِ الإمام فالمأمومُون أيضًا بطلَتْ ركعتُهم ببطلانِ ركعة الإمامِ، ولكن المأمومون ماذا يُدريهم؟ هي مُشكلةٌ في الحقيقةِ ماذا يُدريهم أنَّ الأمامَ نسيَ الفاتحة؟ هم لا يدرُون. فهو إن قامَ ليأتي بالخامسةِ لأنه قد علمَ أنَّ هذه الركعةَ الثانيةَ أنَّها بطلَت أو الثالثة. أما من يقولُ: إن صلاةَ المأمومِ لا تبطلُ ببطلانِ صلاةِ الإمامِ فالحمدُ لله وهذا هو الصحيحُ، فعليه إذا أتى بخامسةٍ يُكمِّلُ..، يمكن يشير إليهم –سبحان الله- يعني لا تقُوم لأنهم هم صلَّوا بل وجمهورُهم قد قرأَ الفاتحةَ.
_________________________
س4: أحسنَ الله إليك، هذا سائلٌ من ليبيا يقولُ: سنَّةُ الدعاءِ للمريض هي قولُ: (أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشَ العظيمَ أن يشفيَك) سبعًا هل هذا الدعاءُ نستطيعُ أن نقولَه للمريضِ عبرَ الهاتف أو عبرَ مُنتدياتِ الإنترنت أم لا بدَّ أن يُقالَ أمامَ المريض؟
ج: لا، قُلْه أمامَ المريض وبعيدًا عن المريضِ لكن لا تكن رقيةً، ما يصير رقيةً، يعني إذا قلتَه وأنت بعيدٌ تكون قد دعوْتَ لأخيك وأنت بظهرِ الغيبِ -جزاك اللهُ خيرًا- لكن إذا كنت عندَه فستقرؤُه وتنفثُ عليه فتكون هذه يُقالُ لها رقيةٌ أمَّا إذا دعوت بهذا الدعاءِ وأنت بعيدٌ فقد دعوت له بظهرِ الغيبِ.
_________________________
س5: وهذا سائلٌ آخر من ليبيا يقولُ: شيخنا الفاضل: هذا السؤالُ سبقَ طرحُه عليكم ولكن للأسفِ –ذكرَ أنه لم يتمكَّن من سماعِ الإجابة- فيقولُ: ليتَكم تُعيدون الإجابةَ. يقول –نصُّ السؤالِ-: في بلادنا يُؤذَّنُ لصلاةِ الفجرِ على حسبِ التوقيتِ الذي حدَّدَته وزارةُ الأوقافِ وهذا التوقيتُ يُؤذِّنُ قبلَ الوقتِ، وتُقامُ الصلاةُ قبلَ طلوعِ الفجرِ، فهل نُصلِّي الفجرَ في جماعةٍ في المسجدِ على حسبِ التوقيتِ الذي حدَّدَته الأوقافُ ويكون الإثمُ عليهم؟
ج: إذا كنتم تعلمُون أنَّ الفجرَ لم يطلعْ فلا تصحُّ صلاتُكم -لا يمكن- لو تقدَّمَ الإنسان بقدر تكبيرةِ الإحرامِ قبلَ أنْ يتبيَّن له الفجرُ لم تصحَّ صلاتُه، فإذا كنتم تعلمُون أنَّ الجماعة قد دخلوا في الصلاةِ قبل طلوعِ الفجرِ فلا تُصلُّوا معهم، الحمدُ لله، أو إن كان تخشون من فتنةٍ فمن المُمكن تُصلُّون معهم نافلةً فالأمرُ واسعٌ، وهذه المشكلةُ –ولعلي قلت في الجوابِ- موجودةٌ عندَنا الآن في المملكة، يقولُ بعض المهتمين والباحثين في مسائلِ التقويمِ أو في مسائل أوقات الصلاةِ يقولون: إنَّ التقويمَ مُتقدِّمٌ على طلوعِ الفجر بربعِ ساعة، وبعضُهم يقولُ بثلثِ ساعةٍ، وربما زادَ بعضُهم أكثرَ من ذلك.
فبهذه الحالةِ على الإنسانِ إن كان إمامًا أن يتأنَّى ولا يُقيمَ الصلاةَ حتى يطمئنَّ إلى طلوعِ الفجرِ، وهؤلاء الجماعةُ عندكم إذا كان كما تصِفُ أنَّهم يُصلُّون قبل الفجرِ فلا يُجزئُك أن تصلِّي معهم، لا بدَّ أنْ تُعيد أنت ورفاقُك الذين عندَهم هذا المعنى.
_________________________
س6: سؤاله الثاني يسألُ عن حُكمِ قولِ: "بسمِ الله" عند صبِّ الماءِ الساخنِ تحرُّزًا من الجِنِّ والشياطينِ؟
ج: لا إلهَ إلا الله، ما أعلمُ له دليلًا، ولكن الناسَ يجدون إما بالتجربةِ يعني الإنسان مثلًا أرادَ أن يكبَّ ماءً حارًّا فكأنه يتوقَّعُ أنَّه ربما أصابَ أحدًا من الجِنِّ فيُنذرُ الناسُ بعضُهم بعضًا بأن يقولَ أحدُهم: "بسمِ الله" لطردِ الشيطانِ، وهذا لا أرى فيه بأسًا ولا أقولُ: إنَّه سُنَّةٌ. "بسمِ اللهِ" حسنة، "بسمِ الله" فيها ذكرٌ لله والشياطينُ تفِرُّ من ذكرِ الله -قول بسمِ اللهِ- ولهذا جاءَ في الحديثِ أنَّ الرجلَ إذا دخلَ البيتَ وقالَ: "بسمِ الله" قالَ الشيطانُ لجماعته من الشياطين: إنَّه لا مبيتَ لكم، فإذا قالَ بسمِ الله على طعامِه قالَ الشيطانُ: لا مبيتَ ولا طعامَ -ولا عشاءَ- ولهذا جاءت الشريعة بذكرِ "بسم الله" على الطعامِ وعند الدخولِ وعند الخروجِ "بسمِ الله" فهذه الحالةُ..، أرجو أنَّه لا بأسَ بذلك، ولا دليلَ عندي لأقولَ إنَّه سُنَّةٌ.
_________________________
س7: ويسألُ أخيرًا عن عبارةِ: "أنا قلبي دليلي"؟
ج: لا يصلحُ أن يجعلَ الإنسانُ قلبَه دليلَه، ومعنى هذا: أنه يُصدِّقُ كل ما يردُ على قلبِه -هذا غلطٌ- فإنَّه يردُ على قلبك أمورٌ فظيعةٌ وقبيحة ومُنكرةٌ، يردُ على قلبك الصدقُ والكذبُ، فهل تُصدِّقُ كلَّ ما يجري في قلبك؟ كلُّ ما حكمَ به قلبُك يكون هذا حجةً على أنه صحيحٌ واقعٌ. فلا ينبغي اطلاقًا أنْ يقولَ الإنسان: "أنا قلبي دليلي" لكن لو قلتَ: دلَّني -في قضية جزئية- دلَّني قلبي على كذا، مثل: ظننْتُ -واللهُ أعلمُ- أنَّك فلان، أو ظننْتُ أنَّك تزورُني، هذه تساوي دلَّني قلبي على أنَّك ستزورُني: يعني جاء في قلبي -خطرَ في بالي- أما إطلاقُ القولِ بأنَّ قلبي دليلِي. يقولُ الشاعرُ:
……………………………    وللقلبِ على القلبِ دليلٌ حين يلقاهُ.
 هذا راجعٌ إلى ما يقعُ في البالِ، الإنسانُ إذا لقيَ من يُحبُّه ويهواه ينشرحُ له، وإذا لقيَ من يكرهُه يشمئزُّ ويكرهُ اللقاءَ ويُسيءُ الظنَّ.

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه