الرئيسية/شروحات الكتب/الطرق الحكمية في السياسة الشرعية/(11) فصل في الفراسة الصادقة قوله “ومنها أن شريكا دخل على المهدي”

(11) فصل في الفراسة الصادقة قوله “ومنها أن شريكا دخل على المهدي”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (الطّرق الحُكميَّة في السّياسة الشَّرعيَّة) لابن قيّم الجوزيَّة
الدّرس الحادي عشر

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: الحمدُ للّهِ ربِّ العالمينَ، وصلى اللّهُ وسلمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ، اللّهمَّ متعْ شيخنَا على طاعتِكَ، واغفرْ له ولنا وللمسلمين. قال ابنُ القيِّم –رحمهُ اللَّهُ تعالى– في الطُرُقُ الحُكْمِيَة في السياسةِ الشرعيةِ..
– الشيخ: والله ما أدري، بس [لكن] أشوف أن المناسب أنك تدعو للمؤلف كما هي العادة ولا تخصّ أحدا يعني، نعم، "قال رحمه الله" وبس [فقط].
– القارئ: ندعو للمؤلف وللشيخ يا شيخ
– الشيخ: لا لا، بس الشيخ خله.. نعم ما فيه، ما أعلم أن من هدي أهل العلم أنه يدعو للشيخِ الحاضرِ، يعني الدعاء يعني كأنَّهُ يحدثُ شيء مع، الدعاء للمعين دائماً مُتخَّذ دائماً [….] أما الشيء العرضي، نعم..  بس [فقط] اقرأ؛ قال رحمه الله المؤلف، مؤلف هذا.
– القارئ: قال ابنُ القيِّم – رحمهُ اللَّهُ تعالى-..
ولا زال في ذكر الأمثلة يا شيخنا في مسألة الفِراسة
– الشيخ: هات هات، الفراسة.
– القارئ: قالَ رحمهُ اللهُ تعالى: فَصْلٌ: وَمِنْهَا أَنَّ شَرِيكًا دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَقَالَ لِلْخَادِمِ: هَاتِ عُودًا لِلْقَاضِي -يَعْنِي الْبَخُورَ- فَجَاءَ الْخَادِمُ بِعُودٍ يُضْرِبُ بِهِ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِ شَرِيكٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَبَادَرَ الْمَهْدِيُّ، وَقَالَ: هَذَا عُودٌ أَخَذَهُ صَاحِبُ الْعَسَسِ الْبَارِحَةَ، فَأَحْبَبْت أَنْ يَكُونَ كَسْرُهُ عَلَى يَدَيْك، فَدَعَا لَهُ وَكَسَرَهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ

– الشيخ: اصبر اصبر.. خلنا نشوف الحكاية، أعد قال أيش؟
– القارئ: وَمِنْهَا أَنَّ شَرِيكًا دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ
– الشيخ: أي القاضي شريك القاضي نعم.
– القارئ: فَقَالَ لِلْخَادِمِ: هَاتِ عُودًا لِلْقَاضِي – يَعْنِي الْبَخُورَ –
– الشيخ: الآنَ الخليفةُ المهديّ يَطلب عودا فذاكَ غلط، الخادم غلط وجاب عود [أحضر عودا] للضَّرب، للضَّربِ، فالمهدي يظهر من القصّة كذا، يعني من فراسته ومن حكمته أنه لم يُوبِّخْ هذا الذي غلط، هذا إلي غلط، والخادم جابَ العود ووضعه في حِجره، طيب وش [ما] المناسب وش العود العود ليش، هذا قال هذا عود.
 

– القارئ: أَحْبَبْت أَنْ يَكُونَ كَسْرُهُ عَلَى يَدَيْك.
– الشيخ: على يديك أو هو […..] الضرب جاب [أحضر] عود العود الذي يُضرب به في اللهو؟ ما ندري والله، لأن هذا من بعض أسماء آلات اللهو العود، وقوله هذا أخذه العسس فأردتُّ أَنْ يَكُونَ كَسْرُهُ بيَدِك، كأنه يشعر بهذا، يعني قوله: فأتى بعود يعني للضرب به يعني آلت له، طيب.
– القارئ: وَمِنْ ذَلِكَ: مَا يُذْكَرُ عَنْ الْمُعْتَضِدِ بِاَللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ
– الشيخ: ابن القيم -رحمه اللّه- ما رح يشرح لنا اكتفى بسياق القصّة، نعم لكن هذا هو الظاهر من السياق، نعم.
– القارئ: وَمِنْ ذَلِكَ: مَا يُذْكَرُ عَنْ الْمُعْتَضِدِ بِاَللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا يُشَاهِدُ الصُّنَّاعَ، فَرَأَى فِيهِمْ أَسْوَدَ مُنْكَرَ الْخِلْقَةِ، شَدِيدَ الْمَرَحِ
– الشيخ: زين، هذا يناسب الملوك، الملوكُ يحبِّون اللعب واللهو، نعم.
– القارئ: يَعْمَلُ ضِعْفَ مَا يَعْمَلُ الصُّنَّاعُ، وَيَصْعَدُ مِرْقَاتَيْنِ مِرْقَاتَيْنِ، فَأَنْكَرَ أَمْرَهُ، فَأَحْضَرَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ؟ فَلَجْلَجَ، فَقَالَ لِبَعْضِ جُلَسَائِهِ: ما تقولونَ أَيُّ شَيْءٍ يَقَعُ لَكُمْ فِي أَمْرِهِ؟ قَالُوا: وَمَنْ هَذَا حَتَّى تَصْرِفَ فِكْرَك فيْهِ؟ لَعَلَّهُ لَا عِيَالَ لَهُ، وَهُوَ خَالِي الْقَلْبِ.
– الشيخ: أيش؟ وَهُوَ خَالِي الْقَلْبِ.
– القارئ: نعم.
– الشيخ: أي ما له عيال، ما له همّ، ما له همّ فلهذا يكثر المرح، ما هو بمثل الناس المهمومين الي [الذين] يتحملون مسؤوليات وعيال وتجده ما، يصير عنده هموم، طيب نشوف النتيجة.
 

– القارئ: قَالَ: قَدْ خَمَّنْت فِي أَمْرِهِ تَخْمِينًا، مَا أَحْسَبُهُ بَاطِلًا: إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ دَنَانِيرُ، وَقَدْ ظَفِرَ بِهَا دَفْعَةً أَوْ يَكُونَ لِصًّا يَتَسَتَّرُ بِالْعَمَلِ، فَدَعَا بِهِ، وَاسْتَدْعَى بِالضَّرَّابِ فَضَرَبَهُ، وَحَلَفَ لَهُ إنْ لَمْ يَصْدُقْهُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: لِي الْأَمَانُ، قَالَ: نَعَمْ، إلَّا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْك بِالشَّرْعِ. فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَمَّنَهُ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَلُ فِي الْآجُرِّ، فَاجْتَازَ رَجُلٌ فِي وَسْطِهِ هِيمانٌ
– الشيخ: هميان حق الدراهم، مثل ما تقول … حقكم، والهميان كيس معروف، يسمونه أخيراً جِراب، جرابٌ كيسٌ من جلد، وله معلاقة يتخذه المسافر، نعم.
– القارئ: فَجَاءَ إلَى مَكَان فَجَلَسَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَكَانِي، فَحَلَّ الْهِمْيَانِ وَأَخْرَجَ مِنْهُ دَنَانِيرَ فَتَأَمَّلْتُهُ، وَإِذَا كُلُّهُ دَنَانِيرُ فَبادرْتُهُ وَكَتَفْتُهُ وَشَدَدْت فَاهُ، وَأَخَذْت الْهِمْيَانَ، وَحَمَلْته عَلَى كَتِفِي وَطَرَحْتُهُ فِي الْأَتُونِ وَطَيَّنْته. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ
– الشيخ: في الأتون؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: تنّور
– القارئ: أي نعم ذكر يا شيخ في الحاشية الموقَد أو كذا.
– الشيخ: أي الموقد التنور، حتى ما يعني ما يصير حروة شي التنور، ها؟
– القارئ: قال: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُ عِظَامَهُ فَطَرَحْتهَا فِي دِجْلَةَ فَأَنْفَذَ الْمُعْتَضِدُ
– الشيخ: لا، يقول، أعوذ بالله، شيقول [ماذا يقول] أعد أعد.
– القارئ: قال: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْت عِظَامَهُ.
– الشيخ: لا، قبله قبله.
– القارئ: قال: وَحَمَلْته عَلَى كَتِفِي وَطَرَحْته.
– الشيخ: أعوذ بالله، حمل الإنسان ظننتُ أنه حمل الهميان، الله يعافينا، يتسهل الأمر، لا، حمل المظلوم، وألقاه في النار، في التنور، ليحترقَ، أعوذ بالله، جنايات متتالية، نعم.
 

– القارئ: قال: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْت عِظَامَهُ فَطَرَحْتهَا فِي دِجْلَةَ، فَأَنْفَذَ الْمُعْتَضِدُ مَنْ أَحْضَرَ الدَّنَانِيرَ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَإِذَا عَلَى الْهِمْيَانِ مَكْتُوبٌ: فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، فَنَادَى فِي الْبَلَدِ بِاسْمِهِ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: هَذَا زَوْجِي. وَلِي مِنْهُ هَذَا الطِّفْلُ، خَرَجَ وَقْتَ كَذَا وَكَذَا وَمَعَهُ أَلْفُ دِينَارٍ: فَغَابَ إلَى الْآنَ. فَسَلَّمَ الدَّنَانِيرَ إلَيْهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ، وَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِ الْأَسْوَدِ، وَحَمَلَ جُثَّتَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَتُونِ.
وَكَانَ لِلْمُعْتَضِدِ مِنْ ذَلِكَ عَجَائِبُ، مِنْهَا: أَنَّهُ قَامَ لَيْلَةً، فَإِذَا غُلَامٌ قَدْ وَثَبَ عَلَى ظَهْرِ غُلَامٍ، فَانْدَسَّ بَيْنَ الْغِلْمَانِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَجَاءَ فَجَعَلَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فُؤَادِ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ، فَيَجِدُهُ سَاكِنًا، حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فُؤَادِ ذَلِكَ الْغُلَامِ، فَإِذَا بِهِ يَخْفِقُ خَفْقًا شَدِيدًا، فَرَكَضَهُ بِرِجْلِهِ، وَاسْتَقَرَّهُ، فَأَقَرَّ، فَقَتَلَهُ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ إذا رُفِعَ إلَيْهِ أَنَّ صَيَّادًا أَلْقَى شَبَكَتَهُ فِي دِجْلَةَ، فَوَقَعَ فِيهَا جِرَابٌ فِيهِ كَفٌّ مَخْضُوبَةٌ بِحِنَّاءٍ، وَأُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَهَالَهُ ذَلِكَ. وَأَمَرَ الصَّيَّادَ أَنْ يُعَاوِدَ طَرْحَ الشَّبَكَةِ هُنَالِكَ فَفَعَلَ، فَأَخْرَجَ جِرَابًا آخَرَ فِيهِ رِجْلٌ، فَاغْتَمَّ الْمُعْتَضِدُ وَقَالَ: مَعِي فِي الْبَلَدِ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا وَلَا أَعْرِفُهُ؟ ثُمَّ أَحْضَرَ ثِقَةً لَهُ وَأَعْطَاهُ الْجِرَابَ، وَقَالَ: طُفْ بِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ الْجُرُبَ بِبَغْدَادَ.
فَإِنْ عَرَفَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَاسْأَلْهُ عَمَّنْ بَاعَهُ مِنْهُ، فَإِذَا دَلَّكَ عَلَيْهِ فَاسْأَلْ الْمُشْتَرِي عَنْ ذَلِكَ وَنَقِّرْ عَنْ خَبَرِهِ.
فَغَابَ الرَّجُلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ: لا زِلْتُ أَسْأَلُ عَنْ خَبَرِهِ حَتَّى انْتَهَى إلَى فُلَانٍ الْهَاشِمِيِّ، اشْتَرَاهُ مَعَ عَشَرَةِ جُرُبٍ، وَشَكَا الْبَائِعُ شَرَّهُ وَفَسَادَهُ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا قَالَ: إنَّهُ كَانَ يَعْشَقُ فُلَانَةَ الْمُغَنِّيَةَ وَأَنَّهُ غَيَّبَهَا، فَلَا يُعْرَفُ لَهَا خَبَرٌ، وَادَّعَى أَنَّهَا هَرَبَتْ، وَالْجِيرَانُ يَقُولُونَ: إنَّهُ قَتَلَهَا.
فَبَعَثَ الْمُعْتَضِدُ مَنْ كَبَسَ مَنْزِلَ الْهَاشِمِيِّ وَأَحْضَرَهُ، وَأَحْضَرَ الْيَدَ وَالرِّجْلَ، وَأَرَاهُ إيَّاهُمَا، فَلَمَّا رَآهُمَا امْتَقَعَ لَوْنُهُ، وَأَيْقَنَ بِالْهَلَاكِ وَاعْتَرَفَ.
فَأَمَرَ الْمُعْتَضِدُ بِدَفْعِ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ إلَى مَوْلَاهَا، وَحَبَسَ الْهَاشِمِيَّ حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْسِ.
وَمِنْ مَحَاسِنِ الْفِرَاسَةِ: أَنَّ الرَّشِيدَ رَأَى فِي دَارِهِ حُزْمَةَ.

– الشيخ: إلى آخره، ما شاء الله هذه سواليف [حكايا] زينة، يكفي بس [فقط]، محمد..
لا إله إلا الله، ما شاء الله، ما شاء الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، أعوذ بالله من الفتن، أعوذ بالله من الفتن، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، في تعليقات على هذه القصص؟

– القارئ: لا، كلَّها مراجع يا شيخ أو
– الشيخ: في مراجع
– القارئ: يعني يذكر بعضها مرجع لها
– الشيخ: مثل أيش في سير؟
– القارئ: تاريخ الإسلام.
– الشيخ: قال عن المعتضد شيئا؟ نعم يا محمد اقرأ.
– طالب: أحسن الله إليكم؛ في قصة الغلام الذي.. فوكزه فقتله

– الشيخ: يظهر أنه شينة خبيثة، يظهر أنه يتلوط لواط لواط، يظهر أنه كذا فحوى القصة، كذا فهي قذرة.
– طالب: هذا قصده ابن الجوزي في كتاب الأذكياء.. أغلب هذه القصص ذكرها ابن الجوزي في كتاب الأذكياء.

– الشيخ: أيه نعم بعده.. هي الفراسة مرجعُها الذكاء، مرجعُها الذكاءُ والإلهامُ من الله تعالى، نعم.

– القارئ: فصلٌ: وَمِنْ مَحَاسِنِ الْفِرَاسَةِ: أَنَّ الرَّشِيدَ رَأَى فِي دَارِهِ حُزْمَةَ خَيْزَرَانٍ، فَقَالَ لِوَزِيرِهِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ عُرُوقُ الرِّمَاحِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَقُلْ الْخَيْزَرَانُ لِمُوَافَقَةِ
– الشيخ: الخيزَران ولا الخيزُران؟
– القارئ: ما ضُبِطَت يا شيخنا
– الشيخ: كأنَّها أذكرُ الخيزُران بس [لكن] الأمر سهل، لما كانَ اسمُ أمِ الرشيدِ "الخيزَرانِ أو الخيزُرانِ" قالَ الرشيدُ لجليسِه: ما هذا، قال: عروقُ الرماحِ، [….] فيه انتبه، يعني لو قالَ الخيزران تكلَّم باسمِ أمِه، يعني يقول هذه اسمها اسم أمِك، نعم. فقالَ: عروقُ الرماحِ.
 

– القارئ: فقَالَ عُرُوقُ الرِّمَاحِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَقُلْ الْخَيْزُرَانُ لِمُوَافَقَةِ اسْمِ أُمِّهِ.
وَنَظِيرُ هَذَا: أَنَّ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ سَأَلَ وَلَدَهُ – وَفِي يَدِهِ مِسْوَاكٌ – مَا جَمْعُ هَذَا؟ قَالَ: ضد مَحَاسِنُك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَهَذَا مِنْ الْفِرَاسَةِ فِي تَحْسِينِ اللَّفْظِ.
وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ النفع اعْتَنَى بِهِ الْأَكَابِرُ وَالْعُلَمَاءُ. وَلَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ فِي السُّنَّةِ وَهُوَ مِنْ خَاصِّيَّةِ الْعَقْلِ وَالْفِطْنَةِ.
فَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّهُ خَرَجَ يَعُسُّ الْمَدِينَةَ بِاللَّيْلِ، فَرَأَى نَارًا مُوقَدَةً فِي خِبَاءٍ، فَوَقَفَ وَقَالَ: " يَا أَهْلَ الضَّوْءِ ". وَكَرِهَ أَنْ يَقُولَ: يَا أَهْلَ النَّارِ.
وَسَأَلَ رَجُلًا عَنْ شَيْءٍ: " هَلْ كَانَ؟ " قَالَ: لَا

– الشيخ: "يا أهلَ النار"ِ هذه كلمة يا أهلَ النارِ؟
– القارئ: وكرهَ أنْ يقولَ
– الشيخ: يقول -شوف الفرق [انظر الفرق]- يا أهلَ الضوء، هذه عندنا يعني إن كانَ يريدُ الضوءَ يعني الضياء، ولا عندنا النار يسمّونها "ضو" كذا، عندَنا في القصيم يقولون لها "ضو"، "شُبّ الضو" كذا "شبّ الضو"، لكنّ أغلبَ الناسِ يقولون "شبّ النارَ"، نعم.
 

– القارئ: وَسَأَلَ رَجُلًا عَنْ شَيْءٍ: "هَلْ كَانَ؟" قَالَ: لَا أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك، فَقَالَ: "قَدْ عُلِّمْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا، هَلَّا قُلْت: لَا، وَأَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك؟".
– الشيخ: يعني بالواو، لما تقول "لا أطالَ اللهُ"، هذه رواية وهذه يعني فيها احترازٌ عظيمٌ، "لا وجزاكَ اللهُ خيراً"، أمّا تقول "لا جزاك الله" نعم.
– القارئ: وجهُ الإشكالِ فيها يا شيخنا؟
– الشيخ: طيب أقول لك: "لا جزاك الله خيراً" هذه زينة؟ لا، جزاكَ اللهُ خيراً لا جزاك، تصير يعني قريب أنّي قلت لك: لا جزاك الله خيراً.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم جزاكَ اللهُ خيراً.
– الشيخ: فإذا قلت لا وجزاك.
– القارئ: وَسُئِلَ الْعَبَّاسُ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا وُلِدْت قَبْلَهُ.
وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَبَاثُ

– الشيخ: وبعضُهم قالَ أنَّه يقولُ: وأنا أسنُّ منهُ، هو أكبرُ وِأنا أسنُّ منه، نعم.
– القارئ: وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَبَاثُ بْنُ أَشْيَمَ
– الشيخ: من هو؟
– القارئ: قَبَاثُ بْنُ أَشْيَمَ، قالَ وفي نسخةٍ "غياثُ".
– الشيخ: الاسم ما أدري أيش تقوله؟
– القارئ: بالقاف شيخنا "قُباث"
– الشيخ: طيّب.
– القارئ: فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ.
وَكَانَ لِبَعْضِ الْقُضَاةِ جَلِيسٌ أَعْمَى، فكَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ يَقُولُ: يَا غُلَامُ، اذْهَبْ مَعَ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَلَا يَقُولُ: خُذْ بِيَدِهِ، قَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَخَلَّ بِهَا مَرَّةً.
وَمِنْ أَلْطَفِ مَا يُحْكَى

– الشيخ: يعني أيش يقول خذْ بيدِ أيش يا فلان؟
– القارئ: يا غلامُ اذْهَبْ مَعَ أَبِي مُحَمَّدٍ.
– الشيخ: أي اذهبْ معَ أبو محمَّدٍ أدبيّاً، اذهبْ معه يعني راح معه صاحب، جميل يعني مراعاة هذه الكلمات طيب، من حسنِ الأدبِ في الكلام، نعم.
 

– القارئ: وَمِنْ أَلْطَفِ مَا يُحْكَى فِي ذَلِكَ: أَنَّ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ اسْمِهِ؟ فَقَالَ: سَعْدٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: أَيُّ السُّعُودِ أَنْتَ؟ قَالَ: سَعْدُ السُّعُودِ لَك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَعْدٌ الذَّابِحُ لِأَعْدَائِكَ، وَسَعْدُ بَلَعَ عَلَى سِمَاطِكَ، وَسَعْدُ الْأَخْبِيَةِ لِسِرِّكَ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ.
– الشيخ: أعد أعد.
– القارئ: قالَ: وَمِنْ أَلْطَفِ مَا يُحْكَى فِي ذَلِكَ: أَنَّ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ.
– الشيخ: أقول سواليف [حكايا]، نعم.
– القارئ: سَأَلَ رَجُلًا عَنْ اسْمِهِ؟ فَقَالَ: سَعْدٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: أَيُّ السُّعُودِ أَنْتَ؟ قَالَ: سَعْدُ السُّعُودِ لَك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَعْدٌ الذَّابِحُ لِأَعْدَائِكَ، وَسَعْدٌ بَلَعَ عَلَى سِمَاطِك
– الشيخ: بُلَع
– القارئ: ضبطَها هنا يا شيخُ بالضمِّ.
– الشيخ: بالضم؟
– القارئ: لا، أحسنَ اللهُ إليكم، ضبطَها بالفتحِ
– الشيخ: بَلَعَ؟
– القارئ: أي نعم.
– الشيخ: والله الذي أحفظه هكذا "بُلَع"، شف [انظر] أبو أيوب بُلع بَلَعَ يَبلَع بُلَع، […..] بُلع، نعم.
 

– القارئ: وَسَعْدُ الْأَخْبِيَةِ لِسِرِّك، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ.
وَيُشْبِهُ هَذَا: أَنَّ مَعْنَ بْنَ زَائِدَةَ دَخَلَ عَلَى الْمَنْصُورِ، فَقَارَبَ فِي خَطْوِهِ

– الشيخ: يعني شوي شوي.
– القارئ: فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ: كَبِرَتْ سِنُّك يَا مَعْنُ، قَالَ: فِي طَاعَتِك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: إنَّك لَجَلْدٌ. قَالَ
– الشيخ: على أعدائِكَ
– القارئ: نعم
قَالَ: عَلَى أَعْدَائِك، قَالَ: وَإِنَّ فِيك لَبَقِيَّةً، قَالَ: هِيَ لَك

– الشيخ: […..] لكنَّه يعني أدبيّات كما يقولون، نعم.
– القارئ: وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ: قَوْله تَعَالَى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء:53]
فَالشَّيْطَانُ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إذَا كَلَّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِغَيْرِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَرُبَّ حَرْبٍ كان وَقُودُهَا جُثَثٌ وَهَامٌ، أَهَاجَهَا قَبِيحُ الْكَلَامِ.
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بن حُنيفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي» وَخَبُثَتْ وَلَقِسَتْ وَغَثَتْ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى.
فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَفْظَ "الْخُبْثِ" لِبَشَاعَتِهِ، وَأَرْشَدَهُمْ إلَى الْعُدُولِ إلَى لَفْظٍ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَاهُ تَعْلِيمًا لِلْأَدَبِ فِي الْمَنْطِقِ، وَإِرْشَادًا إلَى اسْتِعْمَالِ الْحَسَنِ، وَهَجْرِ الْقَبِيحِ في الْأَقْوَالِ، كَمَا أَرْشَدَهُمْ إلَى ذَلِكَ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْأَفْعَالِ.
وَمِنْ عَجِيبِ الْفِرَاسَةِ مَا ذُكِرَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ: أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ فِي مَجْلِسٍ لَهُ يَتَنَزَّهُ فِيهِ، إذْ رَأَى سَائِلًا فِي ثَوْبٍ خَلِقٍ، فَوَضَعَ دَجَاجَةً على رَغِيفٍ وَحَلْوَى وَأَمَرَ بَعْضَ الْغِلْمَانِ فدَفْعِهِ إلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَهَشَّ، وَلَمْ يَعْبَأْ بِهِ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: جِئْنِي بِهِ، فَلَمَّا وَقَفَ قُدَّامَهُ اسْتَنْطَقَهُ، فَأَحْسَنَ الْجَوَابَ، وَلَمْ يَضْطَرِبْ مِنْ هَيْبَتِهِ، فَقَالَ: هَاتِ الْكُتُبَ الَّتِي مَعَك، وَاصْدُقْنِي مَنْ بَعَثَك، فَقَدْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّكَ صَاحِبُ خَبَرٍ. وَأَحْضَرَ السِّيَاطَ، فَاعْتَرَفَ، فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ: هَذَا وَاَللَّهِ السِّحْرُ، قَالَ: مَا هُوَ بِسِحْرٍ، وَلَكِنْ فِرَاسَةٌ صَادِقَةٌ، رَأَيْتُ سُوءَ حَالِهِ، فَوَجَّهْتُ إلَيْهِ بِطَعَامٍ يَشْرَهُ إلَى أَكْلِهِ الشَّبْعَانُ

– الشيخ: يشرئِبُّ.
– القارئ: ضبَطها هنا يا شيخ بالهاء: يشرَهُ.
– الشيخ: يشرف؟
– القارئ: يشرهُ، مِن الشرهِ يمكن يا شيخ.
– الشيخ: هو […..] يستشرفُ يقولون: يستشرفُ إليه، نعم [….] يشرئب إليه، مش يمكن تراجع نعم نعم.
– القارئ: يستشرف أو يشرئب
– الشيخ: لا اقرأ اللي تبي [التي تيرد].
– القارئ: طيب
– الشيخ: أوّل شيء.
 

– القارئ: يَشْرَهُ إلَى أَكْلِهِ الشَّبْعَانُ، فَمَا هَشَّ لَهُ، وَلَا مَدَّ يَدَهُ إلَيْهِ، فَأَحْضَرْتُهُ فَتَلَقَّانِي بِقُوَّةِ جَأْشٍ، فَلَمَّا رَأَيْت رَثَاثَةَ حَالِهِ، وَقُوَّةَ جَأْشِهِ، عَلِمْتُ أَنَّهُ صَاحِبُ خَبَرٍ، فَكَانَ كَذَلِكَ.
وَرَأَى يَوْمًا حَمَّالًا يَحْمِلُ صِنًّا وَهُوَ يَضْطَرِبُ تَحْتَهُ

– الشيخ: صِنًّا؟
– القارئ: نعم، غَاصَتْ عُنُقُ الْحَمَّالِ، وَأَنَا أَرَى عُنُقَهُ بَارِزَةً، وَمَا أَرَى هَذَا الْأَمْرَ إلَّا مِنْ خَوْفٍ، فَأَمَرَ بِحَطِّ الصِّنِّ، فَإِذَا فِيهِ جَارِيَةٌ قَدْ قُتِلَتْ وَقُطِّعَتْ.
– الشيخ: أف.
– القارئ: فَقَالَ: اُصْدُقْنِي عَنْ حَالِهَا، فَقَالَ: أَرْبَعَةُ نَفَرٍ فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ أَعْطَوْنِي هَذِهِ الدَّنَانِيرَ، وَأَمَرُونِي بِحَمْلِ هَذِهِ الْمَقْتُولَةِ. فَضَرَبَهُ وَقَتَلَ الْأَرْبَعَةَ.
وَكَانَ يَتَنَكَّرُ وَيَطُوفُ

– الشيخ: من، سمَّى الخليفة؟
– القارئ: لا، يا شيخنا ما
– طالب: أحمد بن طولون

– الشيخ: أي قاله قال: أحمد بن طولون، نعم.
– القارئ: أي نعم، وَكَانَ يَتَنَكَّرُ وَيَطُوفُ ويَسْتمَعُ قِرَاءَةَ الْأَئِمَّةِ فَدَعَا ثِقَتَهُ، وَقَالَ: خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ، وَأَعْطِهَا إمَامَ مَسْجِدِ كَذَا، فَإِنَّهُ فَقِيرٌ مَشْغُولُ الْقَلْبِ.
فَفَعَلَ، وَجَلَسَ مَعَهُ وَبَاسَطَهُ، فَوَجَدَ زَوْجَتَهُ قَدْ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ، وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَقَالَ: صَدَقَ، عَرَفْتُ شُغْلَ قَلْبِهِ فِي كَثْرَةِ غَلَطِهِ فِي الْقِرَاءَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ اللُّصُوصَ أَخَذُوا فِي زَمَنِ الْمُكْتَفِي بالله مَالًا عَظِيمًا

– الشيخ: هذا بس [فقط] يكفي.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم.
– الشيخ: طول، أيش عندك يا أبو أيوب؟ بُلَع بَلَع؟
– طالب: قالَ بَلَعَ.. بَلَعَ اسم مصدر بَلِعَ.

– الشيخ: أيش البَلْع […] ما هو بَلَعَ، عندك بَلْع ولا بَلَعَ؟
– طالب: بَلَعَ

– الشيخ: أيش يقول بَلَعَ أيش؟
– طالب: بلعَ مصدر بلِعَ

– الشيخ: لا، ما يصير مصدر
– طالب: بَلْعَ

– الشيخ: اصبرْ، بَلِعَ يبلعُ، يقول أيش؟
– طالب: بَلَعَ اسم

– الشيخ: اسم أيش؟
– طالب: مصدرُ بَلِعَ

– الشيخ: بَلِعَ؟
– القارئ: نعم.
– الشيخ: أي يعني في: بَلِعَ يَبْلَعُ بَلَعَاً، كفرِحَ فرحاً، هذه غير الظاهر بَلَعَ..
– طالب: بلعَ فعلَ، بلع يبلع بلعاً

– الشيخ: أيش بلع يبلعُ
– القارئ: بلعاً؟
– الشيخ: هذه هي حقتنا..
– طالب: فهو بالِع وبَلوع

– الشيخ: بلوع؟
– طالب: نعم

– الشيخ: إي
– طالب: والمفعول مبلوعٌ

– الشيخ: مبلوعٌ روح
– طالب: بلعَ اللقمةَ انزلَها مباشرةً من

– الشيخ: طيّب مش بعده
– القارئ: وأخيراً بلعَ ريقَهُ و
– الشيخ: يا ابن الحلال [….] ساعة تقول، ما لقيت؟
– طالب: لا

– الشيخ: دوّر زين [ابحث جيدا]، خلاص يكفي، نعم يا محمّد.
 

 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :متفرقات