الرئيسية/شروحات الكتب/الطرق الحكمية في السياسة الشرعية/(20) فصل الحكم بشهادة الرجل الواحد قوله “والذين ردوا هذه المسألة لهم طرق”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(20) فصل الحكم بشهادة الرجل الواحد قوله “والذين ردوا هذه المسألة لهم طرق”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (الطّرق الحُكميَّة في السّياسة الشَّرعيَّة) لابن قيّم الجوزيَّة
الدّرس العشرون

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وصلَّى اللهُ وسلمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبه أجمعين، اللهمَّ اغفرْ لنا ولشيخِنا ولوالدينا وللمسلمِين، قالَ ابنُ القيم -رحمه الله تعالى-:
وَاَلَّذِينَ رَدُّوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَهُمْ طُرُقٌ: الطَّرِيقُ الْأُولَى: أَنَّهَا

– الشيخ: لعلَّه يعني سنَّةَ الحكمِ بالشاهدِ واليمينِ، هذا هو الذي يعنِيه.
– القارئ: وَاَلَّذِينَ رَدُّوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَهُمْ طُرُقٌ: الطَّرِيقُ الْأُولَى: أَنَّهَا خِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ، فَلَا تُقْبَلُ
– الشيخ: زعموا نعم، أقول: زعموا أَنَّهَا خِلَافُ.
– القارئ: -زعموا- أَنَّهَا خِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ، فَلَا تُقْبَلُ وَقَدْ بَيَّنَ الْأَئِمَّةُ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ – أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ لَا يُخَالِفُهَا بِوَجْهٍ، وَإِنَّهَا لَمُوَافِقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ.
وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ رَدَّ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِزَعْمِهِ أَنَّهَا تُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ

– الشيخ:
– القارئ: وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ كِتَابٌ مُفْرَدٌ سَمَّاهُ كِتَابَ "طَاعَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم"
– الشيخ: ما في تعليق؟
– القارئ: بلى، قالَ: لمْ يُطبعْ، وقد ذكرَه جمعٌ من أهلِ العلمِ.
– الشيخ: لم يُطبَعْ لعلَّه قال: لم يوجد، يمكن ما هو، يعني لو كان موجود، نعم، من هو المحقق؟
– القارئ: هذا يا شيخنا "نايف بن أحمد الحمد" بإشرافِ الشيخِ بكر، السلسلة.
– الشيخ: نعم. بعده.
 

– القارئ: وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ اعْتِقَادُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّحِيحَةِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، بَلْ السُّنَنُ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ –تعالى- عَلَى ثَلَاثِ مَنَازِلَ.
الْمَنْزِلَةُ الْأُولَى: سُنَّةٌ مُوَافِقَةٌ شَاهِدَةٌ بِنَفْسِ مَا شَهِدَ بِهِ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ.
والْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ: سُنَّةٌ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ، وَتُبَيِّنُ مُرَادَ اللَّهِ مِنْهُ، وَتُقَيِّدُ مُطْلَقَهُ.
والْمَنْزِلَةُ الثَّالِثَةُ: سُنَّةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِحُكْمٍ سَكَتَ عَنْهُ الْكِتَابُ فَتُبَيِّنُهُ بَيَانًا مُبْتَدًا.
وَلَا يَجُوزُ رَدُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ لِلسُّنَّةِ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ رَابِعَةٌ.
وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى مَنْ قَالَ: "السُّنَّةُ تَقْضِي عَلَى الْكِتَابِ" فَقَالَ: بَل السُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ وَتُبَيِّنُهُ، وَاَلَّذِي نُشْهَدُ اللَّهُ

– الشيخ: يقولُ ابنُ تيمية: السُّنَّةُ تُفسِّرُ القرآنَ وتدلُّ عليه وتُعبِّرُ عنه، نعم في "العقيدةِ الواسطية"، نعم، تُفسر القرآن وتدلُّ عليه وتُعبِّرُ عنه.
– القارئ: وَاَلَّذِي نُشْهِدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِهِ: أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ
– الشيخ: به؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: ما في نسخة؟
– طالب: في؛ والذي يشهدُ.. والذي يشهدُ اللهُ ورسولُه به، أو يشهدُ به

– الشيخ: لا، يشهدُ الله؟
– طالب: ورسولُه به

– الشيخ: ورسولُه به؟
– طالب: نعم

– الشيخ: إي هذا أنسب، والذي يشهدُ الله به، والذي يشهدُ اللهُ ورسولُه به، أما إذا قلتَ: والذي نُشهدُ، تقولُ: عليه، نُشهدُ اللهَ عليه، اقرأ الكلام
– القارئ: نفسُ اللفظة اللي عندي يا شيخَنا؟ أقرأها ولَّا
– الشيخ: إي اقرأ الذي عندك.
– القارئ: وَاَلَّذِي نُشْهِدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِهِ: أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تُنَاقِضُ كِتَابَ اللَّهِ وَتُخَالِفُهُ أَلْبَتَّةَ
– الشيخ: لا هي نُشهِد، كأنَّها مثل ما عندَك، لكن بدلَ "به" "عليه"، كأنَّها أنسبُ، الذي نُشهِدُ اللهَ ورسولَه وملائكتَه عليه أنَّه لم تأتِ سُنةٌ صحيحةٌ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلّم- تُخالِفُ كتابَ الله.
 

– القارئ: وَاَلَّذِي نُشْهِدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عليه: أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تُنَاقِضُ كِتَابَ اللَّهِ وَتُخَالِفُهُ أَلْبَتَّةَ، كَيْفَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هُوَ الْمُبَيِّنُ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَعَلَيْهِ أُنْزِلَ، وَبِهِ هَدَاهُ اللَّهُ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِتَأْوِيلِهِ وَمُرَادِهِ، وَلَوْ سَاغَ رَدُّ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَا فَهِمَهُ الرَّجُلُ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ لَرُدَّتْ بِذَلِكَ أَكْثَرُ السُّنَنِ، وَبَطَلَتْ بِالْكُلِّيَّةِ.
فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ تُخَالِفُ مَذَاهِبَهُ وَنِحْلَتَهُ إلَّا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَتَشَبَّثَ بِعُمُومِ آيَةٍ أَوْ إطْلَاقِهَا، وَيَقُولُ: هَذِهِ السُّنَّةُ مُخَالِفَةٌ لِهَذَا الْعُمُومِ وَالْإِطْلَاقِ فَلَا تُقْبَلُ.
حَتَّى أَنَّ الرَّافِضَةَ -قَبَّحَهُمْ اللَّهُ- سَلَكُوا هَذَا الْمَسْلَكَ بِعَيْنِهِ فِي رَدِّ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، فَرَدُّوا قَوْلَهُ -صلى الله عليه وسلم-:
(لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ).
وَقَالُوا: هَذَا حَدِيثٌ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ –تَعَالَى-: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] وَرَدَّتْ الْجَهْمِيَّةُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي إثْبَاتِ الصِّفَاتِ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11].
وَرَدَّتْ الْخَوَارِجُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الشَّفَاعَةِ وَخُرُوجِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ النَّارِ بِمَا فَهِمُوهُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ.
وَرَدَّتْ الْجَهْمِيَّةُ أَحَادِيثَ الرُّؤْيَةِ -مَعَ كَثْرَتِهَا وَصِحَّتِهَا- بِمَا فَهِمُوهُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِه –تَعَالَى-: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ [الأنعام:103]، وَرَدَّتْ الْقَدَرِيَّةُ أَحَادِيثَ الْقَدَرِ الثَّابِتَةِ بِمَا فَهِمُوهُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ.
وَرَدَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مَا رَدَّتْهُ مِنْ السُّنَّةِ بِمَا فَهِمُوهُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ

– الشيخ: بما فهموه، يعني ننتبهْ، يعني فهمًا هوَ خلافُ ما فهمَه المسلمونَ أو ما فهمَه الصحابةُ والتابعونَ لهم، فهم يُحكِّمُون فهومَهم على فهومِ الصحابةِ والتابعِين.
 

– القارئ: فَإِمَّا أَنْ يَطَّرِدَ الْبَابُ فِي رَدِّ هَذِهِ السُّنَنِ كُلِّهَا، وَإِمَّا أَنْ يَطَّرِدَ الْبَابُ فِي قَبُولِهَا وَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْهَا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ.
أَمَّا أَنْ يُرَدَّ بَعْضُهَا وَيُقْبَلَ بَعْضُهَا -وَنِسْبَةُ الْمَقْبُولِ إلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ كَنِسْبَةِ الْمَرْدُودِ- فَتَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ رَدَّ سُنَّةً بِمَا فَهِمَهُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ إلَّا وَقَدْ قَبِلَ أَضْعَافَهَا مَعَ كَوْنِهَا كَذَلِكَ.
وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَنْ رَدَّ أَحَادِيثَ "تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ" بِظَاهِرِ قَوْله –تَعَالَى-: {قُلْ لا أَجِدُ

– الشيخ: الظاهر، الكلامُ مُتواصِلٌ؟
– القارئ: ينتهي يا شيخ، بس يبدأُ فصل جديد -أربعة أسطر-
– الشيخ: طيب. تفضَّل كمِّلْ.
– القارئ: وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَنْ رَدَّ أَحَادِيثَ تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ بِظَاهِرِ قَوْله –تَعَالَى-: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا الْآيَةَ [الأنعام:145]
وَقَدْ أَنْكَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى مَنْ رَدَّ سُنَّتَهُ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَدَعِ مُعَارَضَةَ الْقُرْآنِ لَهَا فَكَيْفَ يَكُونُ

– الشيخ: لا، كأنها: ولم يدَّعِ
– القارئ: "لم يدَّع" يا شيخ؟
– الشيخ: إي
– القارئ: وَلَمْ يَدَّعِ مُعَارَضَةَ الْقُرْآنِ لَهَا فَكَيْفَ يَكُونُ إنْكَارُهُ عَلَى مَنْ ادَّعَى أَنَّ سُنَّتَهُ تُخَالِفُ الْقُرْآنَ وَتُعَارِضُهُ؟
فَصْلٌ: الطَّرِيقُ الثَّانِي

– الشيخ: حسبك، نعم يا محمد.
 

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :متفرقات