بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (الطّرق الحُكميَّة في السّياسة الشَّرعيَّة) لابن قيّم الجوزيَّة
الدّرس الثّاني العشرون
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالَمين، وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، اللهمَّ اغفرْ لنا ولشيخِنا والمسلمين، قالَ ابنُ القيِّم -رحمه الله تعالى-:
فَصْلٌ:
وَيَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مُنفرداتٍ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ خريت عَنْ أَبِي لَبِيدٍ: "أَنَّ سَكْرَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بن الخطاب -رضيَ اللهُ عنْهُ- وَشَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُمَرُ".
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ أخذ بشَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ.
– الشيخ: في [يوجد] تخريج على
– القارئ: الأولُ يا شيخَنا يقول: رواه..
– الشيخ: هذا أثرُ عمر
– القارئ: إي نعم، قال: رواه ابنُ حزمٍ من طريقِ أبي عبيدٍ، ورجالُه ثقاتٌ، ونحوَه عندَ ابن أبي شيبةَ، والبخاريِّ في التاريخِ الكبيرِ.
– الشيخ: أنَّ سكرانًا يقولُ؟
– القارئ: نعم، أَنَّ سَكْرَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بن الخطاب -رضيَ اللهُ عنْهُ- وَشَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُمَرُ".
– الشيخ: هذهِ مسألةُ طلاقِ السكرانِ؛ فيها خلافٌ بين أهلِ العلمِ، والمُرجَّحُ أنَّه لا يقعُ طلاقُه لأنَّه صدرَ عن غير عقلٍ، لو تكلَّمَ بالكفرِ لم يكفرْ، لو تكلَّمَ السكران بالكفرِ لمْ يكفرْ، لأنَّه ما صدرَ عن علمٍ، لا يعلم ما يقولُ، لا يعلمُ ما يقولُ: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ [النساء:43]
– القارئ: قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ أخذ بشَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ: أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الطَّلَاقِ.
قالَ أبو عبيد: لا يصحُّ حديثُ عمرَ في شهادةِ النساءِ في الطلاقِ، وإنَّما يرويه أَبُو لَبِيدٍ، وَلَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ -رضيَ اللهُ عنْهُ-.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الفقهاء: تَجُوزُ شهادة.
– الشيخ: أيش يقول؟ أيش يقول؟
– القارئ: قالَ أبو عبيد: لا يصحُّ حديثُ عمرَ في شهادةِ النساءِ في الطلاقِ
– الشيخ: هذا أبو عبيدٍ بن قاسم بن سلَّام هذا الإمامُ المعروفُ.
– القارئ: لا يصحُّ حديثُ عمرَ في شهادةِ النساءِ في الطلاقِ، وإنَّما يرويه أَبُو لَبِيدٍ
– الشيخ: أبو عبيد؟
– القارئ: أبو لُبيد، باللام
– الشيخ: إي إي وضح وضح، لُبيد وعُبيد صارَت عندنا، أبو لُبيد كذا؟
– القارئ: إي نعم، أو لَبيد.
– الشيخ: إي
– القارئ: وَلَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ -رضيَ اللهُ عنْهُ-.
– الشيخ: طيب، زين، استرَحْنا منه.
– القارئ: قال: وقد قالَ بعضُ الفقهاء: تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ. فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، أَرْجَحُهَا: أَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ منفردات فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا.
قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الرَّضَاعِ تَجُوزُ؟ قَالَ: "نَعَمْ".
وَقَالَ عَلِيٌّ بن سعيد: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الرَّضَاعِ تَجُوزُ؟ قَالَ: "تجوز على حديث عقبة بن الحارث."
وقال إبراهيمُ بنُ الحارثِ قيل لأحمد: شهادةُ المرأةِ الواحدةِ في الرَّضاعِ تجوزُ؟ قالَ: "نعم".
وَكَذَلِكَ قَالَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوَابٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَمُهَنَّا، وَحَرْبٍ.
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ هَذَا، وَقَالَ: "هُوَ حُجَّةٌ فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أَجَازَ شَهَادَتَهَا وَهِيَ أَمَةٌ".
وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ؟ فَقَالَ: "هُوَ مَوْضِعٌ لَا يَحْضُرُهُ الرِّجَالُ، وَلَكِنْ إنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَهُوَ أَجْوَدُ".
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ -وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الْقَابِلَةِ: أَيُقْبَلُ؟- قَالَ: "كُلَّمَا كَثُرَ كَانَ أَعْجَبَ إلَيْنَا: ثَلَاثٌ، أَوْ أَرْبَعٌ".
وَقَالَ سِنْدِيٌّ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فِي الِاسْتِهْلَالِ؟ فَقَالَ: "يَجُوزُ، إنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الرِّجَالُ".
وَقَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ شَهَادَةِ
– الشيخ: صاروا ينظرون، يُولِّدون الحريمَ الرجالُ، حسبنا الله ونعم الوكيل، يُمكن الفسقةُ منهم يتنافسُون على..
– القارئ: وَقَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا فِي اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ؟ فَقَالَ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا وَحْدَهَا".
وَقَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: "تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا، وَإِنْ كَانَتْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً".
فَسَأَلْت أَحْمَدَ فَقُلْت: هُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ؟ فَقَالَ: "أَنَا لَا أَقُولُ تَجُوزُ شَهَادَةُ وَاحِدَةٍ مُسْلِمَةٍ، فَكَيْفَ أَقُولُ يَهُودِيَّةٌ؟"
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي الِاسْتِهْلَالِ: هَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدَةٍ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَتَيْنِ؟ وَكَذَلِكَ الْوِلَادَةُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فِي الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ، هَلْ تَجُوزُ امْرَأَةٌ أَوْ امْرَأَتَانِ؟ قَالَ: "امْرَأَتَانِ فأَكْثَرُ، وَلَيْسَتْ الْوَاحِدَةُ مِثْلَ الِاثْنَتَيْنِ".
وَقَدْ قَالَ عَطَاءٌ: أَرْبَعٌ، وَلَكِنْ امْرَأَتَانِ تُقْبَلُ فِي مِثْلِ هَذَا، إذَا كَانَ أَمْرِ النِّسَاءِ ممَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ الرِّجَالُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي
– الشيخ: إذ؟ أيش إذا، ولَّا [أم] إذ؟
– القارئ: إذا يا شيخنا، إذا
– الشيخ: نعم اقرأ إذا كان
– القارئ: قال: وَقَدْ قَالَ عَطَاءٌ: "أَرْبَعٌ، وَلَكِنْ امْرَأَتَانِ تُقْبَلُ فِي مِثْلِ هَذَا، إذَا كَانَ أَمْرِ النِّسَاءِ ممَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ الرِّجَالُ".
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: فَالشَّهَادَةُ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ؟ قَالَ: "أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تكُونَ امْرَأَتَيْنِ".
وَقَالَ حَرْبٌ: سُئِلَ أَحْمَدُ، قِيلَ لَهُ: فَالشَّهَادَةُ عَلَى ِاسْتِهْلَالِ الصبي؟ قَالَ: "لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَتَيْنِ". وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ لَا تُعْجِبُهُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَكُونَ امْرَأَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ: مَا تَقُولُ فِي شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ تَشْهَدُ بِالِاسْتِهْلَالِ؟ فَقَالَ: "تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا، هَذِا ضَرُورَةٌ"، قَالَ: "وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ".
وَقَالَ هَارُونُ الْحَمَّالُ:
– الشيخ: إي لأنه في [يوجد] عن أحمد روايتان، وهذا كثيرٌ.
– القارئ: وَقَالَ هَارُونُ الْحَمَّالُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا، فَقِيلَ لَهُ: إذَا كَانَتْ مَرْضِيَّةً؟ فَقَالَ: لَا يَكُونُ إلَّا هَكَذَا.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ: هَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: "شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ فِي الرَّضَاعِ وَالْوِلَادَةِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ"، قَالَ: "وَأُجَوِّزُ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَتْ ثِقَةً، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ".
وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ: هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيَّةِ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ؟ قَالَ: "لَا، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً عَدْلَةً".
وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَانِ وَأَثَرٌ وَقِيَاسٌ
– الشيخ: إلى هنا، اللهُ المُستعان.