بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (الجوابُ الكافي لِمَن سألَ عن الدّواءِ الشَّافي) لابن القيّم
الدّرس: الثّاني عشر
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلِّ اللهُمَّ وسلِّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. أما بعدُ؛ قالَ العلامةُ ابنُ القيِّمِ -رحمَه اللهُ تعالى- في كتابِهِ "الجوابُ الكافي لمنْ سألَ عن الدواءِ الشافيّ":
وَفِي الْمُسْنَدِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إني أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) قَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ.
وَفِي الْمُسْنَدِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ قَعَدَ عَلَى شَأْفَتِهِ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُ بَصَرَهُ فِيهِ
– الشيخ: "على شَأْفَتِهِ" كذا؟
– طالب: عندنا "على سَاقَيْهِ".. قعدَ على سَاقَيْهِ.
– الشيخ: عجيب! "قعدَ على سَاقَيْهِ"، وعندكَ "على شَأْفَتِهِ"؟ ها؟! ما في تعليق تحقيق؟ أقولُ: أيش التخريج الذي قاله ابنُ القيم؟
– طالب: في المسندِ -عندي- إسنادُه ضعيفٌ، رواهُ أحمدُ، وقال في المجمع: في محمَّد بن جابر
– الشيخ: لا نبي [نريد] ضبطَ اللفظِ، ضبطُ اللفظِ بس [فقط]، في المسند، المسند.
– القارئ: انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ قَعَدَ عَلَى شَأْفَتِهِ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُ بَصَرَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ
– الشيخ: كأنه: "عَلَى شَأْفَتِهِ" كأنه على حافتِهِ، هذا هو المناسبُ للسِّياقِ، قعدَ على حافَّةِ القبرِ، أمَّا على ساقيهِ ما غير ظاهر، "على حافتِهِ" يمكن يُعبِّرُ عنه مثلَ "شَفَا البيرِ" "شَفَا الجُرُفِ" الشَّفا هو: الطَّرفُ، "على شَفَا جُرُف" فهذه كلمةُ "عَلَى شَأْفَتِهِ" قريبةٌ، أي: على حافتِهِ.
– طالب: ممكن يكون هيئتُه عليه الصلاة والسلام، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ قَعَدَ هو عَلَى ساقيه.
– الشيخ: لا، قعدَ على شأفتِهِ، راجعوا لفظَهُ في أصلِه.
– القارئ: فَجَعَلَ يُرَدِّدُ بَصَرَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ
– الشيخ: فَجَعَلَ يُرَدِّدُ بَصَرَهُ فِيهِ، في القبر، يُرَدِّدُ بَصَرَهُ في القبر.
– القارئ: ثُمَّ قَالَ: يُضْغَطُ الْمُؤْمِنُ فِيهِ ضَغْطَةً تَزُولُ مِنْهَا حَمَائِلُهُ وَيُمْلَأُ على الكافر نارًا، والحَمَائِلُ عُروقُ الأُنْثَيَينِ.
وَفِي الْمُسْنَدِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ حِينَ تُوُفِّيَ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَسُوِّيَ عَلَيْهِ، سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
– الشيخ: سبحان الله! سبحان الله!
– القارئ: سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَّحْنَا طَوِيلًا، ثُمَّ كَبَّرَ، فَكَبَّرْنَا، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ سَبَّحْتَ، ثُمَّ كَبَّرْتَ؟ فَقَالَ: (لَقَدْ تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ قَبْرُهُ حَتَّى فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ).
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ
– الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله، كلُّ هذه فيها دَلالةٌ على عِظَمِ الأمرِ، وأنَّ ما أمامَ الإنسانِ أمورٌ هائلةٌ! أمورٌ هائلةٌ! عندَ الاحتضارِ، وفي البَرْزَخِ، ما فيه إلا الراحةُ التامةُ بدخولِ الجنة فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185] خلاص فازَ حقًّا، فازَ الفوزَ العظيمَ، يا الله.
– القارئ: وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ،
– الشيخ: أعوذ بالله، أعوذ بالله.
– القارئ: وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ لَصُعِقَ).
وَفِي مُسْنَدِ الإمام أَحْمَدَ
– طالب: موجود بالبخاري هذا؟
– الشيخ: هو قال شيء؟ أيش قالَ كيف قرأت؟
– القارئ: وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
– الشيخ: إلى آخرِه
– القارئ: هذا في كتابِ الجنائز
– الشيخ: طيّب، تفضل
– القارئ: وَفِي مُسْنَدِ الإمام أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَدْنُو الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ مِيلٍ، وَيُزَادُ فِي حَرِّهَا كَذَا وَكَذَا، تَغْلِي مِنْهَا الرُّءُوسُ كَمَا تَغْلِي الْقُدُورُ، يَعْرَقُونَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ خَطَايَاهُمْ، مِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى كَعْبِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى وَسَطِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ).
وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
– الشيخ: هذا عندَ مَن لفظه؟
– القارئ: مسندِ الإمام أحمد
– الشيخ: أصلُه في الصحيحِ، أصلُ الحديثِ في الصحيح
– القارئ: والحديثُ ثبتَ عَن المقدادِ بنِ الأسودِ عندَ مسلمٍ.
– الشيخ: نعم
– طالب: (إذَا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ) شيخ مو [ليس] بالبخاري؟
– الشيخ: ألَّا، ما قالوا لكَ، ما سمعتَ؟!
– القارئ: وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ؟ وَحَنَى جَبْهَتَهُ يَسْمَعُ مَتَى يُؤْمَرُ فَيَنْفُخُ) فَقَالَ أَصْحَابُهُ: كَيْفَ نَقُولُ؟ قَالَ: (قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا).
وَفِي الْمُسْنَدِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ: (مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ، أَوِ اخْتَالَ فِي مَشْيَتِهِ،
– الشيخ: في مِشْيَتِهِ، هَيئِة، هَيئِة اسمها.
– القارئ: (مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ، أَوِ اخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ).
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْمُصَوِّرِينَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ).
وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ
– الشيخ: يا الله، يا الله النَّجاةَ مِن العذابِ.
– القارئ: وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
– الشيخ: إلى هنا، إلى هنا، قف، الظاهر الشيخُ مستمِّرٌ في سياقِ هذهِ المعاني، نعم يا محمد، لا حول ولا قوة إلا بالله، الله يُحسِن لنا ولكم الخاتمة، والثبات، لا إله إلا الله.