الرئيسية/شروحات الكتب/الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي/(17) فصل الاغترار بالدنيا قوله “كيف يجتمع التصديق الجازم”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(17) فصل الاغترار بالدنيا قوله “كيف يجتمع التصديق الجازم”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (
الجوابُ الكافي لِمَن سألَ عن الدّواءِ الشَّافي) لابن القيّم
الدّرس: السّابع عشر

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلِّ اللهُمَّ وسلِّمْ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. أما بعد؛ قالَ العلَّامة ابن القيم رحمَه اللهُ تعالى في كتابِه "الجوابُ الكافي لِمَنْ سألَ عَن الدواءِ الشَّافي":
فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ بِالْمَعَادِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَيَتَخَلَّفُ الْعَمَلُ؟

– الشيخ: لا إله إلا الله، هذا -واللهِ- سؤالٌ واردٌ. أعِدْ: "فَإِنْ قُلْتَ"
– القارئ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ بِالْمَعَادِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَيَتَخَلَّفُ الْعَمَلُ؟
– الشيخ: لا إله إلا الله، عجيب! لا إله إلا الله، يتخلَّفُ العملُ كليًا كما في الـمُسرفين على أنفسِهم أو الـمُعرِضِين، ويتخلَّفُ كثيرٌ مِن الأعمالِ، كم مِن الفضائلِ نؤمنُ بها والفرائضِ نؤمنُ بها يقينًا ثمَّ إذا نظرنَا للعملِ فإذا نحن لمْ نقمْ بهذه الفرائضِ. سبحان الله آيةٌ مِن آياتِ الله!
 

– القارئ: وَهَلْ فِي الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ غَدًا إِلَى بَيْنِ يَدَيْ بَعْضِ الْمُلُوكِ؛ لِيُعَاقِبَهُ أَشَدَّ عُقُوبَةٍ، أَوْ يُكْرِمَهُ أَتَمَّ كَرَامَةٍ، وَيَبِيتُ سَاهِيًا غَافِلًا لَا يَتَذَكَّرُ مَوْقِفَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ، وَلَا يَسْتَعِدُّ لَهُ، وَلَا يَأْخُذُ لَهُ أُهْبَتَهُ.
– الشيخ: الله أكبر، الله أكبر، لا والله الذي يصير مُهدداً من الـمَلِكِ أو موعوداً بالحضورِ عندَه، يبي [يريد] يجتهد فيما يُخَلِّصُه ويُرضيه –يُرْضي الملك-، لا إله إلا الله.
 

– القارئ: قِيلَ: هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ سُؤَالٌ صَحِيحٌ وَارِدٌ عَلَى أَكْثَرِ هَذَا الْخَلْقِ، فَاجْتِمَاعُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ
– الشيخ: الله أكبر. نعم "قِيلَ: هَذَا".
– القارئ: قِيلَ: هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ سُؤَالٌ صَحِيحٌ وَارِدٌ عَلَى أَكْثَرِ هَذَا الْخَلْقِ، واجْتِمَاعُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَعْجَبِ الْأَشْيَاءِ
– الشيخ: الله أكبر، يا سلام سلِّمْ.
– القارئ: وَهَذَا التَّخَلُّفُ لَهُ عِدَّةُ أَسْبَابٍ:
أَحَدُهَا: ضَعْفُ الْعِلْمِ، وَنُقْصَانُ الْيَقِينِ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْعِلْمَ لَا يَتَفَاوَتُ، فَقَوْلُهُ مِنْ أَفْسَدِ الْأَقْوَالِ وَأَبْطَلِهَا.

– الشيخ: نعم الْعِلْمَ يَتَفَاوَتُ، اليقينُ يَتَفَاوَتُ نفسُ اليقينِ، في [هناك]: علمُ اليقينِ، وعينُ اليقينِ، وحقُّ اليقينِ.
 

– القارئ: وَقَدْ سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى عِيَانًا بَعْدَ عِلْمِهِ بِقُدْرَةِ الرَّبِّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِيَزْدَادَ طُمَأْنِينَةً، وَيَصِيرَ الْمَعْلُومُ غَيْبًا شَهَادَةً.
وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
(لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ).
فَإِذَا اجْتَمَعَ إِلَى ضَعْفِ الْعِلْمِ عَدَمُ اسْتِحْضَارِهِ، وغَيْبَتُهُ عَنِ الْقَلْبِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَوْقَاتِهِ أَوْ أَكْثَرَهَا لِاشْتِغَالِهِ بِمَا يُضَادُّهُ، وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ تَقَاضِي الطَّبْعِ، وَغَلَبَاتُ الْهَوَى، وَاسْتِيلَاءُ الشَّهْوَةِ، وَتَسْوِيلُ النَّفْسِ، وَغُرُورُ الشَّيْطَانِ، وَاسْتِبْطَاءُ الْوَعْدِ، وَطُولُ الْأَمَلِ، وَرَقْدَةُ الْغَفْلَةِ، وَحُبُّ الْعَاجِلَةِ، وَرُخَصُ التَّأْوِيلِ وَإِلْفُ الْعَوَائِدِ، فَهُنَاكَ لَا يُمْسِكُ الْإِيمَانَ إِلَّا الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا،

– الشيخ: يا الله، ينبغي لنا أنْ نسألَ اللهَ دائمًا: "يا مُقَلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلوبَنَا على دينِكَ"، يقولُ الواحدُ: "اللهمَّ مُقَلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبي على دينِكَ، ثبِّتْ قلبي على دينِكَ"، يُكثرُ العبدُ مِن سؤالِ حسنِ الخاتمةِ والوفاةِ على الإسلامِ، يا الله أمرٌ عظيم!
 

– القارئ: فَهُنَاكَ لَا يُمْسِكُ الْإِيمَانَ إِلَّا الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا،
– الشيخ: لا إله إلا الله. يا سلام سلِّم.
– القارئ: وَبِهَذَا السَّبَبِ يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الْإِيمَانِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى أَدْنَى مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْقَلْبِ.
وَجِمَاعُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ يَرْجِعُ إِلَى ضَعْفِ الْبَصِيرَةِ وَالصَّبْرِ، وَلِهَذَا مَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ

– الشيخ: "إِلَى ضَعْفِ الْبَصِيرَةِ وضعفِ الصبرِ" هذا المعنى. "إِلَى ضَعْفِ الْبَصِيرَةِ" وهو العلمُ، وضعفِ الصبر، الله أكبر.
– طالب: عندي يا شيخ: "إِلَى ضَعْفِ الْبَصِيرَةِ وَالصَّبْرِ"، في نسخةٍ؟

– الشيخ: لا، لا، "وضعفِ الصبر".
– القارئ: وَلِهَذَا مَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهْلَ الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، وَجَعَلَهُمْ أَئِمَّةً فِي الدِّينِ، فَقَالَ تَعَالَى: مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السَّجْدَةِ:24]
– الشيخ: الله أكبر، يا الله.
– القارئ: فَصْلٌ: وَقَدْ تَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ وَالْغُرُورِ، وَأَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ
– الشيخ: إلى هنا بس، جزاكَ الله خيراً .
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :متفرقات