الرئيسية/شروحات الكتب/تحفة المودود في أحكام المولود/(32) ذكر تسميته وأحكامها ووقتها< حكم التسمية باسم نبينا صلى الله عليه وسلم والتكني بكنيته

(32) ذكر تسميته وأحكامها ووقتها< حكم التسمية باسم نبينا صلى الله عليه وسلم والتكني بكنيته

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (تحفة المودود في أحكام المولود) للإمام ابن القيّم
الدّرس الثّاني والثّلاثون

***    ***    ***    ***

– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، اللَّهم اغفرْ لنا ولشيخِنا وللحاضرينَ والمستمعينَ. قالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ –رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ " تحفةُ المودودِ بأحكامِ المولودِ":
الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي حكمِ التَّسْمِيَةِ باسمِ نَبيِّنَا -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- والتكنِّي بكنيتِهِ إفراداً وجمعاً.
ثَبتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ مُحَمَّدٍ بنِ سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ:
«تسمَّوا باسمي وَلَا تَكنُّوا بكنيَتي».
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابُ قَولِ النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ-
«تسمَّوا باسمي وَلَا تُكنُّوا بكنيَتي».
قَالَهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عن حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالُوا: لاَ تُكْنِّهِ حَتَّى تسْأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ:
«تسَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنوا بِكُنْيَتِي».
وحَدَّثنَا عبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ بنَ الْمُنْكَدرِ قالَ: سَمِعْتُ جَابراً بنَ عبدِ اللهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُول: وُلِدَ لرجلٍ منَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقُلْنَا: لَا نكنِّيكَ بِأبي الْقَاسِمِ وَلَا ننعمُكَ عيناً. فَأتى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَذكرَ لَهُ ذَلِك. فَقَالَ:
«سمِّ ابْنَكَ عبدَ الرَّحْمَنِ».
وَفِي صَحِيحِ مُسلمٍ مِن حَدِيثِ إِسْحَاقَ بنِ رَاهَوَيْهِ قالَ أخبرَنَا جريرُ عَن مَنْصُورٍ عَن سَالمٍ بنِ أبي الْجَعْدِ عَن جَابرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: وُلِدَ لرجلٍ منَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا، فَقَالَ لَهُ قومُهُ: لَا نَدعُكَ تسمَّي باسمِ رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- فَانْطَلقَ بِابْنِهِ حاملَهُ على ظَهرِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ وُلِدَ لي غُلَامٌ فسمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا فَقَالَ لي قومِي: لَا نَدعُكَ تسمِّي باسمِ رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ-:
«تسمَّوا باسمي وَلَا تكنُّوا بكنيتي فَإِنَّمَا أَنا قَاسمٌ أقسمُ بَيْنَكُم».
وَفِي صَحِيحِهِ مِن حَدِيثِ أبي كريبٍ عَن مَرْوَانَ الْفَزارِيِّ عَن حميدٍ عَن أنسٍ قَالَ: نَادَى رجلٌ بِالبَقِيعِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لم أعنِكَ إِنَّمَا دَعَوْتُ فلَاناً فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ-
«تسمَّوا باسمي وَلَا تكنُّوا بكنيتِي».
فَاخْتلفَ أهلُ الْعلمِ فِي هَذَا الْبَابِ بعدَ إجماعِهم على جَوَازِ التسمِّي بِاسمِهِ محمَّدٍ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- فَعَن أَحْمدَ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا يُكرَهُ الْجمعُ بَينَ اسْمِهِ وكنيتِهِ.

– الشيخ: الجمع بأن يكون هذا اسمه "محمّد" وكنيته "أبو القاسم"، يعني هذا في شيء، يعني يصير اسمه محمد وكنيته أبو القاسم، يُكرَهُ الْجمعُ بَين الأمرين.
– القارئ: فَإِنْ أُفرِدَ أَحدَهمَا لم يُكرَهْ.
– الشيخ: يعني يسمّي يصير اسمه "محمّد" فقط، ولا يسمّي ولده "القاسم"، او يُسمّي ولده "القاسم"، لكن اسمه "يحيى ولّا [أو] خالد".
 

– القارئ: وَالثَّانيِةُ يكرَهُ التكنِّي بكنيتِهِ سَوَاءٌ جمعَهَا إِلَى الِاسْمِ أَو أفرادَها.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أخبرَنَا أَبُو عبدِ اللهِ الْحَافِظُ قالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الرّبيعَ بنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: لَا يحلُّ لأحدٍ أَنْ يتكنَّى بِأبي الْقَاسِمِ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَو غَيرُهُ.
وَرُوِيَ معنى قَوْلِهِ هَذَا عَن طَاووسَ.
قَالَ السُّهيْليُّ: وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يكرهُ أَنْ يُكنَّى أحداً أَبَا الْقَاسِمِ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَو لم يكنْ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هَذَا النَّهْيُ على الْكَرَاهَةِ لَا على التَّحْرِيمِ.

– الشيخ: لا إله إلّا اللّه، الآن الجاري بدون (ال) ما يقولون "فلان أبو القاسم"، أبو قاسم، الاسم يقولون "قاسم"، قاسم بن علي، قاسم، ما يقولون: القاسم، فإذا كنَّوا بهذا يكون "أبو قاسم".
 
– القارئ:
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هَذَا النَّهْيُ على الْكَرَاهَةِ لَا على التَّحْرِيمِ.
قَالَ وَكِيعٌ: عَن ابْنِ عونٍ: قلْتُ لمُحَمَّدٍ: أَكَانَ يُكرَهُ أَنْ يُكنَّى الرجلُ بِأبي الْقَاسِم وَإِنْ لمْ يكنْ اسْمُهُ مُحَمَّدًا؟ قَالَ: نعم.
وَقَالَ ابْنُ عونٍ: عَن ابْنِ سِيرِينَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَنْ يُكنَّى الرجلُ أَبَا الْقَاسِم وَإنْ لمْ يكنْ اسْمُهُ مُحَمَّدًا؟ قَالَ: نعم.
 وسُفْيَانُ حملَ النَّهْيَ على الْكَرَاهَةِ جمعاً بَينَهُ وَبَينَ أَحَادِيثِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بل ذَلِكَ مُبَاحٌ وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ مَنْسُوخَةٌ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سنَنِهِ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمرَانَ الحَجبيُّ: عَن جدّتِهِ صَفِيَّةَ بنتِ شيبَةَ: عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قد ولدْتُ غُلَاماً فسمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا وكنيتُهُ أَبَا الْقَاسِمِ.

– الشيخ: ما هي بسهلة!!
– القارئ: فَذُكِرَ لي أَنَّكَ تَكرهُ ذَلِكَ فَقَالَ:
(مَا الَّذِي أحلَّ اسْمِي وَحرَّمَ كنيتي؟).
– الشيخ: ما أدري والله هذا الكلام.
– القارئ: أَو مَا الَّذِي حرَّمَ كنيتي وَأحلَّ اسْمِي. قالَ: ضعَّفَهُ الألبانيُّ.
– الشيخ: أي سبحان الله، متنه في، المتن نفسه فيه.
– القارئ: وَقَالَ ابْنُ أبي شيبَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بنُ الْحسنِ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عوَانَةَ عَن مُغيرَةَ عَن إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ بنُ الْأَشْعَثِ ابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ وَكَانَ يُكنَّى أَبَا الْقَاسِمِ.
وَقَالَ ابْنُ أبي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا الزبيرُ بنُ بكَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا عبدُ الْعَزِيزِ بنُ عبدِ اللهِ الأوديِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ حَفْصٍ – مولىً لآلِ هِشَامٍ ابْنِ زهرَةَ – عَن رَاشدٍ بنِ حَفْصٍ الزُّهريِّ قَالَ: أدْركْتُ أَرْبَعَةً مِن أَبنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- كلٌّ مِنْهُم يُسمَّى مُحَمَّدًا ويُكنَّى أَبَا الْقَاسِمِ: مُحَمَّدٌ بنُ طَلْحَةَ ابْنُ عبيدِ اللهِ، وَمُحَمّدٌ بنُ أبي بكرٍ، وَمُحَمّدٌ بنُ عَليٍّ بنُ أبي طَالبٍ، وَمُحَمّدٌ ابْنُ سعدٍ بنُ أبي وَقَّاصٍ.
قَالَ: وَحدَّثَني أبي: حَدَّثَنَا جريرٌ عَن مُغيرَةَ عَن إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ بْنُ عَليٍّ يُكنَّى أَبَا الْقَاسِمِ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ بنُ الْأَشْعَثِ يُكنَّى بهَا وَيدخلُ على عَائِشَةَ -رضيَ اللهُ عنها وعن أبويها- فَلَا تنكرُ ذَلِكَ.
وقَالَ السُّهيْليُّ: وَسُئِلَ مَالكٌ: عَمَّن اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ويُكنَّى بِأبي الْقَاسِمِ فَلم يرَ بِهِ بَأْساً، فَقيلَ لَهُ: أكنيْتَ ابْنَكَ أَبَا الْقَاسِمِ واسْمُهُ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ: مَا كنَّيْتُهُ بهَا، وَلَكِنَّ أَهلَهُ يكنونَهُ بهَا، وَلم أسمعْ فِي ذَلِكَ نهياً وَلَا أرى بذلكَ بَأْساً.

– الشيخ: عند الناس الآن، عند بعض البلدان من اسمه "محمّد" يقولون له: أبو جاسم.
يعني يجعلون كنية، ويسمّون "محمّد" ويكنونه "أبو جاسم"، ما يقولون "أبو القاسم"، أبو قاسم أبو جاسم.
في لهم يكنون بعض الأسماء، ويكنون "عبدالرحمن" بأبي عوف، كأنّهم أخذوها من "عبدالرحمن بن عوف"، يسمّون عبد الرحمن يكنونه "أبو عوف"، وأنا أقول: لعلّهم يعني نظروا إلى اسم الصحابيّ الجليل عبد الرحمن بن عوف، والله أعلم، لعلّ النهي كان في حياته إلي [التي] فيها اشتباه وفيها التباس، يشتبه مثل ما فعل ذلك الرجل لما نادى التفت الرسول، أمّا الآن المفسدة. لكن نشوف [ننتظر] نهاية ابن القيّم.
 

– القارئ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: لَا يجوزُ الْجمعُ بَينَ الكنيةِ وَالِاسْمِ وَيجوزُ إِفْرَادُ كلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، واحتجَّتْ هَذِهِ الْفرْقَةُ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سنَنِهِ قالَ: حَدَّثَنَا مُسلمٌ بنُ إِبْرَاهِيمَ قالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ عَن أبي الزبيرِ عَن جَابرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- قَالَ: (مَن تسمَّى باسمي فَلَا يتكنَّى بكُنيتي وَمَن تكنَّى بكُنيتي فَلَا يتسمَّى باسمي).
– الشيخ: والله بعد هذا، وش [ما] قال؟
– القارئ: قالَ: ضعيفٌ مُنكَرٌ.
– الشيخ: مثل الذي قبله، سبحان الله، هذه أقوال ما تستحقّ أن تُذكَر، استيعاب المذاهب والأقاويل.
– القارئ: عفا اللهُ عنكَ، وَقَالَ أَبُو بكرٍ بنُ أبي شيبَةَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَن سُفْيَانَ، عَن عبدِ الْكَرِيمِ الْجَزرِيِّ، عَن عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبي عمْرَةَ، عَن عَمِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ-: (لَا تجمعُوا بَين اسْمِي وكنيتي).
– الشيخ: هذا مثله، أيش قال؟
– القارئ: قالَ: صحَّحَهُ الألبانيُّ.
– الشيخ: أي، طيب.
– القارئ: وَقَالَ ابْنُ أبي خَيْثَمَةَ: وَقيلَ: إِنَّ مُحَمَّداً بنَ طَلْحَةَ لمَّا وُلِدَ أَتَى طَلْحَةُ النَّبِيَّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- فَقَالَ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ أُكنِّيهِ أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ: (لَا أجمعُهما لَهُ، هُوَ أَبُو سُلَيْمَانَ).
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: النَّهْيُ عَن ذَلِك مَخْصُوصٌ بحياتِهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ.

– الشيخ: هذا أظهر والله أعلم بالصواب.
– القارئ: لأجلِ السَّبَب الَّذِي وردَ النَّهْيُ لأَجلِهِ، وَهُوَ: دُعَاءُ غَيرِهِ بذلكَ فيظنُّ أَنَّهُ يَدعُوهُ. واحتجَّتْ هَذِهِ الْفرْقَةُ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سنَنِهِ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكرٍ وَعُثْمَانَ ابْنا أبي شيبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن فِطرٍ، عَن مُنْذرٍ عَن مُحَمَّدٍ بنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قَالَ عَليٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: يَا رَسُول اللهِ إِنْ وُلِدَ لي بعْدَكَ ولدٌ أُسَمِّيهِ بِاسْمِكَ وأكنِّيهِ بكنيتِكَ؟ قَالَ: نعم.
وَقَالَ حميدٌ بنُ زنجويهِ -فِي كتابِ الْأَدَبِ- سَأَلْتُ ابْنَ أبي أويسٍ: مَا كَانَ مَالكٌ يَقُولُ فِي رجلٍ يجمعُ بَينَ كنيةِ النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- واسْمِهِ؟ فَأَشَارَ إِلَى شيخٍ جَالسٍ مَعَنا، فَقَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ بنُ مَالكٍ، سَمَّاهُ مُحَمَّدًا وكنَّاهُ أَبَا الْقَاسِمِ.
وَكَانَ يَقُول إِنَّمَا نُهِيَ عَن ذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- كَرَاهِيَةَ أَنْ يُدعَى أحدٌ باسمِهِ وكنيتِهِ فيَلتفتُ النَّبِيُّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا بَأْسَ بذلكَ.
وقَالَ حُميدٌ بنُ زنجويهِ: إِنَّمَا كرهَ أَنْ يُدعَى أحدٌ بكنيتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلم يكرهْ أَنْ يُدعَى باسمِهِ لِأَنَّهُ لَا يكَادُ أحدٌ يَدعُوهُ باسمِهِ فَلَمَّا قُبِضَ زالَ ذَلِكَ أَلا ترى أَنَّه أذنَ لعَليٍّ إِنْ وُلِدَ لَهُ ولدٌ بعدَهُ.

– الشيخ: أيش قال في حديث عليّ ولد.
– القارئ: قال: حديثٌ صحيحٌ.
– الشيخ: وش [ما] قال تعليق.
– القارئ: قالَ: أخرجَهُ أبو داودَ، ذكرَ التخريجَ، ثمَّ قالَ الترمذيُّ صحيحٌ، وقوَّاهُ الحافظُ في فتحِ الباري، وصحَّحَهُ شيخُنا الألبانيُّ في صحيحِ الأدبِ المفردِ.
– الشيخ: ماشي نعم.
– القارئ: وقَالَ حُميدٌ بنُ زنجويهِ: إِنَّمَا كرهَ أَن يُدعَى أحدٌ بكنيتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلم يكرهْ أَنْ يُدعَى باسمِهِ لِأَنَّهُ لَا يكَادُ أحدٌ يَدعُوهُ باسمِهِ فَلَمَّا قُبِضَ زالَ ذَلِكَ أَلا ترى أَنَّه أذِنَ لعَليٍّ إِنْ وُلِدَ لَهُ ولدٌ بعدَهُ أَنْ يجمعَ لَهُ الِاسْمَ والكنيةَ.
وَإِنَّ نَفراً مِن أَبنَاءِ وُجُوهِ الصَّحَابَةِ جمعُوا بَينَهمَا مِنْهُم مُحَمَّدٌ بنُ أبي بكرٍ، وَمُحَمّدٌ بنُ جَعْفَرٍ بنُ أبي طَالبٍ، وَمُحَمّدٌ بنُ سعدٍ بنُ أبي وَقَّاصٍ، وَمُحَمّدٌ بنُ حَاطِبٍ، وَمُحَمّدٌ بنُ الْمُنْذرِ.
وَقَالَ ابْنُ أبي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ حَدَّثنَا عَليٌّ ابْنُ هَاشمٍ عَن فطرٍ عَن مُنْذرٍ عَن ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ-:
(إِنَّه سيولدُ لَكَ بعدِي ولدٌ فسمِّهِ باسمي وكنِّهِ بكنيتي) فَكَانَتْ رخصَةٌ مِن رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- لعَليٍّ.
– الشيخ: وش [ما] قال عليه بعد؟
– القارئ: ما ذكر شيء يا شيخ
– الشيخ: ما ذكر عليه تعليق
– طالب: في نسخة أخرى قال: مرسل

– الشيخ: أي مرسل، نعم.
– طالب: […] وإسناده حسن.

– القارئ: وللكراهةِ ثَلَاثَةُ مآخذٍ أَحدُهَا: إِعْطَاءُ معنى الِاسْمِ لغيرِ مَن يصلحُ لَهُ.
– الشيخ: إِعْطَاء معنى الِاسْم.
– القارئ: لغيرِ مَن يصلحُ لَهُ.
– الشيخ: أي الله المستعان، عجل صالح، اسم صالح، واسم، الآن بعض الشعوب.. كلّ واحد اسمه "محمّد" يضيفون إليه اسما ثانيا علامة فارقة، في الشام وفي المغرب، محمّد كذا، وفي مصر، محمّد كذا، محمّد كذا، محمّد كذا، كلّه محمّد.
 

– القارئ: وَقد أَشَارَ النَّبِيُّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- إِلَى هَذِهِ الْعلَّةِ بقولِهِ: (إِنَّمَا أَنا قَاسمٌ أقسمُ بَيْنَكُم). فَهُوَ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ يقسمُ بَينَهم مَا أَمرَ ربُّه تباركَ وتَعَالَى بقسمتِهِ لم يكنْ يقسمُ كقسمةِ الْمُلُوكِ الَّذينَ يُعْطونَ مَن شاؤُوا ويحرمونَ مَن شاؤُوا.
وَالثَّانِي: خشيَةُ الالتباسِ وَقتَ المخاطبةِ والدعوةِ وَقد أَشَارَ إِلَى هَذِه الْعلَّةِ فِي حَدِيثِ أنسٍ الْمُتَقَدّمِ حَيْثُ قَالَ الدَّاعِي: "لم أعنِكَ" فَقَالَ:
(تسمَّوا باسمي وَلَا تكنّوا بكنيتي).
– الشيخ: طيب والثالث.
– القارئ: وَالثَّالِثُ: أَنَّ فِي الِاشْتِرَاكِ الْوَاقِعِ فِي الِاسْمِ والكُنيةِ مَعًا زَوَالُ مصلحَةِ الِاخْتِصَاصِ والتمييزِ بِالِاسْمِ والكنيةِ كَمَا نهى صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ أَنْ ينقشَ أحدٌ على خَاتمِهِ كنقشِهِ فعلى المأخذِ الأوَّلِ يُمْنَعُ الرجلُ مَن كنيتهِ فِي حَيَاتِهِ وَبعدَ مَوتِهِ.
وعَلى المأخذِ الثَّانِي يخْتَصُّ الْمَنْعُ بِحَالِ حَيَاتِهِ.
وعَلى المأخذِ الثَّالِثِ يخْتَصُّ الْمَنْعُ بِالْجمعِ بَينَ الكنيةِ وَالِاسْمِ دونَ إِفْرَادِ أَحدِهمَا.
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ تَدورُ على هَذِه الْمعَانِي الثَّلَاثَةِ وَاللهُ أعلمُ.

– الشيخ: اللهُ أعلمُ بالصوابِ، أظهرُها أن ذلك كان في حياتِه، بعدَ مماتِه ما، أقول: يُؤمَنُ اللبسُ.
 

 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله