بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (تحفة المودود في أحكام المولود) للإمام ابن القيّم
الدّرس الثّاني والأربعون
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، اللهمَّ اغفرْ لنا ولشيخِنا وللحاضرين وللمستمعين. قالَ الإمامُ ابنُ القيّم -رحمه الله تعالى- في كتابِ "تحفةُ المودودِ بأحكامِ المولودِ":
الْفَصْل السَّادِس فِي الِاخْتِلَاف فِي كَرَاهِيَةِ يَوْمِ السَّابِع
– الشيخ: في كراهتِه
– القارئ: كذا مكتوب "كراهية"
– الشيخ: كراهية أيش [ماذا]؟
– القارئ: يوم السابع
– الشيخ: يعني كأنه يريدُ كراهةُ الختانِ يومَ السابعِ.
– القارئ: وَقد اخْتلف فِي ذَلِك على قَوْلَيْنِ هما رِوَايَتَانِ عَن الإِمَامِ أَحْمدِ.
قَالَ الْخلالُ: بَابُ ذِكرِ ختانِ الصَّبِيِّ:
أَخْبرنِي عبدُ الْملكِ بنُ عبدِ الحميدِ أَنَّه ذَاكرَ أَبَا عبدِ اللهِ خِتَانَهُ الصَّبِيَّ لِكَمْ يَختتنُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، لمْ أسمعْ فِيهِ شَيْئاً، فَقلتُ له: إِنَّه يَشُقُّ على الصَّغِيرِ ابْنُ عشرٍ، يَغْلُظُ عَلَيْهِ، وَذكرتُ لَهُ ابْني مُحَمَّدًا أَنَّهُ فِي خمسِ سِنِين فأشتهي أَنْ أختِنَهُ فِيهَا ورأيتُهُ كَأَنَّهُ يَشْتَهِي ذَلِكَ، ورأيتُهُ يكرَهُ الْعشْرَةَ؛ لِغِلْظِهِ عَلَيْهِ وشِدَّتِهِ، فَقَالَ لي: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ الصَّغِير يشْتَدُّ عَلَيْهِ هَذَا، وَلمْ أرَهُ يُكرَهُ للصَّغِيرِ للشهرِ أَو السّنةِ.
– الشيخ: أَو السَّنة أو أسبوع.
– القارئ: وَلم يقلْ فِي ذَلِكَ شَيْئاً، إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُهُ يَعجَبُ مِن أَنْ يكونَ هَذَا يُؤْذِي الصَّغِيرَ.
– الشيخ: أمَّا أبو العاشِرة يُؤذيهِ تمامًا، يؤذيهِ نفسياً ويتألمُ ويُحِسُّ بشيءٍ من الخجلِ.
أمَّا الصغيرُ كما صارَ الناس يفعلونَه فهو لا يُؤذي أبدًا، فيه يُسرٌ في ساعتِهِ، وفيما بعدَ ذلكَ يُشفى من جَرْحِهِ سريعاً، خِتانُ الصغيرِ فيه يُسْرٌ وفيه سهولةٌ على الصغيرِ وعلى أهلِهِ.
– القارئ: قَالَ عبدُ الْملكِ: وسمعتُهُ يَقُولُ: كَانَ الْحسنُ يَكرهُ أَنْ يُختَنَ الصَّبِيُّ يَوْمَ سابعِهِ.
– الشيخ: هذا منطلق هذا الفصل، وأيش السبب؟
– القارئ: أخبرنَا مُحَمَّدُ بنُ عَليّ السِّمْسَارِ قَالَ: حَدثنَا مُهَنَّا قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عبدِ اللهِ عَنِ الرجلِ يَختِنُ ابْنَهُ لسبعةِ أَيَّامٍ، فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: هَذَا فعلُ الْيَهُودِ، وَقَالَ لي أَحْمدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ الْحسنُ يَكرهُ أَنْ يَختنَ الرجلُ ابْنَهُ لسبعةِ أَيَّامٍ، فَقلتُ: مَنْ ذكرَهُ عَنِ الْحسنِ قَالَ: بعضُ الْبَصرِيِّينَ.
وَقَالَ لي أَحْمدُ: بَلغنِي أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْريّ سَأَلَ سُفْيَانَ بن عُيَيْنَة: فِي كمْ يُختَنُ الصَّبِي؟
فَقَالَ سُفْيَانُ: لَو قلتَ لَهُ فِي كَمْ خَتَنَ ابْنُ عمرَ بنِيهِ، فَقَالَ لي أَحْمدُ: مَا كَانَ أَكيسَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ! -يَعْنِي حِينَ قَالَ: لَو قلتَ لَهُ فِي كَمْ خَتَنَ ابْنُ عمرَ بنِيهِ-
أَخْبرنِي عصمَةُ بنُ عِصَامٍ حَدثنَا حَنْبَلُ: أَنّ أَبَا عبدِ اللهِ قَالَ: وَإِنْ خُتِنَ يَوْمَ السَّابِعِ فَلَا بَأْسَ.
– الشيخ: لا بأس، هذا هو الصوابُ.
– القارئ: وَإِنَّمَا كَرِهَهُ الْحسنُ كَيْلا يتشبَّهَ باليهودِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ.
أَخْبرنِي مُحَمَّدُ بنُ عَليٍّ، قال: حَدثنَا صَالحُ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ: يُختَنُ الصَّبِيُّ لسبعةِ أَيَّامٍ؟ قَالَ يُرْوى عَنِ الْحسنِ أَنَّهُ قَالَ: فِعْلُ الْيَهُودِ، قَالَ: وَسُئِلَ وهبُ بنُ مُنَبِّهٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا يُسْتَحبُّ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ؛ لِخِفَّتِهِ على الصّبيانِ.
– الشيخ: هذا هو الواقعُ هذا اللي [الذي] جعلَ الناس. كانوا في هذهِ البلادِ يختنونَ الصبيَّ لسنةٍ وسنتينِ وثلاثٍ يعني بعد ما، كان يحصلُ عليه بعضُ المشقةِ، ويُحتاجُ الصبيُّ يُمسَك، لكن لما أنهم أخذوا بختانِ الصبيِّ الصغيرِ جداً في أسبوعِه الأولِ يومَ السابعِ أو بعدَ بقليلٍ صار الأمرُ أسهلَ على الجميع.
– القارئ: لأنَّ الْمَوْلُود يُولَدُ وَهُوَ خَدَرُ الْجَسَدِ كلَّهُ، لَا يجدُ ألمَ مَا أَصَابَهُ سبعاً، وَإِذا لمْ يَختتِنْ لذَلِكَ فَدَعُوهُ حَتَّى يَقوى.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذرِ فِي ذِكْرِ وَقتِ الْخِتَانِ: وَقدْ اخْتلفُوا فِي وَقتِ الْخِتَانِ:
فَكرِهتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُختَنَ الصَّبِيُّ يَوْمَ سابعِهِ، كَرِهَ ذَلِكَ الْحسنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالكُ بنُ أنسٍ؛ خلافًا على الْيَهُودِ.
وَقَالَ الثَّوْريُّ هُوَ خَطَرٌ، قَالَ مَالكٌ: وَالصَّوَابُ فِي خلافِ الْيَهُودِ، قَالَ: وَعَامةُ مَا رَأَيْتُ الْخِتَانَ ببلدانِ إِذا أثْغَرَ
– الشيخ: إذا أثْغَر: إذا طلعَتْ الأسنان.
– القارئ: وَقَالَ أَحْمدُ بن حَنْبَل: لمْ أسمعْ فِي ذَلِكَ شَيْئاً.
وَقَالَ اللَّيْثُ بنُ سعدٍ: الْخِتَانُ للغلامِ مَا بَينَ السَّبعِ سِنِينَ إِلَى الْعشْرَةِ.
قَالَ: وَقدْ حُكِيَ عَنْ مَكْحُولٍ أَو غَيرِهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ خَتَنَ ابْنَهُ إِسْحَاقَ لسبعةِ أَيَّام، وخَتَنَ ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ لثلاثَ عشرَةَ سنةً.
وَرُوِيَ عَنْ أبي جَعْفَرَ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تَختنُ وَلَدَهَا يَوْمَ السَّابِعِ.
– الشيخ: إي هذا أمر، يُؤخذ من مجموعِ هذا أنَّ الامرَ واسعٌ.
– القارئ: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ نهيٌ يثبتُ
– الشيخ: بس، قدَّمَ أو أخَّرَ.
– القارئ: وَلَيْسَ لوقتِ الْخِتَانِ خبرٌ يَرجعُ إِلَيْهِ وَلَا سنةٌ تُسْتَعْمَلُ.
– الشيخ: هذا هو الفصلُ، قولُ ابنُ المنذر هو السديدُ.
– القارئ: فالأشياءُ على الْإِبَاحَةِ وَلَا يجوزُ حَظْرُ شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِحجَّةٍ، وَلَا نعلمُ مَعَ مَنْ مَنَعَ أَنْ يُختنَ الصَّبِيُّ لسبعةِ أَيَّامٍ حُجَّةً.
وَفِي سنَنِ الْبَيْهَقِيِّ مِن حَدِيثِ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ عَن مُحَمَّدِ بنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابرٍ قَالَ: عَقَّ النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- عَنِ الْحسنِ وَالْحُسَيْنِ وخَتَنَهُمَا لسبعةِ أَيَّامٍ.
– الشيخ: …
– القارئ: قالَ عندي: ضعيفٌ، يا شيخ
– الشيخ: إي المقصود أنه
– القارئ: وفيهَا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بنِ عَليِّ بنِ رَبَاحٍ عَن أَبِيهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَتَنَ إِسْحَاقَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ.
قَالَ شَيخُنَا: خَتَنَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ لسبعةِ أَيَّامٍ، وخَتَنَ ابنَه، إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ بُلُوغِهِ، فَصَارَ ختانُ إِسْحَاقَ سُنَّةً فِي بنيهِ، وختانُ إِسْمَاعِيلَ سُنَّةٌ فِي بنيهِ، وَالله أعلم
الْفَصْلُ السَّابِعُ
– الشيخ: يعني صار عادةً، عادةً لهم، الله المستعان، لا إله إلا الله. إلى هنا يا حمود.