بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ)
للشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصرالسّعدي
الدَّرس الأول
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، اللَّهُم اغفرْ لشيخِنا وللحاضرينَ والمستمعينَ.
– الشيخ: اللَّهم اغفرْ لنا ولوالدينا وللمؤمنين، نعم.
– القارئ: قالَ الشَّيحُ عَبْدُ الرَّحمنِ بنُ نَاصِرٍ بِنُ عَبدِ اللهِ السَّعديُّ – رحمَهُ اللهُ تعالى في كتابِهِ (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ):
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ الَّذي نزَّلَ الكتابَ هدىً وشفاءً لما في الصُّدورِ، وأودعَ فيهِ مِن أصنافِ المعارفِ وأنواعِ العلومِ ما تستقيمُ بهِ الأمورُ، يسَّرَهُ للمتذكِّرينَ، وبيَّنَهُ للمتدبِّرينَ، وكشفَهُ للمتفكِّرينَ، وأصلحَ بهِ الظَّاهرَ والباطنَ والدُّنيا والدِّينَ، وجعلَهُ مِن فضلِهِ وكرمِهِ حاويًا لعلومِ الأوَّلينَ والآخرينَ.
– الشيخ: لا إله إلَّا الله، آمنْتُ باللهِ ورسولِهِ، القرآنُ فيه ذكرُ المبدأِ والمعادِ نجدُ فيه الخبرَ عن بدءِ هذا الخلقِ، خلقِ السموات والأرض وخلق الجنسِ البشريِّ، عن البدء وعن الأمم الماضيةِ وما جرى منهم وما جرى عليهم، أخباراً يقينيَّةً، بخلافِ ما يذكرُه يعني المؤرِّخون، وكثيرٌ من كثيرٌ منه يعني لا يُقطَعُ به أو يُعلَمُ كذبُه.
وفيه الأخبارُ عن المستقبلِ عمَّا يكونُ من الأمورِ العظيمةِ، وأعظمُ ذلكَ الإخبارُ عمّا يكون من قيامِ الساعة وما بعدها، قيامُ الساعة الأمرُ العظيمُ الَّذي طوى اللهُ علمَه عن كلِّ أحدٍ وهذا من الغيبِ، علمُ الساعةِ من الغيب الَّذي لا يعلمه إلّا هو، ثقلَتْ في السمواتِ والأرضِ، قيامُ الساعة هذا من الغيب الَّذي استأثرَ اللهُ بهِ، فلا يعلمُه ملكٌ مقرَّبٌ ولا نبيٌّ مُرسَلٌ، ولهذا لما سأل جبريلُ محمّداً – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: متى الساعةُ؟ قالً: (ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السائلِ)، لذلك كلاهما لا يعلمان، نعم.
– القارئ: وجعلَهُ مِن فضلِهِ وكرمِهِ حاويًا لعلومِ الأوَّلينَ والآخرينَ، ومهيمنًا على الكتبِ والمقالاتِ، وآيةً للمستبصرينَ.
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ لهُ في ملكِهِ وسُلطانِهِ، ولا مثيلَ لهُ في نعوتِهِ وأوصافِهِ وكرمِهِ وإحسانِهِ، ولا نديدَ لهُ في ألوهيتِهِ
– الشيخ: يعني شبيه، نديد، ويُقالُ: "ندّ"، ولا ندَّ له.. نعم، فلا تجعلوا لله أنداداً، ويقال نِدٌّ ونَديدٌ كما يقالُ: شِبهٌ وشَبيهٌ يمكن هكذا، نعم.
– القارئ: ولا نديدَ لهُ في ألوهيتِهِ وحمديتِهِ وعظمِةِ كبريائِهِ وشأنِهِ.
– الشيخ: حمديته، وحمده بس.
– القارئ: وحمدِهِ وعظمِةِ كبريائِهِ وشأنِهِ. وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهَ وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ المؤيَّدَ بآياتِهِ وبرهانِهِ، الهادي إلى جنَّتِهِ ورضوانِهِ.
– الشيخ: اللَّهم انفعْنا بهداك، نعم.
– القارئ: اللَّهُم صلِّ على محمِّدٍ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ على الحقِّ وأعوانِهِ وسلِّمْ تسليمًا.
أمَّا بعدُ: فقدْ كتبْتُ سابقًا كتابًا مطوَّلاً في تفسيرِ القرآنِ، فصارَ طولُهُ مِن أكبرِ الدَّواعي لعدمِ نشرِهِ؛ لفتورِ الهممِ ومللِها مِن الطولِ، ثمَّ إنَّي بعدَ ذلكَ استخلصْتُ منهُ ومِن غيرِهِ قواعدَ تتعلَّقُ كلُّها بأصولِ التَّفسيرِ، وهيَ نعمَ العونُ للرَّاغبينَ في علمِ التَّفسيرِ الَّذي هوَ أصلُ العلومِ كلِّها، فبلغَتْ سبعينَ قاعدةً.
– الشيخ: وهذا الكتابُ الّذي قد فرغْتَ منه وقرأْتَهُ، بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكَ.
– الشيخ: القواعد الحسان نعم.
– القارئ: نعم، ويسَّرَ المولى طبعَها ونشرَها، فتكرَّرَ عليَّ الطَّلبُ في السعيِ في نشرِ التَّفسيرِ فاعتذرْتُ بالعذرِ المذكورِ، ولكن لا زلْتُ أفكِّرُ في تلخيصِهِ واختصارِهِ، فظهرَ لي أنَّ الأولى والأنفعَ إفرادُ علومِ التَّفسيرِ كلُّ نوعٍ على حدتِهِ.
– الشيخ: جمعَ بينَ الأمرين الحمدُ للهِ، تفسيرُه نُشِرَ وانتفعَ به الناسُ والمستخلصاتُ هذهِ كذلكَ، كلُّ شيءٍ له خصيصتُه ومزيّتُه، نعم.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكَ، ولو لزمَ مِن ذلكَ، نعم.
فظهرَ لي أنَّ الأولى والأنفعَ إفرادُ علومِ التَّفسيرِ كلُّ نوعٍ على حدتِهِ ولو لزمَ مِن ذلكَ تركُ ترتيبِ التفسيرِ.
– الشيخ: مثل ما فعلَ أهلُ العلمِ يسَّرُوا القرآن مرتّباً مِن أوّله إلى آخرِه وفسّرُوا أنواعاً من علومِه، مثل تفسير آياتِ الأحكامِ، وهكذا ممكن، ممكن إفرادُ كلُّ نوعٍ من علومِ القرآنِ بتأليفٍ خاصٍّ، آياتُ العقائدِ آياتُ التوحيدِ آياتُ الأحكامِ آياتُ الأسماءِ والصفاتِ، يمكن الِآيات المتعلِّقة مثلاً بالملائكة يمكن يُكتَبُ فيها ككلام عن الملائكة إفرادها، نعم.
– القارئ: بل لو لزمَ مِن ذلكَ تركُ الكلامِ على كثيرٍ مِن الآياتِ القُرآنيَّةِ إذا تكلَّمْنا على نظيرِها أو ما يقاربُها، فإنَّ الإحاطةَ على جميعِ الآياتِ القرآنيَّةِ ليسَ مِن شروطِ علمِ التَّفسيرِ، لأنَّ مِن خواصِّ تيسيرِ اللهِ لمعاني كتابِهِ أنْ جعلَهُ أصولاً وقواعدَ وأسسًا، إذا عرفَ العبدُ منها شيئاً وموضعًا عرفَ نظيرَهُ ومشابهَهُ ومقاربَهُ في كلِّ المواضعِ، فمعرفةُ بعضِهِ يدعو إلى معرفةِ باقيهِ.
– الشيخ: ولهذا في كثير من المواضعِ يقولُ المفسّرُ: قد تقدَّم هذا بيانُ هذا الحكمِ وهذه المسألة فلا فلا نطيلُ بذكرها، يحيلُ على ما سبقَ، ومن حكمةِ الله في كلامِه أنَّه لم يجعلْ يعني موضوعاته يعني كلّ موضوع مفرداً لأ، بل موضوعات القرآن متداخلة، فالآيةُ فالسورةُ الواحدةُ فيها يعني الخبر وفيها الأمر وفيها يعني أنواعاً من العلم.
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر هذا خبرٌ عن فضيلةٍ اختصَّ اللهُ بها محمّداً -صلّى الله عليه وسلّم-، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْهذا أمرٌ بهاتين العبادتين، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر:1-3] هذا فيهِ تهديدٌ ووعيدٌ لمبغضِ الرسولِ -صلّى الله عليه وسلّم-، اقرأ.
وهكذا سائرُ السورِ تجدُها مشتملةً على جوانبَ على أنواعٍ من العلومِ من العلومِ الشرعيّة، العلوم الشرعيّة مدارها على ثلاثة: علمُ العلمُ باللهِ المتضمِّنُ لعلمِ الأسماء والصفات وأفعال الله، وعلمُ الشرائع الأمرُ والنهيُ والأحكام والأخلاق، وعلمُ الجزاءِ يدخلُ فيه، يعني كلُّ النصوصِ الواردةِ في اليومِ الآخرِ والحسابِ والجزاءِ والجنّة والنار كلّها داخلة بهذا النوع.
لكن نجد هذه العلوم مبثوثة ما هي مجموعة في، لكنَّ بعضَ السورِ يكثرُ فيها بعض هذه الأنواع، وقد تنفردُ بعضُ السورِ بنوعٍ من هذه العلوم، لا إله إلّا الله، نعم.
– القارئ: ثمَّ نظرْتُ فإذا علومُ التفسيرِ كثيرةٌ جدًّا، وفي استيعابِها يطولُ الكتابُ جدًّا، فرأيْتُ أهمَّ علومِ القرآنِ على الإطلاقِ ثلاثةُ علومٍ: علمُ التوحيدِ والعقائدِ الدِّينيَّةِ، وعلمُ الأخلاقِ والخصالِ المرضيَّةِ، وعلمُ الأحكامِ للعباداتِ والمعاملاتِ.
فرأيْتُ الاقتصارَ على هذهِ الثلاثةِ أولى وأنفعَ وأحسنَ موقعًا، وكلُّ واحدٍ مِن هذهِ الثلاثةِ يقتضي كتابًا مطوَّلاً وخصوصًا علمُ الأحكامِ، ولكنْ أتيْنا بمقاصدِها ونصوصِها مِن الكتابِ، وجمعْناها في فنِّها واختصرْنا الكلامَ فيها اختصارًا لا يُخِلُّ بالمقصودِ ولا يغلقُ العباراتِ، بلْ أتيْنا بذلكَ بعباراتٍ واضحةٍ ليسَ فيها حشوٌ ولا تعقيدٌ.
ونسألُ المولى تعالى أنْ يعينَنا على ذلكَ
– الشيخ: رحمَه اللهُ وجزاه الله خيراً، نعم.
– القارئ: وأنْ يجعلَهُ خالصًا لوجهِهِ الكريمِ
– الشيخ: الله أكبر، الله أكبر.
– القارئ: وأنْ ينفعَنا بهِ وسائرَ إخوانِنا المسلمينَ، وأنْ يعفوَ عن خطئِنا وتقصيرِنا وإسرافِنا في أمرِنا، إنَّهُ جوادٌ كريمٌ. وسمَّيْتُهُ: " فتحُ الرَّحيمِ العلاَّمِ في علمِ العقائدِ والأخلاقِ والأحكامِ" المستندةِ إلى كتابِ اللهِ الكريمِ نصًّا واستنباطًا وتنبيهًا وإرشادًا.
– الشيخ: أحسنت، ثمّ قال، أيش؟
– القارئ: ثمَّ قالَ: النوعُ الأوَّلُ مِن علومِ القرآنِ: علمُ العقائدِ وأصولُ التَّوحيدِ.
– الشيخ: لا إله إلَّا الله، إلى هنا.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكَ.
– الشيخ: تكفي المقدِّمة اليوم، نعم.