(3) وجوب تصديق الله ورسوله في كل خبر

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ)
للشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصرالسّعدي
الدَّرس الثّالث

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، اللَّهم اغفرْ لشيخِنا وللحاضرينَ والمستمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ ناصرٍ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "فتحُ الرَّحيمِ الملكِ العلَّامِ في علمِ العقائدِ والتَّوحيدِ والأخلاقِ والأحكامِ المستنبطةِ مِن القرآنِ". قالَ رحمَهُ اللهُ تعالى: فصلٌ: وجوبُ تصديقِ الله ورسولِه في كل خبرٍ وتقديم ذلك على غيرِه.
قال تعالى.

– الشيخ: اللهُ أكبر، هذا أصلُ الإيمانِ، هذا مقتضى شهادةُ أنْ لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّداً رسولُ الله، مقتضاها تصديقُ الرسولِ وتصديقُ الكتابِ بكلِّ ما فيهما من الأخبارِ، هذا مقتضى شهادةُ أنَّ محمَّداً رسولُ الله، تصديقه في كلِّ ما أخبر به، ولا يُعارَضُ شيءٌ من أخبار الله ورسوله بالعقل كما فعل أهل الكلام، عارضوا وخالفوا ما جاءَ في الكتابِ والسنَّةِ من الأخبارِ زاعمين أنَّ العقلَ يعارضُها، نعم.
 

– القارئ: قال تعالى: قُلْ صَدَقَ اللّهُ [آل عمران:95]
– الشيخ: قُلْ صَدَقَ اللّهُ، نعم صدق الله صدقَ اللهُ سبحانه وتعالى فيما قال، واللهُ تعالى أصدقُ القائلين، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء:122] وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا[النساء:87]
وأصدقُ الناسِ هو محمَّدٌ -صلَّى الله عليه وسلّم-، هو أصدقُ الناس، واللهُ تعالى هو أصدقُ القائلين على الإطلاق، لقد صدقَ الله رسوله، لقد صدقَ اللهُ رسولَه بالحقِّ، وكذلك قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ * ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ [الأنبياء:7-9]
صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ، وهو تعالى لا يخلف الميعاد.
وبالمناسبةِ ما يقولُه بعضُ القارئين من ختمِ القراءةِ "صدقَ اللهُ العظيمُ" هذا لا أصلَ له، يعني بدعةٌ يعني ختمُ القراءةِ بـ "صدقَ اللهُ العظيمُ" هذه بدعةٌ لا أصلَ لها، المشهورةُ الاستعاذةُ بالله من الشيطان الرجيم عندَ إرادةِ التلاوةِ بس، وأمَّا الختمُ فليسَ فيه دعاءٌ ما له دعاءٌ مخصوصٌ، نعم.
 

– القارئ: قالَ تعالى
– الشيخ: قُلْ صَدَقَ اللّهُ، بعده.
– القارئ: قُلْ صَدَقَ اللّهُ[آل عمران:95]
وقالَ تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً[النساء:122]
وقالَ تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً[النساء:87]
وقالَ تعالى: وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ[فاطر:14]
وقالَ تعالى: قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ[البقرة:140]
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ [الأنعام:19]
وقالَ تعالى: لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً[النساء:166]
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آل عمران:18]
والآياتُ في هذا المعنى العظيمِ كثيرةٌ، تدلُّ أوضحَ دلالةٍ، على أنَّ أفرضَ الفروضِ على العبادِ أنْ يصدِّقوا اللهَ تعالى في كلِّ ما أخبرَ بهِ عن نفسه من صفاتِ الكمالِ وما تنزَّهَ عنهُ مِن صفاتِ النقصِ، وأنهُ أعلمُ بذلكَ من خلقهِ، وشهادته على ذلكَ أكبرُ شهادةٍ، وخبرُهُ عن نفسه وعن جميعِ ما يخبرُ بهِ أعلى درجاتِ الصدقِ، وذلكَ يوجبُ للعبدِ أنْ لا يدخلَ في قلبهِ أدنى ريبٍ في أيِّ خبرٍ يخبرُ اللهُ بهِ، وأنْ يُنَزِّلَ ذلكَ مِن قلبهِ منزلةَ العقيدةِ الرَّاسخةِ التي لا يمكنُ أنْ يعارضها مُعارِضٌ ولا يعتريها شكٌّ.
 
وأنْ يعلمَ علمًا يقينيا أنَّهُ لا يمكنُ أنْ يَرِدَ شيءٌ يناقضُ خبرَ اللهِ وخبرَ رسولهِ –صلى اللهُ عليهِ وسلم، وأنَّ كلَّ ما عارضَ ذلكَ ونافاهُ من أيِّ علمٍ كانَ، فإنَّهُ باطلٌ في نفسهِ وباطلٌ في حكمهِ، وأنَّهُ محالٌ أنْ يردَ علمٌ صحيحٌ يناقضُ ما أخبرَ اللهُ بهِ، وتدلُّ أكبرَ دلالةٍ أنَّ مَن بنى عقيدتهُ على مجرَّدِ خبرِ اللهِ وخبرِ رسولهِ –صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- فقد بناها على أساسٍ متينٍ، بل على أصلِ الأصولِ كلها، ولو فُرِضَ وقُدِّرَ معارضةَ أيِّ معارضٍ كانَ، فكيفَ والأدلة العقلية والفطريةُ والأفقيةُ والنفسيةُ كلُّها تؤيدُ خبرَ اللهِ وخبرَ رسوله –صلى اللهُ عليهِ وسلموتشهدُ بصدقِ ذلكَ ومنفعتهِ، ولهذا مدحَ اللهُ خواصَّ خلقهِ وأولي الألبابِ منهم حيثُ بنوا إيمانهم على هذا الأصلِ في قولهم: ربَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا[آل عمران:193]
وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا[البقرة:285]
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ[الزمر:18]
وعُلِمَ مِن ذلكَ أنَّ ابتداعَ أهلِ الكلامِ الباطلِ لأقوالٍ وعقائدَ ما أنزلَ اللهُ عليها من سلطانٍ، ولم تُبْنَ على الكتابِ والسنةِ، بل على عقولٍ قد عُلِمَ خطأُ أصحابِها وضلالُهم، أنه من أبطلِ الباطلِ وأسفهِ السفه، حيثُ رغبوا عن خبرِ اللهِ وخبرِ رسوله إلى حيثُ سوَّلتْ لهم نفوسهم الأمارةُ بالسُّوءِ، ودعتهم عقولهم التي لم تَتَزكَّ بحقائقِ الإيمانِ، ولا تغذَّتْ بالإيمانِ الصَّحيحِ واليقينِ الرَّاسخِ.
يكفي هذا الأصلُ في ردِّ جميعِ أقوالِ أهلِ الزَّيغِ بقطعِ النظرِ عن معرفةِ بطلانِها على وجهِ التفصيلِ، لأنه متى علمنا مخالفتها للقواعدِ الشرعيةِ والبراهينِ السمعيةِ علمنا بطلانها، لأنَّ كلَّ ما نافى الحقَّ فهو باطلٌ، وما خالفَ الصدق فهو كذبٌ.
ثمَّ قالَ رحمَهُ اللهُ:
شرحُ أسماءِ اللهِ الحسنى الواردةِ في القرآنِ الكريمِ على وجهِ الإيجازِ غيرِ المُخِلِّ.

– الشيخ: إلى هنا بس [يكفي]، نعم يا محمّد.
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة