بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: الثّاني
*** *** *** ***
الحاشية السفلية
↑1 | أعظمَ نعمةٍ على العبد هي التَّوفيقُ للهدى - القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ: قالَ أبو الفرجُ الشيرازيّ -رحمَه اللهُ تعالى- في كتابِه "التبصرةُ في أصولِ الدِّينِ" قالَ -رحمَهُ اللهُ-: فنقولُ: أولُ ذلكَ أنْ يعتقدَ العبدُ أنَّ أولَ نعمةٍ أنعمَ اللهُ -تعالى- على العبدِ أنْ كتبَ الإيمانَ في قلبِهِ، وقالتِ الأشعريةُ والمعتزلةُ - الشيخ: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا شكَّ أنَّ أعظمَ نعمةٍ على العبد: التَّوفيقُ، التوفيقُ للهدى؛ ولهذا قال -سبحانه-: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، فالمؤمنونَ على اختلافِ منازلِهم، هم الـمُنعمُ عليهمْ، هم الذين أنعمَ اللهُ عليهِم النعمةَ التامَّةَ، أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69]، إيْ والله، أيُّ نعمة! لأنَّ هذه نعمة، تترتَّبُ عليها النِّعَمُ الأخرى المتصلة، التي أعلَاها الفوز بالجنَّة ورضوانُ الله سبحانه وتعالى، نعمة، ينبغي للمسلم أن يتذكَّرَ هذه النِّعمةَ، يتذكرَ نعمةَ اللهِ عليهِ أنْ مَنَّ عليهِ بالإيمانِ، بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17] ولينظرِ العاقلُ إلى مَن حُرِمَ هذه النِّعمة وهم الأكثرون، أكثرُ الخلقِ لم يُهدَ إلى الإيمانِ، هذا هو الغالبُ الأكبرُ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الأعراف:187]، وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ [هود:40]، سبحان الله! القليلُ همُ السُّعداء، الله أكبر. في حديثِ عرضِ الأممِ على الرسولِ: (يأتي النَّبيُّ ومعه الرجلُ... والرجلانِ، و.. النَّبيُّ ومعَه الرَّهْطُ). وقالت الأشعرية.. |
---|---|
↑2 | نِعمُ الله نوعان: عامة وخاصة - القارئ: وقالتِ الأشعريةُ والمعتزلةُ: أولُ نعمةٍ أنعمَها اللهُ على العبدِ أنْ خلقَهُ حَيَّاً، وقالت.. - الشيخ: "أولُ نعمةٍ أنعمَها الله أنْ خَلَقَهُ حيّاً"، في الحقيقة يمكن نقول: أنَّ النِّعَمَ نوعانِ: نِعَمٌ عامةٌ، ونِعَمٌ خاصَّةٌ؛ فأولُ نعمةٍ أنعمَ اللهُ بها على الإنسانِ أنْ خلقَه وجعلَه موجوداً، هذه نعمةٌ، تميَّز، لكن هذه النِّعمةُ مِن النَّوعِ العامِ، نعمةٌ عامةٌ، يَشتركُ فيها كلُّ أحدٍ، مثلُ الرِّزقِ، الأكلِ والشُّربِ، والصِّحةِ في الأبدانِ، هذه نِعَمٌ يشتركُ فيها البَّرُ والفاجرُ، أمَّا النعمةُ الأولى التي ذكرَها الشيخُ فهي النِّعمةُ الخاصّةُ، فَنِعَمُ اللهِ نوعانِ، النِّعمةُ نوعانِ: نعمةٌ عامةٌ، ونعمةٌ خاصةٌ. واللهُ -تعالى- لما ذكرَ أنواعاً مـمَّا أنْعمَ بِه قالَ: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، ما المراد بهذه النِّعمة؟ أتُراها النِّعمة الخاصة؟ لا، هذه جاءَت بعدَ ذكرِ النِّعَمِ العامَّةِ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا [إبراهيم:33-34]، نِعَمَه، نِعَمٌ ظاهرةٌ وباطنةٌ، فهذا هو الفرقُ، والله أعلم. |
↑3 | مِن نعمِ الله العامّة: الشّعور باللذات - القارئ: وقالتْ طائفةٌ أخرى مِن الأشعريةِ: أولُ نعمةٍ أنعمَها اللهُ على العبدِ إدراكُ اللذاتِ ونيلُ الشهواتِ.. - الشيخ: هذا قريبٌ مِن الذي قبلَه، قريبٌ من الذي قبلَه، "إدراكُ اللَّذاتِ"، لا شكَّ أنَّ..، الإدراكُ يعني الشعورُ بها، وهو تزويدُ الإنسانِ بالحواسِّ، الآن الحواس تركيبٌ لأسبابِ الإدراكِ. الذوق، الشَّم، الحواس، لا شكَّ أنها من النِّعَمِ، لو لم يُزوَّدِ الإنسانُ بهذه القُوى ما تمتَّعَ باللَّذةِ، إذا فقدَ الإنسانُ حاسة الذوقِ أصبحَ لا يجدُ لمأكولِه طعماً، والشمُّ كذلك الروائحُ الطيبة، وهذه من نوعِ النِّعَمِ العامةِ التي يشتركُ فيها الناس. نعم، كلُّها أمور، أقول: الخوضُ فيها هذا ما له كبير. كلُّها نِعَم، لكن المؤمنونُ يستعينونَ بالنِّعَمِ العامَّة، كالصِّحةِ والرزقِ وسائرِ القُوى، السّمع والبَصر، نِعَمٌ، أيضاً هذه نِعَمٌ عظيمةٌ، يستعينونَ بها على طاعةِ اللهِ، يُكيِّفونَها ويجعلونَها خاضعةً لِـمُوجَبِ الإيمانِ، وأمَّا الكفارُ فهمْ ما تُغني عنهمْ ويستعملونها في الشَّر. - القارئ: دليلُنا: قولُه -تعالى-: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ[الحجرات:7]، وكذلك قوله -تعالى-: أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [الحجرات:22]، فوجهُ الدَّلالةِ أنَّ الله -تعالى- بدأَ بذِكرِ الإيمانِ، فَدَلَّ على أنَّهُ أولُ نعمةٍ أنعمَ على العبادِ؛ ولأنَّ القرآنَ نزلَ بلغةِ العربِ، والعربُ من شأنِها أنْ تبدأَ بالأهمِّ فالأهمُّ. دليلٌ ثانٍ: ما رُوِيَ عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قالَ: (إنَّ اللهَ -تعالى- خَلَقَ الخَلْقَ في ظلمةٍ فألقى عليهِمْ شيئاً مِنْ نورِهِ، فَمَنْ أصابَهُ ذلكَ النُّورُ اهتدَى، ومَنْ لمْ يُصبْهُ ذلكَ النُّورُ كانَ ضَالَّاً مُضِلَّاً) ومِنْهُ قولُهُ.. - الشيخ: أيشْ قالَ في الحديثِ هذا؟ - القارئ: قال: أخرجَه الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ والحاكمُ، قالَ الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ، وصححَّهُ الحاكمُ، وقالَ الذهبيُّ: صحيحٌ على شرطِهمَا ولا عِلَّةَ لَهُ - الشيخ: وأيش يقول في أخرِ الحديث؟ - القارئ: (فَمَنْ أصابَهُ ذلكَ النُّورٌ اهتدَى، ومَنْ لمْ يُصبْهُ ذلكَ النُّورُ كانَ ضَالَّاً مُضِلَّاً) - الشيخ: أمَّا الأول اهتدى هذه.. لكن الجملة الأخيرة تَحَقَّقْ مِنها بس رحت [عندما تذهب]. - القارئ: سم، أبشر بإذن الله.. اللي هي: (ومَنْ لمْ يُصبْهُ النُّورُ) ؟ - الشيخ: إي إي، كأن ما هي. - القارئ: ومِنْهُ قولُهُ -تعالى-: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ [البقرة:105-آل عمران:74] قالَ المفسِّرون ومنهمْ عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ وغيرُه: يعني يختصُّ بدينِ الإسلامِ مَنْ يشاءُ، فجعلَ ذلكَ خصوصيةً، فدلَّ ذلكَ على أنَّهُ أولُ نعمةٍ. والدَّلالةُ على فسادِ مذهبِهم، وأنَّ الحياةَ لو كانتْ بمجرَّدها نعمةٌ، لكانتْ حياةُ أهلِ النارِ في النارِ، نعمةً عليهمْ.. - الشيخ: الله يعفو عنَّا وعنه، كلُّ هذا ليسَ بشيءٍ، الحياةُ في الدنيا التي لا يصحبُها هذا في نِعمة، الحياة هي المعنى الجامعُ التي يصيرُ بِها الإنسانُ فاعلاً وحَسَّاسَّاً، ويَجِدُ للأشياءِ خصائصَها، ويلتذُّ باللَّذات، الحياة فرق، فالردُّ الذي ذكر ليسَ بجيّد. |
↑4 | لا تكونُ النّعمة تامّة إلا إذا استُعملت على الوجه المشروع - القارئ: فلمَّا لمْ يثبتْ أنَّها نعمةٌ عليهمْ فدلَّ على أنَّ الحياةَ بمجرَّدها ليستْ نعمةً. - الشيخ: هي نعمة، لكن إذا أساءَ الإنسان استعمالَها واستغلالَها تنقلبُ كسائرِ النِّعَمِ الدنيوية، المال، المالُ نعمةٌ، لكن لا تكونُ نعمةً تامةً إلا إذا استُعمِلَ على الوجهِ المشروعِ، اللهُ امْتَـنَّ، امْتَـنَّ -كما ذكرت- وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا، هذه النِّعَمِ المادية هي نِعَم، لكن المؤمنون يستعينونَ بها على، يستعينونَ بها، يستعملونَها فيما يوجبُه إيمانُهم ودينُهم. - القارئ: والدَّلالةُ على فسادِ مذهبِ الأشعريةِ: هوَ أنَّا نجدُ النِّعَمَ في نَيلِ الشهواتِ واللَّذاتِ مُستدْرِجةٌ في قولِه -تعالى-: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ[الأعراف:182، القلم:44] - الشيخ: لا إله إلا الله. - القارئ: جاءَ في التفسيرِ أنَّهم كلَّما جدَّدوا معصيةً جدَّدنا لهمْ نعمةً، ومنْه قولُه -تعالى-: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ[المؤمنون:55-56]، وإذا بَطَلَ هذانِ القِسمانِ يثبتُ ما قُلنا. - الشيخ: سهل سهل، امشِ.. - القارئ: فصلٌ في أولِ ما أوجبَ اللهُ -تعالى- على العبدِ المكلَّفِ: وجهانِ في ذلكَ لأصحابِنا: أحدُهما: أولُ ما أوجبَ اللهُ -تعالى- على العبدِ: معرفتُه. والثاني: أولُّ ما أوجبَ اللهُ -تعالى- على العبدِ: النَّظرُ والاستدلالُ. وكلاهُما مؤدِّيانِ إلى معرفةِ اللهِ تعالى. - الشيخ: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، نعم بعده. |
↑5 | أوَّلُ واجبٍ على العبدِ: هو عبادته - القارئ: وقالَ قومٌ: أولُ ما أوجبَ اللهُ -تعالى- على العبدِ: الطهارةُ والصلاةُ وغيرُ ذلكَ. دليلنا: أنَّ معرفةَ اللهِ يجبُ أنْ تكونَ متقدِّمةً على عبادتِهِ؛ لأنَّهُ لا يجوزُ للمكلَّفِ أنْ يعبدَ مَن لا يَعرِفُ، ولا لـِمَنْ لا يَعلمُ، ولا لـِمن لا يُعلَمُ، فإذا ثبت هذا وجبَ أنْ تتقدَّمَ معرفتُهُ على عبادتِهِ.. - الشيخ: لا إله إلا الله، لا، الصحيحُ: أنَّ أول واجبٍ هو عبادةُ الله -جلَّ شأنه- هذا أولُ واجبٍ، أول واجب على المكلَّف: شهادة أن لا إله إلا الله. وأمَّا المعرفة فهي شرطٌ، مثل: الصلاة، أعظمُ الواجبات بعد الشهادتين: الصلاة، لكن شرطُها الطهارة، فلا يُقالُ: أول واجبٍ هو الطهارة، لكن الطهارةَ شرطٌ للصلاة. فأولُ واجبٍ على الصحيح هو شهادةُ أن لا إله إلا الله، فكلُّ نبي يقول لقومه: اعبدُوا الله، أولُ ما يخاطبُهم، وكثيراً ما تكون المعرفةُ متقدِّمة، ولكن مَنْ لَمْ يَعْرِفْ يُعَرَّف، مَنْ لَمْ يَعْرِفْ يُعَرَّف. واللهُ أرسلَ الرسلَ وأنزلَ الكتبَ؛ لدعوةِ الخلقِ إلى عبادتِه، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، هذا أولُ الواجبُ في دعوة الرسل، لكن من دُعي وهو لا يَعرف يُعرَّف، فمِن مقاصدِ إرسال الرسل تعريفُ العبادِ بربِّهم، تعريفُهم بآياتِه و..، ولهذا يَذكرُ اللهُ الآيات الدالَّة، بل أكثر ما تُذكرُ الآيات للاستدلالِ بها على أنه؛ لأنَّ أكثرَ الأممِ يُقرُّونَ، يُقرُّونَ باللهِ، و يُقرُّونَ بأنه خالقُهم، وأنه خالقُ السموات. قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ.. إلى آخر الآية فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس:31] |
↑6 | معرفةُ الله فطريّة وهي شرطُ عبادة الله - القارئ: فإذا ثبتَ هذا وجبَ أنْ تتقدَّمَ معرفتُهُ عبادتَهُ؛ لأنَّهُ.. - الشيخ: تتقدَّمَ، يعني هذا لابدَّ مِن المعرفةِ، لكن لا نقولُ: أنه أولُ واجبٍ، لأنَّ كثير من ... شرطُ عبادةِ الله سَبْقُ العلمِ، أنْ يكونَ المعبودُ معلوماً، وهذا قد يحصلُ للعبدِ بدونِ طلبٍ، فِطريّ، فِطريّ، معرفةُ الله فِطريةٌ، بالفِطرةِ. |
↑7 | مذهبُ المؤلِّف في مسألة أوَّل واجبٍ على العبد - القارئ: لأنَّه لا يجوزُ للمُكلَّفِ أنْ يعبدَ مَنْ لا يَعرِف، وإذا ثبتَ هذا فيجبُ تقدُّمُ المعرفةِ على العبادةِ، بدليلِ أنَّ الباري دعَانا إلى ذلكَ بقولِه -تعالى-: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ[الروم:8] وكذلك قولُه -تعالى-: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ[الأعراف:185]، وأنَّ الباري دَعَانا إلى ذلكَ ولمْ يَنْدُبْنا إلى النَّظرِ والاستدلالِ إلا لكي نستدلّ بِه على ثبوتِ وحدانيتِه.. - الشيخ: يعني كلامُه قريبٌ ممن يقولُ: أولُ واجبٍ هو النَّظرُ، قريبٌ منه، حتى اللي يقولونَ: أولُ واجبٍ النَّظر، هم يقصدونَ يعني تحصيلُ المعرفةِ، فكلامُه -رحمه الله- بَيْنَ بَيْنَ، قريبٌ مِن قولِ المتكلِّمين، الذينَ يقولونَ: أولُ واجبٍ هوَ النَّظرُ. - القارئ: دليلٌ ثانٍ: أنَّ أولَ ما أُرسلَ به النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الأمةِ هوَ: التوحيدُ ومعرفة اللهِ -تعالى- بالوحدانيةِ، ونفيُّ الألوهيةِ عمَّا سِواهُ.. - الشيخ: حقٌّ، صحيحٌ. - القارئ: ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا قَالُوهَا، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا). ثم فرضَ بعدَ ذلكَ عليهمُ الفرائضُ، فهذا يدلُّ على ما قُلْنا. - الشيخ: أي هذا الصحيح، هذا هو الواجبُ، شهادةُ أن لا إله إلا الله، الرسولُ لـمَّا جاءَ إلى الكفارِ قال: (قُولوا لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ)، فقالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا [ص:5] همْ يعرفون، يعرفون الله، يعرفونَ أنَّ لهذا الكونِ صانعاً وخالقاً، لكنَّهم لم يَقوموا بحقِّه، بلْ أشركوا بهِ غيرَه وعبدُوا معَه غيرَه، فكفرُوا وضلُّوا. - القارئ: فصل: وإذا ثبتَ هذا فمعرفةُ الباري وجبتْ بالشرعِ دونَ العقلِ. - الشيخ: إلى هنا يا أخي. - القارئ: ثمَّ استطرد أحسن الله إليك. - الشيخ: خله بس [اتركه، يكفي]، نعم. |