الرئيسية/شروحات الكتب/التبصرة في أصول الدين/(3) قوله “وإذا ثبت هذا فمعرفة الباري وجبت بالشرع دون العقل”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(3) قوله “وإذا ثبت هذا فمعرفة الباري وجبت بالشرع دون العقل”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: الثّالث

***    ***    ***    ***
 

- دلالةُ العقلِ دلالة اجماليّة، ودلالة الشَّرع دلالة تفصيليَّة [1] - العذابُ مرتّب على المعرفة والحجة الرّساليَّة [2] - أنواع الوجوب مِن حيث ترتّب العذاب [3] - خروج اليهود والنَّصارى عن الفطرة بسبب تركهم التَّفكّر لطلب الحقّ [4] - اختلاف أصحاب النَّظر بسبب تفاوت العقول [5]
 

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 دلالةُ العقلِ دلالةٌ اجماليّة، ودلالةُ الشَّرعِ دلالةٌ تفصيليَّة
- القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيَّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ: قالَ أبو الفرج الشيرازيّ -رحمَه اللهُ تعالى- في كتابه "التبصرةُ في أصولِ الدينِ" قال -رحمَه الله تعالى-:
فصلٌ: وإذا ثبتَ هذا فمعرفةُ البَاري وجبتْ بالشرعِ دونَ العقلِ، وقالت المعتزلةُ: وجبتْ بالعقلِ دونَ الشرعِ، وقالت الأشعريةُ: بالعقلِ والشَّرعِ جميعاً.

- الشيخ: لعلَّ هذا يعني معرفةُ اللهِ حاصلةٌ بالعقلِ والشرعِ، فهناكَ الدلائلُ الشرعيةُ والدلائل العقلية كلُّها مُتَضَافرةٌ على، وهم يريدونَ به معرفةَ الوجودِ، وجود الباري، فالعقلُ طريقٌ صحيحٌ لكنَّ الغالبَ على دَلالةِ العَقلِ هو الإجمالُ، وأمَّا العِلْمُ باللهِ العِلْمُ التَّفصيليُّ فذلكَ طريقُهُ الشَّرعُ، فالعَقلُ يَعرفُ أنَّ لهذا العالمِ صَانِعٌ أن له، يعني مِن الـمُمْتَنِعِ أنْ يكونَ هذا العالَمُ من غير مُبْدِعٍ ولا مُدَبِّرٍ ولا.. وكذلكَ العقلُ يُدرِكُ أنَّ صانعَ هذا الوجود أنَّهُ ذو علمٍ وذو قدرةٍ وذو حياةٍ، يُدرِكُ هذا.
لكن تفاصيل ما لله مِن أسماءٍ وصفاتٍ فطريقُهُا الشَّرعُ، فالعَقلُ لا يَستقلُّ، يعني باختصار العقلُ لا يَستقلُّ بمعرفة الله -سبحانه وتعالى-، وإدراك العقلِ الغالِبُ فيه الإجمال، يُدرِكُ الأمورَ إدراكاً إجمالياً، ولهذا جاءَت الرُّسلُ بالبيانِ الـمُفصَّل، البيان الـمُفصَّل فيما يتعلَّقُ بصفاتِ الله، وفيما يتعلَّقُ بحقوق الله.

- القارئ: دليلُنا: قولُه -تعالى-: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا[الأسراء:15]
- الشيخ: هو أيش يقول؟ يقول
- القارئ: وإذا ثبتَ
- الشيخ: لا لا هو رأيه أيش؟
- القارئ: أنَّها وجبتْ بالشرعِ دونَ العقلِ
- الشيخ:
أي ... ما هو، هذا إسقاطٌ لدَلالةِ العقلِ، الله يقول: أَفَلَا تَعْقِلُونَ [البقرة:44] أَفَلَا تَعْقِلُونَ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ [الأنعام:50]، هذا فيه إحالةٌ إلى هدايةِ العقولِ، واللهُ هدى عبادَه بما رَكَزَهُ في فِطَرِهِم وهَدَاهُم -أيضاً- بما أنزلَه من كتبه وما جاءتْ به رسلُه.
 
2 العذابُ مرتّب على المعرفة والحجة الرّساليَّة
- القارئ: دليلُنا: قولُه -تعالى-: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا، نفى إصابةَ العذابِ معَ عدم بِعْثةِ النّبي -صلى الله عليه وسلم-
- الشيخ: صح، هذا دليلٌ ما هو بدليل على أنه لا يُعرَفُ اللهُ إلا بالرسولِ، هذا دليلٌ على أنَّهُ لا يُؤاخَذُ مَن جَهِلَ حَقَّ اللهِ أو جَهِلَ معرفةَ الله أنه لا يُعذِّبُ إلا أنْ يُرسِلَ اللهُ رسولاً يُعَرِّفُهُ، فالعذابُ مُرَتَّبٌ على المعرفةِ الرِّساليَّة، على الحُجَّة الرِّساليّة.
 
3  أنواعُ الوجوب مِن حيث ترتّب العذاب
- القارئ: نفى إصابةَ العذابِ معَ عدمِ بِعْثةِ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- وأثبتَ وقوعَهُ معَ بعثتِهِ، فلو كانتِ المعرفةُ وجبَتْ بالعقلِ لكانَ قدْ قالَ: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَرْزُقَهُم عقولاً"، فلمَّا لمْ يقلْ ذلكَ دَلَّ على عدمِ حصولِهِ بالعقلِ.
- الشيخ: الوجوبُ وجوبانِ، وجوبٌ يترتَّبُ على تركِهِ العذابُ، ووجوبٌ لا يترتبُ.
- القارئ: دليلٌ ثانٍ: قولُه -تعالى-: وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [الأحقاف:26]
دليلٌ ثالثٌ: ما رُوِيَ عَن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قالَ:
(تعلَّمُوا العلمَ فَفِي تَعَلُّمِهِ خشيةٌ، وطلبُهُ عبادةٌ، ومدارستُهُ تسبيحٌ، والبحثُ عَنْهُ جهادٌ، وتعليمُهُ لمن لا يَعلمُهُ صدقةٌ، بِهِ يُعرَفُ اللهُ ويُعبَدُ، وبهِ يُمجَّدُ اللهُ ويُوَحَّدُ، وهو إمامُ العملِ، والعملُ تابعُهُ، يَرفعُ اللهُ -تعالى- بالعلمِ أقواماً فيجعلُهُم للخيرِ قادةً، وأئمةً يُقتدَى بهمْ ويُنتَهىَ إلى رأيهم).
 فوجهُ الدليلِ مِن قولِه -عليه السلام: به يُعرَفُ اللهُ ويُعبَدُ، أنَّهُ أثبتَ المعرفةَ بالعلمِ، فوجبَ أنْ يثبتَ بِه تصديقاً له في قولِه.

- الشيخ: أيش قالوا؟ عندك تعليق على الحديث؟
- القارئ: نعم، أحسن الله إليك
- الشيخ: وش [ما] هو؟ نعم
- القارئ: قالَ: موضوعٌ أخرجَهُ ابنُ عبدِ البَرِّ في جامعِ بيانِ العلمِ وفضلِهِ

- الشيخ: وسكت عنه؟
- القارئ: وأبو نعيمٍ في الِحلية 
- الشيخ: لكنَّ ابنَ عبدِ البر يذكرُه ويسكتُ عنه؟
- القارئ: من حديثِ معاذِ بنِ جبلٍ، أخرجَه مِن حديثِ معاذِ بنِ جبل
- الشيخ: الأشبهُ أنه مِن قولِ معاذ.
- القارئ: يقول: قالَ شيخُ الإسلام في الدرءِ: وهذا الكلامُ معروفٌ عَن معاذِ بنِ جَبَل، رووهُ عنْه بالأسانيدِ المعروفةِ، وهو كلامٌ حَسَنٌ، ولكنْ روايتُهُ مرفوعاً فيهِ نظرٌ.
- الشيخ: هذا رجعتَ إليه، كلام الشيخ؟ أقول: أنتَ رجعتَ لكلامِ الشيخ؟
- القارئ: لا لا ذكرَه المحقِّقُ أحسن الله إليك.
- الشيخ: أي زين، نعم.
 
4  خروج اليهود والنَّصارى عن الفطرة بسبب تركهم التَّفكّر لطلب الحقّ
- القارئ: دليلٌ رابعٌ: هوَ أنَّ المعرفةَ لو كانتْ حاصلةً بالعقلِ لكانَ كلُّ عاقلٍ عارفاً بوحدانيتِه، فلمَّا وجدْنَا جماعةً مِن العقلاءِ كفاراً غيرَ عارفينَ للدينِ دَلَّ على أنَّ المعرفةَ لمْ تحصلْ بالعقولِ، ألا تَرى أنَّ ما يُدرَكُ
- الشيخ: (فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ)، خَرَجُوا عَن عقولِهم؛ بسببِ سوءِ التربية، لو تُرِكُوا معَ فِطَرِهِم لآثروا معرفةَ الله، ولهذا لو تَفَكَّروا طالبينَ للحقِّ هُدُوا، لو تَفَكَّروا طالبين للهُدى هُدُوا، لكن يَمنعُهُم من التفكُّرِ والانقيادِ: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23]
 
5  اختلافُ أصحاب النَّظر بسبب تفاوت العقول
- القارئ: ألا تَرى أنَّ ما يُدرَكُ بالنظرِ لا يَختلِفُ أربابُ النَّظَرِ فيهِ
- الشيخ: هذا ممنوعٌ، أربابُ النظرِ يختلفونَ؛ لأنَّ العقولَ والنَّظر ليسوا فيه الناس على سواءٍ، فما يراه هذا قطعيّاً يراه الآخر نظريّاً، فالأحكام العقليّة ليسَ الناس فيها على سواءٍ، فيه [هناك] بَدَهِيَّات نعم الأصلُ أن تتواطأُ عليها العقولُ، لكن يَطرأ على العقولِ ما يُشَوِّشُهَا ويُفسِدُها، فيصيرُ الأمرُ الجليُّ خفياً.
- القارئ: دليلٌ خامسٌ على بطلانِ قولِ الأشعريَّةِ:
هوَ أنَّه لا يخلو إمَّا أنْ تكونَ معرفةُ الباريْ حصلتْ بالشرعِ دونَ العقلِ أو بالعقلِ دونَ الشرعِ أو بِهما جميعاً، ولا يجوزُ أنْ تكونَ حصلتْ بالعقلِ دونَ الشرعِ، لِمَا بَيَّنَا أنَّ العقلَ ليسَ مُوجِباً لثبوتِ الوحدانيةِ، ولا يجوزُ أنْ تكونَ بالعقلِ والشرعِ؛ لأنَّهُ لا يخلو إمَّا أنْ يكونَ ما يُعرَفُ بالعقلِ لا يُوجَدُ بالشَّرعِ أو يُوجَدُ فيه، لا يجوزُ أنْ يُقالَ أنَّه لا يُوجَدُ في الشرعِ؛ لأنَّ اللهَ -تعالى- قالَ: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ[الأنعام:38]، وإذا كانَ ما يُعرَفُ بالعقلِ موجوداً في الشرع ِفلا حاجةَ لنَا إلى ذِكرِ العقلِ لاندراجِهِ في الشَّرعِ.

- الشيخ: بس [لكن] القضية الواحدة يمكن يصير عليهَا دليلين، يمكن تعدد الأدلَّة، يصير هذا يَدلُّ له كذا ويَدلُّ له، ولهذا كثيرٌ من القضايا يُقالُ: دليلُها الكتابُ والسُّنة وكذا وكذا، والإجماعُ، يعني لا يَمتَنِعُ تعدُّدُ الأدلَّةِ المتطابقةِ.
- القارئ: يقولُ المحقِّقُ: هذا الدليلُ ذكرَهُ شيخُ الإسلامِ في الدَرءِ بحروفِهِ، وعزاهُ للمؤلِّفُ
- الشيخ: وش [ما] هو؟ أي دليل؟
- القارئ: هذا الدليلُ الخامسُ الذي ذكرَهُ، وَعَلَّقَ عليهِ بقولِهِ: "وهذهِ الطريقةُ تفيدُ أنَّ ذلكَ موجودٌ في الشَّرعِ" إلى آخرِهِ.
دليلٌ سادسٌ: هو أنَّ ما يُعرَفُ بالعقلِ لا يَخلو إمَّا أنْ يكونَ

- الشيخ: لَعلَّكَ تقف على هذا .
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله