بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: السّادس
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ الله الرحمنِ الرحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.
– الشيخ: بأبي هو وأمي صلَّى الله عليه.
– القارئ: أما بعد: قال أبو الفرج الشيرازي -رحمه الله تعالى- في كتابه
– الشيخ: كم متوفى هو؟
– القارئ: توفى 486هـ أحسنَ الله إليك
– الشيخ: يمكن […..] ستة وثمانين، رحمه الله.
الحاشية السفلية
↑1 | وحدانيَّة الله تُعرَفُ بالشَّرع والعقل معًا - القارئ: "التبصرةُ في أصولِ الدِّينِ" قالَ -رحمَه الله-: فصلٌ: إذا قيل لكَ: ما الدليلُ على أنَّ اللهَ تعالى واحدٌ أحدٌ؟ فقلْ: الدليلُ عليه شرعًا واستدلالًا. أما الشرعُ فقولُه تعالى: وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ[المائدة: 73] وقولُه تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الصمد:1] وقولُه تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22] وغيرِ ذلك من الآياتِ الدالَّةِ على ثبوتِ الوحدانيةِ. وأما من حديثِ الاستدلالِ فهو أن نقولَ: بأنَّ السمواتِ والأرضَ لو كان لهما صانعان، لوُجِدَ في.. - الشيخ: يعني كأنه يريد الاستدلالَ العقلي، من الشرعِ والعقل، كأن هذا يرد على كلامه في باب معرفة الله، وأن معرفة الله إنما تكونُ بالشرعِ، تقريرُه هذا جيدٌ، أنَّ وحدانيةَ الله تُعرفُ بالشرع والعقلِ جميعًا، وهو ما عبَّر عنه بالاستدلال، نعم، وأما الاستدلالُ.. |
---|---|
↑2 | حسْنُ الأشياءِ وقبحها يحصلُ بطريقِ الشّرعِ والعقلِ - القارئ: وبهذا -أحسن الله إليك- هذا يُؤيد أنَّ مُراده بالمعرفةِ السابقة أنَّها لا تُعرف إلا بالشرعِ أنَّ المُرادَ المعرفةَ التفصيليةَ، وليس المعرفةَ الإجماليةَ؟ - الشيخ: لا، ما هو، ما هو بواضح، ما هو بواضحٍ لأنه، التفصيلية! - القارئ: المعرفةُ المُطلقةُ - الشيخ: لا، لا، ما هو بواضحٍ في كلامه، والذين يستدلون بالذي هو كلامه مُتوجهٌ إلى الإنكار على الذين يقولون: إنَّ معرفة الله بالعقلِ وتجبُ به، وتقدَّمَ أن وجوبَ المعرفة بالعقل أو عدم الوجوب، مسألة الوجوب شيء وحصولُ المعرفة شيء، وهو راجعٌ إلى المسألة المعروفة "مسألة الكلامية" وهي مسألة "التحسينِ والتقبيح العقليَّين والشرعيَّين" المُعتزلة يثبتون الحسن والقبحَ العقليين، والمعروفُ من مذهب الأشاعرةِ أنهم يُثبتون الحسنَ بالشرع فقط، فالأشياء حُسنُها وقبحها بالشرع، وليس بالعقلِ ما يدل على حسن الحسن، وقبحِ القبيح. والصوابُ أنَّ حسن الأشياءِ وقبحها يحصل بطريقِ الشرعِ والعقلِ. لكنَّ بعض الأمور يمكن أنْ يختصَّ بها العقل، بعضُها يختصُّ به العقلُ، الله أعلم. - القارئ: وأما من حديثِ الاستدلالِ فهو أن نقولَ: بأنَّ السمواتِ والأرضَ لو كان لهما صانعان، لوُجِدَ فيهما الاختلافُ والاضطرابُ كما نرى ذلك في الشاهدِ، وفي استمرارِها من غير فسادٍ دليلٌ على أنَّ لهما صانعًا واحدًا. - الشيخ: لا، وشاهدُ هذا الكلام الذي يقوله مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [المؤمنون:91] وقوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22] فهو أشار إلى هذا لكنه ما ذكرَ. كان من المناسب أن يذكر، الآيتين المُتضمِّنَتين لهذا الدليلِ العقلي. على أنه ليس في الوجود إلا إلهٌ واحد، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ، نعم بعده. |
↑3 | معنى دليل التَّمانع - القارئ: دليلٌ آخرُ: هوَ أنَّه لو كان ثَمَّ إلهين، لم يكن بدٌّ من كونِهما مُريدَين، ويمتنعُ اتفاقُهما في الإرادةِ على ممرِّ الأوقاتِ، لمْ يبقَ إلا أن يريدَ أحدُهما الحياةَ، والآخرُ المماتَ، أو يريدَ أحدُهما الحركةَ، والآخرُ السكونَ. - الشيخ: يعني في شيء آخر، أنْ يريدَ في شيء أن يكون حيًا، أو مُتحركًا، ويريد الآخر كونه ميتًا أو ساكنًا، لو كان إلهين وأراد أحدُهما تحريكَ شيء، وأراد الآخرُ تسكينه، فإما أن تنفذَ إرادتُهما، وهذا مُمتنعٌ لأنه يتضمن الجمعَ، وإما أن لا تنفذَ إرادةُ واحد منهما، وهذا يستلزمُ سلب النقيضين، وعجزَ كل واحد منهما، فعُلِمَ أنه لا بد أن تنفذَ إرادة أحدِهما دون الآخر فيكون هذا هو الإلهُ. يسمونه: "دليلُ التمانعِ" يسمونه: "دليل التمانع" أعدْ. - القارئ: دليلٌ آخرُ: هوَ أنَّه لو كان ثَمَّ إلهين، لم يكن بدٌّ من كونِهما مُريدَين، ويمتنعُ اتفاقُهما في الإرادةِ على ممرِّ الأوقاتِ، لمْ يبقَ إلا أن يريدَ أحدُهما الحياةَ، والآخرُ المماتَ، أو يريدَ أحدُهما الحركةَ، والآخرُ السكونَ، وحينئذٍ يمتنعُ وجودُ الإرادتين في حالةٍ واحدةٍ معًا؛ لأنَّ الشيءُ الواحد لا يكون متحركًا ساكنًا، ولا - الشيخ: هذا الجمع - القارئ: ولا حيًا ميتًا في حالة واحدة - الشيخ: سلبَ النقيضين - القارئ: لم يبقَ إلَّا أنْ - الشيخ: جمعَ النقيضين - القارئ: لم يبقَ إلا أنْ يُوجدَ أحدُ الإرادتَين. - الشيخ: أن توجد إحدى الإرادتَين أو يوجد أحد المرادَين، هذا التعبيرُ، أن يوجدَ أحد المرادين. - القارئ: ومن وُجدَت إرادتُه فهو القادرُ، ومن عُدمت إرادتُه فهو عاجزٌ، والعاجزُ لا يصلحُ أن يكونَ إلهًا؛ لوجودِ العجزِ فيه، فثبتَ أن القادرَ هو الإلهُ. فصلٌ: ثم بعد ذلكَ الرِّضا بقضاءِ اللهِ -تعالى- والتسليمِ لأمر الله. - الشيخ: أستغفرُ الله، مُفصَّلٌ فيه؟ مُفصِّلٌ يعني؟ - القارئ: نعم، مُسترسل - الشيخ: أي. عجل [إذًا] يكفي هذا القدر. - القارئ: يوجد -أحسنَ الله إليك- "تعارضُ العقلِ والنقلِ" - الشيخ: عند الشيخ؟ - القارئ: الذي ذكرتَه الأسبوع الماضي، في مسألةِ "معرفةِ الله -عز وجل- تحصلُ بغيرِ العقلِ أو لا"؟ - الشيخ: أي عندك [.....] - القارئ: أي طبعًا استرسلَ شيخُ الإسلام.. أقول: استرسلَ بكلامٍ طويل، قال هنا –أحسن الله إليك-: فصلٌ: والقائلونَ بأنَّ المعرفةَ تحصلُ بغيرِ العقلِ يُفسرون كلامَهم بمعنىً صحيحٍ - الشيخ: بأن المعرفة تحصلُ - القارئ: بغيرِ العقلِ - الشيخ: معرفة ماذا قال؟ - القارئ: معرفةَ الله -عزَّ وجلَّ- - الشيخ: أي، وين العبارة؟ في عنوان؟ - القارئ: لا، لكن نسينا نقول هنا: مثل ما ذكرَه الشريفُ "أبو علي بن أبي موسى" قالَ: لمَّا ذكرَ التوحيدَ: "الكلام بعد ذلك: المعرفةُ هل تُدرَكُ بالعقولِ أم بالسمعِ؟" قال: - الشيخ: المعرفة. - القارئ: هل تُدرَكُ بالعقولِ أم بالسمعِ؟ - الشيخ: من السياق، يعني العبارة ما فيها - القارئ: لا، بالسياق نعم - الشيخ: من السياق - القارئ: أحسنَ الله إليك، نعم. قالَ: فالذي نذهبُ إليه قولُ إمامِنا: - الشيخ: هذا الشريف؟ - القارئ: نعم - الشيخ: نذهبُ إليه - القارئ: فالذي نذهبُ إليه قولُ إمامِنا: إنَّ معرفةَ الخالقِ أنَّه اللهُ لا تُدركُ إلا بالسمعِ - الشيخ: نعم - القارئ: قال: وقد اختلفَ أصحابُنا في ذلكَ على طريقَين: فقالَ الأقلُّون منهم: إنَّ المعرفةَ تُدركُ بالعقول، مع اتفاقِهم معنا أنَّها لا تُدرك بمجردِ العقلِ قبلَ ورودِ السمعِ بها |
↑4 | كل قوة لها مُتعلَّقات تُناسبها قال: والدليلُ على أنَّه تُدركُ بالسمعِ، وأنَّه لا مدخلَ للعقولِ فيها قبلَ ورودِ السمعِ بها: أنَّ العقلَ مخلوقٌ كالحواسِّ الخمسِ من البصرِ والسمعِ والشمِّ واللَّمسِ والمذَاقِ. ثم المقسومُ منه يتفاضلُ الخلقُ فيه. يعلمُ ذلك كلُّ أحدٍ ضرورةً، فإذا كان كذلكَ فاللمسُ لا يُدرك له اللامس الأراييح، والشمُّ لا يُدرك به الشامُّ الأصواتَ - الشيخ: كل قدرة، أو كل قوة لها مُتعلَّقات تُناسبها، السمع في المسموعات، الموجودات أنواع، فلا تشمُّ باللمسِ، ولا تسمعُ باللمس، اللمسُ يتعلقُ بالجسمياتِ، بالنعومةِ والخشونةِ، وبالأشكالِ، إذا لمستَ الشيءَ تعرفُ أنه حار ولّا بارد، الحرارة والبرودة تُدرك بالسمع؟ - القارئ: لا - الشيخ: تُدرك بالعين الحرارة؟ يمكن بعض الآثار يمكن تشوفها إلى آخره. طيب كمِّلْ، قل شوي - القارئ: قالَ: وجملةُ هذا أنَّ اللهَ لم يجعلْ اللمسَ سبيلًا إلى إدراكِ الأراييحِ، ولا الشمَّ سبيلًا إلى إدراكِ المسموعاتِ، بل جعلَ كلَّ واحدٍ منهما سبيلًا لإدراكِ ما خصَّ به، وإن كنا نُجوِّزُ أن يفعلَ ذلك ويجعلَ العلم في اليدِ، والكلامَ في الرِّجلِ، والنظرَ في اللسانِ، لأنَّ الجواهر من جنسٍ واحد. - الشيخ: عاد هذه، الله أعلم، إلى آخرِه، يُناقش الشيخ؟ - القارئ: نعم - الشيخ: بعض الكلام؟ - القارئ: نعم - الشيخ: خله بس [اتركه، يكفي] - القارئ: استرسلَ -أحسن الله إليك- نقرأ ولا نقف؟ - الشيخ: لا، نقف.. أقول: نقف، أقول: طويل. - القارئ: أي، لا. طويل حتى الذي نقله عنه، واسترسلَ -أحسن الله إليك- هنا قال لك تعليق شيخ الإسلام، قال: قلتُ -طبعًا بعد كلام طويل في هذا-: ففي هذا الكلامِ قد جعلَ العلمَ ثلاثةَ أنواعٍ: أحدُها: هو الذي يُعرفُ بالعقلِ، والثاني: المعرفةُ التي لا تحصلُ إلا بالسَّمعِ. والثالثُ: ما لا سبيلَ إلى معرفتِه لا بعقلٍ ولا بسمعٍ. - الشيخ: طيب، وهو ما استأثرَ اللهُ بعلمه. - القارئ: فالأولُ: المعرفةُ المُطلقةُ المُجملةُ بأنَّ هذه المُحدثاتِ التي يعجزُ عنها الخلقُ لا بدَّ لها من صانعٍ. ولكن هذهِ المعرفةَ لا تُفيدُ معرفةَ عينِه ولا أسمائِه، فإنَّ المُحدثاتِ إنما تدلُّ على فاعلٍ ما مُطلقٍ من حيثِ الجملةِ. وكذلك سائرَ ما يُذكرُ من البراهينِ القياسية، فإنما تدلُّ على أمرٍ مُطلقٍ كلِّيٍّ، إذ كان البرهانُ المنطقيُّ العقليُّ لابدَّ فيه من قضيةٍ كليةٍ، والنتيجةُ موقوفةٌ على جميعِ المُقدماتِ، فإذا كان المدلولُ عليه لم تُعرفْ عينه قبلَ الاستدلالِ، لم يدلَّ هذا الدليلُ إلا على أمرٍ مُطلقٍ كليٍّ. - الشيخ: وهكذا، وهكذا - القارئ: يعني: إلى آخره . |