الرئيسية/شروحات الكتب/التبصرة في أصول الدين/(7) قوله “الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمر الله”

(7) قوله “الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمر الله”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: السّابع

***    ***    ***    ***
 

- يجبُ الرّضا بقضاء الله دون المقضي [1] - قدَرُ الله شاملٌ لا يخرجُ عنه شيء [2] - مِن ثمراتِ الإيمان بالقدرِ [3] - عقيدة الرَّافضة في الصّفات وفي القدر [4] - التَّفصيل في عبارة الخيرُ مِن اللهِ والشرُّ مِن إبليسَ ومِن أنفُسِنا [5] - انقسام النَّاس عند الابتلاء الى مهتدٍ وضال [6] - الاحتجاج بالقدر على المعاصي [7]

 
   يجبُ الرّضا بقضاء الله دون المقضي

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 - القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلّم وبارك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، قالَ أبو الفرج الشيرازي في كتابه "التّبصرة في أصول الدّين" قال رحمه الله:
فصلٌ:
ثمَّ بعدَ ذلك: الرِّضا بقضاءِ اللهِ –تعالى- والتسليمِ لأمرِ اللهِ، والصبرِ على حكمِ الله، والأخذِ بما أمرَ اللهُ –تعالى- والنهيِ عما نهَاه، وإخلاصِ العملِ للهِ، والإيمانِ بالقدرِ كلِّه، خيرِه وشرِّه، وحلوِه ومُرِّه، قليلِه وكثيرِه من الله تعالى

- الشيخ: من منهجِ أهل السنة فيما يتعلقُ بتدبيرِ الله وتقديرِه وقضائِه، فيجبُ الرضا بقضائه: يعني الرضا بحُكمِه فإنَّ أحكامه كلُّها حقٌّ وعدْلٌ، فيجبُ الرضا بالقضاءِ الذي هو فعلُ الربِّ وحكمُه، وأما المقضيُّ فتختلفُ أحكامُه، منها ما يجبُ الرِّضا به، ومنها ما يُستحَبُّ الرضا به، ومنها ما لا يجوزُ الرضا به، الأمورُ الكونية التي جرى بها القدَرُ تختلفُ أحكامُها، أمَّا حكمُ الله وقضاؤُه فيجبُ الرِّضا به، فهو من الرِّضا بالله وعن الله، وأما الصبرُ على البلاءِ فهو واجبٌ، الله أمرَ به، اصبروا.
 
2 قدَرُ الله شاملٌ لا يخرجُ عنه شيء
ومن أصولِ الإيمان: الإيمانُ بالقدر، يعني الإيمانُ بأنَّ الله قدَّرَ مقادير الخلْقِ قبل أن يخلقَ السموات والأرض بخمسينَ ألفِ سنة، وكتبَ ذلك في أمِّ الكتاب، فهذا من أصولِ الإيمان ولهذا قالَ -عليه الصلاة والسلام- في جوابه لجبريل: (وتُؤمِنَ بالقدرِ خيره وشره) فلا يحدثُ في هذا الوجود شيءٌ صغيرٌ ولا كبيرٌ إلا بتقديره كما قال -سبحانه وتعالى-: وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59] وكذلك: وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [يونس:61]
فالقدرُ شامل، قدَرُ الله شاملٌ لا يخرجُ عنه شيء، فتدبَّرْ ما يجري. كما أن علمَه مُحيطٌ بهذا كله فقدَرُه مُحيطٌ به كذلك مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا [الأنعام:59]: نعم يعلَمُها، وقد كتبَ ذلك، ولهذا قالَ في آخر الآية: وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.
نشهدُ، لو رأينا ورقةً سقطت من شجرةٍ فإنَّنا نُؤمن بأنَّ هذه علمَها الله وأنَّه قد قدَّرَ ذلك في "أمِّ الكتاب" نعم، وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.
 
3 مِن ثمراتِ الإيمان بالقدرِ
- القارئ: (واعلمْ أنَّ ما أصابَك لمْ يكنْ ليُخطِئَك، وأنَّ ما أخطأَك ما كانَ ليُصيبَك).
- الشيخ: هذا من ثمراتِ الإيمانِ بالقدر، يعلمُ العبد أنَّ ما أصابَه قد سبقَ القدَرُ بأنَّه يُصيبه، وما أخطأَه قد سبقَ القدَرُ بأنَّه لا يُصيبه، يعني فلم يكن ما أصابَك كانَ لا يصيبك أو كان لم يكن ليُصِيبك ثم أصابَك، أو لم يكن ليُخطئَك ثم أخطأك، لا. تجري الأمور على وِفْقِ القدَرِ، فمن ثمراتِ الإيمان بالقدرِ أنْ يعلمَ العبدُ أنَّ ما أصابَه قد سبقَ القدرُ بأنَّه يُصيبه، وما أخطأَه سبقَ القدرُ بأنَّه كذلك يُخطئُه.
 
4 عقيدة الرَّافضة في الصّفات وفي القدر
- القارئ: وقالَت المُعتزلة القدريَّةُ والرَّافضةُ: الخيرُ من اللهِ والشرُّ من إبليسَ ومن أنفُسِنا
- الشيخ: لا إله إلا الله، الرافضة هم في هذا تبعٌ للمعتزلة، لأنَّه دخلَ عليهم مذهب المُعتزلة في باب القدرِ وفي باب ِالصفات وفي باب الوعيدِ، صاروا مُعتزلةً ومُعطِّلةً، وقولهم أنَّ الخيرَ من الله هذا حقٌّ وأنَّ الشرَّ من الشيطانِ، أيش الشر أيش بعد؟
 
5 التَّفصيل في عبارة "الخيرُ من اللهِ والشرُّ مِن إبليسَ ومِن أنفُسِنا"
- القارئ: من إبليسَ ومن أنفُسِنا
- الشيخ: إن أرادوا أنَّه من إبليسَ، وأنَّه لا بمشيئةِ الله فهذا باطلٌ، وأمَّا إذا قال هذا من إبليسُ: أنَّ إبليسَ سبب فيه فهذا حق، فمصدرُ الشرور مصدرُها الوسواس، الوسواس الخنَّاس الذي يُوسوس في صدورِ الناس، هو سببٌ فيما يُصيب الإنسان من الشرور، وكذلك النَّفْسُ الأمَّارةُ بالسوء، ولهذا شرعَ الله لنا التعوذَ بالله من أسباب الشر، وإنْ كان أسبابٌ فالله تعالى هو خالقُ الأسباب والمُسبِّبَات، هو خالقُ الشياطين وخالقُ النفوس، كلُّ ذلكَ بقدرِه.
- القارئ: دليلُنا قولُه تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125] فجعلَ الضلالةَ والهُدَى بمشيئَتِه
- الشيخ: حقٌّ أي والله، بمشيئتِه، ولا خروج لشيءٍ عن مشيئته.
 
6 انقسام النَّاس عند الابتلاء الى مهتدٍ وضالّ
- القارئ: دليلٌ ثانٍ، قوله تعالى: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ [الأعراف:155]: فوجْهُ الدليلِ أنَّ موسى -عليهِ السَّلام- أضافَ الفتنة إلى اللهِ -تعالى- فلم يُنكِر الباري ذلك، فعدمُ إنكارِ البارِي عليه دليلٌ على وجودِ كليهِما
- الشيخ: فتنةٌ يعني ابتلاء، الفتنةُ معناها العامُّ هو الابتلاء، وهذا الابتلاءُ ينشأُ عنه، ينشأ عنه إما الهدى وإما الضلالُ، فبعدَ الابتلاء يصير الناس فريقين إمَّا مهتدٍ أو ضال، منهم من يخرجُ من البلاء على حقٍّ وهدى، أو يخرجُ من البلاء بالكفرِ والضلال، نفسُ النِعَمِ ابتلاءٌ، وإذا الناس ابتُلُوا بالنعمة انقسموا قسمين، منهم الشاكر ومنهم الكافر كما في الحديثِ، حديثُ زيدٍ بن خالد لما قال في يوم الحديبية: "أصابَهم سماءٌ من الليل" وقالَ -عليه الصلاة والسلام- بعد ما صلَّى: (أتدرون ماذا قال ربُّكم؟) قالوا: اللهُ ورسوله أعلم، قال: (أصبحَ من عبادي مُؤمنٌ وكافر).. الحديثُ المشهور.
 
7 الاحتجاج بالقدر على المعاصي
- القارئ: دليلٌ ثالثٌ: ما رُويَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قالَ: (لو أرادَ اللهُ ألَّا يُعصَى ما خلقَ إبليسَ)
- الشيخ: سبحانَ الله! ما أراد أن يُعصى، هذا اللفظُ أرادَ: أي شاءَ، لو شاءَ ألَّا يُعصى لم يُعصَ، فمعاصي العباد هي واقعةٌ بمشيئتِه، والإرادةُ تعلمون أنها قسمان عندَ أهل العلم، إرادةٌ كونية وإرادة شرعية، فنقول: إنه –تعالى- لا يُريد من عباده أن يعصُوه، بمعنى أنَّه لا يحبُّ ذلك منهم، بل نهاهم على ألسنِ رسله، فقول القائلِ: ما أراد الله مني هذه المعصية؛ إنْ أراد أنَّه ما نهاني وأنَّه لا يُحبُّ مني أن أعصيَه، وإن أرادَ أنَّه لم يشأ مِنِّي هذه المعصية فهذا باطلٌ، فالإرادةُ الكونية شاملة، هي بمعنى المشيئة، والحديثُ أيش قالُوا عليه؟
- القارئ: قال الحافظُ ابنُ كثيرٍ -رحمه الله-: حديثٌ غريبٌ، وقالَ شيخُ الإسلامِ تقيُّ الدينِ أبو العباسِ ابنُ تيميةَ: هذا حديثٌ موضوعٌ مُختلَقٌ باتفاقِ أهلِ المعرفةِ.
- الشيخ: خلاص اشطُبْ عليه، لا إله إلا الله، قد يتكلم به أصحابُ الشهوات، [....] خلاص هذا يحتجُّون به، هو من نوعِ الاحتجاج بالقدر، هذا أمرٌ مكتوب عليَّ، لو أرادَ أنِّي ما أعصيه ما خلقَ إبليس، والاحتجاج بالقدرِ على المعاصي هذا مُعارَضٌ بشرع الله وهو سبيل المُشركين، الذين يقولون: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا [الأنعام:148]: يبرِّرُون به شركَهم وكفرهم.
 

- القارئ: دليلٌ رابعٌ: ما روى رافعٌ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قالَ: (سيكونُ من أمَّتي قومٌ يكفرُون باللهِ وهُم لا يشعُرُون)، قيل: يا رسولَ اللهِ فكيفَ يكفرون؟ قال: (يقولون: الخيرُ من اللهِ –تعالى- والشرُّ من إبليسَ ومن أنفُسِنا ثم يقرؤونَ على ذلكَ القرآنَ فيكفرُون باللهِ والقرآنِ).
- الشيخ: لا إله إلا الله، لأن هذا هو الكفرُ بالقدر، وفي الأثرِ عن ابن عباس: "الإيمانُ بالقدَرِ نظامُ التوحيد، فمن وحَّدَ الله وكذَّبَ بالقدرِ نقض تكذيبُه توحيدَه، أيش قالوا على هذا الحديث بعد؟
- القارئ: قال -أحسنَ اللهُ إليك-: إسنادُه واهٍ جدًا. يقولُ: في إسنادِه داوودُ بن المُحبِّر متروكُ الحديثِ.
- الشيخ: خله بس [اتركه].
- القارئ: ورُوِيَ من وجهٍ آخرَ وفيه أيضًا أحدُهم كذَّاب.
- الشيخ: اتركه بس.
- القارئ: دليلٌ خامسٌ: هو أنْ نقولَ: أنَّه لا يجوزُ أن يكونَ
- الشيخ: ماشي فيها، أم آخر واحد؟
- القارئ: لا مُسترسل -أحسن الله إليك-
- الشيخ: خلّه بس [اتركه، يكفي] على الخامس .
 
info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله