بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: الثّامن
*** *** *** ***
ما لا يَعلمُ اللهُ وجودَهُ فهو عَدَمٌ لا حقيقةَ لَه
الحاشية السفلية
↑1 | - القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد؛ قالَ أبو الفرجِ الشِّيرازيّ في كتابه "التبصرةُ في أصولِ الدِّين": قالَ-رحمَه الله-: دليلٌ خامسٌ: هو أنْ نقولَ أنَّهُ لا يجوزُ أنْ يكونَ في دارِهِ ما لا يُريدُ، كما لا يجوزُ أنْ يكونَ في دارِهِ ما لا يَعلمُ - الشيخ: ... لا يجوزُ أنْ يكونَ في مُلْكِهِ، أَّما دارُهُ ما جاءَ ذكر الدار إلا الجنَّة. (في دارِه) كما وردَ في حديث الشفاعة: (أَدخلُ على ربيّ في دارِهِ) فلو قالَ: "في ملكِهَ" كان أفضل، لا يجوز أنْ يقولَ ملكه، كما لا يجوزُ أن يكونَ في مُلْكِهِ ما لا يَعْلَمُهُ. لكن. قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ [يونس:18] أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ هذا فيما ليسَ بموجودٍ، في المعدوم، المعدوم لا يعلمُهُ الله موجوداً، المعدومُ لا يعلمُهُ الله موجوداً، فاللهُ لا يعلمُ لَه في السموات أو في الأرض شريكاً أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِوما لا يَعلمُ اللهُ وجودَهُ فهو عَدَمٌ لا حقيقةَ لَه، فالمشركون مُفْتَرُون على الله، فهم بدعواهُم الشُّركاء، قولُهم يتضمَّنُ، يَستلزمُ أنَّ اللهَ يعلمُ هذه المعبودات يعلمُها، يعلمُ أنَّ لَه شركاء، والواقعُ أنه ليسَ له شركاءُ، فلا يعلمُ اللهُ في السماء أو في الأرض أنَّ له شريكاً. |
---|---|
↑2 | تَعَلُّق مشيئةِ اللهِ بأفعالِ العِبادِ - القارئ: كما لا يجوزُ أنْ يكونَ في دارِهِ ما لا يَعلمُ. دليلٌ سادسٌ: أنَّه لا يجوزُ أنْ يكونَ مَنْ فِعْلِ خَلْقِهِ ما لا يريدُ، كما لا يجوزُ أنْ يكونَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ ما لا يريدُ. - الشيخ: كلُّ هذا تقريرٌ للمشيئةِ، لا يكونُ من أفعالِ الخَلق ما لا يريدُ، لا يجوزُ أن يكونَ شيءٌ مِن أعمالِ العبادِ لا يشاؤها الله، لا يريدُها الإرادةَ الكونيَّة. "ما لا يريدُ" أي: الإرادةَ الكونيَّة وهي المشيئةُ. كما لا يجوزُ أنْ يكونَ مِن أفعالِه هو بنفسِهِ ما لا يريدُ، بلْ كلُّ ما يفعلُهُ فهو بمشيئةٍ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ واللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [آل عمران:40] فهو فاعلٌ مختارٌ، فاعلٌ مختارٌ يفعلُ بإرادةٍ، يفعلٌ بمشيئةٍ، ليسَ شيءٌ من أفعالِه ذاتيّ، لَه لازمٌ لذاتِهِ، قديمٌ، لا. كلُّ ما يفعلُهُ الربُّ بمشيئةٍ، يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ [آل عمران:47] يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ [الرعد:26] يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ [الشورى:49] وهكذا. كلُّ أفعالِه بمشيئتِه. وأفعالُ العبادِ بمشيئتِهِ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير:29] والقَدَريَّةُ يَنْفُوْنَ تَعَلُّقَ مشيئةِ اللهِ بأفعالِ العِبادِ، هذه خاصيَّةُ القدريةِ النُّفاةِ، القدريَّةُ النُّفاةِ يقولونَ أنَّ العباد يَفعلونَ ما يَفعلونَ بـِمَحْضِ إرادتِهم، بـِمَحْضِ مشيئتِهِم، هم الخالِقُون لأفعالِهم، ولهذا كانَ مذهبُهم متضمِّنَاً لِنَوْعٍ مِن الشِّرْكِ في الرُّبوبيةِ. - القارئ: دليلٌ سابعٌ: أنَّهم قَبُحُوا في الكفرِ، فَجَعَلُوا إرادةَ إبليسَ وإرادةَ أنفسِهِم أقوى مِن إرادةِ اللهِ تعالى - الشيخ: القدريَّة - القارئ: أقوى من إرادةِ اللهِ تعالى وأغلبُ، فقالوا: أرادَ اللهُ إبليسُ المعاصي فوُجدَتْ، وأرادَ اللهُ أنْ لا يكونَ ذلكَ فكانتْ. فجعلوا إبليسَ وأنفسَهُم أقوى مِن اللهِ وأغلبُ، وقدْ اعترفَ عُبَّادُ الأصنامِ بأنَّ الخيرَ والشَّرَّ مِن اللهِ -تعالى- فقالَ عَنْترة: يَاْ عَبْلُ أَيْنَ مِنَ الـمَنِيَّةِ مَهْرَبِي ... إِنْ كَانَ رَبِّي في السَّمَاءِ قَضَاهَا |
↑3 | تضمَّن مذهب القدريَّة تعجيزَ الرَّبَّ عزَّ وجلَّ - الشيخ: المشركون فقالوا: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا [الأنعام:148] المشركون يُثْبِتُونَ المشيئةَ لله، يُثْبِتُونَ تَعَلُّقَهَا بأفعالـِهِم لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ [الزخرف:20] قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ [يس:47] لكنَّهُم ضلُّوا بمُعارضةِ الشَّرعِ بالقَدَرِ واحتجاجِهم بالقَدَرِ على ردِّ الشَّرعِ والأمرِ، الأمرُ الشرعيُّ. فالمشركون خيرٌ من القدريَّةِ من وَجْهٍ، مذهبُهم يتضمَّنُ تعجيزَ الرَّبِّ، تعجيزَ، هذا هو المعنى الذي أشارَ إليه، وهو أنه أرادَ أنْ لا يُعصَى فعُصِيَ، إذن معصيةُ من عَصاهُ هذا قَهْرٌ عليهِ ليسَ بمشيئتِهِ، إذن فهو قَهرٌ. على مذهبِهِم أنَّه -تعالى- لا يَقدرُ أنْ يَجعلَ العاصي مطيعاً أو الكافرَ مؤمناً بل ولا يجعلَ المؤمنَ كافراً أو المطيعَ عاصياً، هذا مضمونِ قولِهم، بإخراجِ أفعالِ العبادِ عن قدرةِ اللهِ ومشيئتِه، فمذهبُهم يتضمَّنُ تعجيزَهُ -سبحانه وتعالى- نسبةَ العجزِ إليه، وأنَّ ما يحدثُ من الكفر والمعاصي كلُّ ذلكَ قَهراً على اللهِ، وهو -تعالى-غيرُ قادرٍ على أنْ يجعلَ العبادَ على خلافِ ذلكَ، وأَكْذَبَهُمُ اللهُ بقولِهِ: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا [يونس:99] - القارئ: الدليلُ الثامنُ: أنَّهُ لو كانتِ المعصيةُ بغيرِ إرادتِهِ لَلَحِقَهُ الضَّعفُ والعَجْزُ والوَهَنُ والقُصورُ عن بلوغِ مرادِهِ واللهُ تعالى عَنْ ذلكَ عُلُوَّاً كبيراً واحتجَّ المخالِفُ بقولِه -تعالى-: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ[النساء:79] - الشيخ: واحتجَّ المخالِفُ أَيْ: القَدَرِيُّ - القارئ: وقالَ قبلَ ذلكَ أحسنَ اللهُ إليك، في أولِ فصلٍ: وقالتِ المعتزلةُ القدريةُ والرافضةُ الخيرُ مِن اللهِ والشَّرُّ مِن إبليسَ - الشيخ: الرافضةُ تَبَع المعتزلة. - القارئ: واحتجَّ المخالِفُ بقولِه -تعالى-: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ والجوابُ على الآيةِ مِن وجوهٍ كثيرةٍ نذكرُ بعضَها: الاول منها: أنَّ الآيةَ حجةٌ على المخالِفِ؛ لأنَّهُ قالَ: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ فلو كانَ الشرُّ مِن العبدِ لكانَ قَدْ قالَ: "وَمَا أَصَبْتَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ" لأنَّ العربَ تقولُ: أصبْتُ نفسي وأصابَني غيريْ، فلمَّا قالَ: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ دلَّ على أنَّ المُصيبَ لَهُ غيرُهُ |
↑4 | بيانُ أنَّ "السَّيّئة" هي المصيبة في قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ} - الشيخ: هذه فيها كلامٌ للمفسرين وخلافٌ، ما المصيبة السيئة؟ هلْ هي سيئةُ الجزاءِ مما يصيبُ الإنسانَ من مكروهٍ من مرضٍ وموتٍ ونقصٍ؟ أم المرادُ بالسيئةِ المعصية؟ والأظهرُ هو الأولُ أنَّها المصائبُ الجزائيةُ القدرية المصائب التي ويَظهرُ أنَّهم المعتزلةَ فَسَّروها بالمعصيةِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ {مِن سَيِّئَةٍ} مِنْ معصيةٍ، لكن الأظهرُ أنها كقوله -تعالى-: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30] بسببِ، وهذا هو الجوابُ عن الآية، أنَّ المعنى وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فبسببِ ذنبِكَ، بسببِ نفسِكَ. وقد تكونُ بعضُ الذنوبِ هي نفسُها عقوبةً على ذنوبٍ سابقةٍ كقولِهِ-تعالى-: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5] - القارئ: أنَّ الآيةَ حجةٌ على المخالِفِ؛ لأنَّهُ قالَ: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ فلو كانَ الشرُّ مِن العبدِ لكانَ قَدْ قالَ: "وَمَا أَصَبْتَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ"؛ لأنَّ العربَ تقولُ: أصبْتُ نفسي وأصابَني غيريْ، فلمَّا قالَ: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ دلَّ على أنَّ المُصيبَ لَهُ غيرُهُ الثاني: وهو أنَّ مَّا أصابَكَ في الآيةِ - الشيخ: القدريَّةُ لا يقولونَ: إنَّ ما يصيبُ الإنسانَ مِن عِلَلٍ وأمراضٍ ونقصٍ في الأموالِ والأنفسِ أنَّ هذا مِنْ نفسِ العبدِ وأنَّهُ هو الفاعلُ لذلكَ، لا. هم يقولونَ: أنَّ هذا بفعلِ اللهِ -سبحانه وتعالى- عقوبةً له على سيئتِه، عقوبةً له على سيئتِهِ. - القارئ: الثاني: وهو أنَّ {مَّا أصابَكَ} في الآيةِ لَهُ إضمارٌ وتقديرٌ، فتقديرُ الآيةِ مِنْ حسنةٍ فَمِنَ اللهِ ومَا أصابَكَ مِنْ سيئةٍ يقولُ الكفارُ: فَمِنْ نفسِكَ يا محمَّد، والذي يَدلُّ على صحةِ هذا التأويلِ هو أنَّ الكفارَ - الشيخ: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ يعني جاءَتْ بعدَ قولِهم. هذا جوابٌ ضعيفٌ؛ لأنَّهُ الآية انتهى هذا المعنى بقولِه -سبحانه وتعالى-: أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ [النساء:78] هذا انتهى حكايةُ قولِ الكفارِ في هذه الآيةِ، والآيةُ التي بعدَها آيةُ بيانٍ لمصدرِ الخيرُ والشرُّ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النساء:79] هو الـْمَانُّ بِها وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ [النساء:79] مِن مصيبةٍ من المصائبِ فبسببِ ذنبِكَ فَمِن نَّفْسِكَ [النساء:79] على حَدِّ الآيةِ الأخرى وَمَا أَصَابَكَ - القارئ: والذي يدلُّ على صحةِ هذا التأويلِ هو أنَّ الكفارَ كانوا يقولونَ: مَا أصابَنَا مِن رُخصٍ وغَيْثٍ فَمِنَ اللهِ، ومَا أصَابَنَا مِنْ جَدْبٍ وغَلاءٍ وقَحْطٌ فَبِذَنْبِ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ اللهُ -تعالى- رادًّا عليهم: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا[النساء:79] وجوابٌ ثالثٌ وهو أنْ نقولَ: همزةُ الاستفهامِ مُقدَّرةٌ - الشيخ: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ أمِن نَّفْسِكَ؟ كأنه يقول، كذا يقول؟ - القارئ: نعم، فتقديرُ الآية: أَفَمِنْ نَفْسِكَ يا محمدُ، فيكونُ ذلكَ توبيخًا وتَقْرِيعَاً لهم بذلكَ. - الشيخ: كلُّها أقول: جواباتٌ ما هي بقوية، وما هي بظاهرة. - القارئ: واحتجَّ المخالفُ بقوله -تعالى-: فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ[القصص:15] ومعلومٌ أنَّ ما صَدَرَ مِن موسى ما كانَ إلا قَتْلاً، والقَتْلُ قبيحٌ، وكلُّ قبيحٍ شَرٌّ، فيكونُ هذا شرًّا فأضافَهُ إلى الشيطانِ، وهذا دليلٌ على أنَّ الشَّرَّ مِن الشيطانِ، وإلا لكانتِ الإضافةُ غيرَ صحيحةٍ وأنَّه صحيحٌ. - الشيخ: انتهى. - القارئ: والجواب هو - الشيخ: يبي [يريد] الجواب، لا، نكتفي بهذا، خله [اتركه]، لا حول ولا قوة إلا بالله. |
↑5 | اختلاف إضافة أعمال العباد فوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى أعمالُ العباد تُضافُ إليهمْ؛ لأنَّها قائمةٌ بهم. وتُضافُ إلى النَّفسِ؛ لأنَّها الدَّاعيةُ، النفسِ الأمَّارةُ بالسُّوءِ. وتُضافُ للشيطانِ؛ لأنَّهُ الدَّاعي إليها. فلكلِّ مقامٍ مقالٌ، وكلُّ إضافةٍ يُراعَى فيها المعنى المناسِب للمُضَاف إليه. إذا رأيتَ عاصياً تقولُ: هذا مِن الشيطانِ، تُبْ إلى اللهِ، هذا من الشيطان، يعني: الداعي لكَ إلى هذا العملِ هو الشيطانُ، وتضيف هنا تقولُ: هذا عملٌ قبيحٌ، ما يليقُ أنْ تعمل هذا العمل. وتُضافُ أعمالُ العبادِ إلى اللهِ مِن حيثُ أنَّها واقعةٌ بمشيئتِه -سبحانه وتعالى- ولكنَّها إذا أُضيفتْ تُضافُ إليه إمَّا بالأسلوبِ العامِّ أو بطريقةِ البناءِ للمفعولِ، كما قالت الجِنَّةُ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا * وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ {أَشَرٌّ أُرِيدَ} ولم يقل: وأراد الله، أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا [الجن:9-10] أو بصيغةِ العموم اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ هذا عامٌّ . |