الرئيسية/شروحات الكتب/التبصرة في أصول الدين/(10) قوله “الإيمان قول وعمل ونية، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(10) قوله “الإيمان قول وعمل ونية، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: العاشر

***    ***    ***    ***
 

عقيدةُ أهل السُّنَّة في الإيمان [1] مذهبُ المعتزلة والأشعريَّة في الإيمان [2] مذهبُ الجهميَّة في الإيمان [3] مذهبُ مرجئة الفقهاء في الإيمان [4]

 
 [1] عقيدةُ أهل السُّنَّة في الإيمان

– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ: قالَ الشيخُ أبو الفرجِ الشِّيرازيّ رحمَه اللهُ تعالى في كتابِهِ "التبصرةُ في أصولِ الدِّين" قالَ رحمَه اللهُ تعالى:
فصلٌ: أنَّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ ونيةٌ، يزيدُ بالطاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ.

– الشيخ: هذا أصلٌ مِن أصولِ اعتقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ الذي خالَفُوا فيهِ الـمُرجِئَة، خالَفُوا فيهِ مُرجِئَةَ الفقهاءِ، وخالفوا فيه الـمُرجِئَةَ الغُلَاةَ. فالإيمانُ: قولٌ وعملٌ، اعتقادٌ بالقلبِ، وإقرارٌ باللسانِ، وعَمَلٌ فيه [يوجد] ظاهرٌ وباطنٌ، عملُ القلبِ، وعملُ الجوارحِ، والنيةُ مِن عملِ القلبِ. النيةُ مِن عملِ القلبِ، فكأنَّهُ أشارَ لعملِ القلبِ بقولِهِ: "ونيةٌ"، يعني مَنْ قال: "نية" يُشيرُ بها إلى عملِ القلبِ، فالنيةُ هي الإرادةُ، وهِي مِن عملِ القلبِ.
فالإيمانُ عندَ أهلِ السُّنَّة يشملُ هذا كلَّهُ: اعتقادُ القلبِ، وعملُ القلبِ، وعملُ الجوارحِ، وإقرارُ اللسانِ، وعملُ اللسانِ.
 
[2] مذهبُ المعتزلة والأشعريَّة في الإيمان
– القارئ: وقالتِ المعتزلةُ والأشعريةُ: هو الاعتقادُ بالقلبِ، ولو أنَّ رجلاً
– الشيخ: ما أدري! أمَّا الأشعريةُ فمِنَ المعروفِ أنَّ الإيمانَ عندَهُم -كما ذكروا- هو: "التَّصديقُ"، أمَّا المعتزلةُ فعندَهم مبالغةٌ في أمرِ الإيمانِ، يعني: العاصي بتركِ واجبٍ، أو فعلِ كبيرةٍ، يكونُ في منزلةٍ بينَ منزلتينِ، فنِسْبةُ هذا للمعتزلةِ ما أعرفُهُ ولا..، المعروفُ أنَّ هذا قولُ الـمُرجِئَةِ: أنَّهُ اعتقادٌ -وهو التصديق-، يقولونَ: الإيمانُ: هو التصديقُ، والأشاعرةُ هم مِن أهلِ هذا.

[3]  مذهبُ الجهميّة في الإيمان
– القارئ: وقالتِ المعتزلةُ والأشعريةُ: هو الاعتقادُ بالقلبِ، ولو أنَّ رجلاً إذا اعتقدَ الإيمانَ بقلبِهِ، وكفرَ بلسانِهِ، ووحَّدَ بقلبِهِ، وتَركَ الفرائضَ كلَّهَا، وارتكبَ الكبائرَ كلَّهَا إلى حينِ وفاتِهِ، فهو عندَهُم مؤمنٌ كاملُ الإيمانِ.
– الشيخ: هذا المعروفُ أنَّ هذا مذهبُ الجهميةِ، الجَهْم بنُ صفوانٍ، غُلَاةُ الـمُرجِئَةِ، لا الـمُعتزلةُ، ولا الأشاعرةُ، هذا القولُ المشهورُ عَن الجَهْمِ بنُ صفوانٍ وشِيْعَتِهِ.

[4] مذهبُ مرجئة الفقهاء في الإيمان
– القارئ: واختلفتِ الـمُرْجِئَةُ في ذلكَ
– الشيخ: الله أكبر
– القارئ: فمنهمْ مَنْ قالَ مثلَ الأشاعرةِ والمعتزلةِ، ومنهمْ مَنْ قالَ: "الإيمانُ قولٌ بلا عملٍ، والأعمالُ شرائعٌ".
– الشيخ: يعني: إنْ كانَ يريدُ مرجئةَ الفقهاءِ فعندَهم: أنَّ الإيمانَ: هو التصديقُ، اسمُ الإيمانِ يختَصُّ بالتصديقِ، مع وجوبِ الواجباتِ، وتحريمِ المحرماتِ، ولكن اسمَ الإيمانِ يختصُّ بعقيدةِ القلبِ، أو بتصديقِ القلبِ، بتصديقِ القلبِ.
والحقُّ أنَّ اسمَ الإيمانِ شاملٌ لجميعِ مسائلِ الدِّينِ العِلْميةِ الاعتقاديةِ، والعَمَليةِ، على حَدِّ قوله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
(الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً).
 

– القارئ: دليلُنَا قولُهُ تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ[البقرة:143]
– الشيخ: [….] الصلاةَ إيمان.
– القارئ: جاءَ في التفسيرِ: أنَّ المرادَ بِهِ صلاتُكم إلى بيتِ المقدسِ، فَسَمَّى الصلاةَ إيماناً.
دليلٌ ثانٍ: ما رُويَ عَن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أنَّهُ سُئِلَ عن الإيمانِ، فقرأَ هذهِ الآيةَ: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ إلى آخرِ الآية [البقرة:177] وفيها أفعالٌ وأقوالٌ واعتقادٌ.

– الشيخ: لا إله إلا الله، الحقيقةُ: الآيةُ فيها تفسيرُ البِرِّ بأقوالٍ وأعمالٍ واعتقادٍ، أمَّا الإيمانُ فخَصَّهُ بالخمسةِ، بالأصولِ الخمسةِ، الإيمانُ خصَّهُ بالأصولِ الخمسةِ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} ثم قال: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ [البقرة:177]
 
– القارئ:
دليلٌ ثالثٌ: ما رُويَ عَن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أنَّه سُئِلَ عنِ الإيمانِ فقالَ: (الإيمانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ بَيْتَ اللهِ الحرامِ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)
– الشيخ: أيش هذا الكلام هذا؟ ما في تعليقٍ عندك؟
– القارئ: يقول: أخرجَهُ مسلمٌ
– الشيخ: أخرجَهُ مسلمٌ بهذا اللفظِ كذا! يعني: جمعَ بينَ جوابِ النبيِّ عن الإيمانِ والإسلامِ، شوف يقول أيش؟ وما رُويَ أنَّ النبي سُئِلَ عَن الإيمانِ؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: ففسَّرهُ بالجميعِ عندك؟
– القارئ: صحيح
– الشيخ: ما أظنُّ، المعروفُ حديثُ ابنِ عمرَ، حديثُ عمر تفصيلٌ، سألَهُ عَن الإسلامِ فأجابَ، فسألَهُ عَن الإيمانِ فأجابَ.
صحيحٌ في حديثِ وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ قالَ: (أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ؟ .. شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ .. وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُؤدُّوا الخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ) ففسَّرَهُ في حديثِ وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ فسَّرهُ بأعمالٍ مِن الأعمالِ الظاهرةِ، وبالشهادتينِ، لكن هذا في حالِ الإفرادِ، أمَّا عندما سُئِلَ عنهما، فَرَّقَ، فَسَّرَ الإيمانَ بأشياءَ ظاهرة، وفَسَّرَ الإيمانَ بأمورٍ باطنةٍ.

– القارئ: دليلٌ رابعٌ: ما رُويَ عَن عليّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهُ عَن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ قالَ: (الإيمانُ قولٌ باللسانِ، وعملٌ بالأركانِ، ونيةٌ بالجَنانِ، يزيدُ بالطاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ).
– الشيخ: أيش قال عليهِ؟ في [يوجد] تعليق؟
– القارئ: حديثٌ موضوعٌ
– الشيخ: موضوع
– القارئ: أخرجَهُ ابنُ ماجةَ وغيرُهُ
– الشيخ: سبحان الله!
– القارئ: وفي حديثٍ آخرَ: (الإيمانٌ قولٌ مَقُولٌ، وعملٌ مَعْمُولٌ، وعِرفانٌ بالعقولِ، يزيدُ بالطاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ).
– الشيخ: هذا جعلَهُ حديث بعد؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: غفرَ اللهُ لَهُ، كأن ما لَهُ عنايةٌ بالحديثِ!
– القارئ: دليلٌ خامسٌ: أنَّ أبا بكرٍ الصديق رضيَ اللهُ عنهُ استباحَ قَتْلَ مانعِي الزكاةِ وسَبْيَهُم، وأجمعَتِ الصحابةُ على ذلكَ، فلو كانَ الإيمانُ قولاً بلا عملٍ -كما قالَتِ المُرجئةُ-، أو اعتقاداً -كمَا قالَتِ الأشعريةُ والمُعتزلةُ- لَمَا جازَ لهمْ قَتْلُهُم وقِتَالُهُم.
دليلٌ سادسٌ: هو أنَّهُ لو كانَ الإيمانُ اعتقاداً مِن غيرِ قولٍ ولا عملٍ -كما قالَتِ الأشعريةُ والمعتزلةُ-، أو قولاً بلا عملٍ -كما قالَتِ المرجئةُ- لاسْتَوتْ فيهِ منزلةُ الطائعِ والعاصِي، وإيمانِ الأنبياءِ وغيرِهم مِن العُصاةِ، واللهُ عَزَّ وجلَّ نَفَى المساواةَ بينهما بقولِهِ تعالى: أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ [السجدة:18]
فإنِ احتجَّ المُخالِفُ

– الشيخ: إلى هنا بس [يكفي]، حسبُكَ .
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله