الرئيسية/شروحات الكتب/التبصرة في أصول الدين/(14) قوله “ومن أتى بأفعال الإيمان من القول والعمل والنية”

(14) قوله “ومن أتى بأفعال الإيمان من القول والعمل والنية”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: الرّابع عشر

***    ***    ***    ***
 

- أهلُ السُّنَّة والجماعة لا يُكفّرون بكلِّ معصية [1] - الأشعريَّة مرجئةٌ في الإيمان [2] - مِن علامات الحديث الموضوع [3] - إذا كانَت الذّنوب الصَّغائر مُكفَّرةً لا ينقصُ بها الإيمانُ [4] - الفسقُ أكبر وأصغر [5]

 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارك على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ: قالَ أبو الفرجِ الشِّيرازيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ"، قالَ رحمَهُ اللهُ:
فصلٌ
ومَن أتى بأفعالِ الإيمانِ مِن القولِ والعملِ والنِّيَّةِ إلَّا أنَّهُ تركَ النَّوافلَ ويرتكبُ المُنكَراتِ والمُحرَّماتِ فإنَّهُ يُسمَّى مؤمناً ناقصَ الإيمانِ، ولا نسلبُ منهُ اسمَ الإيمانِ، بل نقولُ: مؤمنٌ بإيمانِهِ، فاسقٌ بكبيرتِهِ

  أهلُ السُّنَّة والجماعة لا يُكفّرون بكلِّ معصية

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 - الشيخ: هذا هو القولُ الفصلُ، الَّذي هو وسطٌ بينَ قولِ المرجئةِ وقولِ الوعيديَّةِ من الخوارج والمعتزلةِ، من أتى بإيمانِ القلبِ ونطقَ بالشَّهادةِ فهو مؤمنٌ، وإن فرَّطَ في نوافلِ الطاعات وإنْ ارتكبَ معاصياً، فالمعاصي لا يخرجُ بها المؤمنُ من الإيمانِ لكن ينقصُ إيمانُه، ينقصُ إيمانُه، فلا يُسوَّى هذا بالمؤمنِ كاملِ الإيمانِ المذكور في مثلِ قوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2]
 ولا يُسوَّى بالكافرِ، والعياذُ بالله، أخوَّةُ الإيمانِ ثابتةٌ، مؤمنٌ هو أخونا في الله، القاتلُ القاتلُ المرتكِبُ لجريمة القتلِ سمَّاه اللهُ أخاً، فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ [البقرة:178] وقالَ في الطَّائفتين كذلك: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10] فهذه الجملةُ حقٌّ لكنَّه
مؤمنٌ ناقصُ الإيمانِ، مؤمنٌ بإيمانِهِ، فاسقٌ بكبيرتِهِ.
- القارئ: وقالَتِ المعتزلةُ: لا يكونُ مؤمناً ولا كافراً
- الشيخ: المنزلةُ بينَ المنزلتَينِ
 
2   الأشعريَّة مرجئةٌ في الإيمان
- القارئ: ولكنْ نقولُ: إنَّهُ فاسقٌ، وقالَتِ الأشعريَّةُ: هوَ كاملُ الإيمانِ
- الشيخ: الأشعريَّةُ مرجئةٌ
- القارئ: وقالَتِ الخوارجُ
- الشيخ: لأنَّ الإيمانَ عندَهم التَّصديقُ، خلاص يصدّق هو مؤمنٌ، والإيمانُ لا يزيدُ ولا ينقصُ، خلاص ما دامَ أنَّه مصدِّقٌ بقلبِه، نعم وقالَتْ..
- القارئ: وقالَتِ الأشعريَّةُ: هوَ كاملُ الإيمانِ، وقالَتِ الخوارجُ: ليسَ بمؤمنٍ بل هوَ كافرٌ.
دليلُنا ما رُوِيَ عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أنَّهُ قالَ:
(الْإِيمَانُ قَوْلٌ مَقُولٌ وَعَمَلٌ مَعْمُولٌ وَعِرْفَانٌ بالعقولِ يزيدُ بالطَّاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ)
- الشيخ: ما قاله الرسولُ، أقولُ: ما قاله الرسولُ، وش عندك فيه؟
- القارئ: أحسنَ اللهُ إليكَ، هذا مرَّ بينَ
- الشيخ: ...
- القارئ: يقولُ المحقِّقُ: لم أقفْ عليهِ لكنَّهُ وردَ مِن قولِ عليٍّ
- الشيخ: خله عليّ، لكن
- القارئ: أقولُ: الشَّأنُ حتَّى في الثُّبوتِ عن عليٍّ؛ لأنَّهُ في بعضِ الأجزاءِ الحديثيَّةِ
- الشيخ: يعني أهون، نسبتُه لعليٍّ أمرُه أسهلُ
- القارئ: فأثبتَ لهم الإيمانَ معَ معصيتِهم بقولِهِ: "وعرفانٌ بالعقولِ"
دليلٌ ثانٍ
 
3   مِن علامات الحديث الموضوع
- الشيخ: سبحانَ اللهِ، عجيبٌ أمرُ بعضِ... أقولُ: بعضُ النَّاسِ في روايةِ بعضِ الأحاديثِ، هذا متنُه ما.. يُنبي عن ليس هو من نوع ألفاظ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-
- القارئ: دليلٌ ثانٍ أنْ نقولَ: لو جازَ أنْ يخرجَ بفعلِ كبيرةٍ مِن الإيمانِ لجازَ أنْ يخرجَ منهُ بفعلِ صغيرةٍ؛ لأنَّهُ بإتيانِهِ يصيرُ ظالماً لنفسِهِ، وما يخرجُ بصغيرةٍ فلا يخرجُ بالكبيرةِ
- الشيخ: لا إله إلَّا الله
- القارئ: قالَ المحقِّقُ: هكذا في الأصلِ، ولم أتبيَّنْ وجهَهُ.
دليلٌ ثالثٌ: هوَ أنَّهُ لو خرجَ بفسقِهِ مِن الإيمانِ لم يجزْ لهُ أنْ
 
4   إذا كانَت الذّنوب الصَّغائر مُكفَّرةً لا ينقصُ بها الإيمانُ
- الشيخ: ولاسيما عندَ من يقولُ: إنَّ الذُّنوبَ كلُّها كبائرٌ؛ لأنَّها فيها جرأةٌ على الله ومخالفةٌ لأمره، هذا قدرٌ مشتركٌ بين الذنوبِ، فالعاصي المتعمِّد لمخالفةِ الأمرِ يعني: عاصٍ، فلابدَّ أن ينقصَ بها إيمانُه، ولكن السَّيِّئات الصغائر مع فعلِ الفرائضِ واجتنابِ الكبائرِ تقعُ مكفّرةً، إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ [النساء:31] وإذا كانَت مُكفَّرةً فلا ينقصُ بها الإيمانُ.
 

- القارئ: دليلٌ ثالثٌ: هوَ أنَّهُ لو خرجَ بفسقِهِ مِن الإيمانِ لم يجزْ لهُ أنْ يتزوَّجَ بمؤمنةٍ، ووجبَ أنْ يفسخَ نكاحَهُ ما لم يدخلْ بها أو كانَ مدخولاً بها في الحالِ، والاتِّفاقُ على بطلانِ ذلكَ دليلٌ على أنَّهُ لم يخرجْ مِن الإيمانِ، والدَّلالةُ على أنَّهُ يكونُ ناقصَ الإيمانِ
- الشيخ: ما ندري واللهِ، الخوارجُ يمكن أنَّهم يفرِّعون على مذهبِهم
- القارئ: قولُهُ تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ[الجاثية:21]
- الشيخ: هذا ردٌّ على من؟ المرجئة
 
5   الفسقُ أكبر وأصغر
- القارئ: دليلٌ ثانٍ: قولُهُ تعالى: أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ[السجدة:18]
- الشيخ: هذا في الحقيقةِ الفسقُ المذكورُ في هذه الآيةِ هو الفسقُ الأكبرُ هو الكفرُ، ظاهر؟
- القارئ: نعم، أحسنَ اللهُ إليك
- الشيخ: لقولِهِ تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا.. [السجدة:20] فالفسقُ هنا ليسَ هو الفسقُ الَّذي هو نقصٌ في الإيمان، فالاستشهادُ بالآيةِ ليس بجيِّدٍ
- القارئ: دليلٌ ثالثٌ: ما تقدَّمَ مِن الخبرِ
- الشيخ: خبر وش هو؟ عقلٌ معقولٌ؟
- القارئ: نعم
دليلٌ رابعٌ لا خلافَ أنَّ كلَّ مَن تركَ الطَّاعاتِ وارتكبَ المنهيَّاتِ لا يُسمَّى كاملَ الإيمانِ

- الشيخ: صحَّ، لا يُسمَّى كاملَ الإيمان، هم يسمّونه كاملَ الإيمانِ، المرجئةُ
- القارئ: واحتجَّ المخالفُ بما رُوِيَ عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أنَّهُ قالَ: (لا يزني الزَّاني حينَ يزني وهوَ مُؤمِنٌ، ولا يسرقُ السَّارقُ حينَ يسرقُ وهوَ مُؤمِنٌ، ولا يشربُ الخمرَ حينَ يشربُ وهوَ مُؤمِنٌ)
- الشيخ: هذا من أدلَّة من؟ المعتزلة
- القارئ: والجوابُ عنهُ مِن وجهَينِ:
أحدُهما أنَّا نحملُ ذلكَ عليهِ إذا فعلَهُ مُستحِلَّاً لهُ

- الشيخ: لا ما هو بصحيحٍ
- القارئ: وجوابٌ ثانٍ: وهوَ أنَّ معناهُ لا يزني الزَّاني حينَ يزني وهوَ مؤمنٌ، يعني: كاملَ الإيمانِ، واحتجَّ المخالفُ –أيضاً- بقولِهِ بأنَّ المؤمنَ يستحقُّ المدحَ والثَّوابَ، وأنَّ الفاسقَ يستحقُّ الذَّمَّ والعذابَ، فكيفَ يصحُّ اجتماعُهما في محلٍّ واحدٍ؟
والجوابُ: أنَّهُ لا يصحُّ اجتماعُهما على فعلٍ واحدٍ، وأمَّا فعلَينِ مختلفَينِ فقد يصحُّ الاجتماعُ.
وجوابٌ آخرُ: وهوَ أنَّهُ في حالِ كونِهِ عاصياً لا يكونُ منعَّماً مثاباً، وفي حالِ كونِهِ منعَّماً مثاباً لا يتطرَّقُ إليهِ العذابُ ولا العقابُ؛ لأنَّهُ يُعذَّبُ في النَّارِ على قدرِ ذنوبِهِ ويخرجُ إلى الجنَّةِ

- الشيخ: نسألُ اللهَ العافيةَ، نسأل اللهَ العافيةَ
- القارئ: انتهى أحسنَ اللهُ إليكَ
- الشيخ: جزاك اللهُ خيراً، وش بعده؟ فصلٌ، قل
- القارئ: فصلٌ في الاستثناءِ في الإيمانِ، أحسنَ اللهُ إليكَ
- الشيخ: أي طيِّب جزاكَ اللهُ خيراً، نعم يا محمَّد
- القارئ: مناقشةُ المُؤلِّفِ أحسنَ اللهُ إليكَ لهذه المسألة
- الشيخ: وش [ماذا] فيها؟
- القارئ: كأنَّ في شيء مِن الضَّعفِ
- الشيخ: أي
- القارئ: الظَّاهرُ
- الشيخ: أقولُ: واضحٌ، ما هو يعني، يكفيك أقولُ يكفيك استشهادُه.
 
info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله