الرئيسية/شروحات الكتب/التبصرة في أصول الدين/(15) قوله “ويجب على العبد أذا قال أنا مؤمن أن يقول أنا مؤمن ان شاء الله تعالى”

(15) قوله “ويجب على العبد أذا قال أنا مؤمن أن يقول أنا مؤمن ان شاء الله تعالى”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: الخامس عشر

***    ***    ***    ***
 

- السَّببُ الأوّل في الاستثناء في الإيمان: هو البراءة مِن تزكية النَّفس [1] - لا تصحُّ نسبةُ تكفير غير المستثنى في الإيمان للإمام أحمد [2] - السَّببُ الثَّاني في الاستثناء في الإيمان هو الخوف مِن الخاتمة [3]

 
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلى الله وسلم وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ؛ قالَ أبو الفرجِ الشيرازيُّ رحمه الله تعالى في كتابِه: "التبصرةُ في أصول الدين" قالَ رحمَه اللهُ تعالى:
فصلٌ:
ويجبُ على العبدِ إذا قالَ: "أنا مؤمنٌ" أنْ يقولَ: "أنا مؤمنٌ إن شاء الله تعالى"

  السببُ الأوّل في الاستثناء في الإيمان: هو البراءة مِن تزكية النَّفس 

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 - الشيخ: هذه مسألةُ الاستثناء في الإيمان، الاستثناءُ في الإيمان ليسَ شَكَّاً إذا قلتَ: "أنا مؤمنٌ إنْ شاء الله"، هذا ما هو شكّ، هذا للبراءةِ مِن تزكيةِ النَّفْسِ ودعوى الكمالِ في الإيمانِ، وأنَّه مِن عِدَادِ المؤمنين الذينَ قال الله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2] لكن إذا قيلَ له أأنتَ مؤمن؟ قالَ: "نعم، أنا مؤمنٌ باللهِ ورسولِه"، أو يقول: "أنا مؤمنٌ إن شاء الله".
والذين عندَهم أنَّ الإيمانَ مجرَّدُ التصديقِ يقولون: "إنَّ الاستثناء في الإيمانِ هذا شكٌّ". ما هو شك. الله المستعان.
 

- القارئ: وكذلكَ جميعُ أفعالِ الإيمانِ، ولا يجوزُ أنْ يقولَ: "أنا مؤمنٌ حقًّا"، وقالَ المخالفونَ: يجوزُ أنْ يقولَ "أنا مؤمن حقًّا".
لنَا قولُه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ[الفتح:27] ولمْ يكنْ ذلكَ الاستثناءُ شَكَّاً في الوعدِ، وإنَّما تحقيقاً لَه.
دليلٌ ثانٍ: ما رُوِيَ عَن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أنَّه مَرَّ ببقيعِ الغَرْقَدِ فقالَ عليه الصلاة والسلام:
(السلامُ عليكم دارَ قومٍ مؤمنينَ وإنا إنْ شاءَ اللهُ بكم عَنْ قريبٍ لاحقونَ)
- الشيخ: والله "عن قريب" هذي ما أدري أيش ذي! عن قريب وش [ما] قال عليها؟
- القارئ: يقولُ: أخرجَهُ مسلمٌ مِن دونِ قولِه: "عَن قريبٍ"
- الشيخ: بس، هذي هي، مِن أين جابها [أحضرها]؟ ما نسبَها لأحدٍ؟
- القارئ: لا، ما نسبَها لأحدٍ
- الشيخ: إي "عن قريب"!
- القارئ: ولم يَشُكَّ عليهِ الصلاة والسلام في أنَّه ميتٌ فدلَّ على أنَّ الاستثناءَ ليسَ بشكٍّ.
دليلٌ ثالثٌ: إجماعُ الصحابةِ على ذلكَ، ورُوِيَ عَن الإمامِ أحمدَ رحمه الله أنَّه قالَ: "مَن زعمَ أنَّه مؤمنٌ فهو كافرٌ".

- الشيخ: ما أدري أيش هذا؟
 
2   لا تصحُّ نسبةُ تكفير غير المستثنى في الإيمان للإمام أحمد
- القارئ: قالَ المحقق -أحسنَ الله إليك-: لمْ أقفْ عليهِ عَن الإمامِ أحمدَ، وقدْ جاءَ عَن الإمامِ أحمدَ خلافُهُ، فقدْ أخرجَ الخلَّالُ في السُّنةِ عَن زيادِ بنِ أيوبَ قالَ: سمعتُ أحمدَ بنَ حنبلٍ يقولُ: "لا يُعْجِبُنَا أنَّ نقولَ: "مؤمنٌ حقاً" ولا نُكَفِّرُ مَنْ قالَهُ".
- الشيخ: إي، إذا قالَ: "فهو كافر" أقول: لا وجهَ لها، "مَن قالَ: أنا مؤمن فهو كافر"!؟ يؤكِّدُ أنه مؤمنٌ، نقول له: "لا، أنت كافر؟" لا، كلامٌ لا يثبتُ عَن الإمامِ أحمد.
 

- القارئ: وقيلَ لابنِ مسعودٍ رضيَ الله عنه: إنَّ فلاناً يقولُ: "أنا مؤمنٌ حقًّا"، فقالَ: اسألوهُ أَفِي الجنةِ هو أمْ في النارِ؟ فسألوهُ فقالَ: اللهُ أعلمُ. فقالَ: هلَّا وكَلْتَ الأولى كما وكَلْتَ الآخرةَ.
دليلٌ رابعٌ: هو أنَّ خاتمةَ العبدِ مُغَيَّبَةٌ عنْه، فكيفَ يجوزُ أنْ يُقطعَ بما هو مُغيَّبٌ عنه؟ فلهذا قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ: (إنَّ العبدَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حتى لا يَبْقَى بينَهُ وبينَ الجنةِ إلا شِبراً أو ذِراعاً، ثمَّ يسبقُ عليهِ الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ النارِ فيدخلَ النارُ، وإنَّ العبدَ ليعملُ عملَ أهلِ النارِ حتى لا يبقى بينَهُ وبينَ النارِ إلا شبراً أو ذراعاً، ثمَّ يسبِقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ فيدخلَ الجنةَ) فإنَّ قيلَ فقد تحققَ بإتيانِ الإيمانِ فكيفَ يجوزُ أنْ يَستثني؟ والجوابُ:
هو أنَّا قدْ بَيَّنَا أنَّ الاستثناءَ لا يَنفي التَّحقُّقَ، وإنَّما هي تَرَجٍّ وتَذَلُّلٍ إلى اللهِ تعالى، والاستثناءُ لمْ يَقَعْ بِشَكٍّ في الفعلِ وإنَّما وقعَ خَوفاً مِن الخاتمةِ وخوفاً مِن القبولِ.
3 السَّببُ الثَّاني في الاستثناء في الإيمان هو الخوف مِن الخاتمة
- الشيخ: هذا أحدُ الوجهينِ: أنَّ الاستثناء منظورٌ فيهِ إلى الخاتمة.
والوجهُ الثاني: أنَّه منظورٌ فيهِ إلى تزكيةِ النَّفْسِ ودعوى الكمالِ.
كلٌّ مِن الوجهينِ يقتضي الاستثناء، والغالبُ هو الثاني ما هو..، لأنَّ الذي يقولُ: "أنا مؤمنٌ" ما يريد يقول: "أنا أموتُ على الإيمان"، يقول: "أنا مؤمن" يعني: يُخبِرُ عَن حالِه الحاضرة هذا هو المفهوم في كلامِ الناسِ، يتكلَّمَ عَن نفسِه الحاضرة، ما هو بيتكلَّم عَن مستقبلِه، ولَّا يقول: "أنا أموتُ على الإيمانِ"، يقول: "أنا مؤمن" بس، لستُ بكافرٍ ولله الحمد، لكن للبعد عَن الدَّعوى يقولُ: "إن شاء الله". الآن بعض المسلمين تقول: "أنتَ صليت؟" يقولُ: "إنَّ شاء الله"، يعني توسَّعوا فيها؛ التفاتاً إلى جانبِ الكمالِ والقبول.
 

- القارئ: والاستثناءُ لمْ يقعْ بشكٍّ في الفعلِ وإنَّما وقعَ خوفاً مِن الخاتمةِ وخوفاً مِن القبولِ.
- الشيخ: يعني "عدمِ القبولِ"، يعني: "عدم القبول"، عدم، ما يصير "خوفاً مِن القبولِ".
- القارئ: فإذا قالَ: "أنا مؤمنٌ إنْ شاءَ اللهُ" فيكونُ معناهُ: "إنْ قَبِلَ اللهُ تعالى إيماني وأمَاتَنِي عليهِ"، وكذلكَ قولُه: "صليتُ إنْ شاء الله تعالى" معناهُ: "إنْ قَبِلَ اللهُ صلاتي". وقولي: "أصلي إنْ شاءَ الله تعالى". يعني: "إنْ يسَّرَ اللهُ تعالى".
وقدْ قالَ الإمامُ أحمدَ رحمه الله: "الاستثناءُ ليسَ بشكٍّ، وليسَ بداخلٍ في الشَّكِّ، وإنما تَوَقُّعٌ وتَرَجِّي".
فإنْ قيلَ: كما جازَ أنْ يقولَ: "أنا حَيٌّ حقاً"، جازَ أنْ يقولَ: "أنا مؤمن حقًّا".
والجوابُ: أنَّه ليسَ للحياةِ وغيرِها عاقبةٌ مُغيَّبةٌ عنه فيَستثني لأجلِها، وليسَ كذلكَ في الإيمانِ فإنَّ لَه عاقبةً مُغيبةً عنه، وقَبولُ أفعالِه وموتِه على ذلك فلذلكَ جازَ الاستثناءُ.

- الشيخ: بعدَه.
- القارئ: انتهى، أحسنَ الله إليك.
فصلٌ: وأنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ مُنزَّلٌ غيرُ مخلوقٍ
وقدْ أفاضَ في هذا الفصلِ.

- الشيخ: أفاضَ، طوَّلَ؟
- القارئ: الفصل الثاني هذا؟
- الشيخ: إي.
- القارئ: إي، نعم.
- الشيخ: خلّه [اتركه]، إن شاء الله في القادم.
 
info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله