بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
شرح كتاب (الموطّأ – كتاب النّكاح) للإمام مالك
الدّرس: الأول
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أما بعد؛ قالَ في موطأ الإمام مالك:
كِتَابُ النِّكَاحِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخِطْبَةِ
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضيَ الله عنه- أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ).
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ).
قال يحيى: قَالَ مَالِكٌ: "وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا نُرَى، وَالله أَعْلَمُ، لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، فَتَرْكَنَ إِلَيْهِ. وَيَتَّفِقَانِ عَلَى صَدَاقٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ، وَقَدْ تَرَاضَيَا، فَهِيَ تَشْتَرِطُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهَا، فَتِلْكَ الَّتِي نَهَى أَنْ يَخْطُبَهَا الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ.
[1] ضابطُ النَّهي عن الخطبة والبيع على الغير هو: الركون
ومما يَشهد لهذا أنَّ فاطمةَ بنتَ قيسٍ ذكرَت للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنه خطبَها فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ ولم يُنكِرْ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- ذلكَ، يعني أخبرتْهُ تَسْتَشِيْرُهُ مَنْ تقبلُ مِن هؤلاءِ؟ فقالَ: (انْكَحِي أُسَامَة) .
– القارئ: وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ، إِذَا خَطَبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُوَافِقْهَا أَمْرُهُ، وَلَمْ تَرْكَنْ إِلَيْهِ، أَنْ لَا يَخْطُبَهَا أَحَدٌ، فَهَذَا بَابُ فَسَادٍ يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ»
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ولَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ[البقرة:235] أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ، وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا إِنَّكِ عَلَيَّ لَكَرِيمَةٌ وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ الله لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا وَرِزْقًا، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ"
– الشيخ: هذا تعريضٌ، هذا يجعلونَه أمثلة للتعريضِ، نعم بعده.
– القارئ: بَابُ اسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ وَالْأَيِّمِ فِي أَنْفُسِهِمَا
– طالب: … وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ
– الشيخ: والله هذه كأنَّها قوية
– القارئ: بَابُ اسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ وَالْأَيِّمِ فِي أَنْفُسِهِمَا
وحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا).
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَوِ السُّلْطَانِ"
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: "أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ الله كَانَا يُنْكِحَانِ بَنَاتِهِمَا الْأَبْكَارَ وَلَا يَسْتَأْمِرَانِهِنَّ" قَالَ مَالِكٌ: "وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي نِكَاحِ الْأَبْكَارِ"
– الشيخ: الله المستعان
– القارئ: قَالَ مَالِكٌ: "وَلَيْسَ لِلْبِكْرِ جَوَازٌ فِي مَالِهَا،
– الشيخ: يعني ليسَ لها التصرُّف في مالِها حتى تنكحَ وتتزوج"
– القارئ: حَتَّى تَدْخُلَ بَيْتَهَا، وَيُعْرَفَ مِنْ حَالِهَا"
– طالب: تُعرف
– الشيخ: المقصودُ أنَّ الذي هو ظاهرُ القرآن أنَّ المرأةَ ونحوها والصغارُ يعني مَن بلغَ وصارَ رشيداً، اللهُ تعالى يقول: وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ إلى قوله: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ [النساء:5-6] فإذا بلغَتِ الفتاةُ وصارتْ رشيدةً في تصرُّفِها، لا تُخدَعُ، فالصحيحُ أنَّ لها التصرُّفَ في مالِها ولا يتوقَّفُ ذلكَ على أنْ تتزوجَ.
– القارئ: وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ الله وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ
– الشيخ: هؤلاء كلُّهم يُعرفونَ بأنهم مِن الفقهاءِ السَّبعةِ
– القارئ: كَانُوا يَقُولُونَ: «فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا»
بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّدَاقِ وَالْحِبَاءِ:
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ؟) فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ أَعْطَيْتَهَا لَا إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا) فَقَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا، قَالَ: (الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ)، فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟) فَقَالَ: نَعَمْ. مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا -لِسُوَرٍ سَمَّاهَا- فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ).
– الشيخ: وهذا يُستدَلُّ بِهِ على جَوازِ أخذِ الأَجرةِ على التعليمِ -تعليم القرآن-؛ لأنَّ الرسولَ عليه الصلاة والسلام جعلَ تعليمَ المرأةِ القرآنَ صَدَاقاً في نكاحِها، فصارَ بمثابةِ المنفعةِ التي تكونُ مالاً، فجعلَ تعليمَها القرآنَ عِوضًا وصَداقاً في نكاحِها، والصَّداقُ في النكاحِ لابدَّ منه لا يمكن الاتفاق أو التواطؤُ على إسقاطِه وعدمِه لكن إذا سُمِّيَ فللمرأةِ أنْ تتنازلَ عنه كما تشاءُ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا [النساء:4] والله المستعان، واللهُ يذكرُ الصَّدَاقَ بلفظِ الأجر وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:25]
[4] غُرمُ وليّ المرأة إذا غشَّ الزَّوج
– القارئ: وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا، فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا، وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا"
– الشيخ: "غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا" لأنَّه غَشَّهُ إذا كانَ قد غَشَّهُ وزوَّجَ ابنتَهُ ولمْ يذكرْ حالَها فهو غارٌّ، فعلى الزوجِ الصَّداقُ للمرأةِ ولَه أنْ يَرجعَ على وليِّها الذي غَشَّه.
– القارئ: قَالَ مَالِكٌ: "وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ غُرْمًا عَلَى وَلِيِّهَا لِزَوْجِهَا، إِذَا كَانَ وَلِيُّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا، هُوَ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا، أَوْ مَنْ يُرَى أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا، فَأَمَّا إِذَا لم يكن وَلِيُّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا ابْنَ عَمٍّ، أَوْ مَوْلًى، أَوْ مِنَ الْعَشِيرَةِ، مِمَّنْ يُرَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ، وَتَرُدُّ الْمَرْأَةُ مَا أَخَذَتْ مِنْ صَدَاقِهَا، وَيَتْرُكُ لَهَا قَدْرَ مَا تُسْتَحَلُّ بِهِ"
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ
– الشيخ: إلى هنا، سياقاتٌ متصلةٌ. نعم يا محمد.
– طالب: الروضة.
– طالب: أقول بابُ الصداقِ والهبةِ، الهبة وش [ما] هو؟
– الشيخ: الهديّة يعني
– طالب: …
– الشيخ: إذا كانت المشكلةُ مِن الزوجِ تَفْسَخُ المرأة
– طالب: الصداق يكون لها
– الشيخ: لا يمكن يصير لها النِّصف، كالطلاق.