بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
شرح كتاب (الموطّأ – كتاب النّكاح) للإمام مالك
الدّرس: الثّاني
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ، نبيِّنَا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ؛ قالَ في موطأِ الإمامِ مالكِ في بابِ ما جاءَ في الصَّدَاقِ والحِبَاءِ:
وحدثني عن مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ بِنْتَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَأُمَّهَا بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ
– الشيخ: بِنْتَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ يعني: عُبَيْدِ اللهِ تزوَّجَ مَنْ؟
– طالب: ابنةَ عَمِّهِ
– القارئ: بنت زَيْدٍ
– الشيخ: بنتُ عَمِّهِ، نعم
– القارئ: وَأُمَّهَا بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَمَاتَ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقاً، فَابْتَغَتْ أُمُّهَا صَدَاقَهَا.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: "لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ، وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ تُمْسِكْهُ، وَلَمْ نَظْلِمْهَا". فَأَبَتْ أُمُّهَا أَنْ تَقْبَلَ ذلِكَ، فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه، فَقَضَى أَنْ لاَ صَدَاقَ لَهَا، وَلَهَا الْمِيرَاثُ.
– الشيخ: كأنَّ هذهِ المسألةُ قرأنَاهَا.
[1] ما يُقدَّم للمرأة قبلَ الدّخول تبعٌ لِصَداقِها
– الشيخ: فهو للمرأةِ يعني: يَدخلُ في صَدَاقِهَا، كلّ ما يُقدِّمُ لها قبلَ الدخولِ فهو تَبَعٌ لِصَداقِهَا، وما يَشترطُهُ الوليُّ لنفسِهِ فهو لَهَا، وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ [النساء:4]
– القارئ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ يُنْكِحُهَا أَبُوهَا، وَيَشْتَرِطُ فِي صَدَاقِهَا الْحِبَاءَ، تُحْبَى بِهِ: إِنَّ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ يَقَعُ بِهِ النِّكَاحُ فَهُوَ لِابْنَتِهِ إِنِ ابْتَغَتْهُ. وَإِنْ فَارَقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلِزَوْجِهَا شَطْرُ الْحِبَاءِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ.
– الشيخ: النِّصف يعني، وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة:237]
– طالب: يقول في نسخة: فلَهُ شرطُهُ الذي وقعَ بهِ النكاحُ، هو قال: ولَه شطرُه.
– الشيخ: له شطْرُهُ للزوجِ الله يهديك، شطرُهُ، شَطْرُ، نعم شَطْرُه هي صحيحة.
– القارئ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ صَغِيراً لاَ مَالَ لَهُ: إِنَّ الصَّدَاقَ عَلَى أَبِيهِ إِذَا كَانَ الْغُلاَمُ يَوْمَ تزَوَّجُ لاَ مَالَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْغُلاَمِ مَالٌ فَالصَّدَاقُ فِي مَالِ الْغُلاَمِ، إِلاَّ أَنْ يُسَمِّيَ الْأَبُ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَيْهِ. وَذلِكَ النِّكَاحُ ثَابِتٌ عَلَى الِابْنِ إِذَا كَانَ صَغِيراً أو كَانَ فِي وِلاَيَةِ أَبِيهِ.
قَالَ مَالِكٌ فِي طَلاَقِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَهِيَ بِكْرٌ؛ فَيَعْفُوَ أَبُوهَا عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ: إِنَّ ذلِكَ جَائِزٌ لِزَوْجِهَا، مِنْ أَبِيهَا، فِيمَا وَضَعَ عَنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَذلِكَ أَنَّ اللهَ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ فِي كِتَابِهِ: إِلاَّ أَن يَعْفُونَ[البقرة:237]. فَهُنَّ النِّسَاءُ اللَّاتِي قَدْ دُخِلَ بِهِنَّ. وقال الله تبارك وتعالى أَو يَعْفُوا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ[البقرة:237] فَهُوَ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وهذا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذلِكَ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيَّةِ، أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ تَحْتَ الْيَهُودِيِّ، أَوِ النَّصْرَانِيِّ، فَتُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا: إِنَّهُ لاَ صَدَاقَ لَهَا.
قَالَ مَالِكٌ: لاَ أَرَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، وَذلِكَ أَدْنَى مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ.
[2] إذا أُرخِيتِ السّتورُ للخلوةِ تقرَّر الصَّدَاقُ
باب إِرْخَاءُ السُّتُورِ
حدثني يحيى مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَضَى فِي الْمَرْأَةِ إِذَا تَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ، أَنَّهُ إِذَا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ، فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ.
– الشيخ: يعني: أُرخِيَتْ الستورُ للخلوةِ، يعني إذا خَلَا بها وأُرخِيَتْ السُّتورُ بحيثُ يتمكَّنُ مِن الوصولِ إليها وجِماعها، فهذا مُنزَّلٌ منزلةَ الدخولِ والـمَسِيس، هذهِ مسألةُ الخلوةِ التي يتقرَّرُ بها الصَّدَاق، هذا معنى الأثرِ أنه يتقرَّرُ بها الصَّدَاقُ، وتجبُ عليها العِدَّةُ، فالخلوةُ مُنَزَّلَةٌ مَنزلةَ الـمَسِيس.
– القارئ: وحدثني عن مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه قال: "إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ، فَأُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ، فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ".
وحدثني عن مَالِكٌ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ: "إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بامرأته فِي بَيْتِهَا، صُدِّقَ عَلَيْهَا، وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، صُدِّقَتْ عَلَيْهِ."
قَالَ مَالِكٌ: "أَرَى ذلِكَ فِي الْمَسِيسِ، إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِهَا، وقَالَتْ: مَسَّنِي، وَقَالَ: لَمْ أَمَسَّهَا، صُدِّقَ عَلَيْهَا، وإِنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، فَقَالَ: لَمْ أَمَسَّهَا، وَقَالَتْ: مَسَّنِي، صُدِّقَتْ عَلَيْهِ".
– الشيخ: أعد الأثر من أوله
– القارئ: وحدثني عن مَالِكٌ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، كَانَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بامرأته فِي بَيْتِهَا، صُدِّقَ عَلَيْهَا.
– الشيخ: في بيتِها صدقَ عليها نعم، شرحَهُ، يعني: مالكٌ شرحَ هذا الكلام.
– القارئ: وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، صُدِّقَتْ عَلَيْهِ
قَالَ مَالِكٌ: أَرَى ذلِكَ فِي الْمَسِيسِ، إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِهَا، وقَالَتْ: قَدْ مَسَّنِي، وَقَالَ: لَمْ أَمَسَّهَا، صُدِّقَ عَلَيْهَا.
– الشيخ: يصبحُ الحكم أنه لم يمسَّها.
– القارئ: وإِنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، فَقَالَ: لَمْ أَمَسَّهَا، وَقَالَتْ: قَدْ مَسَّنِي، صُدِّقَتْ عَلَيْهِ.
– الشيخ: بعدَه.
– القارئ: باب الْمُقَامُ عِنْدَ الْبِكْرِ وَالْأَيِّمِ
– الشيخ: إلى هنا أخي.