بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
شرح كتاب (الموطّأ – كتاب النّكاح) للإمام مالك
الدّرس: الخامس
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أما بعد؛ قالَ في موطأِ الإمامِ مالك:
بَابُ نِكَاحِ الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَةٍ قَدْ أَصَابَهَا عَلَى وَجْهِ مَا يُكْرَهُ
– الشيخ: أعوذ بالله، أعوذ بالله، أيش يقول؟
– القارئ: بَابُ نِكَاحِ الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَةٍ قَدْ أَصَابَهَا عَلَى وَجْهِ مَا يُكْرَهُ
– الشيخ: يعني: زَنَى بها، أمُّ امرأةٍ زَنَى بها.
– طالب: أحسنَ اللهُ إليك، بَوَّبَ في الرواية الأخرى: بَابُ ما جاءَ في تزويجِ الرجلِ المرأةَ قَدْ مَسَّهَا على ما يُكْرَهُ، هذه رواية أبي مُصعبٍ.
– الشيخ: قريبٌ، "مَسَّهَا" أو "أَصَابَهَا"
– القارئ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِيهَا، إِنَّهُ: "يَنْكِحُ ابْنَتَهَا، وَيَنْكِحُهَا ابْنُهُ إِنْ شَاءَ. وَذَلِكَ أَنَّهُ أَصَابَهَا حَرَامًا، وَإِنَّمَا الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ مَا أُصِيبَ بِالْحَلَالِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ بِالنِّكَاحِ، قَالَ مَالِكٌ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22]".
– الشيخ: النكاحُ، النكاحُ الشرعي، ما هو بالـمُراد الوطءُ، ولو زَنَى.
– طالب: "يَنْكِحُ ابْنَتَهَا"، ابْنَتَهَا منه؟ أحسنَ اللهُ إليكم
– الشيخ: لا، لا
– طالب: شيخُ الإسلامِ لَهُ كلامٌ في هذا
– الشيخ: أيش [ما] هو؟
– طالب: قال: مالكٌ يرى هذا، ابنتُهُ منْهُ مِن الزَّاني عندما تحبل
– الشيخ: لا هذا ما هو بمنسوب لمالك، البعضُ يَنْسُبُهُ للشافعيّ.
– القارئ: قالَ مَالِكٌ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا نِكَاحًا حَلَالًا، فَأَصَابَهَا، حَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا
– الشيخ: وحَرُمَتْ عَلَيهِ بِنْتُهُ
– القارئ: وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ نَكَحَهَا عَلَى وَجْهِ الْحَلَالِ، لَا يُقَامُ عَلَيْهِ فِيهِ الْحَدُّ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ بِأَبِيهِ
– الشيخ: لأنَّهُ نكاحُ شبهةٍ، أو وطءُ شبهة.
– القارئ: وَكَمَا حَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حِينَ تَزَوَّجَهَا أَبُوهُ فِي عِدَّتِهَا وَأَصَابَهَا، فَكَذَلِكَ تحْرُمُ عَلَى الْأَبِ ابْنَتُهَا إِذَا هُوَ أَصَابَ أُمَّهَا".
بَابُ جَامِعِ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ النِّكَاحِ:
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ". وَالشِّغَارُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الرَّجُلَ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ: "أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، وَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهُ."
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِنِكَاحٍ ولَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ: هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهِ لَرَجَمْتُ "
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ رُشَيْدٍ الثَّقَفِيِّ فَطَلَّقَهَا، فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَضَرَبَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَرَبَاتٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا،
– الشيخ: تعزيرٌ يعني، تعزيرٌ خفيفٌ يعني.
– القارئ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، ثُمَّ كَانَ الْآخَرُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الْآخَرِ ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا".
– الشيخ: نعم، معاملةً له بنقيضِ قصدِهِ، ومَنْ تعجَّلَ شيئاً قبلَ أوانِهِ.
– القارئ: قَالَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا.
قَالَ مَالِكٌ: «الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَتَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، إِنَّهَا لَا تَنْكِحُ، إِنِ ارْتَابَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا حَتَّى تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا مِنْ تِلْكَ الرِّيبَةِ إِذَا خَافَتِ الْحَمْلَ».
– الشيخ: يعني ما تكفي أربعَ أشهرٍ وعشر في حِلِّ النكاحِ لها، إذا شَكَّتْ أنها عندَها حملٌ
– القارئ: بَابُ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ:
وحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: "سُئِلَا عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهَا أَمَةً؟ فَكَرِهَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا".
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ الْحُرَّةُ، فَإِنْ طَاعَتِ الْحُرَّةُ فَلَهَا الثُّلُثَانِ مِنَ الْقَسْمِ".
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَنْبَغِي للِحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً وَهُوَ يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ،
– الشيخ: هذا -أقولُ- جاءَ في القرآنِ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ يعني: الحَرَائر.
– القارئ: وَلَا يَتَزَوَّجَ أَمَةً إِذَا لَمْ يَجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ، إِلَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25]، وَقَالَ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ [النساء:25]، قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَنَتُ: هُوَ الزِّنَا."
بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ، وَقَدْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَفَارَقَهَا.
– الشيخ: إلى هنا يا أخي.
رأي الإمام مالك في القسم بين الحرَّة والأمَة
الحاشية السفلية
↑1 | - طالب: أحسنَ اللهُ إليك، قولُهُ: "فَإِنْ طَاعَتِ الْحُرَّةُ"، يعني رَفَضَتْ؟ - الشيخ: يعني إذا وافقَتْ، وافقَتْ، طاعَتْ: وافقَتْ، يصير عندَه حُرَّة وأَمَةً يَقسِمُ بينَهُما بهذهِ الطريقةِ، بناءً على القولِ المعروفِ المشهورِ بأنَّ الأمةَ على النِّصفِ، أحكامُهَا على النِّصفِ مِن أحكامِ الحُرَّةِ في الحدودِ، وفي العِدَدِ وفي أشياءَ كثيرةَ، فهذا تطبيقٌ لهذا الأصلِ في القَسْمِ بينَ الزوجاتِ، فإذا كانَ واحدة حُرَّة وواحدة أَمَة يقسِمُ بينَهُما بهذهِ الطريقةِ، هذا، أقولُ: هذا رأيُ الإمامِ مالكٍ، واللهُ أعلمُ بالصوابِ. |
---|