الرئيسية/شروحات الكتب/روضة الناظر وجنة المناظر/(42) من فصل في حكم نسخ القرآن ومتواتر السنة بالآحاد إلى فصل فيما يعرف به النسخ

(42) من فصل في حكم نسخ القرآن ومتواتر السنة بالآحاد إلى فصل فيما يعرف به النسخ

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب "روضة النّاظر وجنّة المناظر" لابن قدامة
الدّرس: الثّاني والأربعون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ. قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ قدامةَ -رحمه الله تعالى- في "روضةِ الناظرِ" في تتمَّةِ كلامِه على النَّسخِ:
فصلٌ
فأمَّا نسخُ القرآنِ، والمتواترِ مِن السنةِ، بأخبارِ الآحاد: فهوَ جائزٌ عقلًا؛ إذ لا يمتنعُ أنْ يقولَ الشارعُ: تعبَّدناكمْ بالنَّسخِ بخبرِ الواحدِ، وغيرُ جائزٍ شرعًا، وقالَ قومٌ مِن أهلِ الظاهرِ: يجوز.
وقالتْ طائفةٌ: يجوزُ في زمنِ النَّبي -صلى الله عليه وسلم-

– الشيخ: أيش؟ يجوز في زمنِ؟
– القارئ: النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يجوزُ بعدَه؛ لأنَّ أهلَ قُباءٍ قَبِلُوا خبرَ الواحدِ في نَسخِ القِبلةِ.
وكانَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يبعثُ آحادَ الصحابةِ إلى أطرافِ دارِ الإسلامِ، فينقلونَ الناسخَ والمنسوخَ، ولأنَّهُ يجوزُ التخصيصُ بِه، فجازَ النسخُ بِه كالمتواترِ.
ولنَا: إجماعُ الصَّحابةِ -رضي الله عنهم- على أنَّ القرآنَ والمتواترَ لا يُرفَعُ بخبرِ الواحدِ.

– الشيخ: وين وين!؟ نعم، وين الإجماع؟!
– طالب: إجماع سكوتي -أحسن الله إليك-؟

– الشيخ: أيش تقول؟
– طالب إجماع سكوتي.

– الشيخ: … كلام غير محرر! الله أعلم، نعم بعده.
– القارئ: ولنَا: إجماعُ الصحابةِ -رضي الله عنهم- على أنَّ القرآنَ والمتواترَ لا يُرفَعُ بخبرِ الواحدِ، فلا ذاهبٌ إلى تجويزِهِ، حتى قالَ عمرُ -رضي الله عنه-: "لا نَدَعُ كتابَ ربِّنَا وسنَّةَ نبيِّنَا لقولِ امرأةِ: لا ندري أَصَدَقَتْ أَمْ كَذَبَتْ".
– الشيخ: سبحان الله! سبحان الله!
– القارئ: فصلٌ: فأمَّا الإجماعُ: فلا يُنسَخُ لأنَّه لا يكونُ إلا بعدَ
– الشيخ: فلا يَنْسخ.
– القارئ: نعم.
– الشيخ: أمَّا الإجماعُ فلا يَنسخ.
– القارئ: فأمَّا الإجماعُ: فلا يَنسَخُ؛ لأنَّهُ لا يكونُ إلا بعدَ انقراضِ زمنِ النَّصِ، والنَّسخُ لا يكونُ إلا بنصٍّ.
ولا يُنسَخُ بالإجماعِ؛ لأنَّ النسخَ إنما يكونُ لنصٍّ، والإجماعُ لا يَنعقدُ على خلافِه؛ لكونِهِ معصومًا عَن الخطأِ، وهذا يُفضي إلى إجماعِهم على الخطأ.
فإنْ قيلَ: فيجوزُ أنْ يكونوا

– الشيخ: كأنَّ كلامه أن الإجماعَ لا يَنسَخُ ولا يُنسخ، لا يَنسخُ ولا يُنسخُ؛ لأن الإجماع يفيد القطع بالحكم، فلا يُنسخ، وهو لا يَنسخ بذاته، إن حصل إجماع على حلاف حكم فالناسخ هو النص الذي ترتب عليه الإجماع هو النص، والله أعلم.
– القارئ: وهذا يفضي إلى إجماعِهم على الخطأِ.
فإنْ قيلَ: "فيجوزُ أنْ يكونوا ظَفَروا بنصٍّ كانَ خفيًّا هو أقوى مِن النصِّ الأولِ، أو ناسخٍ لَه".
قلنا: فيُضافُ النسخُ إلى النصِّ الذي أجمَعوا عليهِ لا إلى الإجماعِ.
فصلٌ: ما ثبتَ بالقياسِ: إنْ كانَ منصوصًا على عِلَّتِهِ: فهو كالنَّصِّ، يَنسَخُ ويُنسَخُ به.

– الشيخ: يَنْسخُ، أو يُنسخُ ويُنسَخُ به.
– القارئ: ويُنسَخُ به، وما لمْ يكنْ منصوصًا على عِلَّتِهِ: فلا يَنسَخُ، ولا يُنْسَخُ بِه.
– الشيخ: لا، قل العبارة.
– القارئ: قال: ما ثبتَ بالقياسِ.
– الشيخ: كانَ منصوصاً.
– القارئ: إنْ كانَ منصوصًا على عِلَّتِهِ: فهو كالنَّصِّ، يَنسَخُ ويُنسَخُ به.
– الشيخ: يُنسخ به ها.
– طالب: يَنسخ ويُنسخ به أحسن الله إليكم.

– الشيخ: صِل صل نعم.
– القارئ: وما لمْ يكنْ منصوصًا على عِلَّتِهِ
– الشيخ: لا.
– القارئ: فلا يَنسَخُ، ولا يُنْسَخُ بِه، على اختلافِ مراتبِه.
وشَذَّتْ طائفةٌ فقالتْ: ما جازَ التخصيصُ بِه: جازَ النَّسخُ به، وهوَ منقوضٌ بدليلِ العقلِ، وبالإجماعِ، وبخبرِ الواحدِ.
والتخصيصُ بجميعِ ذلكَ جائزٌ دونَ النَّسخِ فكيفَ يتساويانِ؟
والتخصيصُ بيانٌ، والنسخُ رفعٌ، والبيانُ تقريرٌ، والرفعُ إبطالٌ.
فصلٌ: والتنبيهُ يَنْسَخُ، ويُنْسَخُ بهِ.
يقول في الحاشية: المراد بالتنبيهِ: مفهومَ الموافقةِ.

– الشيخ: يعني مفهوم الموافقة الذي يُسمَّى: قياسَ الأَولى.
– القارئ: والتنبيه يَنْسَخُ، ويُنْسَخُ بهِ؛ لأنَّهُ يُفهم من اللفظِ، فهوَ كالمنطوقِ وأوضحُ منهُ.
ومَنَعَ منه بعضُ الشافعيةِ وقالوا: "هوَ قياسٌ جَلِيٌّ"، وليسَ بصحيحٍ؛ وإنَّما هو مفهومُ الخطابِ، ولأنَّهُ يجري مَجرى النُّطقِ في الدلالةِ، فلا يضرُّ تسميتُه قياسًا.
وإذا نُسِخَ الحكمُ في المنطوقِ: بَطَلَ الحكمُ في المفهومِ، وفيما يَثبتُ بِعِلَّتِهِ أو بدليلِ خطابِهِ.
وأنكرَ ذلكَ بعضُ الحنفيةِ؛ لأنَّهُ نَسْخٌ بالقياسِ، وليسَ بصحيحٍ؛ لأنَّ هذهِ فروعٌ تابعةٌ لأصلٍ، فإذا سَقطَ حُكمُ الأصلِ: سَقَطَ حكمُ الفرعِ.
فصلٌ: فيما يُعرفُ بِهِ النسخُ: اعلمْ أنَّ ذلكَ لا يُعرفُ بدليلِ العقلِ، ولا بقياسٍ: بلْ بمجرَّدِ

– الشيخ: باقي باقي؟
– القارئ: لا هذا يعني أقل من نصف صفحة، ثم الأصل الثاني من الأدلة: سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلَّم.
– الشيخ: طيب كمّل.
– القارئ: قال رحمه الله: فيما يُعرفُ بِهِ النسخُ:
اعلمْ أنَّ ذلكَ لا يُعرفُ بدليلِ العقلِ، ولا بقياسٍ: بلْ بمجرَّدِ النَّقلِ، وذلكَ مِن طرقٍ:
أحدُها: أنْ يكونَ في اللفظِ: كقولِه -صلى الله عليه وسلم-:
(كنتُ نهيتُكمْ عَنْ زيارةِ القبورِ فزورُوها)، وقولِهِ: (كنتُ رَخَّصْتُ لكمْ في جلودِ الميتةِ فلا تنتَفِعُوا بها).
الثاني: أنْ يَذكرَ الراوي تاريخَ سماعِهِ فيقولُ: سمعتُ عامَ الفتحِ، ويكونَ المنسوخُ معلوماً بِقِدَمِهِ.
الثالثُ: أنْ تُجمِعَ الأمةُ على أنَّ هذا الحكمَ منسوخٌ وأنَّ ناسخَهُ متأخرٌ.
والرابعُ: أنْ ينقلَ الراوي الناسخَ والمنسوخَ، فيقولَ: "رخَّصَ لنا في المتعةِ فمكثْنا ثلاثًا، ثم نهانَا عنها".
الخامس: أنْ يكونَ راوي أحدِ الخبرينِ أسلمَ في آخرِ حياةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- والآخرُ لمْ يَصحبِ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- إلا في أولِ الإسلامِ.
كروايةِ طَلْقِ بنِ عليٍّ الحَنَفِيّ، وأبي هريرة في الوضوءِ مِن مَسِّ الفَرجِ. والله تعالى أعلم.

– الشيخ: أحسنتَ جزاك الله خيراً.
– القارئ: بارك الله فيكم.
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله