الرئيسية/شروحات الكتب/روضة الناظر وجنة المناظر/(56) فصل في حكم الشك في السماع – فصل في حكم إنكار الشيخ للحديث
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(56) فصل في حكم الشك في السماع – فصل في حكم إنكار الشيخ للحديث

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب "روضة النّاظر وجنّة المناظر" لابن قدامة
الدّرس: السّادس والخمسون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين؛ قالَ شيخُ الإسلامِ مُوفَّقُ الدِّينِ ابنُ قدامةَ رحمَه اللهُ تعالى في "روضةُ النَّاظر":
فصلٌ: إذا وجدَ سماعَهُ بخطٍّ يُوثَقُ بِهِ، جازَ له أنْ يرويهِ وإنْ لمْ يذكرْ سماعَهُ، إذا غلبَ على ظَنِّهِ أنَّهُ سَمِعَهُ. وبِهِ قالَ الشافعيُّ.
وقالَ أبو حنيفة: لا يجوزُ، قياسًا على الشهادةِ.
ولنَا: ما ذكرناهُ مِن اعتمادِ الصحابةِ على كُتُبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولأنَّ مَبْنَى الروايةِ على حسنِ الظنِّ وغلبتِهِ، بناءً على دليلٍ، وقدْ وُجِدَ ذلكَ، والشهادةُ لا نسلمهَا على إحدى الرِّوايتينِ، وعلى الأخرى: الشهادةُ آكدُ؛ لِمَا عُلِمَ بينَهما مِن الفروقِ. واللهُ أعلمُ.

– الشيخ: هذا يُسمَّى عندَهم الوِجَادة، الروايةُ بالوِجَادةِ، وجدَ كتاباً موثوقاً كَتَبَهُ الشيخُ، فيرويهِ على أنه إذا كما قالَ المصنفُ: غَلَبَ على سمعِهِ يقولُ: وجدتُ بخطِهِ كذا وكذا. اسمُها الوَجادةُ وهِي مِن طرقِ الروايةِ والتَّحَمُّلِ.
 

– القارئ: فصلٌ:
إذا شَكَّ في سماعِ حديثِ مِن شيخِهِ، لمْ يَجُزْ أنْ يَرويهِ عنه؛ لأنَّ روايتَهُ عنه شهادةٌ عليهِ، فلا يَشهدُ بما لمْ يعلمْ.

– الشيخ: يقول: ما يجوز له أنْ يقولَ: "حَدَّثَني" ولا "سمعتُ" وهو شَاكٌّ، الشَّاكُّ في الشيءِ كالفاقدِ له.
 

– القارئ: وإنْ شَكَّ في حديثٍ مِن سماعِهِ والتبسَ عليهِ: لمْ يجزْ أنْ يَرويَ شيئًا منها معَ الشَّكِّ؛ لِمَا ذكرْنَا.
– الشيخ: لا، أعد
– القارئ: وإنْ شَكَّ في حديثٍ مِن سماعِهِ والتبسَ عليهِ
– الشيخ: "في أحاديث" كأنه، أو "في حديث".
– القارئ: في حديثٍ مِن سماعِهِ
– الشيخ: مِن مجموعةِ أحاديثٍ، يعني: شكَّ في حديثِ مِن جملةِ أحاديثِهِ التي سمِعَها، لكن شَكَّ في واحدٍ. – القارئ: وإنْ شَكَّ في حديثٍ مِن سماعِهِ والتبسَ عليهِ: لمْ يجزْ أنْ يَرويَ شيئًا منها معَ الشَّكِّ؛ لِمَا ذكرْنَا.
– الشيخ: يعني روى جملةَ أحاديثٍ وَشَكَّ في واحدٍ منها، ولكنَّهُ غيرُ مُعَيَّنٍ، يعني واحدٌ مِن خمسةٍ، هو سَمِعَ خمسةَ أحاديثٍ لكنه شَاكٌّ في واحدٍ منها يقولُ الشيخُ: لا يجوزُ له أنْ يروي هذه الأحاديثَ، خلاص؛ لأنَّهُ ما مِن واحدٍ إلا ويحتملُ أنه المشكوكُ فيه، هذا هو.
 

– القارئ: وإنْ شَكَّ في حديثٍ مِن سماعِهِ والتبسَ عليهِ: لمْ يجزْ أنْ يَرويَ شيئًا منها معَ الشَّكِّ؛ لِمَا ذكرْنَا.
فإنْ غلبَ على ظَنِّهِ في حديثٍ أنه مسموعٌ:
فقالَ قومٌ: يجوزُ؛ اعتمادًا على غلبةِ الظَّنِّ.
وقيلَ: لا يجوزُ؛ لأنَّهُ يمكنُ اعتبارُ العلمِ بما يرويهِ، فلا يجوزُ أنْ يرويهِ معَ الشَّكِّ فيهِ كالشهادةِ.
فصلٌ:
إذا أنكرَ الشيخُ الحديثَ وقالَ: "لَسْتُ أذكرُهُ"، لمْ يَقدحْ ذلكَ في الخبرِ في قولِ إمامِنَا، ومالكٍ، والشافعيِّ، وأكثرِ المتكلمينَ.
ومنعَ منه الكَرْخِيُّ؛ قياسًا على الشهادةِ.
وليسَ بصحيحٍ؛ لأنَّ الراوي عَدْلٌ جازمٌ بالروايةِ، فلا نُكَذِّبُهُ، معَ إمكانِ تصديقِهِ، والشيخُ لا يُكَذِّبُهُ،

– الشيخ: "الشيخُ لا يُكَذِّبُهُ" لكن يَشُكُّ يقولُ: "ما أذكره"، بس
– القارئ: بلْ قالَ "لستُ أذكرُهُ" فيمكنُ الجمعُ بينَ قَولَيْهِمَا:
بأنْ يكونَ نَسِيَهُ، فإنَّ النسيانَ غالبٌ على الإنسانِ، وأيُّ محدثٍ يحفظُ جميعَ حديثِهِ؟ فيجبُ العملُ بِهِ؛ جمعًا بينَ قَولَيْهِمَا.
والشهادةُ تُفَارِقُ الروايةَ في أمورٍ كثيرةٍ، منها:
أنْ لا تسمعَ شهادةَ الفَرْعِ معَ القدرةِ على الأصلِ. والروايةُ بخلافِهِ. فإنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم كانَ بعضُهم يروي عَن بعضٍ، معَ القدرةِ على مراجعةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. ولهذا كانَ يَلْزَمُهُم قبولَ قولِ رُسُلِهِ وسُعَاتِهِ مِن غيرِ مراجعةٍ. وأهلُ قُبَاء تحوَّلوا إلى القِبلةِ بقولِ واحدٍ مِن غيرِ مراجعةٍ. وأبو طلحةَ وأصحابُهُ قبِلُوا خبرَ الواحدِ في تحريمِ الخمرِ مِن غيرِ مراجعةٍ. واللهُ أعلمُ.
وقدْ روى ربيعةُ بنُ أبي عبدِ الرحمنِ عَن سهلٍ عَن أبيهِ عَن أبي هريرةَ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى باليمينِ معَ الشاهدِ، ثمَّ نَسِيَهُ سهلٌ، فكانَ بعدَهُ يقولُ: "حَدَّثَنِي ربيعةُ عَنِّي أنِّي حَدَّثْتُهُ" فلا يُنْكِرُهُ أحدٌ مِن التابعينَ.

– الشيخ: اللهُ أكبر، هذا شيءٌ بديعٌ! يقولُ الشيخُ: "حَدَّثَنِي فلانٌ عَنِّي".
– القارئ: هذا إذا لمْ يجزمْ -أحسنَ اللهُ إليكم- إذا جزمَ بالردِّ، يعني في النخبةِ قالَ: وإنْ جحدَ الشيخُ مَرْوِيَّهُ جزماً: رُدَّ، أو احتمالاً: قُبِلَ في الأصحِّ.
– الشيخ: لا، هو هذا تطبيقٌ للمسألةِ الأولى حينَ قالَ: "لا أذكرُهُ"، فإذا قالَ: "لا أذكرُهُ"، يمكن أنْ يرويهِ عَن تلميذِهِ يقولُ: "حَدَّثَنِي فلانٌ عَنِّي"، الحمدُ للهِ، بعده.
– القارئ: فصلٌ: انفرادُ الثقةِ بزيادةٍ في الحديثِ
– الشيخ: إلى آخره .
 

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله