الرئيسية/شروحات الكتب/الانتصار لأهل الأثر/(5) قوله “وكذلك متكلمة أهل الإثبات مثل الكلابية والكرامية والأشعرية”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(5) قوله “وكذلك متكلمة أهل الإثبات مثل الكلابية والكرامية والأشعرية”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (الانتصار لأهل الأثر) لشيخ الإسلام ابن تيميَّة
الدّرس الخامس

***    ***    ***    ***
 

- الأشاعرة والكلَّابية خيرٌ مِن المعتزلة [1] - وجوب العدل في الحكم على الأشخاص [2] - ضابط مشروعيَّة القتال مع الإمام [3]

 
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمَّا بعد فقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ –رحمَهُ اللهُ تعالى-:
وَكَذَلِكَ مُتَكَلِّمَةُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ مِثْلَ الْكُلَّابِيَة والكَرَّامِيَة وَالْأَشْعَرِيَّةِ إنَّمَا قُبِلُوا وَاتُّبِعُوا واستُحْمِدُوا إلَى عُمُومِ الْأُمَّةِ بِمَا أَثْبَتُوهُ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ مِنْ إثْبَاتِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 الأشاعرة والكلَّابية خيرٌ مِن المعتزلة
- الشيخ: إثْبَاتهم بالجملة يعني ولّا ما أثبتُوا، نفَوا كثيرًا مِن الصفات، لكنَّهم ليسُوا كالمعتزلة، بس هذا هو، فصارُوا خيراً -الأشاعرةُ والكُلَّابية- خيرٌ مِن المعتزلة؛ لأنَّهم عندَهم إثباتٌ في الجملة. إنما استُحمدوا
 

- القارئ: إنَّمَا قُبِلُوا وَاتُّبِعُوا واستُحمدوا إلَى عُمُومِ الْأُمَّةِ بِمَا أَثْبَتُوهُ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ مِنْ إثْبَاتِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ، وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ، وَالرَّدِّ عَلَى الْكُفَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَبَيَانِ تَنَاقُضِ حُجَجِهِمْ، وَكَذَلِكَ استُحمدوا بِمَا رَدُّوهُ عَلَى الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَقَالَاتِ الَّتِي يُخَالِفُونَ فِيهَا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
فَحَسَنَاتُهُمْ نَوْعَانِ: إمَّا مُوَافَقَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، وَإِمَّا الرَّدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ بِبَيَانِ تَنَاقُضِ حُجَجِهِمْ، وَلَمْ يَتَّبِعْ أَحَدٌ مَذْهَبَ الْأَشْعَرِيِّ وَنَحْوَهُ إلَّا لِأَحَدِ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا، وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّهُ وَانْتَصَرَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ فَإِنَّمَا يُحِبُّهُ وَيَنْتَصِرُ لَهُ بِذَلِكَ.
فَالْمُصَنِّفُ فِي مَنَاقِبِهِ الدَّافِعُ لِلطَّعْنِ وَاللَّعْنِ عَنْهُ -كالبيهقيِّ والقشيريِّ أَبِي الْقَاسِمِ وَابْنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيِّ- إنَّمَا يَحْتَجُّونَ لِذَلِكَ بِمَا يَقُولُهُ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ أَوْ مَا رَدَّهُ مِنْ أَقْوَالِ مُخَالِفِيهِمْ، لَا يَحْتَجُّونَ لَهُ عِنْدَ الْأُمَّةِ وَعُلَمَائِهَا وَأُمَرَائِهَا إلَّا بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَقْرَبِ بَنِي جِنْسِهِ إلَى ذَلِكَ لَأَلْحَقُوهُ بِطَبَقَتِهِ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ كَشَيْخِهِ الْأَوَّلِ أَبِي عَلِيٍّ ورَفيقِهِ أَبِي هَاشِمٍ.
لَكِنْ كَانَ لَهُ مِنْ مُوَافَقَةِ مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ فِي الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالْإِمَامَةِ وَالْفَضَائِلِ وَالشَّفَاعَةِ وَالْحَوْضِ وَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ، وَلَهُ مِنْ الرُّدُودِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَبَيَانِ تَنَاقُضِهِمْ: مَا أَوْجَبَ أَنْ يَمْتَازَ بِذَلِكَ عَنْ أُولَئِكَ، وَيُعْرَفَ لَهُ حَقُّهُ وَقَدْرُهُ: فقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا.
2 وجوب العدل في الحكم على الأشخاص
- الشيخ: وهذا هو الواجبُ، الواجبُ: العَدل، الواجبُ: العَدل، فلا يُسَوَّى بين المختلفات، فإذا كانَ الإنسان عندَه جانبُ حَقٍّ في كلامِه وفي أصولِه، يجبُ الاعترافُ له بذلك، والثناءُ عليه بذلك، {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام:152] فلا يُسوَّى بين مثل الأشعريّ والمعتزليّ، والمعتزليّ والجهميّ، لا يُسوَّى بينهم، كما لا يُسوَّى بين المسلم والكافر، حتى وإن كان مسلمًا عندَه معاصٍ وكبائر وذنوب، فلا يسوى بالكافر.
 

- القارئ: فقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، وَبِمَا وَافَقَ فِيهِ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ صَارَ لَهُ مِنْ الْقَبُولِ وَالْأَتْبَاعِ مَا صَارَ.
لَكِنَّ الْمُوَافَقَةَ الَّتِي فِيهَا قَهْرُ الْمُخَالِفِ وَإِظْهَارُ فَسَادِ قَوْلِهِ: هِيَ مِنْ جِنْسِ الْمُجَاهِدِ الْمُنْتَصِرِ. فَالرَّادُّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ مُجَاهِدٌ، حَتَّى كَانَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى يَقُولُ: "الذَّبُّ عَنْ السُّنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ" وَالْمُجَاهِدُ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا فِي سِيَاسَتِهِ وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ فُجُورٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(إنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَبِأَقْوَامِ لَا خَلَاقَ لَهُمْ) وَلِهَذَا مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنْ يُغْزَى مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا
3 ضابط مشروعيَّة القتال مع الإمام
- الشيخ: "يُغْزَى معَه"، يعني: إذا اتضحَتِ الرَّاية، اتضحَ أنَّ قتالَه شرعيٌّ، قتالُ الكفار، بقطعِ النظرِ عن نيته، كونِه يريدُ توسع ولايتُه وتوسّع ملكُه، تعظيم دولتِه، لكنه المهم أنه يقاتل كفارًا قتالُهم مشروعٌ، أما إذا كان قتال لأمثالِه مِن المتنازعين على السلطةِ فلا يُقاتَلُ معَه؛ لأنَّه حينئذٍ يكونُ القتالُ قتالَ فتنةٍ.
 

- القارئ: وَالْجِهَادُ عَمَلٌ مَشْكُورٌ لِصَاحِبِهِ فِي الظَّاهِرِ لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ مَعَ النِّيَّةِ الْحَسَنَةِ مَشْكُورٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَوَجْهُ شُكْرِهِ: نَصْرُهُ لِلسُّنَّةِ وَالدِّينِ، فَهَكَذَا الْمُنْتَصِرُ لِلْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ يُشْكَرُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. فَحَمْدُ الرِّجَالِ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِحَسَبِ مَا وَافَقُوا فِيهِ دِينَ اللَّهِ وَسُنَّتَه وَشَرْعَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَصْنَافِ، إذْ الْحَمْدُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْحَسَنَاتِ. وَالْحَسَنَاتُ: هِيَ مَا وَافَقَ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ بِخَبَرِ اللَّهِ وَالطَّاعَةِ لِأَمْرِهِ، وَهَذَا هُوَ السُّنَّةُ. فَالْخَيْرُ كُلُّهُ -بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ- هُوَ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكَذَلِكَ مَا يُذَمُّ مَنْ يُذَمُّ مِنْ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ السُّنَّةِ وَالشَّرِيعَةِ وَطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَّا بِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ.

- الشيخ: لعلَّك تقف عند هذا .
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة