الرئيسية/فتاوى/حكم استئجار النخل بثمن مقدر واستثناء المؤجر بعض النخل
sharefile-pdf-o

حكم استئجار النخل بثمن مقدر واستثناء المؤجر بعض النخل

السؤال :

جاءني عاملٌ ليشتري ثمرة نخلي قبل طلعها بثمن مقدَّر، واشترطَ عليَّ الماء والكهرباء وعليه العناية بالنَّخل مِن طلعها إلى جذاذها، على أن تكون القيمة بعد بيع الثمار، علمًا أني استثني بعض النخل المتميزة بينها.

  الحمدُ لله وحده والصَّلاة والسَّلام على مَن لا نبي بعده، أما بعد:

 الذي يظهر أنَّ هذا العقد غير جائز؛ وذلك لأمور:

أولًا: أنَّ الأصل الذي دلَّت عليه السُّنة أن يكون مساقاة، وذلك بأن تكون الثمرة بينهما بحسب شرطهما. وأما استئجار النَّخل بمال معلوم للعمل فيه والانتفاع بثمره ففيه خلاف كثير من العلماء، [1]  ولو قلنا بجواز ذلك لصحَّ في نصيب العامل ولم يصح في نصيب المالك الموفر للماء والكهرباء، فإنَّ هذا يتضمَّن أنَّ العامل اشترى حصته مِن ثمرة معدومة، وقد نهى -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها [2] فكيف قبل وجودها.

وثانيًا: أن عقد المساقاة لا يجوز فيه استثناء بعض الشجر لِمَا فيه مِن الغرر، لما ثبتَ أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نهى عن المزارعة التي كان يفعلها الناسُ بحيث تكون الأرض موزعة بين المالك والعامل فما نبتَ على بعض المواضع للمالك مثلًا وبعضها للعامل فإنَّه قد يصلح أحدها دون الآخر فيحصل الغرر، [3]  والمساقاة والمزارعة مبنية على الاشتراك في الغنم والغرم.

والمخرج مِن هذا الإشكال: أن يبرمَ المالكُ مع هذا العامل عقد مشاركة، بأن يكون لهذا العامل جزء مشاع مِن الثمرة، ثم إذا ظهرت الثَّمرة وبدا صلاحُها أبرمَ معه إنشاء عقد بيع لنصيبه بحسب الحال. والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك

حرر في 17/2/1431هـ

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 ينظر: القواعد النورانية (ص197)، وإعلام الموقعين (3/214-215).
2 أخرجه البخاري (1486) ( 1487) ، ومسلم (1534) (1536) عن ابن عمر وجابر  رضي الله عنهم.
3 أخرجه البخاري (2327)، مسلم (1547-116) -واللفظ له -عن حنظلة بن قيس الأنصاري، قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق، فقال: «لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا، ويسلم هذا، ويسلم هذا، ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون، فلا بأس به»