الرئيسية/فتاوى/حكم إطفاء أنوار المسجد في صلاة القيام في رمضان لتحصيل الخشوع
share

حكم إطفاء أنوار المسجد في صلاة القيام في رمضان لتحصيل الخشوع

السؤال :

رأي فضيلة الشيخ فيما يُفعل في بعض المساجد في قيام رمضان من إطفاء أنوار المسجد، وإبقاء نور خافت حال الصلاة، قالوا: لأن ذلك يعين على الخشوع، هل هذا العمل من أسباب الخشوع؟ وهل يجوز عملهم أو يجب تركه؟

الحمد لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، أما بعد:

فالخشوع في الصلاة بحضور القلب وبالإقبال على الصلاة أثنى الله به على المؤمنين، فقال تعالى: الَّذِينَ ‌هُمْ ‌فِي ‌صَلَاتِهِمْ ‌خَاشِعُونَ [المؤمنون: 2]، والقاعدة العامة: أن كلَّ ما يعين على الخير فإنه مشروع، والوسائل منها ما هو منصوص، ومنها ما هو معروف بالتجربة والعادة، فرفع البصر في الصلاة منهيٌّ عنه[1]، ومن حكمته أنه ينافي الخشوع والإقبال، وكذا لُبس ما يَلفت النظر؛ لما فيه من أعلام ونقوش، وقد ردَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- الخميصة التي لها أعلام، وقال كما في المتفق عليه:  إنها ألهتني آنفًا عن صلاتي[2]، هذا وهو -صلى الله عليه وسلم- أكمل الخلق إقبالًا على ربِّه في صلاته، وذَكر الفقهاء أن إغماض العينين في الصلاة ليس بمشروع[3]؛ فالتعبُّد به بدعة، ولكن إذا كان يعين على الخشوع فلا بأس به[4]، وهذا الإغماض يختلف باختلاف الناس، وباختلاف المواضع التي يصلَّى فيها، والذي يبدو لي أن الأنوار القويَّة السَّاطعة تشغل الإنسان، ولا شك أن المكان الخالي عن ذلك أقربُ إلى الخشوع وقصر النظر، وعلى هذا فما فعله هؤلاء المسؤول عنهم من تحفيف الأنوار له وجهٌ عندي[5]، ويَعرف الفرق في هذا من جرَّبه، فبهذا يُعلم أنه لا بأس بهذا الفعل، ولا ينكر على هؤلاء ولا يبدَّعون. والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 24 رمضان 1445هـ

 

[1] أخرجه البخاري (750) من حديث أنس رضي الله عنه، وأخرجه مسلم (428)، (429) من حديث جابر بن سمرة، وأبي هريرة رضي الله عنهما.

[2] أخرجه البخاري (373) -واللفظ له-، ومسلم (556-62) من حديث عائشة رضي الله عنها.

[3] ينظر على سبيل المثال: بدائع الصنائع (1/216)، ومواهب الجليل (1/550)، وكشاف القناع (2/405).

[4] ينظر: المجموع شرح المهذب –ط المنيرية- (3/314)، وزاد المعاد (1/340-341).

[5] قال أبو أمية محمد بن إبراهيم قال: سألت أبا عبد الله (أي: الإمام أحمد بن حنبل) عن القوم، يجتمعون ويقرأ لهم القارئ قراءة ‌حزينة، فيكون ربما أطفئوا ‌السرج، فقال لي أحمد: «إن كان يقرأ قراءة أبي موسى فلا بأس» الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – من الجامع للخلال (ص81).