الحمد لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، أما بعد:
فالجماد -كالخشب والحجر- يوصف بالموت؛ لأنه لا حياة فيه، فما ليس بحيٍّ هو ميِّتٌ، ولكنه قابل للحياة؛ فإن الله قادرٌ على أن يجعل الجماد حيًّا، كما جعل عصا موسى حيّةً، ودعوى الباطنية أن الجدار ليس بقابل للحياة والموت دعوى باطلة؛ فالجدار ميِّتٌ، ومع ذلك هو قابل للحياة، أي: إن الله قادرٌ على أن يجعل الجدار حيًّا ومتكلِّمًا، ثم إن الباطنيَّة يبنون على زعمهم أنه يجوز سلب النقيضين عمَّا ليس بقابل لهما كالجدار، فيقولون: إنه ليس بحيٍّ ولا ميت، ثم يلحدون فيزعمون أن الله ليس بقابل للحياة وضدها؛ فيجوز أن يقال: إنه ليس بحيٍّ ولا ميِّت، ومن الردِّ عليهم أن نفي قبول النقيضين -كالحياة والموت- أعظم تنقصًا من نفي الحياة والموت، فما لا يقبل الكمال أعظم نقصًا ممَّن انتفى عنه الكمال وهو قابل له، فالحيوان الذي يقبل الحياة والموت، بل هو موصوف بالحياة أكمل من الجدار الذي لا يقبل واحدًا منهما بزعمهم[1].
والله العظيم سبحانه وتعالى موصوفٌ بالحياة منزَّهٌ عن الموت، فالحياة واجبة له، والموت ممتنع عليه، وردُّ الشيخ محمد العثيمين على الباطنية[2] هو ما ردَّ به شيخ الإسلام عليهم[3]. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 26 شوال 1445هـ
[1] ينظر: شرح العقيدة التدمرية (ص191)، (ص594)، وما بعدها.
[2] ينظر: شرح مقدمة التفسير لابن تيمية لابن عثيمين (ص33-34).
[3] ينظر على سبيل المثال: العقيدة التدمرية (ص37)، (ص160)، ودرء التعارض (3/368)، (4/39)، (5/274)، ومجموع الفتاوى (6/89)، (8/22).