الرئيسية/فتاوى/ما اختيار الشيخ عبد العزيز ابن باز في قراءة الفاتحة في الصلاة

ما اختيار الشيخ عبد العزيز ابن باز في قراءة الفاتحة في الصلاة

السؤال :

نريد أن نعرف -سلَّمكم الله- اختيار الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- في حكم قراءة الفاتحة في الصلاة؟ وما الذي ترونه أنتم في ذلك؟ أحسن الله إليكم.

 

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فالمعروف من قول شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في هذا أنه يرى أن قراءة الفاتحة فرض في الصلاة، وأنها لا تصح صلاة من لم يقرأ بها في كل ركعة، والأصل في ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- المتفق على صحته: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب[1]، ويرى شيخنا أن هذا عامٌّ في الإمام والمأموم والمنفرد، لكن وجوبها على المأموم أخفُّ، ليس كوجوبها على الإمام والمنفرد؛ لما ورد من الأدلة الدالة على أن المأموم ليس كغيره في ذلك، كقوله -صلى الله عليه وسلم- : وإذا قرأ فأنصتوا[2]، وما يروى: من كان له إمامٌ فقراءة الإمام قراءة له[3]، ولذا وقع النزاع في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم[4]، ولهذا ذهب شيخنا إلى أنَّ المأموم لو نسي الفاتحة لم تبطل صلاته، ويعضد ذلك سقوطها عن المسبوق الذي لم يدرك الإمام إلا في الركوع[5]، فظهر من ذلك أن مذهب شيخنا متوسطٌ بين من يرى الفاتحة فرضًا على المأموم كالإمام والمنفرد، ومن يرى أنها لا تجب على المأموم أصلًا، بل مستحبة، ولا يخفى ما في هذا الاختيار من اليسر والتيسير، وإعمال الأدلة، فهذا حاصل ما عرفناه وفهمنا من تقريرات شيخنا في هذه المسألة[6]، والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 5 ذي القعدة 1445هـ

 

[1] أخرجه البخاري (756)، ومسلم (394) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

[2] أخرجه أحمد (8889) وأبو داود (604)، والنسائي (921)، وابن ماجه (846) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وفي ثبوت هذه الزيادة خلاف؛ قال أبو داود: “وهذه الزيادة (‌وإذا ‌قرأ ‌فأنصتوا) ليست بمحفوظة، الوهم عندنا من أبي خالد”، وصححها مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ولم يخرجها في صحيحه، وفيه (2/15 رقم 404-63): “قال له أبو بكر[ابن أخت أبي النضر] : فحديث أبي هريرة؟ فقال: هو صحيح – يعني: “‌وإذا ‌قرأ ‌فأنصتوا” -. فقال: هو عندي صحيح. فقال: لم لم تضعه ها هنا؟ قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا، إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه”. وينظر: علل الدارقطني (1333)، وصحيح سنن أبي داود (617)، وإرواء الغليل (394).

[3] أخرجه أحمد (14643)، وابن ماجه (850) من حديث جابر رضي الله عنه بنحوه. وأخرجه أبو حنيفة في مسنده –رواية أبي نعيم- (ص228) ، ومن طريقه أبو يوسف القاضي في كتاب الآثار (113). قال البيهقي في السنن الكبير (2935): “هكذا رواه جماعة عن أبي حنيفة موصولًا، ورواه عبد الله بن المبارك عنه مرسلًا دون ذكر جابر، وهو المحفوظ”، وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (23/271-272): “وهذا الحديث روي مرسلًا ومسندًا،  لكن أكثر الأئمة الثقاة رووه مرسلًا عن عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأسنده بعضهم ورواه ابن ماجه مسندًا وهذا المرسل قد عضده ظاهر القرآن والسنة وقال به جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين ومرسله من أكابر التابعين ومثل هذا المرسل يحتج به باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم وقد نص الشافعي على جواز الاحتجاج بمثل هذا المرسل”، وصحح بعض طرقه البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (2/80 رقم 1075). وينظر: نصب الراية (2/6)، وإرواء الغليل (500).

[4] ينظر الخلاف في: المجموع شرح المهذب (3/326)، والمغني (2/259)، ومجموع الفتاوى (23/265).

[5] لما أخرج أبو داود (893)- واللفظ له-، وصححه ابن خزيمة (1622)، والحاكم (1012) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة”. والاعتداد بالركعة لمن أدرك الركوع هو قول الجمهور. ينظر: المجموع شرح المهذب (4/215)، والمغني (2/182)، وآثار المعلمي (16/101).

[6] ينظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (29/248) وما بعدها، وفتاوى نور على الدرب لابن باز (12/289) وما بعدها.