الحمد لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، أما بعد:
فإن معنى عندية الابتداء: أن المذكور بدأ من الله، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 89] أي: من الله، والرازي[3] لم يقل شيئًا، وإنما نقل قول قتادة[4]، وقتادة لم يتعرض للعندية في الآية، وإنما ذكر المراد بالكتاب، وهذا يفهمه كلُّ من يحسن العربية، وقول ابن عاشور ليس فيه تفسيرٌ للعندية، ولا تعرُّضٌ لصفات الله، وإنما كلامه منصبٌّ على إعراب الجملة.
وأما تأويل عندية الابتداء فالأظهر أنهم يؤولونها بعندية المُلْك؛ في مثل الآية المذكورة في السؤال، وهي قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 89]؛ فإن القرآن عند المتكلمين ما[5] ابتدأ نزوله من الله متكلِّمَا به، وإنما نزل من اللوح المحفوظ، وهذا غلطٌ منهم. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 1 جمادى الأولى 1445هـ
[1] لم نجده في تفسير الرازي في طبعة دار إحياء التراث العربي، ولا في طبعة دار الكتب العلمية، ولا في طبعة دار الفكر. ولعل السائل يقصد ابن أبي حاتم الرازي، وسياق السؤال يأباه؛ لأن ابن أبي حاتم الرازي ليس من المخالفين لعقيدة السلف في الصفات، وتفسيره نقول عن السلف بالأسانيد، بخلاف الفخر الرازي فهو من نظّارهم.
[2] التحرير والتنوير (1/601).
[3] لا نعلم مراد السائل بـ “الرازي” كما تقدم.
[4] أخرجه الطبري (2/236)، وابن أبي حاتم (901) بنحوه.
[5] ما هنا نافية، أي: لم يبدأ نزوله من الله كما يزعم المتكلمون. وينظر: أبكار الأفكار (1/353).