الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإليكم كل سؤال مع جوابه.
الحمد لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، أما بعد:
السؤال1: إذا كان للجمعية حساب تبرع بنكي تحت اسم الوقف، لكن الجمعية لم تحدد عينَ أصلٍ لشرائه بهذه الأموال، هل لها صرف الرصيد من هذا الحساب على كل ما يعظِّم أثر الأوقاف التي لديها، ويحافظ عليها؛ من الصيانة، والتعديلات، والتنظيف، أو شراء مستلزماتها كالمصاعد، وما شابه؟
الجواب1: نعم؛ يجوز للجمعية أن تصرف من هذا الحساب ما تحتاج إليه في صيانة ما لديها من أوقاف، وما تحتاج إليه من تجهيزات وخدمات؛ لأن ما في الحساب مخصَّصٌ للوقف مطلقًا، لا لوقفٍ معيَّنٍ، فيدخل في مقصود الحساب ما لدى الجمعية من أوقاف.
* * *
السؤال2: إذا حصل للجمعية هبة أرض، ثم جمعت أموال من المتبرعين لبناء وقف على هذه الأرض، لصالح نشاط من أنشطتها، وتم البناء، وشُغِّل لصالح هذا المنشط، هل للجمعية الاستثمار في جزء من مرافق هذا الوقف بما لا يلغي نشاطه الأصلي، أو في أوقات لا تتعارض مع تشغيله لصالح ذلك النشاط؟ وإذا جاز ذلك فأين تصرف الأموال المتحصَّلة من هذا الاستثمار؟ هل تختص به؟ أو تصرف على نظائره؟
الجواب2: نعم؛ يجوز للجمعية أن تستثمر جزءًا من مرافق هذا الوقف، لكن عليها أن تصرف ما تحصَّل لها بالاستثمار في مصلحة هذا الوقف المخصَّص لنشاط من أنشطة الجمعية.
* * *
السؤال3: إذا تملكت جمعيةٌ أرضًا بالهبة أو الشراء المباشر، وجمعت أموالًا لبناء وقفٍ استثماريٍّ على هذه الأرض محدَّد المصرِف، على أحد أنشطتها، ولكن تعثَّر البناء دون تفريط منها، بسبب رأي أهل الخبرة، وذلك أنهم رأوا عدم جدوى البناء الاستثماري في هذا الموقع، كيف تتصرف الجمعية بالأموال التي جمعت من الناس وهي لا تعرفهم، وهل لها أن تستثمر هذه الأموال في أنشطة مدرَّة للمال غير بناء أو شراء أصل، كمَحافظ الأسهم والصناديق في البنوك الموافقة للشريعة الاسلامية، وستلتزم بالصرف على ذات المنشط الذي حُدِّد من الواقفين؟
الجواب3: على الجمعية أن تجتهد في استثمار هذه المبالغ المبذولة لبناء ذلك الوقف، بما يحقِّق المقصود الأول لذلك الوقف الذي صُرِف النظر عنه؛ لرأي أهل الخبرة؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
السؤال٤: جمعية أُوقف لها عقار لصالح قسم أو فرع من أقسامها أو فروعها؛ ليستفيد منه كمقرٍّ له، أو ليستثمر هذا القسم على أنشطته، فإذا كان هذا الوقف يزيد عن حاجة القسم، فهل للجمعية ضمُّ أقسام أخرى معه، أو الانتفاع من الأموال المتحصَّلة الزائدة عن حاجة هذا القسم في مصالح أخرى للجمعية؛ لأنشطة أو أقسام أخرى؟
الجواب4: نعم؛ يجوز ذلك؛ إذا كانت الأقسام أو الفروع المضمومة توافق الفرع الأصليَّ الذي قصده الواقفون في مقصوده وأنشطته؛ لأنها حينئذ لا ينافي ضمُّها مقصود الواقفين على ذلك الفرع المخصوص؛ لأن العبرة بالمقاصد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنَّما الأعمالُ بالنّيات، وإنَّما لكلّ امرئ ما نوى[1]؛ فيدخل في ذلك جميع الأعمال، ومنها الصدقات والتبرعات. والله أعلم بالنيِّات.
* * *
السؤال5: إذا وقف أحدهم عقارًا سكنيًا غيرَ مكتمل لصالح جمعيةٍ؛ للانتفاع به، وهي لا تملك مالًا لإكماله، ولا ترى جدوى اقتصادية في استثماره لو أكملته، ولا يصلح الانتفاع منه لأنشطتها؛ نظرًا للأنظمة التي تحكم تشغيل المبنى السكني، فهل بالإمكان بيعه، وكيف لها التصرف وعدم تعطيل هذا الوقف؟
الجواب5: ينبغي في هذه الحال استئذانُ الواقف، وشَرْحُ الواقع له؛ ليتصرف، أو يأذن للجمعية بالتصرف، وإذا كان الواقف قد مات فيستأذن وارثه، وإذا لم يتأت استئذان الواقف ولا ورثته، فينبغي الرجوع إلى القاضي. والله أعلم.
* * *
السؤال٦: هل للجمعية أخذ نسبة من تبرعات الأوقاف التي تجمع لوقف معيَّن؛ كأتعاب تشغيلية تصرفها على رواتب موظفيها ومصروفاتها الإدارية؟
الجواب6: نعم يجوز لها ذلك، لكن عليها أن تخبر المتبرعين بأن نظامها أخذ نسبة معلومة من التبرعات للأغراض المذكورة.
* * *
السؤال7: إذا جمعت جمعيةٌ أموالًا من أجل شراء وقف، واشترت وقفًا، واستفادت منه أكثر من خمس وعشرين سنة، والآن قلَّت منفعته، فما هي أوجه التصرف الممكن لها حتى لا يتعطل الوقف؟
الجواب7: لهم التصرف في هذا الوقف بعد استشارة أهل الخبرة في المعاملات التجارية، فيعمل بما هو الأجدى لصالح الوقف والواقفين.
* * *
السؤال8: إذا أوقف أحدهم عقارًا للجمعية، على أن يكون لها نصف أو ثُلْثَا دخلِه يصرف في أنشطتها، والباقي تخرجه؛ ليصرف على برٍّ عامٍّ لم يحدده الواقف؛ فهل للجمعية اعتبار أن عموم أنشطتها من البرِّ العام، فتبقي كل الريع لها؟
الجواب8: ليس للجمعية ذلك؛ لأن الواقف فصَل بين ما يُصرف على أنشطتها، وما يُصرف في وجوه البرِّ العام.
* * *
السؤال9: هل للجمعيات اقتطاع نسبة من الأموال المتبرع بها لصالح وقف معيَّن لها، لصالح أتعابها التشغيلية، من أجور العاملين على جمع هذه الأموال والإعلان وما شابه؟
الجواب9: تقدم الجواب على هذا السؤال في جواب السؤال رقم (6).
* * *
السؤال10: إذا نصَّ الواقف في صكِّ الوقفية على ما يلي: (تنازلتُ عن هذه الأرض وما عليها من بناء لصالح جمعية …؛ لاستخدامه كمقرٍّ لنشاط … كذا) هل يقتصر استخدام الجمعية لهذا الوقف كمقرٍّ، أو يمكنها استثماره ووضع عوائده في هذا النشاط، علمًا أن هذا النشاط يتوفر له مقرٌّ خيرٌ وأنفع من هذا الموقع، وهل يختلف الحكم لو كان اللفظ (لصالح النشاط…)؟
الجواب10: القاعدة المقرَّرة عند الفقهاء وجوب العمل بنصِّ الواقف[2]، حتى قالوا: إن نصَّ الواقف كنصِّ الشارع في دلالاته[3]، فعليه يجب الاقتصار على ما نصَّ الواقف في الصَّكِّ. والله أعلم، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد.
أملاه:
عبد الرحمن بن ناصر البراك
في 17 ربيع الآخر 1445هـ
[1] أخرجه البخاري (1) -واللفظ له-، ومسلم (1907) من حديث عمر رضي الله عنه.
[2] ينظر: كشاف القناع (10/41).
[3] ينظر: مجموع الفتاوى (31/47)، وإعلام الموقعين (2/113-114).