الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فقول الحافظ -رحمه الله-: إن عموم مفهوم السنة مخصوص بمنطوق القرآن؛ لأن حديث ابن عمر يقتضي مباشرة هذه الأعمال: الصلاة والزكاة…إلخ، أي: العمل بها، فلا يكفي مجرد الإيمان، وأمَّا قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ [الطور: 21]، ففيه إثبات الإيمان للذرية، ومن المعلوم أنهم ليسوا أهلًا للعمل بمباني الإسلام المذكورة في حديث ابن عمر، وهذا يقتضي أن العمل ليس شرطًا في صحة الإيمان، كما قرره الحافظ في مسألة الإيمان[3]، فظهر من ذلك أن ما قرَّره من العموم والخصوص مبنيٌّ على ما ذَكر من أن العمل شرط في كمال الإيمان، لا في صحَّة الإيمان، ووجه ذلك أنه أثبت الإيمان للذرية الصغار، ولـمَّا يدركوا سنَّ العمل، ومع هذا التقرير فكلام الحافظ المسؤول عنه غيرُ جليٍّ عندي تمامًا، ولينظر تعليقي على “فتح الباري” على الموضع الذي ذكر فيه الحافظ مسألة الإيمان[4]، وهل هو -أي: العمل- شرط صحة أو شرط كمال[5]؟ ونستلهم من الله الهدى والصواب وحسن المآل. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 11 ربيع الآخر 1446ه
[1] أخرجه البخاري (8) -واللفظ له-، ومسلم (16).
[2] فتح الباري (1/50).
[3] ينظر: فتح الباري (1/46).
[4] ينظر: تعليقات على المخالفات العقدية في فتح الباري (ص 13 رقم 3).
[5] ولا يصح إطلاق القول بأن العمل شرط صحة أو شرط كمال؛ بل يحتاج إلى تفصيل؛ فإن اسم «العمل» يشمل: عمل القلب وعمل الجوارح، ويشمل الفعل والترك، ويشمل الواجبات التي هي أصول الإسلام الخمسة وما دونها، ويشمل ترك الشرك والكفر وما دونهما من الذنوب. ينظر: جواب في الإيمان ونواقضه لشيخنا (ص13-17).